التمكين للأبناء كترتيب آخر للتوريث الأكبر
بقلم/ رشاد الشرعبي
نشر منذ: 16 سنة و 7 أشهر و 7 أيام
الثلاثاء 01 إبريل-نيسان 2008 08:52 م

مأرب برس - خاص

للأستاذ علي سيف حسن السبق في التحذير من خطورة تمكين النخبة الحاكمة لأبناء المسئولين والنافذين من المناصب الحكومية, ومن خطورة ذلك على الجيل الجديد من اليمنيين لما سيصيبهم من إحباط ويأس جراء إستئثار الأبناء بمناصب يفترض فيها انها لأبناء الشعب عامة تحكمها معايير غير المعمول بها حالياً.

هذا التحذير رغم انه بدا متأخراً, لكنه كان مهماً وفي وقت تتوالى القرارات الجمهورية المعلنة وغير المعلنة بتعيينات لأبناء مسئولين حاليين وبعض المسئولين السابقين أو الراحلين, كان آخرها تعيين نجل الشيخ الراحل الأحمر نائباً لوزير الشباب والرياضة وهو منصب مستحدث بعد ايام على تعيين نجل نائب الرئيس وكيلاً لوزارة المغتربين, ومابينهما كان رئيس مجلس النواب اللواء يحيي الراعي يحتفي بتنصيب نجله مديراً لمكتبه في المجلس بدرجة وزير.

ولم يقف أمر عند تمكين الأبناء كثقافة وسياسة ممنهجة يتم تعزيزها وترسيخها من أعلى مستوى في النظام الحاكم لترتيب الوضع وتمهيد الأمور لإنجاز عملية التوريث الكبرى (رئاسة الدولة) والتي اعترضت طريقها معوقات عديدة قادت إلى محاولة التمديد والتي فشلت هي الأخرى, ومن ضمن تلك المعوقات تململ حاشد كقبائل ينتمي إليها الرئيس وتذمرها من نظام حكمه وقاد ذلك أنجال الشيخ الأحمر, لتثمر تنصيب نجله حمير كنائب لرئيس مجلس النواب, إلى جانب الوضع في الجنوب والذي دعم جلال عبدربه منصور هادي واحمد سالم ربيع علي وغيرهما من الأبناء الذين عينوا خلال الأشهر الأخيرة.

وبالطبع كل يؤخذ نصيبه من المناصب بقدر حجمه, فنجل الرئيس يُمكن من الحرس الجمهوري والقوات الخاصة وأشياء أخرى تمهيداً للتوريث الأكبر, وكذلك ابناء عمه (يحيي, طارق, عمار) والأصهار والأنساب, فيما كان نصيب نجل نائب الرئيس منصب وكيل لوزارة غير سيادية رغم أهميتها مثله مثل نجل الراحل محمد إسماعيل في وزارة التجارة والصناعة ونجل عبدالعزيز عبدالغني في هيئة الإستثمار قبل نقله إلى المناطق الحرة التي كانت رئاستها من نصيب نجل الراحل الدكتور محمد سعيد العطار.

وبالمثل فإن نجل مدير مكتب رئاسة الجمهورية رئيس جهاز الأمن القومي كان من نصيبه الملحقيه الصحية في القاهرة في حين كان نصيب نجل نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية طالب الماجستير منصب مساعد الملحق الصحي في ذات القاهرة ليغطيا مصاريف الدراسات العليا على إعتبار ان مايحصلان عليه كغيرهم من الدارسين اليمنيين من التعليم العالي لايكفي وجاهتهما الإجتماعية, فيما الملحقية التجارية بواشنطن من نصيب نجل مدير المؤسسة الاقتصادية اليمنية.

وهذا مجرد مثال, فمن سيبحث في كشوفات الملحقيات الصحية والتجارية والعسكرية والثقافية والإعلامية سيجد للأبناء حضوراً متقدماً وكذلك السلك الدبلوماسي في السفارات والقنصليات, فعلى قمة وزارة الخارجية يشغل خالد عبدالرحمن الأكوع منصب وكيل الوزارة ليتدرب على المهام الدبلوماسية بعد حصوله على منصبه الجامعي لتأهيله إلى منصب اكبر ربما قد يكون الوزير ذاته.

ومن يقلب الكتاب التوثيقي للوزراء الذين تعاقبوا في الحكومات المشكلة منذ قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م ويتفحص أسماء الوزراء والسفراء والمسئولين الحاليين لمؤسسات مهمة يجد الأسماء تتشابه, حيث للأبناء حضورٌ كبير ومثال ذلك الدفعي والكرشمي, وكذلك الحال في مجلس النواب كمؤسسة يفترض فيها انها تمثل الشعب الأبناء يتوارثون مقاعد الأبناء كأعضاء كما يتوارثون المشيخة التي كانت في عقود ماضية تخضع لعملية إنتخابية نوعاً ما, ومن يموت من الأعضاء يعد المقعد لنجله وفي بعض الأحيان شقيقه وهو ماأنساقت إليه حتى أحزاب معارضة بصورة تضعف من موقفها برفض أي عملية توريث يراد لها ان تكون.

ولم تعد المسألة مرتبطة بأقارب الرئيس واصهاره وأنسابه خاصة, وحتى ان هناك بيوت ينمو حضورها بصورة بارزة كما هو شأن آل الأرحبي, فإلى جانب منصب نائب رئيس الوزراء ووزارة التخطيط والصندوق الإجتماعي للتنمية وأمانة رئاسة الجمهورية وشركة النفط ومقعد برلماني, عين مؤخراً أحد أفراد الأسرة ذاتها وهو لايزال شاباً وكيلاً لوزارة الإدارة المحلية لقطاع الموارد, وهذا يؤكد ان زعم الرئيس بتشبيب القيادات الحكومية يقتصر على ضخ الأبناء الشباب إلى المناصب الحكومية بصورة فجة ويتم خلالها توريط الكثيرين, بهدف إحكام السيطرة أولاً وأيضاً للحؤول دون أي إعتراض على عملية التوريث الكبرى المرتقبة.

يبدو الأمر ليس مجرد عملية عشوائية أو خاضعة للصدفة وربما الكفاءة, ولكنها عملية مخططة وسياسة ممنهجة لترسيخ ثقافة التوريث وتعزيزها من خلال تمكين الأبناء والتي طالت حتى المدارس ومنابر المساجد والمجالس المحلية وعلى مستوى الإدارات الصغيرة في الوزارات غير الإيرادية, جنباً إلى جنب مع تمكين الأبناء من المناقصات العامة وشركات المقاولات والوكالات التجارية والشركات النفطية والمنح والبعثات التعليمية في الخارج خاصة الممولة من الشركات الاجنبية العاملة في مجال النفط.

وإزاء ذلك من حقنا ان نتساءل, ما هو دور قوى المجتمع المدني وأحزاب المعارضة في مواجهة مايحدث على الواقع؟, سؤال مهم يطرح نفسه على الجميع وإجابته ليست متوفرة لدي, لأن بعض المؤسسات المدنية والأحزاب السياسية المعارضة تتورط بممارسة ذات الفعل وإن بصورة طفيفة, ومن لايصدق فعليه ان يطلع على كشوفات اللجان المركزية او مجالس الشورى للأحزاب أو مجلس شورى الشباب خاصة المرشحين من المنظمات المدنية التي نعتبرها غير موالية للسلطة. 

Rashadali888@gmail.com