آخر الاخبار

واشنطن: قضينا على قيادات كبيرة من الحوثيين وضربنا مراكز اتصالات ومصانع أسلحة ومنشآت إنتاج الطائرات المسيرة انقلاب في قواعد اللعبة.. الحوثيون تحت مقصلة إيران وأمريكا حيث الإنسان يصنع مشروعا مستداما لطه ..الرجل المناضل بيد واحده ويغير حياته بكل تفاصيلها مكة: أكثر من 3 ملايين مسلم اجتمعوا في بيت الله الحرام ليلة 23 رمضان زعيم الحوثيين يعلن استعدادهم لدعم لبنان في مواجهة إسرائيل من هو منصور السعادي العقل المدبر للهجمات البحرية لدى الحوثيين الذي أُصيب بقصف أمريكي؟ خبراء: تصعيد الحوثيين يخدم أهداف نتنياهو في المنطقة .. واستهداف الحوثيين لإسرائيل جاء بتوجيهات ايرانية عاجل: صورة متداولة للغارات الأمريكية التي تعرضت لها العاصمة صنعاء قبل قليل والموقع المستهدف عاجل.. الرئيس اليمني يكشف أدلة وحقائق عن الحوثيين وإيران وعلاقتهم مع القاعدة ومن أين تأتي الأسلحة المتطورة؟ وما الهدف الذي يسعى إليه عبدالملك بعد مقتل نصر الله؟ أصل العرب للعلماء الموهبين: تُكرم أستاذ الفقه المُقارن بجامعة إقليم سبأ الدكتور حاشد باعلوي

حكامنا..ابتلاء روحيا لنا
بقلم/ هناء ذيبان
نشر منذ: 13 سنة و شهر و 10 أيام
الجمعة 10 فبراير-شباط 2012 04:39 م

في هذا البلد العربي وذاك، مشهد القتل نفسه يحمل حزنه الخاص. حان الوقت لنفهم بصورة أفضل هذا الشعور الحزين الذي يُسمّم أوطاننا كقدر. شعور بخسارة روحية عميقة يسكننا، في حين أن أغلب العالم منغمس في بديهيات العيش ومتعه، بينما شعوبنا العربية تفتقد مثل تلك البديهيات, ويُصّفى دمها من أجلها، وما من يُعين. بل ثمة من يُشارك ويخطّط ويتواطىء لأجل تصفيته.

 نحن نتألم، ونرى في حكّامنا ابتلاء روحياً لنا، ونراهم في المعنى الواسع، حزننا الأسود الجامع ويقترب من أن يكون عقابنا الجماعي على ذنب غير معروف، على أمر سيء مجهول كنّا فعلناه في حياة سابقة، ونسينا أمره.

الحزن، ليس بوصفه سوداوية بلد عربي بعينه، بل بوصفه مزاجاً كئيباً جامعاً يُرخي بثقله على ملايين العرب.

حزن أمة كاملة، يُميّزها، ويربط شعوبها. ليس حزن المصريين إذن، ولا السوريين أو اليمنيين أو الليبيين أو بلاد المغرب العربي، بل هو الحزن الراقد في أنفسنا جميعاً، بسبب التعسف الواحد، و الحزن الذي يستغرقنا، ونتشاركه بهمّة الحزانى المحترفين.  

 أتحدّث عن الناس الذين يُقتلون بلا ذنب، عن همجية الحكّام وبطشهم. أتحدث عن حرمان الشعوب العربية من بديهيات مكتسبات البني آدميين، لا يحق لنا لا الحرية ولا العيش الكريم الآمن، ولا الكرامة، ومن دون هذه الأخيرة لا حرية ولا عيش من أيّ نوع. أتحدث عن الشباب ولم يتبق له من حريته، سوى الخروج عارياً لملاقاة الموت، أتحدث عن الأطفال يصيدونهم كالعصافير ينتفون ريشهم ويقطعّون أوصالهم، وعن النساء وقد ثُكلن، يقفن ثابتات بين أبنائهن والردى المحتوم.

 عن البيوت المهدّمة على أهليها أتحدث، عن الحرائق العالية، وعن ساحات القرى والبلدات وقد تكدست فيها الأجساد الميتة والحّية في تبادل الأدوار المؤثر. أتحدث عن الأيام التي تقضيها الشعوب في الشارع خارج رحمة البيت، ليتسنى لها أن تقول 'لا' عالية وجازمة تخرق أذن الحاكم.

 أتحدث عن النساء وقد عبرن حواجز الخوف ومشين بباقات ورودهن إلى الخلاص، عن الرصاص الحيّ ورائحته على جلودهن، عن الومضات البرتقالية الحمراء في نوافذ القرى عند غروب الشمس، عن أولى ساعات الصباح حيث لا أحد ذاق طعم النوم، عن 'فلول' و'شبيحة' و'بلطجية' الدرجة الثالثة, منهمكون وسعهم في إرضاء أسيادهم، ومنافقي الدرجة الأولى وقد توزّعوا الفضائيات والصحف المأجورة.

 عن جفاف الأمكنة أتحدث، وعن أوراق الشجر التالفة والبيوت الخاوية، وعن سيدات هلعات خلف النوافذ، وعن السفن في البحر تستدعي الهاربين إلى نزهات قصيرة.

 إن غياب الحرية لا يعني ألماً يُصيبُ فرداً واحداً، أو بلداً عربياً واحداً. الحرية حاجة تستدعي شعوراً مشتركاً، وهي غاية ومناخ وثقافة تستثير الملايين.

 لا نحمل حزننا كما لو علة لا علاج لها، أو ألم غير مطلوب نحتاج إلى التخلّص منه، نحمله باختيارنا. ونحملهُ إلى حين ننال حريتنا. كل المتع الأخرى سوى الحرية، فارغة ولذة سوداوية. حرماننا من الحرية هو النافذة ذات الزجاج المدّخن بيننا وبين العالم.

 حزن مُشبّع بالإجلال، وقد حلّ علينا من هزيمتنا وفقرنا. كل الجلال في كلمة 'الحرية' وفي معناها وعيشها، وهي تستحق أن تكتب بحروف كبيرة، وأن نموت من اجلها. الحرية، اجل تلهينا عن( بلاوينا) في هذا العالم الذي يسير الى بؤسه الأبدي، وتدغدغ كثيراً طعم الغبطة المفقودة لأرواحنا.

الحرية القابلة للقطيعة مع كل ما هو مشّوه وقبيح وكاذب، الأمر الذي نال براءته الجيل الثوري الجديد، حيث بإشارات بسيطة وهتافات عفوية وتعاضد حقيقي، ابتعدوا عن الاستلاب الذي وقعت فيه الأجيال السابقة، رغم اجتهاد أولئك بين محطة تاريخية وأخرى، إلى الانتفاض على واقعهم وعلى حكامهم. ولعلها الصعوبة نفسها الآن بين هذا الجيل وبين حريته، لكن ما يُميّز هو اندفاعات الأرواح في مهاراتها الى الإيمان بأنه الوقت، وقد حان من دون أي تأخير. الوقت الحاسم ينقل تصاعد الرغبات باضطراد جميل وسلس، مطواع وذكي .

في فضاء هذا الوطن العربي الآن، ثمة المدى الذي هو مدانا، والكلمة التي هي كلمتنا، والهتاف الذي يُلّطف عيشنا، والإمكانية وإن طال أمدها، للنأي بذاتنا عن العودة إلى نقطة الصفر، وعن عدم الوقوع ثانية في ما هو أدهى وأمّر من واقعنا السابق، وفي مساحة المناورة، وتحرير الفكر والفرضيات البناءة، والشهوة إلى السؤال في غاية خواتيم مشرّفة. لا للدم المراق على الورق فحسب، فثمة الآن الحرية ، كدعوة إلى استنفار حواسنا وقوانا الداخلية التي أصابها الدوار، وأمست متبلّدة.

 الحرية كغواية للبدن والعقل، وامتياز للإنسانية التي رقدت طويلاً في ضمير العالم.