علي عبد الله صالح , المخلوع , عفاش . ألقاب أطلقها عليه الشارع اليمني . وطوال حكمه كان له نصيب من الألقاب , الشاويش , تيس الضباط , علي سلاحف . ألقاب ساخرة لم تصفه بما يليق به من الدهاء والمكر . فهو في السياسة ثعلب مكار , وفي الحياة ذئب غدار . لا يؤمَن جانبه مطلقا , يستغل الكل ليحقق غايته الفردية , ويستخدمهم ليصل لحاجته الشخصية . منذ توليه الحكم في 1978 م وهو يسير على هذه الإستراتيجية وهذا المخطط . إستراتيجية تعتمد على إطلاق يد الشريك حتى يظن أنه في أمان وقوة واستعصاء . وفي مرحلة أخرى يقوم بتحميله كل تبعات أفعاله المشينة وسياسته الفاسدة حتى يغرق بفعل أمواج إعلامه الهادر . وفي مرحلة أعلى يتخلى عنه لأول زبون ويبيعه في أقرب سوق للحراج . وفي مشواره لا يعدم أعوانا وحلفاء تضطرهم حاجة السياسة وظروف المواجهة لمساندته , وما أن يستقر الأمر له حتى يبدأ في تكوين حلفاء جدد ليتخلص من السابقين .
وعلى المستوى الخارجي مارس هذه السياسة باحترافية عالية , يستغل أي دولة وإمكانياتها وقدراتها لحسابه وأعوانه , ثم يحادها مع أخرى .
ولم يقرأ جميع من تحالف معه هذه السياسة جيدا ولم يستكشفوا تلك النفسية عميقا . أو أنهم درسوها ولكن الضرورة كانت أقوى من تخوفهم , والاضطرار أشد من حذرهم . فذهبوا جميعا إلى أحضانه على أساس الشراكة الحقة والعهود الصادقة .
ولكن نفسيته الماكرة , ونرجسيته القاهرة , أبت عليه أن يرتهن للمناصفة ويستكين لرأي الشريك وقرار الحليف , فيسارع للتخلص منهم مبقيا على نفسه حاكما دكتاتورا متسلطا . وجاءت انتخابات 2007 م بقيادة اللقاء المشترك لتهز عرش إمبراطورية فساده وتسبب قلقا لمنتسبي نادي باطله , وزاد خوفه مع تأسس الحراك الجنوبي في نفس العام . فأخذ يضرب هذا بهذا ويخترق هذا ليهاجم ذاك , ويزرع أعوانه هنا وهناك ليمنعوا توافق المعارضة في جبهة قوية متراصة ضده .
ومع انطلاقة ثورة فبراير الشبابية تخلى عنه بعض أعوانه وضعف صف تحالفه , وتحطم غروره في يوم مشهود . وغادر الوطن محطما محروقا ليرجع مرمما ملمعا , عاد وفي جعبته الكثير من خطط يقف أمامها إبليس مطأطأ الرأس خجلا , لقد غلبه هذا البشري في ملعبه الخاص وبين جمهوره ومشجعيه .
عاد ليضع كل قواته وقدراته في حلف مع الحوثي وجماعته ضد كل من سانده سابقا من المكونات داخليا , وضد من رممه وأعاده مجددا خارجيا , عاد ليقتل شعبا وثق به يوما فجعله عليه رئيسا وله زعيما .
وبالأمس ظهر جليا دوره حينما أعلن عن تأسيس مجلس عسكري , وظهر مدى تحكمه في غيره حينما أشار بقوة للشريك الحوثي أن يوقع ورقة التأسيس حينما تلكأ قليلا في توقيعها . هذا المجلس تحديا صارخا في وجه التحالف والمنظومة الدولية , يضعهم أمام خيارين , إما الحوار والتذلل مجددا له , وإما حرب تحرير اليمن .
والحرب أحدى حربين , إما حرب ميادين خالصة , لها مخاطر جسام , فصالح المكار لا بد أن يكون خلال أشهر مهزلة حوار الكويت قد أعد عتاده ورجاله برا وبحرا وحتى جوا , وخطط ملاحم النزال بدقة وتمكن .
مما يتطلب جهدا مضاعفا لإثبات الذات وتحقيق النصر . وإما هي حرب ميادين مخلوطة بنكهة دواوين , قد أعد لها الداهية ترتيباتها واتفاقياتها وتحالفاتها , مما يجعل جيش الشرعية يدخل فاتحا . وفي النهاية سيظل الفارس راكبا خيله , مبقيا على حظه مستقرا مستمرا , ليعيد ترتيب أوراق خداعه ويرص طاولات لعبه , ويختار حليفا جديدا يمتطي كتفه ليحقق أهدافه . ولترتفع صرخة الحوثي عالية .. لا بارك الله فيك يا عفاش .