دولة عربية تقترب من اتفاق استثماري كبير مع السعودية بعد صفقة الإمارات ما لا يعرفه العرب عن فوائد زيت الزيتون وعجائبه في جسم الإنسان الضالع: وفاة شابة ووالدتها غرقاً في حاجز مائي غلاء عالمي لأسعار الغذاء إلى أعلى مستوى ست مواجهات شرسة ضمن بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز إستعدادات كأس الخليج.. لجنة الحكام باتحاد كأس الخليج العربي تجتمع على هامش قرعة خليجي 26 أول رد من المجلس الرئاسي لوزارة الدفاع السعودية بخصوص مقتل وإصابة جنود سعوديين بحضرموت تقرير: مليون يمني ألحقت بهم أمطار هذا العام أضراراً متفاوتة وضاعفت مخاطر الإصابة بالكوليرا ضبط عشرات الجرائم في تعز والضالع خلال أكتوبر حزب الإصلاح يتحدث لمكتب المبعوث الأممي عن مرتكزات وخطوات السلام وأولوية قصوى أكد عليها
مأرب برس - خاص
لعلّ من أكثر المصائب التي تعانيها الساحة الإسلامية عموماً ، والتيارات الإسلامية الصحوية خصوصاً ، هذا المرض العضال ، والفتنة الكبرى ، "تقديس الشخصيات" .
فمن المصطلحات التي بات من الطبيعي سماعها تطلق بسهولة ، سهولة الماء البارد العذب الزلال ، جلالة الملك المعظّم ، أو المقام السامي ، أو الذات المقدسة ، أو أمير المؤمنين ، وفخامته وجلالته ، ويتسابق المعتوهون والبلهاء حتى على تقبيل الأيادي والأنامل ، هذا في الوسط السياسي والإعلامي .
أما في وسط العلماء والفقهاء ، فتسمع: سماحة الإمام المجاهد المجدد ، أو آية الله العظمى ، أو فضيلة الشيخ العلامة الأستاذ الدكتور..كما وجدت هذا العنوان على بعض مواقع النت ، أو الإمام الأعظم أو الأكبر، أو شيخ الإسلام إمام الأولين والآخرين ، أو حجة الإسلام العظمى ، أو القطب الأعظم ، إلى آخر سفاهات تلك العقول وضلالاتها .
ولعمري إذا كانت تلك الأوصاف العليّة والمدائح الأسطورية كلها تطلق على "شيخ" فكيف لو ارتقى لأن يكون زعيما سياسيا أو مخترعاً أو قائداً لجيش النصر والفتح المبين ، ترى هل سيجد هؤلاء مصطلحات أخرى أكثر من هذه ؟! أم سيقعون في أزمة! ، فبكل تأكيد أن اللغة مع رحابتها وسعتها لن تسعف هؤلاء ، ولذا ربما لجئوا إلى خلع بعض أوصاف الملك الجليل سبحانه وتعالى ليلبسوها بعض هذه "المشيخات" "والزعامات" الكرتونية والهلامية ، كما يفعلون الآن ، رغم أنها جميعاً ليس فيها خالد ولا سعد ولا عمرو ، ولا صلاح الدين ، ولا العز بن عبد السلام ، ولا محمد الفاتح ، ولا أحمد ياسين ، من قادة الأمة وعباقرتها الذين فعلاً غيّروا مسيرة التاريخ ، ووقف التاريخ بين أيديهم ليلقي تحية الإكبار والإجلال والتقدير والاحترام ، ثم الانصراف .
إننا نتساءل تساءل الحائر مالذي صنعه الزعماء العرب الذين تمجّدهم وسائل إعلامهم وتسبّح بحمدهم وتقدّسهم صباح مساء ، أيّ رخاء صنعوه ، وأيّ مجد بنوه ، وأيّ حريات أطلقوها ، وأيّ أراض حرروها ، وأيّ حرمات ذادوا عنها ، وأيّ عدو قهروه ، وأيّ جيوش بنوها ، وأيّ أمجاد شيّدوها ، وأيّ سجون ومعتقلات هدموها ، وأيّ قوة أعدّوها ، وأيّ عَلَم للعزة والشموخ والرفعة والمجد رفعوه ؟؟!! .
في كل ذلك ، يرتد إليك البصر خاسئا وهو حسير .
لقد تمكّن الأعداء من هتك الحرمات وتدنيس المقدسات ليس للأسف بأيدهم ، بل بأيدي هذه الزعامات الكرتونية التي تنفذ مخططات العدو وبحذافيرها ، وفي كثير من الأحيان يعجز العدو عن تنفيذها ، فتتطوع هذه الزعامات بتنفيذها وفي غاية من الجودة والإتقان .
ولعلّ المشهد الفلسطيني والعراقي والصومالي واليمني والمصري والليبي ، يحدثك وبلغة فصحى لا لَكْنَةَ فيها ، أنهم هم أصحاب الفضل والمنّة في كل ما جرى ويجري لأمتنا من مآسي ومحن .
بالمقابل تلك "المشيخيات" الذين ربما لو ناديت أحدهم باسمه المجرد ، دون أن تضيف إليه المدائح والألقاب الزائفة التي صنعها لاسمه ، ربما تمعّر وجهه غضباً ، وربما فصلك من وظيفتك ، وربما سلّط عليك شياطين الإنس والجن ، هل تمكّن العلماء والمشايخ من جمع شمل الأمة ورص صفوفها ، وتوحيد مواقفها ، ونصح حكامها ، وقمع دابر الفتن والصراعات فيها؟!.
إنني أزعم أن ثمة إسهامات كبيرة ، من كثير من العلماء ممن يوصف بتلك الأوصاف الآنفة الذكر ، لهم الدور الكبير في تأجيج الصراعات ، وصناعة الأحزاب والأجنحة ، والانقسامات والشلاليات والطائفيات ، بشتى أشكالها وألوانها ، حتى داخل تلك الأحزاب التي ربما هم أنفسهم الذين صنعوها وأنشئوها ، وحين لم ترق لبعضهم حسب الهوى ، إذا ببعضهم يصبح عامل فرقة وشتات ، أو إقصاء وإلغاء ، أو مناكفة وتجنح ، بصورة أو بأخرى .
ما أحوجنا في ظل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها الأمة على كافة المسارات والصعد ، أن نعود إلى هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام ، لقد كان أبو بكر رضي الله عنه ، صاحب الغار ، وأفضل رجل في هذه الأمة بعد نبيها عليه الصلاة والسلام ، إلا أننا لم نسمع عنه أن له ألقاباً وأوسمة ، وكذا عمر وعثمان وعلي ، وغيرهم من القرون الثلاثة المفضلة ، فكانوا وإلى يومنا ينادون بأسمائهم المجردة دون إضافات أو ألقاب أو رتب أو هالات ، ولم تأت هذه الألقاب إلا في أزمنة الفتن والمحن ، والقرون المفضولة لا الفاضلة .
إن على حركات التصحيح والبناء أن تبدأ أول ما تبدأ به من إصلاح أو تصحيح أن تعيد البناء من جديد ، بأن تفرد الله جل جلاله بالوحدانية الحقّة ، وأن تفرده كذلك بأسماء الجلال وأوصاف الكمال ، وأن تنزهه وتسبحه وتمجده وتقدسه وتذكره وحده ، دون سواه ، وأن تخلع كل الألقاب والقدسيات الزائفة عن كل المخلوقين ، أياً كانوا ، فكل الخلق عبيد الله مربوبون له جل في علاه ، وهو خالقهم وربهم ومليكهم ، كما قال تعالى:
{إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً }مريم93 .
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ،،، والله تعالى من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل ،،،