هل قضية فلسطين تخص المجتمع المسيحي أم الإسلامي ؟
بقلم/ د.فيصل الحذيفي
نشر منذ: 16 سنة و شهرين و 14 يوماً
الجمعة 29 أغسطس-آب 2008 08:13 م

يمتد عمر الاحتلال للأراضي الفلسطينية من 1948 بينما يستمر حصار غزة منذ وصول حركة حماس إلى الحكومة بعد أول انتخابات حرة ونزيهة في يناير 2006، ومن العجائب أن نعول على الولايات المتحدة الأمريكية الداعم الأكبر للكيان الصهيوني ، والأشد غرابة أن ننتظر من العدو الإسرائيلي المحتل أن يتخلى عن مشروعه الاحتلالي عن طيب خاطر .

لقد طال الحصار وزاد التجويع والقهر بغرض التركيع لإخواننا الصامدين في غزة والضفة ولا موقف عربي جاد في الأفق . إن الشخصيات الشجاعة من المجتمع المدني الدولي التي فكرت بكسر الحصار عن الفلسطينيين - في غزة - كانت سباقة إلى لفت أنظار العالم بالظلم المسلط على الفلسطينيين ، وقد أدرك هؤلاء الشجعان أن كسرهم للحصار عن طريق البحر الذي يخص الفلسطينيين وحدهم لا يندرج بأية علاقة حدود مع الآخرين - الحدود مع مصر أو الحدود مع الاحتلال الصهيوني أو الأردني.

لم يعد مفهوما ذلك السكوت عن الحصار المفروض على إخواننا الفلسطينيين من الحكومة المصرية التي تطالب الاحتلال برفع الحصار وكأن الأمر لا يهمها، كيف نطالب العدو بفك الحصار ، ونحن أصحاب القضية نرفض أن نرفعه عبر حدودنا وبحده الإنساني الأدنى، حتى أصبحنا حماة ويدا للعدو الذي يحكم الحصار. ألم يكف هذا الحصار الظالم ليكون لدى الحكومة المصرية – على الأقل - سببا في التهديد بالتخلي عن اتفاقيات السلام مع العدو لأنه تجاوز حدوده؟ ألن نستطيع أن نعتبر هذا الحصار الظالم ذريعة نعيد بها صياغة الاتفاقيات الاستسلامية التي تحمي العدو ضد الأخ والجار والمسلم. وما أتفه ذرائع العدو للفتك والقتل والجرائم المستمرة بشكل يومي.

 

نستطيع أن نلتقط فكرة كسر الحصار عبر الحدود البحرية لغزة كما فعل إخواننا المسيحيين، لنترك محاولة كسر الحصار عبر الحدود الفلسطينية المتصلة بالغير ( الاحتلال، مصر ، الأردن) لنذهب معا إلى كسر الحصار عبر الحدود الدولية لقطاع غزة عبر البحر .

أتمنى من اليمن قيادة وحكومة وشعبا أن نجتمع معا لنسير سفينة أولى لكسر الحصار محملة بالغذاء والدواء يشارك فيها ممثلي المجتمع اليمني الرسمي والشعبي، متى يمكن لليمن التحرك والسبق لشرف الوقوف مع إخواننا في غزة.

إنني أذكر الأخ رئيس الجمهورية بأن خطاباته السياسية لا تخلوا من الحرص على القضايا القومية العربية والإسلامية وعلى رأسها قضية فلسطين، وإن الاستمرار الدائم بالتذكير بهذه القضية المقدسة تجعل من خطابه السياسي يلق قبولا حسنا لدى المجتمع المحلي والعربي.

ونحن نستقبل الشهر الفضيل ينبغي أن نشارك في كسر الحصار ولتكن بادرة خالصة لله رب العالمين ليقبل منا الصيام والصلاة. إن المجتمع المدني العربي والرسمي بوسعه أن يكون شجاعا لكسر الحصار عبر البحر ، وله كل الحق القانوني لثلاثة أسباب :

الأول : أنه لا اتفاقية سلام بين الدول العربية قاطبة مع هذا العدو كما هو حال الالتزام المصري والأردني اللذان يتكئان على اتفاق سلام بالتواطئ مع العدو لحمايته وإرضائه على حساب الأخ والجار والشقيق والعربي والمسلم والمظلوم ، ودون التفكير أو التهديد بإعادة النظر بالاتفاقيات التي خرقها العدو بفعل التقتيل والحصار وانتهاك مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكافة الاتفاقيات الدولية والشرعية الدولية بخصوص الدولة الفلسطينية المستقلة.

الثاني : إن الحدود البحرية لغزة هي حدود فلسطينية خالصة مع المياه الدولية الممتدة في عمق البحر الأبيض المتوسط .

الثالث : أن هذا العمل ليس عملا عدوانيا ضد أحد وإنما هو عمل إنساني خالص ، نقوم به بشجاعة كما سبقنا إليه إخواننا المسيحيين الغربيين.

إنني أرفع صوتي كانسان عربي ومسلم ليس بوسعه سوى أن يصيح بأعلى صوته أولا لبني عرقه المجتمع اليمني قيادة وشعبا ولبني قومه عروبة ودينا وثقافة وحضارة وإنسانية أن نتحرك في تسيير سفن مملوءة بالغذاء والدواء والمال ، ولا مانع أن تخضع هذه السفن للتفتيش من الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية، إن الله لن يرحمنا أن نستقبل رمضان المبارك ونتوجه إلى المساجد ونمارس عبادة الصيام والصلاة والزكاة وإخواننا تحت الحصار ، إن ترك العبادة فعل آثم لكن ما جدوى التدين إن لم يكن له مردود ، ليس ثمة أكثر قبحا من هذا التخاذل الذي نمارسه مع إخواننا الفلسطينيين.

إن القرآن الكريم والسنة المطهرة يؤكدان على أن من لم تنهه صلاته وعبادته عن فعل المنكر فليس بمصل (.... إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.... – العنكبوت 45). أليس الحصار المضروب على إخواننا منكرا ، أليس سكوتنا على هذه المنكر منكرا ، إذا فما فائدة أن نتغنى بالدفاع عن الهوية والدين والمقدسات وحماية الفضيلة وهي تنتهك أمامنا على مرأى ومسمع.

لسنا معذورين في زمن الانترنيت والفضائيات التي تجعلنا نعيش الأحداث لحظة بلحظة ، أين علماء السعودية واليمن وعلماء الفضيلة، أليس نصرة أخواننا وكسر الحصار عنهم هو الفضيلة الغائبة، أين علماء المشرق والمغرب من المسلمين، لنتحرك بسفن تشكل جسرا بحريا. لنستأجر السفن من الشركات المحلية والعالمية ونسير بها عبر البحر لكسر الحصار.

إن من يتذكر حصار كفار قريش للرسول وأصحابه في شعب بني هاشم في بداية الدعوة يدرك أن إخواننا في غزة هم أصحاب حق سينصرهم الله بنا أو بدوننا ، إن إخواننا المسيحيين والعلمانيين ومن نطلق عليهم الكفار والمنحرفين وما شئتم أن نصنفهم به بأبشع الصفات كانوا أشجع وأرحم منا على إخواننا، وهذا يطرح أمام تديننا سؤالا ملحا. هل هذا التخاذل مم يرضي الله ورسوله أو يتطابق مع نصوص الدين الإسلامي ؟.

إنك لو سألت عالم دين من بعض علماء الوهابية والسلفية في السعودية واليمن عن فعل هؤلاء المسيحيين بكسر الحصار لأجابك بأنهم كفار، وأن الله لا يقبل عمل الكافرين وسيستدل عليك بآية قرآنية كريمة : {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً }( الفرقان23)

لكن السؤال أمام علماءنا وحكامنا أين نحن من كل هذا، هل نمارس الصمت إزاء ما يجري دون حراك وكفى ؟. هل نترك قضية فلسطين للأمم المتحدة ومجلس الأمن والمجتمع المسيحي؟. اتقوا الله ومن يتق الله يجعل له مخرجا نسمعها أسبوعيا في كل خطبة جمعة، فهل ما نفعله من التخاذل والصمت هو من التقوى؟. سؤال لعلمائنا قبل حكامنا.

hodaifah@yahoo.com