ما لا يعرفه العرب عن فوائد زيت الزيتون وعجائبه في جسم الإنسان الضالع: وفاة شابة ووالدتها غرقاً في حاجز مائي غلاء عالمي لأسعار الغذاء إلى أعلى مستوى ست مواجهات شرسة ضمن بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز إستعدادات كأس الخليج.. لجنة الحكام باتحاد كأس الخليج العربي تجتمع على هامش قرعة خليجي 26 أول رد من المجلس الرئاسي لوزارة الدفاع السعودية بخصوص مقتل وإصابة جنود سعوديين بحضرموت تقرير: مليون يمني ألحقت بهم أمطار هذا العام أضراراً متفاوتة وضاعفت مخاطر الإصابة بالكوليرا ضبط عشرات الجرائم في تعز والضالع خلال أكتوبر حزب الإصلاح يتحدث لمكتب المبعوث الأممي عن مرتكزات وخطوات السلام وأولوية قصوى أكد عليها المسلمون في أميركا صوتوا لمرشح ثالث عقاباً لهاريس وترامب
يقول الكثيرون، أن هناك صراعا إقليميا دوليا في الجمهورية اليمنية، صراع بين طرفين، الطرف الأول أمريكا والنظام السعودي من جهة، والطرف الآخر هو إيران! وهذا يبدو صحيحا إلى حد ما، فهناك مشروع أمريكي- سعودي في الجمهورية اليمنية وهناك مشروع آخر إيراني، وكلا هاذين المشروعين يدعمان أطرافا داخلية! فالمشروع الأمريكي السعودي يدعم نظام المخلوع منذ أول أيام اندلاع الثورة وما زال إلى اللحظة يدعم الاحتفاظ بمناصب رموزه العسكرية والأمنية العائلية رافضا هيكلة الجيش، والمشروع الآخر وهو الإيراني يدعم جماعة الحوثي المسلحة!
لكن الثورة اليمنية، المطالبة بدولة مدنية حديثة، شكلت في الحقيقة قوة ثالثة في الجمهورية اليمنية، لها مشروع ثالث، مشروع لا يتبع النظام السعودي، ولا يتبع جمهورية إيران، ظهرت في ساحات الثورة قوة تريد لليمن أن تكون بذاتها قوة إقليمية ثالثة في المنطقة، يمن جديد، قوي وسعيد! هذه القوة الثالثة تريد أن يتولى الحكم في اليمن من يختاره الشعب لا من تختاره السعودية وأمريكا، تريد للدولة أن تبسط نفوذها وعدالتها من شمال اليمن إلى جنوبه! لا أن تبسط دولة خارجية نفوذها على هذا الجزء أو ذلك!
هذه القوة الثالثة من روعتها أنها في الوقت الذي ترفض المشاريع الخارجية، فإنها في نفس الوقت لا ترغب أبدا في معاداة أي من الدول الخارجية، فرغم أن المشروع الأمريكي السعودي يتعارض معها وكذا المشروع الإيراني، ولكنها تمد يدها للولايات المتحدة وإلى النظام السعودي كي يكونوا شركاء مع اليمن الجديد وتطلب منهم أن يتخلوا عن مشاريعهم القديمة ويرفعوا أيديهم عن دعم بقايا النظام، وهذه القوة الثالثة تريد أن تمد يدها أيضا إلى إيران، لتكون طرفا صديقا لليمن الجديد!
لكن المؤسف، أنه لا السعودية ولا إيران، يريدان دعم مشروع الدولة المدنية الحديثة!
فأمريكا والسعودية من جهة تؤمن بأن الانتخابات النزيهة في الدولة المدنية ستفرز قوى لا يمكن السيطرة عليها أو إملاء الواجبات عليهم كما كان الحال في نظام المخلوع، وقد اتضح ذلك في انتخابات بلدان الربيع العربي! ولذا فهم يرفضون دولة مدنية حقيقية و يرفضون تباعا كل ما يهيئ لذلك ومنها هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية وإزالة النظام العائلي منهما!
وإيران أيضا ترى بأن الدولة المدنية والجيش الوطني الموحد بعد الهيكلة، سيضر بالوضع الحالي الذي وصلت إليه جماعة الحوثي من سلطة قوية مستقلة في الشمال، غنية عن أي انتخابات أو عن دولة مدنية ستأتي لتقوض نفوذها!
ولهذا كانت إيران من جهة والسعودية وأمريكا من جهة أخرى ضد هذه الثورة وضد هذا المشروع الثالث المتمثل بدولة مدنية!
المشروع الوطني وفي مواجهة المشاريع الخارجية:
ومن أجل أن ندرك من هو الطرف اليمني الداعم لهذا المشروع الثالث المستقل عن المشروع السعودي الأمريكي، والمستقل عن المشروع الإيراني! فهم بكل بساطة ذلك الطرف الذي كان يلاقي طوال الثورة وإلى الآن هجوما مشتركا من النظام السابق ومن جماعة الحوثي في نفس الوقت!
كان النظام المدعوم أمريكيا وسعوديا أثناء الثورة وجماعة الحوثي المدعومة إيرانيا قد وجهت هجومها الإعلامي ضد طرف واحد، فكانت تتهم الإصلاح وأحزاب اللقاء المشترك بتهمة واحدة: سرقوا الثورة! كانت قناة اليمن وسبأ تقول للشباب: الأحزاب والإصلاح سرقوا ثورتكم يا شباب! وجماعة الحوثي تكمل المشوار وتوصل الرسالة لمن هم في الساحات وتكرر ذات المقولة: الأحزاب خانت وسرقت ثورتكم!
لأن الأحزاب اليمنية بلقاءها المشترك الفريد، شكلت نموذحا للقوة النابعة وطنيا، وبدلا من أن ينحاز هذا الحزب لذلك الطرف الخارجي وذلك الحزب الآخر لطرف خارجي آخر، اجتمعت هذه الأحزاب لتصنع قوتها من لقاءها المشترك بدلا من الارتماء في أحضان الخارج! وجعلت من نفسها قوة موازية لدول الخارج، يتحاور معها الخارج حوار الند للند، على عكس النظام السابق الذي رغم كل إمكانياته جعل من نفسه طوال سنوات حكمه منفذا لأجندات خارجية وهو يملك جيشا وميزانية ودولة!!
في الوقت الذي تشكلت فيها هذه الأحزاب بلقاءها المشترك ظهر جيل يمني مصر على تحقيق الحرية والعدالة، فكانت الساحات نقطة الالتقاء، وتشكلت ثورة قوية عصية، وفق الله بعضها لبعض لتمضي في مشروعها الكبير، الدولة المدنية!
أحزاب اللقاء المشترك والتجمع اليمني للإصلاح هم الطرف الرئيسي المستفيد من "انتخابات نزيهة" في دولة مدنية، ومن وجود جيش محايد موحد، على عكس المشروع الإيراني أو الأمريكي السعودي، فحزب التجمع اليمني للإصلاح يعتقد بأنه سيكتسح البرلمان مع شركاءه، وبغض النظر عن دقة حساباتهم هذه، إلا أنهم يعتقدون ذلك، ولذلك يجدون في الدولة المدنية المصلحة الكبرى، ويجدون في الجيش الموحد والمحايد الذي يحمي الدولة ويترك شؤونها للبرلمان المنتخب هو الخيار المطلوب، ولذلك فهم يسعون بكل قوة إلى الدولة المدنية الحديثة! وإلى هيكلة الجيش في مشروع يتصادم مع المشروع الإيراني ومع المشروع السعودي الأمريكي!
بل إذا نظرنا إلى الوضع الحالي نجد بأن بقايا النظام المدعومة أمريكيا وسعوديا يغتصبون السلطة اعتمادا على القوة العسكرية للحرس الجمهوري، وجماعة الحوثي وصلت إلى السلطة في صعدة عن طريق الخيار العسكري! أما أحزاب اللقاء المشترك والإصلاح فقد وصلوا إلى نصف سلطة أو أقل عن طريق اعتصامات ومظاهرات سلمية! ومن أجل استلام السلطة كاملة كان أمامهم خيار تحويل الثورة من ثورة سلمية إلى عسكرية، ولكنهم اكتفوا بالوقت الحالي بالنتيجة الذي استطاع الخيار السلمي أن يوصلهم إليه، ويريدون أن يكملوا مشوارهم من خلال مزيد من الخيارات السملية ومنها الإصرار على تنفيذ أهم جزء في المبادرة وأهم جزء لتكوين الدولة المدنية وهو هيكلة الجيش! ولذلك فهؤلاء هم الأقرب إلى الدولة المدنية من غيرهم!
بل ما زاد من عداء القوى الإقليمية لهذه الأحزاب وللتجمع اليمني للإصلاح ولشباب الثورة أثناء الفترة السابقة للثورة هو شعار :" إسقاط النظام العائلي"، هو شعار قد استفز كل القوة الإقليمية في المنطقة مرة واحدة، فقد استفز المملكة العربية السعودية، واستفز إيران التي تدعم الحوثيين واستفز نظام صالح بطبيعة الحال! فنظام صالح : نظام عائلي، والنظام السعودي نظام عائلي أيضا معروف "آل سعود"، والحوثيين أيضا نظام عائلي معروف "آل الحوثي" يتولى الجماعى الحوثي، وعندما يموت يحكمهم ابنه من بعده!
ولهذا وجدت إيران والسعودية في هذه الثورة وفي شعارها "دولة مدنية" وفي الشعار الآخر"لا للحكم العائلي"! شعارات معادية إما مباشرة أو غير مباشرة، ولهذا نستطيع أن نقول أن هاتين القوتين وقفتا ضد الثورة اليمنية بشكلين مختلفين وضد مشروع الدولة المدنية!
فالسعودية ومن وراءها الولايات المتحدة وقفت ضد الثورة اليمنية من خارجها عن طريق دعم نظام صالح سابقا، وإيران وقفت ضد الثورة اليمنية من داخلها!
وبقيت الساحات ومنصاتها طوال الثورة تواجه سهاما خارجية، وسهام أخرى داخلية! السهام الخارجية حاولت إحراق الساحات ومنصة ساحة التغيير، ففشلت رغم كل الدعم السعودي الأمريكي آنذاك، والسهام الداخلية كانت تعتدي على المنصة بين الحين والآخر محاولة خطف المنصة، تارة بإقامة منصات بديلة وأحيانا أخرى بمحاولات اعتداء، ولكنها أيضا فشلت، والدهاء في تلك السهام الداخلية، أنها كانت تتهم الآخرين بأنهم قد خطفوا المنصة بينما هي من تحاول خطفها! وعندما تسألونهم متى خطفت الأحزاب المنصة، يقولون من اليوم الأول للثورة أو الثاني؟
الدولة المدنية تهدد النظام السعودي، لأنها تفتح شهية أهل نجد والحجاز لدولة مدنية تتخلص فيه من حكم عائلي "فاسد"، والدولة المدنية أيضا تهدد جماعة الحوثي، لأن الدولة المدنية ترفض حكم العسكر فضلا عن حكم جماعة مسلحة!
ومن هنا وجدت إيران وأمريكا في هذه القوة الثالثة صاحبة شعار ومشروع الدولة المدنية، خطرا أكبر من خطر أحدهما على الآخر، فإيران يمكن أن تتقاسم اليمن مع أمريكا، والعكس صحيح، أما هذه القوة الثالثة فهي ترفض تماما تقاسم اليمن، ومشروعها دولة مدنية من أقصى الشمال إلى أدنى الجنوب!
جماعة الحوثي المدعوم إيرانيا ونظام صالح المدعوم سعوديا أمريكيا اتفقا على هدف واحد، وهو مهاجمة الأحزاب، وخصوصواً التجميع اليمني للإصلاح، باعتبارهم جزء مهم في الطرف الثالث الذي يحمل المشروع الثالث!
لقد فشل نظام صالح في زعزعة اللقاء المشترك، رغم أنه استقطب منهم في الماضي شخصيات فيما أسماها "كروت"، وبقي اللقاء المشترك قويا، واليوم جماعة الحوثي تكرر نفس لعبة صالح نفس لعبة صالح، وهي زعزعة اللقاء المشترك عن طريق أيضا استقطاب "كروت"، ولكنهم أيضا سيفشلون، وسيخرج اللقاء المشترك ومعه كل المثقفين والشخصيات المستقلة التي انضمت إلى الثورة لبناء الدولة المدنية!
هذا اللقاء المشترك لا بد أن يكبر ويكبر ليمثل القوة الثالثة مع كل الأحرار المستقلين، التي ستجعل من اليمن دولة مستقلة، ترفض المشروع الأمريكي وترفض المشروع الإيراني! وتقدم المشروع اليمني: اليمن الجديد! الدولة المدنية الحديثة! والتي تمد يد الصداقة أيضا للجميع!
كان هناك طرفا في الثورة، مهمته ليست مهاجمة صالح، وإنما مهمته مهاجمة كل من يتخلى عن صالح! فمجرد أن يتخلى شخصا ما عن نظام صالح وينضم إلى الثورة! كان النظام وهذا الطرف الموجود في الثورة يتفقان على أن يضرباه ضربة رجل واحد!
إن الصراع الإيراني- الأمريكي في اليمن يتحول إلى تقاسم للنفوذ!
ولذلك نجد أن هناك اتفاقيات سرية للغاية، فأمريكا تعتبر صعدة منطقة إيرانية، ممنوع الخوض فيها! وإيران تعتبر الحرس الجمهوري اليمني والأمن القومي اليمني منطقة أمريكية ممنوع الخوض فيها! ولذلك لا ترفع جماعة الحوثي أي شعارات ضد الحرس الجمهوري أو الأمن القومي، رغم إصرار السفير الأمريكي على إبقاء المخلصين له في رأس هذه المؤسسات، ورغم شعار "الموت لأمريكا"! وفي نفس الوقت لم تتحدث الولايات المتحدة مطلقا طوال السنوات الماضية عن الحوثيين في صعدة! رغم أنهم يرفعون شعارا إرهابيا واضحا ضد الولايات المتحدة!
أما التصريحات الأمريكية الأخيرة، فهي تتعلق "بكعكة جديدة" وهي جنوب اليمن، حيث لا توجد حتى الآن أي صفقات أو مناطق حمراء بينهما! إلا أن الاثنين يدركان أن الدولة المدنية الحديثة تعني ببساطة خطف هذه الكعكة من كليهما!
يدرك الطرفان أن هذه الكعكة ستضيع عليهما إذا تركا الطرف الثالث ينمو "الثورة"،! ولذا يحاولان معا تحجيم المشروع الثالث، مشروع الثورة! فأمريكا تصر على بقاء بقايا صالح لأنهم الضمان لعرقلة الدولة المدنية وعرقلة الانتخابات النزيهة وعرقلة الحوار البناء الذي سيوحد اليمنيين، وإيران تدعم محاولات زعزعة اللقاء المشترك واستقطاب بعض الشخصيات إضافة إلى خلخلة الساحات عسى أن يقلل ذلك من صدى مطالبها الثورية التي تصدع بها منصات الثورة!
ومن هنا لا نستبعد أن تتحجج أمريكا بإيران وإيران بأمريكا كي يحاولا تقاسم الكعكة الجديدة، ويطلقان تصريحات عدائية كي تكون غطاءا ضبابيا لمحاولات تقاسم النفوذ!
وفي الأخير أوجه رسالة إلى الذين يقولون بأن الأحزاب استغلت دماء الشباب وصعدت إلى السلطة! وهو اتهام يقوم به طرفان ضد طرف واحد!
نقول إن الذي استغل دماء الشباب وصعد إلى السلطة، هم أولئك الذين استغلوا انشغال الشباب بمواجهة اعتداءات النظام على الساحات، وأخذوا يصعدون إلى السلطة في صعدة وحجة شبرا شبرا مع كل قطرة شهيد في الساحات، إنهم أولئك الذين رددوا مع الثوار بأنهم يريدون دولة مدنية، فأمنهم الثوار، ثم تفاجأ الجرحى في الثورة عندما ينظرون وراءهم وقد صارت صعدة كلها في لمح البصر دولة غير مدنية، ودم جروحهم لم تجف بعد، بل ما زالت تنزف، أليست هذه الخيانة بذاتها!!!! وأليس الأمر الفظيع أن تتهموا الآخرين بعد ذلك بسرقة الثورة والصعود للسطة بدماء الشهداء!
ومن هنا على يمن الإيمان والحكمة أن يكون لهما مشروعها الخاص، مشروع اليمن السعيد، مشروع الدولة اليمنية التي ستكون بذاتها دولة إقليمية كبرى لا تقل شأنا عن النظام السعودي أو عن إيران !! دولة لا تخضع إلى السعودية ولا تخضع إلى إيران وإنما توازيهما في القوة الإقليمية! وفي نفس الوقت دولة لا تعادي السعودية ولا تعادي إيران! وإنما تظل توجه لهم الرسائل المتككرة أن عليها أن يقفا مع مشروع اليمنيين في الدولة المدنية الحديثة! هذا قبل أن يصل لأحدهما الربيع العربي!
وهنا نجد أن التجمع اليمني للإصلاح ومعه أحزاب المعارضة وشخصيات وطنية مستقلة عديدة قد مضوا في ثورة محفوفة بكل المخاطر، يأتيهم فيها السهام من أمامهم ومن خلفهم، ثورة وقفت الدول الإقليمية ضدها بكل قوة، ولكن رغم كل ذلك فقط استطاعت هذه الثورة أن تشق طريقها، وأن تحقق أول أهدافها، وأن تفرض نفسها على الخارج! وأن تخرج منتصرة في المرحلة الأولى! وأن تصمد المنصة في ساحة التغيير رغم كل الاعتداءات الخارجية، وكل الاعتداءات الداخلية!!!!
هذه المنصة التي ستبقى بإذن الله شامخة كشموخ نصبها التذكاري! لن يستطيع صالح وأعوانه حرقها ولن يستطيع الطرف الآخر تلغيمها وضمها! مهما اتفقا عليها.