آخر الاخبار

عاجل : الجيش السوداني يعلن السيطرة على مصفاة نفطية كانت تغطي نصف احتياجات السودان لقاء قبلي واسع لأبناء وقبائل شرعب بشأن ماتعرض له مدير وكالة سبأ بمأرب جرائم متصاعدة في إب.. حرائق حوثية تلتهم سيارة مغترب وأحد الشقق التي يسكنها نساء وأطفال دعم سياسي امريكي من إدارة ترامب لرئيس الوزراء احمد بن مبارك رئيس هيئة أركان الجيش السوداني يعلن عن نصر استراتيجي من مقر القيادة العامة...ويكشف عن نقطة تحول حاسمة للشعب السوداني مأرب: ندعوة تدعو إلى تشكيل لجنة وطنية للحفاظ على الهوية اليمنية وتحصين ألأجيال شاهد: القسام تستعرض غنائم من سلاح النخبة الإسرائيلية في منصة تسليم المجندات الأسيرات وإسرائيل تعتبر الأمر ''إهانة'' عميد الأسرى الفلسطينيين يرى الحرية بعد 39 سنة في سجون الإحتلال.. من هو وما قصته؟ الحكومة اليمنية تعلن جاهزية الموانئ المحررة لاستقبال جميع الامدادات التجارية والإغاثية والخطوط الملاحية غوتيريش يوجه دعوة للحوثيين ويدين بشدة اعتقال 7 من موظفي الأمم المتحدة

مذكرات سائق باص : حارة قريش
بقلم/ فوزي الجرادي
نشر منذ: 13 سنة و 5 أشهر و 20 يوماً
السبت 06 أغسطس-آب 2011 05:12 ص

 منذ أسبوع والباص متوقف , وحالي عدم , فالبترول معدوم كما تعلمون , والحالة لا تسر ,والمصاريف في تناقص , والديون في تزايد , وزوجتي لا تكف عن التذمر والتشكي من حظها النحس , وتندب عيشتها معي , ولا تتعب من كثرة تعييري بما لدى أزواج أخواتها , وإنني لست مثل الآخرين , وأنني لو كنت "مفحوس" أنني في ميدان التحرير بين الرجال الصدق !!..

 وصباح اليوم سمعت جاري يتحدث عن حارة يباع فيها البترول بأضعاف ثمنه , محذرا من وجود عصابة قريش المشهورة بعنفها وخطورتها , تسيطر على الحارة لدرجه أنها فرضت اسمها على الحارة .

هذه المخاطر أفزعتني وتمنيت على إثرها لو بحوزتي آلة الزمن لتعيدني إلى زمن ما قبل الثورة الصناعية , حيث لا احتاج إلى بترول او باص , ولا وجود للمرور والفرزة , ولا علي صالح وعياله ولا حوثي ولا حراك ولا زوجتي أيضا.

ولكن ماذا اعمل ! أنا مضطر للمخاطرة لأجل لقمة العيش , شغلت الباص بما تبقى من بنزين , ودسست عشرة ألف ريال في جيبي , واتجهت نحو حارة قريش , ودعوات أبنائي خلفي تشجعني " لاحظوا أنانيتهم في التضحية بي " .

 المهم استغرق الوصول إليها نصف ساعة فقط, وكان الوقت في الظهيرة , ومن أول شخص سألته دلني على الحارة فقد أصبحت مشهورة في المنطقة , وقابلني عند مدخل الحارة آمراه عجوز جالسه على رصيف الشارع وهي تصيح : أربعه .. أربعه.. أربعه.. وبدأت تنظر إلي بعين ملؤها الشفقة .. لم افهم الأمر وقتها , ودخلت الحارة وهي شبه فارغة , والمنظر يدعو للارتياب والذعر .. حتى إنني فكرت في العودة , الهدوء مسيطر على المكان , ولا وجود لأي حركه .. إلا من دكان صغير على بابه دبه بترول صغيرة , فاستنتجت فورا – يا لبداهتي - أنها علامة داله على بيع البترول ,أوقفت الباص جانبا ,ونزلت باتجاه الدكان , وبسؤال واحد لصاحبه وجدت البترول ذا السعر الغالي "إنها مستلزمات السوق السوداء", وبمفاوضه صغيرة , قبلت السعر على مضض, فالدبة ناقصة ,والبترول لونه غير معتاد , واشتريت الدبة وفقا للمثل اليمني " ولد البلاء ولا عدمه ".

هرولت نحو الباص, وبمجرد اقترابي منه ظهر فجاءه أربعة رجال أعفاط وبأيديهم "صمل" ذكرني بمسئول الفرزة ,الشرر يتطاير من عيونهم ,تعلوهم ابتسامه صفراء تنبئ عن وقوع فريسة في شباكهم :

- وصاح كبيرهم "أسميته فيما بعد بأبوجهل" : أين عد تسير ؟

- أجبته بثقة مصطنعه: أرح لي .

- رد ابو جهل وبصوت عال : اطرح الدبة .

- رفضت برحممه : هذه دبتي " عاد أنا " اشتريتها " ذالحين " .

- صرخ احدهم : صورته جلده بيحكه ..

- وقبل أن اعلق بأي كلمه .. ارتفعت "الصمل" إلى السماء في الأعالي , ثم رئيت ظلها وهي تهوي على راسي وأنحاء جسدي , ودارت بي الأرض , ورئيت النجوم في عز الظهر, واصم الو شيش أذني, وتولدت لدي رغبه جامحة في النوم , وقبل أن اغرق فيه , لمحت لوحة إعلانية كبيرة مرفوعة في الشارع , تزينها صورة الرئيس..مكتوب تحتها: "هنيئا لشعبا انت قائدها ", ولا ادري كيف علقت هذه الصورة في ذاكرتي , وأنا أغادر دنيانا باتجاه دنيا اللاوعي .. حيث وجدت صورة زوجتي إمامي وهي تتحسر من عيشتها معي

 أفقت من غيبوبتي - لا ادري كم استغرقت – بنفسيه مهزومة ,وبجسم تزينه الوحنات , وجيب فارغ إلا من كشف الديون والمصاريف المطلوبة, وفوق ذلك بدون بترول, ولكن بقدر معقول من المعنويات , فمازال الباص واقفا في مكانه , لملمت أشلائي وقررت المغادرة وبسرعة خشيت ظهور أبو جهل أخر فينتزع مني الباص ايضا , وقبل أن أصل ناصية الشارع, ألقيت نظرة وداع للحارة , فشاهدت تلك المرأة العجوز الواقفة على الرصيف وهي تصيح : خمسه .. خمسة .. خمسة.. فأدركت على الفور أنني كنت الضحية الخامسة في ذلك اليوم ولاشك ..