لا لقمع المحافظات الجنوبية
بقلم/ رأي مأرب برس
نشر منذ: 14 سنة و 8 أشهر و 23 يوماً
الأحد 04 إبريل-نيسان 2010 02:59 ص

ازدادت الأوضاع سوءا وتدهورا في الفترة الأخيرة على جغرافية المحافظات الجنوبية تحديدا, حيث أصبح الأمر أشبه بحالة حرب غير معلنة يواجهها المواطنون هناك.

وغير بعيد عن فاصل الزمن, فقد شهد الأسبوع المنصرم آخر المواجهات المسلحة التي اندلعت بين مسلحين ورجال الأمن والجيش في كل من مدينة الضالع والحبيلين وزنجبار بمحافظات الضالع ولحج وأبين على التوالي, أسفرت عن عدد من القتلى والجرحى بالإضافة إلى اعتقال العشرات بعد خروج مظاهرات بيوم الأسير الجنوبي, طبقا لما اصطلح على تسميته مؤخرا, وبعد احتكاكات بين عناصر من الحراك الجنوبي وأفراد من الأمن في أبين, والتي خرج بعدها الفضلي معلنا انتهاء الهدنة التي كان قد أبرمها مع السلطات الأمنية.

وعادة ما تأتي هذه المواجهات, بشكل عام, بعد محاولة قوات الأمن منع المظاهرات التي تخرج؛ بحجة أنها غير مرخصة وتدعو إلى الانفصال, في حين أن بعض المظاهرات تمر بسلام إلا من احتكاكات بسيطة بين أفراد بعينهم وقوى الأمن تتطور غالبا إلى ما لا يحمد عقباه, ما يؤدي إلى سقوط قتلى وجرحى.

ولا يتسع المقام هنا للتطرق إلى كل أعمال العنف التي حدثت في المحافظات الجنوبية, والتي أدت إلى سقوط العشرات من القتلى والجرحى, ومئات من المعتقلين, إلا أنه يجدر بنا القول أن التلويح بالقوة من قبل السلطة ضد أبناء الجنوب يقلص من بصيص الأمل في التوصل إلى اتفاق من هذا النوع أو ذاك, بل أن مواصلة السلطة في قمعها للاحتجاجات السلمية في الجنوب يولد العنف المضاد الذي سيغدو بالتراكم إلى أن يصبح ثورة مسلحة, وهو ما سيحقق بعض مآرب بعض الأطراف من هذه المجموعة أو تلك في إسالة الدم اليمني الذي يعد إهداره هزيمة نكراء لليمن وبشاعة لا تجاريها بشاعة مضافة إلى مآسي العهد القديم الذي ما انفك يلاحق الحاضر والمستقبل بسلوك العنف وثقافة القوة وحب الإقصاء.

إن كل قطرة دم تسقط في المحافظات الجنوبية ستولد بحارا من العنف وبراكين من الغضب الذي سيشكل تهديدا خطيرا على وحدة اليمن, وتماسك بنيتها الاجتماعية.

ومن واجب السلطة, في هذا الإطار, مراجعة أخطائها دون مكابرة أو عناد, كما أن على قوى الحراك الجنوبي قاطبة التنبه إلى بعض المتسللين الذين يحاولون جر الحراك السلمي الى مربع العنف الذي لن يكون في صالح اليمن ولا في صالح القضية الجنوبية, ومن ذلك فإن الطرفين مدعوين إلى تحكيم العقل وفي المقدمة السلطات الأمنية والعسكرية التي أصبحت توجه رصاصاتها بدم بارد إلى صدور الناس الأبرياء دون رادع قانوني أو أخلاقي.

كما أن على السلطة ان تعمل على دراسة الأسباب التي أدت بمواطني المحافظات الجنوبية إلى أن يطالبوا بالانفصال, والتي قادت إلى هذه النتائج الطافحة, وحلها دون السماح لفتح حرب جديدة ستكون ساحتها محافظات الجنوب.

كما أنه من واجب المعارضة اليمنية الممثلة بالبرلمان والمنضوية تحت تكتل اللقاء المشترك المساهمة بإيجابية في طرح الحلول واتخاذ مواقف واضحة من أجل اليمن بعيدة كل البعد عن أسلوب المكايدات, والعمل بروح وطنية لخدمة اليمن.

إن اليمن غالية على أبنائها شمالا وجنوبا, شرقا وغربا, وأن انحدارها للهاوية والمجهول, لا قدّر الله, هو انحدار لآمال شعب وطموح أجيال, وانهزام لثورة, وتراجع لمبادئ وقيم وحدة 22 مايو 1990.

وإننا إذ نرى في الوحدة اليمنية خيارا استراتيجيا عشقه الجنوبيون قبل الشماليين, نؤكد في الوقت ذاته على أنه من المستحيل أن تظل الوحدة لابسة لهذا الرداء الموجود اليوم, وهو رداء التخلف والظلم والفساد والطائفية والقبلية والشللية والمناطقية.

ومن جملة ما سبق, فإن اليمن ما زالت عند أمل الانتظار في أن يكون أبناؤها عند مستوى المسؤولية في حل قضاياها العالقة, سياسيا, واقتصاديا, وثقافيا وغيرها.

فما أحرى بكل فرقاء اليمن, في الداخل والخارج, ان يستشعروا المسئولية التاريخية الملقاة على عاتقهم في ظل ظروف استثنائية ومأساوية وسوداوية كهذه الظروف.