لحظات أخيرة في حياة شهيد
بقلم/ عمار عسكر
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و 5 أيام
السبت 25 فبراير-شباط 2012 06:41 م

مع أنغام الحرية الأولى ، عزف لحن الحياة من جديد ، وأطلق صرخة الانتفاضة الحرة فظروف الكبت قد فارقت بينه وبين كل ما تمناه ، فخرج معاهداً نفسه أن يلتقي بنسائم الحرية التي عشقها .

كان يخرج جاهراً بصوته قبل أن يقطعه في الطريق بقايا ظلام ، قد خرجوا من مقابر التخلف ، وهم يرتدون عباءات الحمق والبلادة ، يوجهون غبائهم الفاحش في شيء يسمى ( سلاح ) وهو يهدي إليهم ورود الغد الأجمل لكنهم ما فقهوا تلك الرسالة البريئة الطاهرة .. كانوا حينها أشبه بقطعان يقودهم راعٍ فلا يخالفون له أمر ولا يخرجون عن طاعته قيد أنملة ، حتى لو أمرهم بالتوجه نحو الهاوية .. تبت عقولهم !

حين رآهم رفع إشارة النصر ملوحاً ، فاستغرب رفاقه من تفاؤله الكبير ، غير أنهم لم يدركون أنه كان يشعر باقتراب لقاءه بالحرية الموعودة ، حينها .. تقدم الصفوف يحدوه الأمل الكبير ، لا يعيقه إلا مسافة الطريق ، كان يمضي وحيرة الجميع ترافقه ، وأعين المكر تراقبه ، وأجله القريب يقترب منه في لحظاته الرائعة .

خرج كائن مسخ يطلق عليه ( قناص ) من مخبئة وصوب نحو رأسه بندقيته ، واضعاً إصبعه على الزناد .. ثم أطلق .

أطلق حقده الدفين ، وغباءه اللعين ، وبلادته المتعفنة .. لتخرج من فوهة سلاحه الأبله ( رصاصة ) تخترق كل الحواجز الإنسانية ، وتمضي عكس تيار الأخلاقية ، في طريقها إلى رأسه الشريف الطاهر .. لم تخطئ طريقها .. فقد كان الحقد يملؤها .. والسرعة تحفظ طريقها من الخطأ ، لتعلن باختراقها لرأسه ارتقاء روح شريفة طاهرة إلى علياء السماوات ، وتعلن نهاية لحلم كان على وشك أن يتحقق ..وما أصعبها من لحظات !!

يسقط جسده الشريف على تراب وطنه الطاهر ، يحمله رفقاءه وهم لا يكادون يدركون مايفعلون ، يحاولون أن يعيدوا إليه نبض الحياة ، ولكنهم لم يفقهوا أنه قد وجد الحياة وفارق سقط المتاع وارتقى مغرداً إلى العليـــــاء ، حين كانت دماءه الطاهرة تتساقط على الأرض لتسطر بخروجها .. ميـلاد حيـــــاة.