ما لم يدركهُ علي سالم البيض
بقلم/ موسى مجرد
نشر منذ: 11 سنة و 8 أشهر و 13 يوماً
الإثنين 25 فبراير-شباط 2013 05:11 م

علي سالم البيض نائب الرئيس اليمني السابق ( المخلوع ) تلك الشخصية السياسية الهادئة في مظهرها والتي أتسمت يوماً بالرزانة حتى ملأت شغاف الكثير من اليمنيين في الشمال والجنوب في الفترة ما بعد الوحدة ( 1990 م – 1994 م ) لا يقل غطرسةً وشمولية عن شريكهُ المخلوع / علي عبدالله صالح فالظن السيئ بالأخرين ، التعنت والتفرد بالقرارات وحب الظهور والزعامة على الجميع إلى غيره من تلك الصفات التي لا زالت تلازمهُ إلا أنهُ ورغم نرجسيتهُ تلك لا زال في عيون البعض من أبناء المحافظات الجنوبية يوصف بالقائد المُخلصْ العائد وبقوه ليترأس دولة الجنوب الانفصالية المنتظرة  .

فهل يُعزى ذلك إلى البراغماتية الجديدة التي برز وظهر من خلالها وخصوصاً في العامين الماضيين بعد أن تحول الحراك الجنوبي السلمي إلى شكل من أشكال الشعبوية الجارفة في الشارع الجنوبي حتى أستطاع أن يسحب البساط من تحت أقدام بقية قادة الحراك الميدانيين !! فقد نجح وإلى حد بعيد أن يكون الصوت الأعلى والأمهر بين صفوف معارضة الخارج في مغازلة الآنانية والميول المتعصبة لدى الجماهير في بيئة كانت ولا زالت مُثقلة بتراث العصبيات والمناطقيات .

صحيح أنهُ قد أستطاع بمليارات الدولارات التي نهبها من أموال أبناء الجنوب وبدعم أيضاً من قوى إقليمية لم تعدوا خفيه أن يستغل تلك الشعبوية الناقمة في الشارع الجنوبي على نحو انتهازي في مجتمع بدأ يتجه نحو المحافظة المتطرفة ليصبح أقل قبولاً للأخر وأكثر نبذاً لحق الاختلاف أو الحوار ومن ثم أكثر تعصباً وأوفر تزمتاً إجتماعياً !! حتى أن المطالب المرادة باسم الحراك الجنوبي قبل ثورة التغيير وبعد رحيل المخلوع / علي عبدالله صالح ظلت كما هي لم تتغير مبهمة الملامح ؟؟ ...

لذا فإن إنحرافهُ ورفضهُ المشاركة في مشروع الحوار الوطني المرتقب الذي باتت فيه استحقاقات القضية الجنوبية أولى ألأولويات الواقعية أمر غير مستغرب بعد أن رأينا تغلغل وتجذر مفهوم فك الارتباط إنتقاماً ، قسراً أو قهراً من شركاء الماضي ظل يلهث وراءهُ كحلم شخصي أستبدلهُ ووظفهُ في خطابه وتفكيره تحت ذريعة مطالب ومظالم شعب الجنوب بنوع أفتك وأخطر وهو إستغلال واستنفار الشعبوية في الشارع الجنوبي على قاعدة من الميول الشعبوية القومية المأزومة التي تطالب بفك الارتباط وإستعادة دولة الجنوب العربي كما يحلوا لهُ ولأتباعه أن يسمونها وبتلك الطريقة العدائية المتطرفة التي صرنا نراها ونسمعها كل يوم ؟

إلا إنهُ وبرغم ذلك لم يكن الرقم الصعب أمام أبناء المحافظات الجنوبية الشرفاء الأوفياء الذين يؤمنون بالوحدة اليمنية قدر ومصير والذين لم يتنصلوا من هويتهم الوطنية ممن طغى صوت اليمن الموحد في حناجرهم على شهوة السلطة وأمام تهديد ووعيد البيض وحراكه فقد أبهرونا في يوم الـ 21 فبراير 2013 م حين ملئوا الساحات ورفعوا رايات الوحدة خفاقة أمام غرور اللاهثين ممن استقرت في نفوسهم الضعيفة مثالب الفرقة والتمزيق .

إن كان علي سالم البيض لم يتعظ بعد ؟ أو لم يعبأ بمسيرة التاريخ فعليه أن يعلم أن دولتهُ الموهومة والتي ينتظرها لن تخرج إليه إلا من رحم أرض محروقة ولن يرى من ضلوعها سوى الخراب كما لن يسمع من حناجرها سوى النحيب فإن كان حريصاً على مطالب وحقوق أبناء الجنوب فعليه أن يدرك حجم التغييرات الثورية التي ساهمت في نتاج أشكال وأنماط تطورات وتغيرات ثقافية واجتماعية مختلفة وملحوظة عم كان سائد في أيامه وأيام المخلوع كان أبناء الجنوب في مقدمة صانعيها ؟؟ لذا كان الأجدر به إستغلالها وإستشرافها من باب المشاركة في الحوار الوطني المرتقب ومن منظور الحراك الثوري الشعبوي الوطني الشامل بعيداً عن الحراك الأوتوقراطي المتطرف القائم على الشعبوية القومية وقرأته وفق منظور وطني يتحدد بموجبه كافة المهمات المرحلية القادمة في سياقها الإستراتيجي الوطني العــام أم أن نرجسيتهُ المفرطة أورثتهُ العدمية كما أورثت شريكهُ المخلوع في فهم ثورة التغيير أسبابها ، بواطنها ونتائجها .

إن شعب الجنوب المرتعد برداً والمسفوح دماً لم تغادره البسمة أيام المخلوع فحسب ولكنها غادرتهُ منذ أن جاء إليه من قبل الرفاق على ظهر الدبابة بعد أحداث يناير 1986 م لن يقبل أن يعود إليه مجدداً من قبل عرابي المذاهب ليلبسهُ ثوباً يناقض تاريخهُ وموروثهُ الديني والحضاري قبل أن يحسم تناحراته وإنتحاراته مع البقية من حوله ما لم يدرك أي نوع من المطالب يريد ؟ وأي نوع من الممارسات الشعبية تكون أنفع وأكثر قدرة على الحياة والتفاعل مع الواقع بجذوره وفروعه المتشابكة داخلياً وأقليمياً ودولياً ؟

خلاصة القول :

أجزم أن علي سالم البيض بعد أن بلغ من العمر عتيا بمخلفاته الفكرية وبأيديولوجيته المهترئة لن يستطيع أن يغلب أو يخدع كتبت التاريخ حتى يعيد الكرة مرة أخرى ويعبث بتاريخ وبمستقبل اليمن عبر بوابة قضيتهُ الجنوبية أو تحت عنوان أكذوبته المسماة ( فك الارتباط ) من أجل إجهاض الوحدة اليمنية أمام أعيننا والعودة بنا إلى أيام التفرقة والتشطير كما عبث في صيف 1994 م !!!

فهل يدرك أن دون ذلك أنهار وأنهار من الدماء ؟ أم أن أخطاءه المتكررة والبلهاء ما فتئت تنشد ضالتها في الأسطورة والخرافة .