من د. على محمود
" إن عوائل أهل السنة المغدورين، ومنائر مساجد أهل السنة المغتصبة، وأنقاض المساجد المدمرة، والمصاحف المحروقة والممزقة.. تستصرخ ضمائر العرب والمسلمين، مسؤولين ومنظمات وهيئات إسلامية تناديهم (وا.. إسلاماه.. وا.. عرباه) فهل من مجير؟ وهل من مستَصرخ؟ وهل من متحرك لرد الظلم عن أهل السنة في العراق؟!
منذ الغزو الأجنبي للعراق، وحتى اليوم تشهد مختلف مدن بلاد الرافدين وبالأخص بغداد والبصرة ومدن الجنوب حرب تطهير عرقي طائفي لم تعد سرية ضد أهل السنة العرب، تقوم بها المليشيات الطائفية من الأحزاب الوافدة للعراق بعد الغزو، وبخاصة ممن دخلوا العراق من جهة الشرق، وتتصاعد حدة هذه الحرب من عام لآخر وبلغت ذروتها مع تسلم الجعفري رئاسة الحكومة العراقية، وتوزير بيان جبر صولاغ وزيراً للداخلية، وهما اللذان سمحا بتسرب عناصر من مليشيات بدر للنفاذ إلى داخل القوي الأمنية وقوات الشرطة، وتجسدت جرائم التصفية المذهبية بما قامت به (فرق الموت) التي تتزيا بأزياء الداخلية وتستخدم سيارات الحكومة في تنفيذ أعمال الخطف والاغتيال والتعذيب.. وكانت أحداث سامراء في فبراير الماضي الذريعة التي أطلقت أشرس هجمة بربرية ضد أهل السنة ومساجدهم ودورهم ومصادر رزقهم، وبلغ عدد المساجد المعتدى عليها قرابة 200 مسجد إضافة إلى 120 مسجداً سنياً سبق مصادرتها وتحويلها إلى (حسينيات) في مختلف أنحاء العراق وبالأخص المنطقة الجنوبية.
وكانت فضيحة معتقلات الداخلية المخصصة لتعذيب أهل السنة وتدار من قبل عناصر فيلق بدر وضباط استخبارات قادمين من دولة مجاورة، ومن المؤسف أن يتم كشف هذه الفضيحة (على يد القوات الأمريكية) ومنها معتقل الجادرية سئ الصيت، الذي فتشته القوات الأمريكية وكشفت للعالم ما يدور فيه من أعمال تعذيب وتصفيات.
ورغم أن قوات الإحتلال والحكومة قالت إنها شكلت لجنة على مستوى عال للتحقيق إلا أن شيئاً لم يكشف وتم (لفلفة) الموضوع لقاء صفقات سياسية رخيصة. كما تجسدت أعمال التطهير والتصفية في أعمال خطف الشباب من أبناء السنة على يد عصابات (فرق الموت) والعثور عليهم في مشرحة الطب العدلي مقتولين غدراً، بعد تعذيبهم. وأعلن مدير الطب العدلي تصاعد أعداد الجثث المستلمة من قبل المشرحة لتصل إلى معدل 80 100 جثة يومياً، بعد أن كانت مشرحة الطب العدلي لاتستلم أكثر من 84 جثث يومياً، قبيل الغزو الأمريكي للعراق.
استغلال أكذوبة مظلومية الشيعة وتبعية السنة لصدام:
بعد سقوط النظام الدكتاتوري السابق، استغلت القوى الطائفية، أكذوبة ما يسمى باضطهاد الشيعة في العراق والمظلومية الشيعية، وأكذوبة كون النظام السابق كان (سنياً أو متحيزاً للسنة!!)، لتمارس اضطهاداً ممنهجاً ضد أهل السنة العرب، وكان موقف قوات الاحتلال والقوى الكردية المحسوبة على السنة! للأسف موقف المتفرج الراضي عما يجري.. وبلغ عدد شهداء أهل السنة خلال فترة حكم الجعفري على يد الحكومة وقوات الغزو وعصابات الغدر أكثر من (40) ألف شهيد.
لقد عاش العراقيون قروناً طوالاً من التآلف والمحبة بين مختلف المذاهب والأديان، وبالأخص بين الشيعة والسنة، وبالرغم من أن اللُّحمة الوطنية ما تزال قوية بين الطائفتين المسلمتين السنة والشيعة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تحميل عموم الشيعة وزر ممارسات التطهير الطائفي التي مارسها منتسبون إلى (الحرس الوطني) و(قوات فيلق بدر) و(جيش المهدي) وغيرهم؛ لأن التصفيات كانت تسير وفق منهجية مدروسة لتطبيق التطهير الطائفي في مناطق متعددة من العراق، وتتصاعد كل يوم وتيرة هذه السياسة لتوتير الأجواء وتسميمها وإفساد الذمم لإشغال الشعب العراقي عن الاحتلال وآثاره المدمرة وتوجيه أنظاره إلى النزاعات الطائفية التي لم يكن ليعرفها في اسوأ العهود. فقد مورست عمليات ترحيل وتهجير إجبارية لعوائل سنية كثيرة من البصرة والكوت والناصرية والعمارة والسماوة بممارسة الترهيب من قبل المليشيات والحرس الوطني ومغاوير الشرطة، ولعل بغداد أكبر مثل لما جرى ويجري من تلك الممارسات حيث الضغوط العنيفة على المناطق المتآلفة كالشعلة والحرية والكرادة والشعب، وعزل المناطق ذات الأغلبية السنية كالمحمودية واللطيفية والدورة وأبو غريب والعامرية، ولصق التهم الإرهابية بها واعتقال أبنائها في مداهمات ليلية ونهارية، حتى تصبح تلك المناطق كالجحيم لا يمكن العيش في كنفها، وربما تركها لتوطين من يراد توطينهم من قبل المليشيات الحاكمة في بغداد، والذي حدث في الشعلة أكبر دليل على ذلك لأن هذه المنطقة باتت شيعية 100% بعد إجبار وترحيل أهلها من السنة إلى مناطق أخرى بعد اعتقال أو قتل شبابها من قبل مليشيات بدر والمهدي ومغاوير وزارة الداخلية.
فعندما اختُطفت أخت وزير الداخلية بيان جبر صولاغ في منطقة القادسية اعتُقل في المنطقة المحيطة بالقادسية أكثر من 250 شاباً ووُضعوا في غياهب السجون ك (رهائن) لدى وزارة الداخلية، واعتقلت حتى عائلة امرأة صابئية، واستغلت الداخلية هذه الحادثة لعمل تصفيات طائفية في هذه المنطقة الحساسة من بغداد. وبنفس الاتجاه جاء مسلحو وزارة الداخلية واقتادوا قائمقام المحمودية الذي خدم مدينته خير خدمة، والمنتخب من أهاليها إلى مكان مجهول، وذنبه الوحيد أنه من الحزب الإسلامي العراقي فتم اغتياله!
اعتقالات ومداهمات بالجملة في الدورة وأبو غريب والغزالية والعامرية وأبو دشير تستهدف السنة، مما جعل الشباب يهربون من تلك المناطق إلى أقاربهم القاطنين في مناطق أكثر أمناً، وهذه المداهمات في كثير من الأحيان تصيب حتى العوائل الشيعية، من أجل تنفيذ مخطط العزل الطائفي.
لقد وصلت الاستفزازات الطائفية للحرس والمليشيات حداً لا يطاق؛ حيث الاستهزاء بمشاعر المسلمين الدينية مثل سب الصحابة والخلفاء وأمهات المؤمنين وتحويل وزارات ودوائر حكومية إلى حسينيات.
بل لقد أصبحت التعيينات الوظيفية هي الأخرى تتم على أسس طائفية، كما تم اغتيال أعداد كثيرة من الشباب العراقي ممن أسماؤهم (عمر) أو (بكر) أو (عثمان) أو (فاروق) أو(عائشة) أو(هند)، فضلاً عن أن هذا الاسم يكفي لكي يحرم صاحبه من أول لحظة من العثور على وظيفة ما في أي مكان أو دائرة. أما الاسم الذي لا يوضح هوية أو انتماء صاحبه، فإن صاحبه يُسأل: هل هو سني أم شيعي؟ وبدأت الاستمارات في الكليات والوظائف وغيرها توزع على الملأ وفيها ايضا حقل حول (مذهب) الشخص.
تصفية العلماء
الشروخات الطائفية وتصرفات الحرس الوطني والمليشيات تبعها تدمير لمؤسسات الدولة، فهناك عمليات منهجية لإفراغ البلاد من الكفاءات حيث مورس القتل والخطف وتهديد الكثير من العلماء والأطباء والمهندسين والصحافيين.
ومن ثم تدنى المستوى الدراسي في العراق كثيراً، سواء في المدارس أو المعاهد أو الجامعات؛ حيث الغش والرشوة والمحسوبية والمحاصصة في قبول الطلاب في هذه الكلية أو تلك.
ستة آلاف جثة: أظهرت بيانات وزارة الصحة العراقية أن المشرحة الرئيسة في بغداد استقبلت منذ بداية هذا العام وحتى نهاية مايو الماضي جثث 6 آلاف عراقي قتل معظمهم بأسلوب عنيف. وتفيد البيانات بتزايد عدد الجثث الواردة إلى المشرحة شهرياً بصورة مطردة. وزاد عدد جثث الضحايا التي نقلت إلى المشرحة من 1000 جثة في شهر يناير الماضي إلى 1400 جثة في شهر مايو. ويُعتقد أن غالبية هؤلاء الأشخاص قد قتلوا بسبب العنف الطائفي.
ويقول مراسل ال"بي بي سي" في بغداد إن هذه الأرقام بالغة الحساسية والحرج بالنسبة للحكومة العراقية؛ حيث تخشى أن يؤدي الإعلان عن الأرقام الحقيقية إلى تزايد أعمال العنف، لأن أعداد الضحايا أكبر من تلك المعلنة رسمياً، حيث لا ترد جثث أخرى كثيرة إلى المشرحة، كما أن هناك جثثاً أخرى لمفقودين لايعثر عليها مطلقاً. وكانت قوات من الشرطة العراقية قد عثرت في وقت مبكر على تسعة رؤوس مقطوعة مجهولة الهوية في مدينة بعقوبة شمال شرق بغداد.
كوفي عنان ينتقد
قدم كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً إلى مجلس الأمن عن حالة حقوق الإنسان في العراق، وورد فيه: "إن الأمم المتحدة لا تزال قلقة بشأن أعداد المعتقلين الضخمة المحتجزين، دون إجراءات مناسبة". وقال: "إن التقارير المباشرة وغير المباشرة التي ترد من بغداد تشير بشكل مستمر إلى الاستخدام المنظم للتعذيب خلال التحقيق في مراكز الشرطة العراقية وغيرها من المنشآت، منها ما يتبع وزارة الداخلية العراقية". وأبلغ عنان مجلس الأمن الدولي مستشهداً بإحصائيات صادرة عن وزارة حقوق الإنسان العراقية "إن وزارة العدل العراقية تحتجز في معتقلات الشرطة نحو 7300 سجين، فيما يوجد 2300 شخص محتجز في سجون خاصة بوزارة الداخلية العراقية، و120 معتقلاً لدى سجون وزارة الدفاع العراقية، ونحو 19600 شخص معتقل لدى القوات الأمريكية التي تدير ثلاثة سجون في العراق بينها سجن أبو غريب الذي كان مسرحاً لفضيحة السجناء، والآخران هما معتقلا بوكا في أم قصر ومعتقل المطار ببغداد".
وصرح باحتجاز السجناء العراقيين خلافا ًلمواثيق جنيف التي نص عليها مجلس الأمن الدولي. ولاتسمح مواثيق جنيف التي تحكم معاملة المدنيين في وقت الحرب للقوات الأجنبية باحتجاز سجناء في دول أجنبية. وجاء في التقرير الذي وضعه عنان أمام مجلس الأمن "أن هذه الأرقام تدل على تدهور مطرد وتوفر مؤشراً قويا ًعلى غياب الحماية لحق الحياة الذي يهيمن على العراق في هذا الوقت".
كما اتهم تقرير (بعثة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة)، الحكومة العراقية بتعمد إخفاء أرقام الضحايا من المدنيين، مشيراً إلى وقوع انتهاكات واسعة، وحالات "إعدام جماعي" خارج نطاق القانون. وأوضح التقرير أنّ حقوق الإنسان في العراق، "تتعرض إلى تقويض خطير، لتفاقم ظاهرة انعدام الأمن، وارتفاع وتيرة العنف، وانعدام القانون والنظام الناجم عن الأعمال التي ترتكبها المليشيات والعصابات الإجرامية".
واتهم التقرير الحكومة العراقية، بأنها لم تقدم أرقاماً دقيقة بأعداد الضحايا من بين صفوف المدنيين خلال الفترة التي غطّاها التقرير، على الرغم مما قال إنه "يتم الإبلاغ عن مئات القتلي والمصابين أسبوعياً، من بينهم نساء وأطفال، سواء كانوا مستهدفين بقصد أو دون قصد، كضحايا للهجمات المتسمة بالعنف".
وتطرّق التقرير إلى حالة العنف التي تفجرت في مدينة البصرة، وقال إنها تنذر بالخطر.
وذكر التقرير "في صبيحة 13 نيسان (أبريل)، داهم مسلحون يرتدون زي الشرطة العراقية ويقودون الحافلات نفسها التي تستخدمها الشرطة العراقية شركة "الفيحاء" للبناء في البصرة، ويبدو أنه تم عزل الموظفين حسب مذهبهم، وتم إعدام 7منهم (السنة) إعداماً خارجاً عن نطاق القانون، وقد استنتجت الشركة المعنية بأن هذا القتل قد يكون شكلاً من أشكال الانتقام من الشركة بسبب مذهبية بعض العاملين فيها، كما جاء فيه. واتهم التقرير العمليات العسكرية التي تشنها القوات الأمريكية والعراقية، بأنها خلفت "فوضي عارمة".
إن أحوال حقوق الإنسان في العراق مازالت في وضع سيئ، بسبب ممارسات المليشيات والقوى المسلحة المنفلتة والتي تعمل خارج القانون، ووسط تراجع كبير في قدرات وإمكانات القوى الأمنية لضبط الأمن العام في البلاد.
وقد مرت أحداث البصرة الأخيرة وقتل المئات من أهل السنة ومهاجمة المصلين في جامع العرب السني بالبصرة من قبل قوات الداخلية وبالصواريخ والقذائف، وقتل الشباب بحجة إيواء الإرهابيين على الحكومة "المالكية" دون إهتمام أو تحقيق.
مجموعات الرداء الأسود وفرق الموت
كان حادث الاعتداء المشبوه الدوافع ومجهول الفاعلين، على ضريحي الإمامين العسكريين في سامراء (22 فبراير الماضي) فرصة لعصابات الرداء الأسود كي تنطلق في الهجوم على مساجد أهل السنة، وتقوم بقتل المئات من المصلين وحرق وتهديم أعداد كبيرة من المساجد. وبالرغم من إعلان مقتدى الصدر عن براءة تياره من عمليات استهداف المساجد ودور العبادة في بغداد وعدد من المدن العراقية، وإعلان السيد عبدالعزيز الحكيم زعيم المجلس الاعلي للثورة الاسلامية تجريمه لمثيري الشغب في العراق، فإن جريمة سامراء أطلقت العنان لفوضى أمنية، لم تنجح الإجراءات الحكومية بفرض حظر تجول شمل مدن بغداد وصلاح الدين وبابل وديالى في الحد منها، مع تراجع مستوى العنف بشكل كبير وتصاعد دعوات التهدئة وارتفاع "صوت العقلاء على صوت الغوغاء". ولم تكن القيادات الدينية أقل رغبة في التهدئة من القيادات السياسية. وأصدر المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني فتوى "تحرم التعرض للمساجد السنية" وحض العشائر على "الإسهام في محاصرة فرق القتل واستهداف المساجد"، في وقت حض الشيخ حارث الضاري الأمين العام لهيئة علماء المسلمين، الأهالي على التزام المنازل وضبط النفس، وعدم مهاجمة أية قوة للجيش أو الشرطة العراقيين؛ درءاً لمحظورات الفتنة الطائفية. ويرى مراقبون أن عزل المجموعات، ذات النهج التكفيري من الطائفتين، وعدم منح هوية مذهبية لها يمثل أولى خطوات إصلاح الأوضاع واستيعاب تداعيات الأحداث التي انطلقت بعد تفجيرات سامراء، وكانت لها خلفيات منهجية للجماعات التي دأبت على استهداف مساجد وحسينيات شيعية وزوار للعتبات المقدسة بمقابل "فرق الموت" التي مارست عمليات تصفية على الهوية الطائفية.
وزارة الداخلية غير مكترثة
وفي 10 مارس-أذار الماضي نقلت وكالة رويترز عن مسؤول كبير سابق بالأمم المتحدة "إن النمو غير المحكوم للمليشيات في العراق سيعرقل أي خطط أمريكية للانسحاب وإن الحكومة العراقية لا تبدي اهتماما يذكر بحل الأزمة".
وقال جون بيس الرئيس السابق لمكتب حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة في العراق "إن تراخي وزارة الداخلية العراقية قد فاقم بشكل كبير مشكلة المليشيات وساهم في انهيار القانون والنظام في العراق".
وأضاف بيس الذي ترك منصبه في فبراير-شباط لرويترز: "لا يبدو أن أحداً من الزعماء السياسيين مهتم بإنهاء هذه الفوضى". وتابع بيس "أي شخص لديه سلاح وقدر معقول من التنظيم يمكنه أن يفعل أي شيء حقيقي دون التعرض لعقاب، هناك تباين في الاهتمامات، وهناك افتقار إلى تقدير ضرورة تفكيك الميليشيات وحماية الأفراد".
وأشار بيس إلى "أن الفوضى نتجت عن الفراغ الذي سببه قرار حل الجيش والشرطة العراقيين بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة والذي أطاح بصدام في عام.2003 وقال بيس: بكل تأكيد كان حتميًا أن يحدث ذلك بعد القرار... لقد أحدث فراغاً سعت جماعات أو عصابات إجرامية إلى حد كبير لاستغلاله.
تورط مغاوير الداخلية والحرس الوطني
صرح وكيل وزارة الداخلية العراقية (الكردي اللواء كمال حسين) بأن نتائج التحقيقات الأولية أثبتت تورط 25 من عناصر الشرطة والجيش العراقي في "فرق الموت" التي تستهدف خطف وقتل المدنيين.
ونقلت صحيفة "المشرق" العراقية عن وكيل وزارة الداخلية اللواء كمال حسين قوله "إن التحقيقات الاولية حول قضية فرق الموت أثبتت تورط 22 شخصاً من وزارة الداخلية وثلاثة أشخاص من وزارة الدفاع".
وأضاف كمال الذي يرأس لجنة التحقيق المكلفة بالتحري حول كتيبة فرق الموت التي أعلن الجيش الأمريكي وجودها في وزارة الداخلية، وتتولى تصفية المدنيين العراقيين أن "التحقيقات أشارت إلى أن هؤلاء الأشخاص استغلوا الخلافات والمشاكل لارتكاب مخالفات قانونية، واستثمروا وجودهم في دوائر الداخلية وقاموا بخطف المدنيين للانتقام منهم". وتشهد مدن عراقية عمليات قتل واختطاف يرتكبها أشخاص يرتدون زي أجهزة الجيش والشرطة العراقية، الأمر الذي دفع شخصيات سياسية إلى اتهام وزارتي الداخلية والدفاع بالوقوف وراء هذه الأعمال.
قوات الاحتلال الأمريكي كشفت فضيحة "فرق الموت":
لم تكد تمض أكثر من 24 ساعة على فضيحة جديدة في سجن أبي غريب، أثر نشر صور مروعة عن تعذيب جنود أمريكيين لمعتقلين عراقيين، حتى كشفت واشنطن ولندن عن وجود (فرق موت) من مغاوير وزارة الداخلية العراقية ومرتبطة بمنظمة بدر (الموالية لإيران) ترتكب عمليات اغتيال مقصودة ضد طائفة معينة من العراقيين. الأمر الذي دفع وزير الداخلية العراقي إلى الإعلان عن بدء التحقيق بهذه المعلومات، معترفاً بتسلل مجرمين إلى الأجهزة الامنية، ومؤكداً العمل على اجتثاثهم، في وقت أعلنت فيه وزيرة حقوق الإنسان أن عدداً من مسؤولي الداخلية سيقدمون للمحاكمة بتهمة تعذيب معتقلين في معتقل الجادرية في بغداد الذي كشف النقاب عنه مؤخراً.
ففي تصريح له قال الجنرال الأمريكي جوزيف بيترسون المسؤول عن تدريب قوات الشرطة العراقية بأن 22 من عناصر شرطة النجدة والدوريات يرتدون زي الكوماندوز المستخدم من قبل قوات مغاوير الشرطة تم استيقافهم من قبل القوات الأمريكية نهاية أكتوبر 2005في شمال بغداد عندما كانوا في طريقهم لتنفيذ عملية قتل رجل سني في أطراف شرقي بغداد بمنطقة (كسرة وعطش).
وقال الجنرال بيترسون أن القوات الأمريكية تحتجز أربعة من الأفراد الذين ألقي القبض عليهم في سجن أبو غريب بينما بقي 18 رهن الاعتقال في سجون عراقية. وبينت التحقيقات أن الرجال الأربعة المعتقلين في أبو غريب تابعون لمنظمة بدر. وأكد أنه يعتقد أن "فرق موت" أخرى تعمل داخل قوات الأمن العراقية. وأثر ذلك أكد مسؤول عسكري بريطاني بارز هو القائد "أليكس ويلسون" أن "فرق موت" تابعة لفيلق بدر كانت مسؤولة عن العديد من عمليات القتل التي جرت في مدينة البصرة في جنوب العراق خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
وقال ويلسون إنه "بين نوفمبر ويناير الماضيين قتل أو اغتيل 141 شخصاً في البصرة، مما يشكل ضعف عدد الجرائم التي ارتكبت بين مايو ونوفمبر من العام الماضي 2005".
ومن جهتها قالت وجدان ميخائيل وزيرة حقوق الإنسان: إن أكثر من مائتي عراقي تعرضوا للتعذيب العام الماضي، وأن بعض تلك الانتهاكات وقع في مقار وزارة الداخلية. وقالت إن السلطات العراقية على علم بتعرض 180 عراقياً إلى التعذيب عُثر على غالبيتهم في معتقل بمبني لوزارة الداخلية في منطقة الجادرية في بغداد، فيما يحيط الغموض مصير ثلاثة من المعتقلين.. وتوقعت الوزيرة محاسبة عدد من العاملين في وزارتي الداخلية والعدل، وتقديمهم إلى العدالة بتهم التورط في التعذيب الذي تفاوت من تعذيب جسدي والنفسي، وأضافت قائلة "هناك أشخاص ليسوا على مستوى عال من وزارتي الداخلية والعدل يتوقع تقديمهم للمحاكمة"، كما أبلغت وكالة الاسوشيتدبريس وقالت إن الأمر سيطال قضاة لإخفائهم معلومات تتعلق بالانتهاكات والتستر عليها. ورفضت الكشف عن عدد الذين سيقدمون للمحاكمة، مشيرة إلى أن الأرقام ستُضمَّن في تقرير تعده وزارة حقوق الإنسان.
وكان سفير الولايات المتحدة لدى العراق، زلماي خليل زاد قد أعلن في وقت سابق العثور على أكثر من مائة معتقل في منشأة الجادرية، وهم يعانون من آثار التعذيب. كما اكتُشف ما بين 21 إلى 26 آخرين في منشأة أخرى. وقال خليل زاد إن الولايات المتحدة سوف "تعجل بالتحقيقات" لتحديد المسؤولين عن الانتهاكات.
لايمكن مطلقاً بأي حال قبول أن تسكت الدولة عن قيام جماعات مهما كانت بانتحال صفة وهوية وأزياء رجالها وممارسة أعمال الإرهاب والخطف والقتل تحت ستار الدَهم والتفتيش والقبض والبحث عن الإرهابيين!!
ولاندري هل يُطاردُ الإرهاب بالإرهاب! حيث كل يوم تطالعنا الأخبار عن مزيد من الجثث مجهولة الهوية يعثر عليها في أنحاء مختلفة من البلاد... فضلاً عن استمرار مسلسل الاغتيالات الأهوج، الذي يطال الجميع، وصار أمراً مألوفاً في مجتمعنا الممتحن!
ونتساءل بألم ومرارة: متى يتوقف نزيف الدم العراقي الطاهر.. ويتم ملاحقة المجرمين الفاعلين ومعاقبتهم؟
إن عوائل أهل السنة المغدورين، ومنائر مساجد أهل السنة المغتصبة، وأنقاض المساجد المدمرة، والمصاحف المحروقة والممزقة.. تستصرخ ضمائر العرب والمسلمين مسؤولين ومنظمات وهيئات إسلامية تناديهم (وا.. إسلاماه.. وا.. عرباه). فهل من مجير؟ وهل من مستصرَخ؟ وهل من متحرك لرد الظلم عن أهل السنة في العراق؟!
في الأحد 02 يوليو-تموز 2006 10:35:14 ص