لهذه الأسباب الأزمة الروسية الأوكرانية تتجه نحو التهدئة
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: سنتين و 8 أشهر و 28 يوماً
الأربعاء 16 فبراير-شباط 2022 04:38 م
 

يبدو أن الأزمة بين روسيا وأوكرانيا تتجه نحو التهدئة ، روسيا سحبت جزء من قواتها من الحدود كبادرة حسن نية حيث قال الناطق باسم الوزارة إيغور كوناشينكوف الذي أوردت تصريحه وكالات الأنباء الروسية: "

وحدات أقاليم الجنوب والغرب العسكرية أنجزت مهمتها وباشرت عمليات التحميل عبر وسائل النقل البرية والسكك الحديد والعودة إلى ثكناتها اليوم".

كما أكد الكرملين أن روسيا لم تتخذ أي قرارات رسمية حول إمكانية الاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك "الشعبيتين" المعلنتين من طرف واحد في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا . أوكرانيا من جهتها أعلنت أن جهودها الدبلوماسية المشتركة مع حلفاء غربيين تمكنت من تفادي تصعيد روسي للأزمة.

وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا للصحافيين "تمكنا نحن وحلفاؤنا من الحؤول دون قيام روسيا بمزيد من التصعيد. نحن في منتصف شباط/فبراير ونرى أن الدبلوماسية لا تزال مستمرة". وفيما يبدو فإن أوكرانيا قد أجلت انضمامها لحلف الناتو ، والمفاوضات مستمرة عبر وساطات دولية فالدبلوماسية السرية والعلنية ـ عبر ألمانيا وغيرها ـ لازالت تعمل لمنع قيام الحرب.

الرئيس الأمريكي، جو بايدن من جهته اكد أن الولايات المتحدة لا تستهدف روسيا ولا تسعى لزعزعة الاستقرار هناك، وأن الشعب الروسي صديق للشعب الأمريكي ، كما شدد على ضرورة بذل الجهود الدبلوماسية لضمان أمن أوربا .

روسيا تريد من أوكرانيا ضمانات بعدم الانضمام للناتو حتى بعد سنوات وهذا ما يشكل عقدة المشكلة فالتأجيل بحسب روسيا ليس هو الحل ، حي أكد الرئيس الروسي بوتين أن بلاده تصر على أن يتم البت في إغلاق موضوع عضوية أوكرانيا في الناتو اليوم وليس في المستقبل ، حي أكد بوتين "لقد سمعنا منذ 30 عاما أن الناتو لن يتمدد يوما واحدا باتجاه الحدود الروسية، أما اليوم فنرى البنى التحتية للناتو قرب بيتنا" .

لقد أراد الغرب أن يجر روسيا الى مستنقع أوكرانيا لضربها عسكريا واقتصاديا وروسيا تدرك ذلك ولا تريد حرب مباشرة مع اوكرانيا وانما حشد قواتها إلى حدود أوكرانيا من أجل الضغط فقط .

قلت سابقا أنها حرب على النفوذ والمصالح وستفضي إلى تفاهمات بين روسيا والغرب ونوع من التوازن في النفوذ والمصالح في تلك المنطقة .

الحرب مستبعدة نظرا لتداعيات الكارثية والمدمرة على البلدين وعلى المنطقة والعالم ، الحرب ستكون لها فاتورة باهضة ومكلفة والجميع يدرك ذلك فروسيا قوة عظمى وكذلك أوكرانيا لديها ترسانة مخيفة من الأسلحة وجيش قوي ، صحيح أن الجيش الأوكراني لا يصل إلى مستوى الجيش الروسي إلا أنه يقترب من مستواه في عدة مجالات فضلا عن الدعم الغربي لها .

الحرب ستضرب اقتصاد البلدين بشكل مخيف وستظل تأثيراتها لعقود قادمة فضلا عن أن العقوبات الغربية ضد روسيا ستعمل على شل الإقتصاد الروسي الصاعد وهو ما يدركه بوتين ويحسب لها حساب فضلا عن كون الحرب ستوقف ضخ الغاز الروسي لأوربا وهو ما تحتاجه بشدة وما سيخلق أزمة غاز عالمية ستكون لها تداعياتها الخطيرة فروسيا تدرك أهمية هذه الورقة وتجيد استخدامها .

روسيا لا تريد أن تفقد نفوذها في أوكرانيا وتريد أوكرانيا تظل حديقة خلفية لها كما هو الحال في الماضي وترى أن الولايات المتحدة تتراجع على المستوى العالم لصالح روسيا والصين كقطب جديد بينما أوكرانيا ترى أن مصالحها مع الغرب وتريد الانعتاق من الهيمنة الروسية ولذا فإن أسباب الحرب قائمة وكبيرة ولكني أستبعدها لإدراك الجميع مدى خطورتها وتداعياتها الكارثية على الجميع وأن الجميع يصعد من جهته لكي يبقى موقفه السياسي والعسكري قويا على المدى القريب ..

الولايات المتحدة الامريكية والغرب عموما بات يشعر بقلق كبير من تنامي قوة الصين وروسيا ولذا يسعى لتحجيم قوة روسيا أولا بجرها لهذه الحرب واستنزافها عسكريا واقتصاديا أو بإنهاء آمالها بعودة نفوذها إلى أوكرانيا كما كان في السابق وفي كل الأحوال فإن أوكرانيا ستكون هيي الخاسر الأكبر كونها ستكون كبش الفداء الذي سيضحي به الغرب لاستنزاف روسيا وإيقاف تطلعاتها ..

ما أتوقعه هو أن تنجح الجهود السياسية والدبلوماسية بنزع فتيل التوتر وتصل إلى نجاحات تفضي لإشراك حلفاء روسيا في السلطة في أوكرانيا بما يبقى لروسيا بعض النفوذ في أوكرانيا وفي الوقت نفسه تسحب روسيا حشودها العسكرية من الحدود الأوكرانية مقابل عدم انضمام أوكرانيا لحلف الناتو فتفوت روسيا الفرصة على الغرب الطامح إلى إعادة جيوشه إلى حدود روسيا والذي ترى فيه ورسيا تهديدا لأمنها القومي وترى فيه واشنطن إبقاء لنفوذها في المنطقة .

الصمت الصيني على ما يحدث غريب رغم متانة العلاقات الروسية الصينية فالكل كان يتوقع أن تعلن الصين بكل قوة وقوفها إلى جوار روسيا وهو ما سيرجح كفتها عسكريا ولكن الصين التي ترقب الأحداث عن كثب ربما تفضل الصمت حتى اللحظات الأخيرة . هذه قراءتي للأحداث والأيام القادمة كفيلة بأن تضع نهاية لكل التوقعات والتكهنات .