آخر الاخبار

شاهد الأهداف.. مباراة كبيرة لليمن رغم الخسارة من السعودية مصادر بريطانية تكشف كيف تهاوى مخطط تشكيل التوازنات الإقليمية بعد سقوط نظام الأسد وتبخر مشروع ثلاث دول سورية توجيه عاجل من مكتب الصحة بالعاصمة صنعاء برفع جاهزية المستشفيات وبنوك الدم وتجهيز سيارات الإسعاف ما حقيقة خصخصة قطاعات شركة بترومسيلة للاستكشاف النفطية في اليمن أبرز خطوة رسمية لتعزيز الوسطية والاعتدال في الخطاب الديني في اليمن وزير الأوقاف يفتتح أكاديمية الإرشاد مدير عام شرطة مأرب يطالب برفع الجاهزية الأمنية وحسن التعامل مع المواطنين أردوغان في تصريح ناري يحمل الموت والحرب يتوعد أكراد سوريا بدفنهم مع أسلحتهم إذا لم يسلموا السلاح عاجل: محكمة في عدن تبرئ الصحفي أحمد ماهر وتحكم بإطلاق سراحه فوراً الاستهداف الإسرائيلي للبنية التحتية في اليمن يخدم الحوثيين ... الإقتصاديون يكشفون الذرائع الحوثية الإدارة السورية الجديدة توجه أول تحذير لإيران رداً على تصريحات خامنئي.. ماذا قال؟

أيها الثوار.. بعد النصر: أنتم حزب الأحزاب وضمان الهدف
بقلم/ أنور بن قاسم الخضري
نشر منذ: 13 سنة و 3 أسابيع
السبت 03 ديسمبر-كانون الأول 2011 05:00 م

يا علماء اليمن دوركم في التغيير المنشود

إنه في مثل هذه اللحظات الحاسمة والمنعطفات التاريخية، وفيما تتعلق آمل الناس بزوال ليل جاثم وبزوغ فجر قادم، وحيث تضحي الشعوب بدمائها طلبا للكرامة والحرية والعدالة والصلاح والأمن.. ينبغي لحملة العلم وقادة الفكر أن يضيئوا مشاعل النور ملهمين الثائرين على الذل والاستعباد والظلم والفساد والخوف بالقيم التي يجب أن ينطلقوا منها والأخلاق التي ينبغي أن يتحلوا بها والحدود التي لا يجوز لهم أن يتجاوزوها والمبادئ التي يلزمهم الخضوع لها.

فالنفس البشرية –مهما وقع منها- تأبى بفطرتها السليمة الظلم والهوان والاستعباد وتتطلع لتحقيق ذاتها الإنسانية التي تتميز بها عن الكائنات الأخرى، لذلك فإنها سرعان ما تثور على جميع الأحوال والأوضاع التي تجردها من إنسانيتها، لأنها مزودة بالمناعة الفطرية: عقلا مدركا ووجدانا شاعرا وروحا سامية.

واليوم ونحن نشهد هذه الهبة الجماهيرية للشعوب الإسلامية، التي لطالما عاشت تحت نير الظلم وقيود الذل، تجتاح الدول.. دولة تلو أخرى، لا يسعنا إلا أن نعبر عن فرحتنا بهذه اليقظة والروح التي بدت تسري في جسد الأمة لتنفض عن نفسها الخنوع والخوف وترفع رأسها شامخة وأنفها سامقا.

ولا شك أن هذه الحالة من اليقظة لم تكن الأولى في تاريخ أمتنا المعاصر، فقد عاشت خلال حقبة حروب الاستقلال من القرن المنصرم حالة شبيهة بهذه الحالة. فقد قدمت الملايين من الشهداء بحثا عن حريتها واستقلالها وكرامتها، وحفاظا على دينها وهويتها وثقافتها وعرضها ومقدساتها وثرواتها. غير أن ما جرى بعد ذلك كان حلقة من حلقات التآمر، ونكسة من نكسات الغفلة، حين اختطف كفاح الأمة وجهادها زمرة من حملة الشعارات البراقة، أظهروا ملامح الحمل الوديع وأخفوا نوايا الذئاب الشرسة، فاغترت بهم الأمة مسلمة لهم النصر في إناء من ذهب.. فماذا كانت النتيجة؟

لقد تكلم هؤلاء المحتالون المتسلقون باسم الشهداء وحكموا بموجب الثورة، فعمدوا إلى القوى الخيرة والحية والصالحة فأقصوها وحاربوها، وتنكروا للأمة فأذلوها ونهبوا خيراتها، وأعادوا استعمار الأمة بل كان الاستعمار –في بعض تعامله- أرحم وأعدل منهم!

وما جرى للأمة الإسلامية خلال القرن الماضي لم يكن هو الأول عبر التاريخ، فإن جميع من ركبوا الثورات ورفعوا الشعارات البراقة إنما كانوا قطاع طرق يعدون الناس بغد أفضل في شعارات خالية من المضامين، مفرغة من التصورات والرؤى، عائمة ومائعة.. فالشيوعية التي وعدت بالعدالة الاجتماعية وانطلقت في أوروبا ركبت ثورة الفلاحين في روسيا لتأسس لإمبراطورية الشر الحمراء! والثورة الفرنسية التي رفعت الإخاء والمساواة في ظل النزاع المسيحي -المسيحي بأوروبا استغلت من قبل اليهود الذين أحالوا بموجبها المجتمع الأوروبي إلى كلأٍ مباح ترتع فيه الصهيونية وتُوجِّهه بعد أن كان اليهود فيه من المنبوذين! وفي التاريخ الإسلامي كانت ثورة بني العباس تحت شعار الانتصار لآل البيت لكنها بعد قيامها قمعتهم وتنكرت لهم!

لذلك فليست العبرة في الثورة على الظلم والاستبداد والفساد لكن فيما تنتجه هذه الثورة من أوضاع جديدة أكثر عدالة وكرامة وصلاحا، وإلا فإن استبدال الظالم بظالم مثله أو أشد منه، أو المستبد بمن هو أسوأ منه، أو الفاسد بأكثر فسادا، مع كثرة التضحيات وضخامة التكاليف هو في ميزان العقلاء خسارة بكل المقاييس!

ولأننا اليوم أمام ثورة شعبية يقودها الشباب مطالبا بإسقاط النظام ورحيل رموزه من السلطة فإن علينا أن نضع لمستقبل هذه الثورة ملامح عامة وخطوطا عريضة نجمع عليها، ونلزم كل من يحاول أن يحرفها عن مسارها العودة إليها والتحاكم لها، واضعين أيدينا في أيدي بعض، متوحدين في الآمال والتطلعات، وفي المشاعر والأحاسيس، وفي النوايا والمقاصد، وفي الأهداف والخطط، وفي المبادئ والقيم والأخلاق.

إن هناك من يحاول أن يؤجل هذا المطلب الملح للانطلاقة تمويها وتضليلا، معيدا –أدرك أو لم يدرك- ذات الخطأ الذي وقع فيه الثائرون على الإمامة، عندما اتفقت إرادتهم المرحلية واختلفت منطلقاتهم وأهدافهم ومشاربهم.. فوئدت الثورة في مهدها من الثوار أنفسهم وهم ينقضون على المغانم ويتنكرون للشركاء، وبذلك انحرف مسار الثورة منذ انطلاقتها ووصلنا –نحن اليمانيون- إلى ما وصلنا إليه من حال!

ومما لا شك فيه أن جزءا من المشكلة يعود إلى طبيعة الثقة والسماحة التي يتصف بها الشعب اليمني، وإلى غياب الوعي وانعدام المعرفة والعلم وغلبة الأمية، ما ساعد الأطراف المسلحة من فرض وجودها سياسيا مسيطرة على الدولة الحديثة بدون رؤية أو مشروع!

لذلك فقد عاشت اليمن انقلابات عسكرية، واغتيالات، وتصفيات دموية بين مكونات الثورة وأجنحة السلطة؛ كما أنها عانت من إلغاء للشورى، وتجميد للمجالس النيابية، وتلاعبا بالدستور وإهمالا لإعمال مواده إلا عند الحاجة.. وهلم جرا من صور الفساد والعبث. وعوضا أن تنشئ الثورة دولة حديثة في بناها وهياكلها وآلياتها وبرامجها، تاهت بين الانقلاب والانقلاب المضاد!

واليوم وبعد شهور من المعاناة والثورة المستمرة التي تصدرها شباب اليمن الباسل في كافة المدن والمحافظات، وبعد أن تحالفت قوى الظلام الداخلية والخارجية على إفشال مقاصدها، من خلال اعتبار ما جرى أزمة سياسية بين أطراف سياسية، ومعالجة الأمر بحل سياسي يبقي العلة قائمة والداء كامنا بل ظاهرا، فإن ثورة الشباب اليوم يتهددها تآمر هذه القوى مدفوعة بالجهل والتعصب والنظرات الضيقة.

ففي الوقت الذي يتلمس اليمنيون فيه لملمة جراحاتهم والخروج من النفق المظلم الذي ساقهم إليه علي عبدالله صالح تخرج دعوات وتحركات مشبوهة لتقضي على ما تبقى من حلم وسعادة في نفوس اليمنيين.

الانفصال والثورة:

فقد عادت مساعي الانفصاليين إلى الواجهة، لتعلي من شأن أمر الانفصال وكأنه الدواء السحري للجنوب. علما بأن الجنوب لم ينعم بالاستقرار منذ الاستقلال رغم كونه لم يكن في وحدة مع الشمال. فالوحدة أو الانفصال ثقافة فكرية وأخلاقية وتعاط اجتماعي وسلوكي، فمهما كنا موحدين شكليا دون قيم التوحد القيمي والأخلاقي والنفسي والفكري فإننا لن نكون موحدين حقيقة.

فتعدد الرؤى والأفكار والمصالح موجودة في أي مجتمع، وهي كفيلة بتفكيكه إذا لم يكن هناك سمو في الفكر ونبل في الأخلاق وقدر من مشاعر التعاطف والتراحم والتواد والتعايش. وما يسعى إليه تيار الانفصال تحت شعار أن ما جرى لم يكن وحدة بالشكل الصحيح، فهذا غير صحيح، بل كان شعبي الشمال والجنوب من الانسجام والترابط ما ضغط على السياسيين إلى النزول عند مطالب الشعب وإن لم يجر التوحد باستفتاء شعبي، (وهذه هي الشماعة التي يدندن عليها دعاة الانفصال اليوم!!!)، وما أعجبه من تبرير وهم الملامون على ذلك.

إن فصل الجنوب ليس حلا حقيقيا للمعاناة، بقدر ما هو الحال في الثقافة والخُلق والتسامح والتعايش والسلوك الذي يمارسه أي شعب. فمن يعرف الجنوبيين يرى بينهم من أسباب انفصال بعضهم عن بعض ما قد يجعل من الانفصال حلا لكل تباين واختلاف! ولا يقول بهذا من له ذرة من عقل!

إن الولايات المتحدة الأمريكية رغم تباين الأعراق والقوميات والإثنيات والديانات والثقافات أوجدت عبر ثقافة التعايش والاندماج كيانا موحدا يشبع رغبات الجميع ويحقق مصالحه بل ويعلي من شأن المواطن الأمريكي خارج بلاده! فهو يتمدح بهذا التعايش والتجانس بين هذه المتضادات والمتناقضات!

وأوروبا التي مزقتها الحروب القومية والعرقية والدينية.. تعود اليوم لتجد الاتحاد مخرجا لأزماتها ومشاكلها بكل أصنافها!

فما بال بني قومنا يعيدون العربة إلى الوراء، ويساهمون في خراب البيوت، ويناقضون سنن التطور والاجتماع والتكامل والتعايش!

أليس هذا نكوص عن تلك المشاعر التي غلبت على ميادين الثورة؟! أليس هذا خيانة لعهود الوفاء ودماء الشهداء؟! أليس هذه البراجماتية التي نذمها في أصحاب المطامع والمصالح الذاتية فمالها عادت من النافذة وقد أخرجنها من الباب؟!

يا أبناء الثورة المجيدة في صنعاء والمكلا وتعز وعدن والحديدة وسيئون.. أنتم صناع المجد وأنتم لسان الأمة ويدها قولوا كلمتكم فالتاريخ يستمع لكم؟!

إنني أؤمن بأحقية الناس في إدارة ذاتها عبر ما يسمى بالمجالس المحلية والفيدرالية أو الحكم المحلي واسع الصلاحيات مع وجود الكيان الجامع.. كما بدت الدعوات تتعالى في دول الخليج.. وهذا أمر ممكن سياسة وإدارة، وهو الأنسب. أما أن يؤسس الانفصاليون للرجوع إلى الخلف عبر مؤتمرات تدعو إلى الاستفتاءات –كما حصل في جنوب السودان- لتأتي الأموال الخارجية المشبوهة والوعود المعسولة تغش الناس وتشتري مصائرهم.. فهذا ما يجب أن نقف ضده أدبيا وفكريا وعبر التوعية الحقيقية المصحوبة بالنصح والإرشاد. وهذا هو دور صناع المجد شباب الميادين الذين بذلوا وضحوا، فإن من ضحى لإسقاط الاستبداد بصدور عارية ومطالبة سلمية قادر على إسقاط الاستبلاد (من البلادة)!

الحوثية والثورة:

تمثل حركة الحوثية تعبيرا ثقافيا واجتماعيا لتيار مذهبي موجود على الساحة يريد استعادة مجده وتحقيق وجوده وانتشاره، وهذا أمر مفهوم ومفسر، لكن ما لا يمكن فهمه وتفسيره هي أن تظل آلياتنا في إقناع الآخرين هي نفيهم وإقصاؤهم والتعدي عليهم وإرهابهم والفتك بهم! في حين أن المسلم –أيا كان- مدعو أن يتعامل مع غير المسلم بأسمى أنواع التعامل، من المجادلة بالحسنى، وقول التي هي أحسن، والإحسان، بل ومقابلة الإساءة بالإحسان لعل ذلك يجذب الآخر للحق ويجمل الحق لديه!

إن لأتباع أي مذهب أو فكر عقدي داخل الإسلام حقوقا على مجموع الأمة بأكملها طالما وأنه التزم معها عقد الإسلام الذي يجعل لهذه الحقوق التزاما. وهذا ما تعامل به علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- مع الخوارج! وأسلوبه معهم مثل أول خطوة في تعامل الأكثرية الدينية السائدة للأقلية المذهبية الوليدة أو المنقسمة عن الجماعة. وما أحوج الجميع سنة وزيدية في اليمن أن يستوعبوا هذا الرقي الإسلامي في التعامل مع المخالف.

وفي اعتقادي أن شباب الثورة في ساحاتهم تجاوزوا حدود التعصب وضيق الولاءات إلى فضاء أرحب من التعامل الكريم والتفاهم والتعايش، غير متخلين عمَّا يؤمنوا به من الحق، ولكنهم يقدرون حالة الأمة وضرورة اجتماع إرادتها مهما تباينت مذاهبها العقدية والمذهبية طالما وأنها في دائرة الإسلام الأوسع.

فيا شباب الثورة المباركة إن مواقفكم النبيلة ضد أي ظلم يقع على الإنسان مواقف تأيدها شرعة الله السماوية، فإن الله حرم الظلم على أي أحد وفي أية حال! ومهما اختلفنا فيما بيننا فإننا يجب أن لا نتظالم أو أن نسمح لظالم أن يستغل الخلاف ليمرر الظلم على الآخر.. كما هي سنة فرعون!

إن الحوثية مطالبة اليوم بتحديد رؤية صادقة في التعامل مع عموم الشعب اليمني بمنطقية واقعية تستند إلى التحاور والجدال في المسائل النظرية، أما في صياغة حياة الناس فإنها يجب أن تحترم التنوع والأكثرية، فتصوغ مطالبها وفقا لحجمها وقدرها وقبول الناس بها في أي بيئة كانت، في صعدة أو خارج صعدة.

ولا مانع أن يطالب أتباع المذهب الزيدي بإقامة مراكزهم التعليمية ومناهجهم المذهبية في المساجد والمؤسسات التعليمية الخاصة بهم، أما على مجتمع ضخم يختلف معهم، فإنهم مطالبون باحترام التفاوت النسبي في الحجم. وإلا فإن كل أقلية مذهبية سوف تصنع للمجتمع إشكالا بمطالبتها أن تصوغ حياة الكل برؤية القلة!

إن اليمن بحاجة إلى سكينة عامة أكثر من أي وقت مضى؛ ولم تعد لغة السلاح مجدية في إثبات القوة وانتزاع المطالب. فالناس اليوم تبحث عن حقائق الفعل، وعن لغة أكثر تحضرا وسموا، وعن الإقناع والتجانس! فالإعلام ووسائل الاتصال جعلت المعروض من الأفكار والآراء والمعتقدات متعدد وكبير، وغير مسيطر عليه، وتحت ضوء الشمس، وقابل للتقييم والتجريب والنقد! فلذلك لن تكون لغة العنف والقوة لصالح أي فئة في البلاد، بل قد يؤجج هذا بؤر الصراعات التي يأمل فلول النظام السابق إشعالها لإفشال نجاح ثورة الشباب السلمية.

وإنني أشد على الأيدي المباركة التي رفعت ورود الرياحين وأطلقت حمامات السلام وصدحت تنشد وتغني بحناجرها العذبة في الساحات كل كلمات الحب والوفاء.. أن تستمر في غرس المعاني ذاتها حية في الضمير، جيلا بعد جيل!

فلول النظام والثورة:

ما أشقاهم حين ينحرونه وما أرأفه وهو يتمنى لهم الخير، هي قصة الثائرين المصلحين منذ القدم: ((وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ، اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ، وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ، إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ، إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ، قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ، بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ))، يس: 20- 27.

فلا ينبغي أن نتعجب لهذا الذي يجري في الساحات للشباب الثائر البار بأمته المحب لمجتمعه الحريص على وطنه، في ظل الغيبوبة التي يعاني منها الكثرة في سكرتهم بالشهوات والملذات.

يا أبناء الثورة المباركة لقد بات من واجبكم اليوم أن تكونوا يدا واحدة ترسمون خطة رشد تدعون إليها كل من ساند ثورتكم وباركها لتقولوا لهم هذه أهدافنا التي آمنا بها، وغاياتنا التي ضحينا لأجلها، ومطالبنا التي نسعى لتحقيقها، كي لا يتجاوزها مدعٍ ولا ينسها ضمير حي.

لقد أفرزت ساحات نضالكم عن فريق من العقلاء، وإن اختلفت توجهاتهم، وفريق من المخلصين، وإن تعددت ولاءاتهم، وفريق من الجادين، وإن تباينت مشاربهم؛ وهؤلاء إذا لم يتمكن شباب الثورة من تأطيرهم على قيم الثورة وأهدافها ومبادئها وإلا فإنهم سيكونون هم أول أسباب النزاع والشقاق.

إنكم اليوم سواد الأمة الأعظم الذي يخط اللحظة الراهنة والمستقبل القادم، فإن اختطفت ثورتكم فقدتم نضالكم وعاد اليمنيون من حيث بدأوا، فكونوا حزب الأحزاب، والمجتمع الأم لهذا المجتمع. واستنيروا في سيركم بآراء العلماء والمفكرين وأصحاب الرأي، كل في مجاله وحسب علمه وبقدر خبرته.

وهنا أذكركم بخطابكم لعلماء اليمن مع بزوغ فجركم المشرق المضيء، والذي عنونتموه بـ(بيان شباب ثورة التغيير لعلماء اليمن):

يقول الله تعالى: \"والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون\" صدق الله العظيم، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: \"أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر\".

آباءنا العلماء إننا شباب الثورة السلمية المباركة نناشدكم الانضمام إلينا في ساحات التغيير الطاهرة التي خرج فيها الشباب مطالبين بحق مشروع، وهو إسقاط النظام الذي عاث في الأرض فسادا 33 عاماً، وقد وصل اليمنيون كافة إلى قناعة مفادها أن هذا النظام حصل على الكثير من الفرص لكنه لم يستخدمها لخدمة الشعب.

ولأن أعظم الجهاد \"كلمة حق عند سلطان جائر\" فقد ارتفعت من ساحات الحرية بمحافظات الجمهورية \"كلمة الحق\" وإننا نثق في انحياز علمائنا الأجلاء لهذه الكلمة التي تجسد روح الشريعة السمحاء.

لقد كشفت هذه الثورة المباركة أن فزاعة تقسيم البلد التي يستخدمها النظام إنما هي نتاج لسياساته حينما تعامل مع البلد باعتباره غنيمة أو ملكية خاصة به وبحاشيته، وهاهو اليمن يتوحد اليوم تحت راية الثورة من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب تحت شعار واحد: \"الشعب يريد إسقاط النظام\".

علماءنا الأفاضل إننا ومن ميادين الحرية نمارس حقا دستوريا لمناهضة الظلم والاستبداد، وأيضا خرجنا وفاء لدماء العلماء والثوار التي صادرها النظام لصالح ثلة حاكمة لا تأبه بشعبها ولا تعيره أدنى اهتمام.

إننا نشادكم الله الوقوف إلى جانب الشهداء الذين سقطوا برصاص هذا النظام في صنعاء وعدن وتعز وبقية المحافظات، والوقوف ضد ممارسة القتل المتعمد بحق المتظاهرين سلميا، وهنا لا ننسى الإشادة ببيانكم السابق الذي كان بمثابة حافز لنا لمواصلة ثورتنا المباركة.

آباءنا العلماء ما خرجنا من بيوتنا وما تركنا أسرنا ترفا ولا بطرا وإنما نصرة لكل المستضعفين والمقهورين والمظلومين، ولقد تعلمنا منكم أن لا نرضى بالظلم، وأن نكون أحراراً نقول الحق، ولا نخشى في الله لومة لائم، كما تعلمنا منكم أيضاً أن العدالة والحرية هي جوهر ديننا الحنيف.

ونؤكد لكم أننا نرفض التخريب والفوضى وأن فعالياتنا سلمية، كما نؤكد أيضاً أننا نرفض أي حوار مع هذا النظام الظالم، وإننا من ميادين الحرية حيث نفترش الأرض ونلتحف السماء ننتظر أن نراكم إلى جوارنا نصرة للحق.

لقد سجل التاريخ انحياز العلماء للشعوب المقهورة ومقارعة الظلم والاستبداد وإننا على ثقة أنكم لن تخذلوا ثورتنا المباركة فأنتم ورثة الأنبياء، والعلم الذي تحملونه في صدوركم يحضكم على نصرة المظلوم وعدم الركون إلى الظالم، كما أن اليمنيين الذين أجمعوا ضد هذا النظام لم تجتمع على ضلالة فقد شهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالإيمان والحكمة.

علماءنا الأجلاء إننا نناشد ضمائركم الحية بالانضمام إلى ميادين الحرية والكرامة حتى يسقط هذا النظام الذي تعرفون كذبه وخداعه، وتعرفون أيضا أنه لا يسمع النصح فلطالما وعدكم وأخلف.

وفي الأخير نحب أن نوضح لكم وللجميع أن مسألة إخلاءنا للساحات ليست مرهونة بقرار من الأحزاب أو من غيرهم إننا لن ننسحب من هذه الساحات إلا بعد أن يرحل النظام .

قال تعالى: \"ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار\"،،

أبناؤكم شهداء الثورة من ميادين التغيير والحرية

الاثنين 28 فبراير، 2011م.

وهو والله بيان عظيم، ومشاعر شباب بذلوا أرواحهم لغايات نبيلة، ورابطوا مؤمنين بقضة كبرى، وخرجوا من خصوصية أنفسهم إلى فضاء الأمة أرحب.. وقد عبرتم عن بعض ما لديكم. واليوم أنتم أمام مسئولية تاريخية وأمام عهدكم مع الله أن تكملوا المشوار، وأن تجمعوا الناس ليكونوا صفا في الحق والعدل والخير.

ولا تحملوا على أحد كان ضدكم أبداً، مهما بلغ في عداءكم فنفوسكم الكريمة هي من نفس يوسف عليه الصلاة والسلام، التي تأثر وتأسى بها محمد –عليه الصلاة والسلام- في فتح مكة: أذهبوا فأنتم الطلقاء!

بارك الله مساعيكم، وظللكم برحمته وعفوه ومغفرته، وبلغكم من منازل العلا والكمال ما يجعلكم ذخرا لأمتكم وبلدكم والناس أجمعين، وجعلكم أوفياء بررة للدماء الطاهرة والضحايا البررة، وكتبكم وإياهم في سجل الخالدين.