هل الرئيس الفاشل مواطنٌ فاشل بالضرورة ؟!
مراد اسماعيل
مراد اسماعيل

في العالم المتحضّر و لدى قياداته الناضجة عادة جيدة عند مغادرة السلطة الحكومية و هي أن يتفرّغ المسؤول لكتابة مذكراته، منها احتراماً لحق الأجيال في أن تعرف منه و تقرأ له ما يعنيها -أو يشبع فضولها- في فترة تحمّله المسؤولية، ومنها ما يوفّر له مصدراً للرزق، خاصة أن المسؤول –عندهم- يخرج من السلطة كيوم دخوله إليها!، و عندنا لا يغادر المسؤول منصبه إلا إلى القبر أو خلف القضبان أو خلف الحدود، باستثناء الحالة اليمنية التي تأثرتْ بما عُرف عن الشخصية اليمنية من كَرَم و شهامة، يقابلها البعض بـ"لَغَاجة" عنوانها الوحيد "مَن أمِن العقوبة أساء الأدب"!.

سنفهم أن وعّاظ "المخلوع" نصحوه بقضاء بقية عمره في المسجد، لكنهم غفلوا عن نُصحه في ما يجب أن يعمله في المسجد، فبدلاً من أن يصل إلى الصف الأول للصلاة و تلاوة القرآن و الاستغفار، يقف في صحن الجامع ليروي ظمأ الزعامة في عروقه الخاوية، و كأنه "غاوي استقبالات" فيستقبل المصافحين و المصافحات و المقَبّلين و المقَبّلات من المؤيدين و المؤيدات الذين كانوا معه في "ساعة العُسرة"، حتى يقال –على سبيل السُخرية- أنه اشترط للتنحي أن لا ينقطع عنه المصافحون و الزوّار، و أن يُعطى قناة فضائية تغطي أخباره و تنقل تصريحاته و خُطبه، و تم له ما أراد، شهامة يمنية إضافية!.

و لأن "العقل الفارغ مخزن للشيطان" كما يقال، فقد ظهر "المخلوع" متحاملاً على غبائه في فَهم ما حصل له، محتاراً في لعب دورين متناقضين: دور الجلاد و دور الضحية، كما يفعل عادة في كل خطاب أو تصريح أو حتى ظهور منزوع الإطار!، و لا تنفع في هذه الحِيرة "صلاة الاستخارة" حتى لو كان صاحبها في بيتٍ من بيوت الله، ليس لأنها سُنة يتيمة في غياب الواجبات، و لكن لأنها تؤدى في سياق الخير بمستوييه الخاص و العام، و الحقيقة أن ما يصدر عن "المخلوع" من أقوال و أفعال يعكس مستواه الطبيعي و الحقيقي، و فوق ذلك يعكس حقيقة تخليه عن الرئاسة مُكرهاً، بعكس ما يرَوج له من أنه جَنّب اليمن ويلات الحرب، فبدلاً من تقديمها دفعة واحدة تم تقسيطها إلى حروب صغيرة متنوعة، و ليتفرغ "المايسترو" لقيادة حزبه السياسي "المُعاكِم" –معارض/حاكم- حتى إشعارٍ آخر!.

الصورة الصحيحة للنضال السياسي أن يبدأ المناضل ناشطاً عُصامياً أو مسؤولاً متفوقاً أو عضواً في حزب سياسي قوي يصل به إلى السلطة، وصولاً إلى الرئاسة، لكن "المخلوع" يريد أن يبدأ من النهاية، كمعادلة جديدة في العمل السياسي قد يأخذ عليها "براءة اختراع" أو جائزة سلام من السيدة عايدة بن عمر أمين عام رابطة الصحافة القومية، التي انتظرتْ يوم 18 مارس، ذكرى "مجزرة الكرامة" لتقدم للمخلوع "درع السلام" و فوقه عرضاً بتولي منصب الرئاسة الفخرية للرابطة، رحم الله أيام الوقور "جمال بن عمر" كان راجل طيّب!.

لقد وجد "المخلوع" نفسه في كرسي الرئاسة فجأة و لم يكن لديه ثمة رؤية أو مشروع وطني نوعي ينقل البلاد و العباد نقلة حقيقية للمستقبل الأفضل و الآمن، و عندما أخفق لم يكن الإخفاق معجزة، بل نتيجة طبيعية لمقدمة القفز السريع إلى الرئاسة بلا تعليم و لا تأهيل و لا رؤية وطنية واضحة، فكان النجاح هو الاستثناء، لأنه أشبه بالمعجزة في عصر يعصر الناس بظروف الأسباب و المقدمات الضرورية لخلق نتائج مهمة.

إذا كان المخلوع قد أُعطي كل الإمكانيات و الصلاحيات ليقود عجلة التغيير و البناء و لم ينجح في ذلك، فهل يمكنه أن ينجح اليوم في شيء ينفع البلاد و العباد، المؤشرات و المعطيات تقول لا، و هو نفسه يؤكد هذا النفي، سلوه و ترجموا له السؤال، قبل أن يتحول "جامع السبعين" إلى وكرٍ للحمقى و المغفلين!.


في الجمعة 23 مارس - آذار 2012 04:29:08 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=14713