هل هو نادي الملوك العرب؟
بقلم/ د: عبد الملك منصور
نشر منذ: 13 سنة و 5 أشهر و 28 يوماً
الجمعة 13 مايو 2011 09:42 م

فرغ مجلس التعاون الخليجي من إجتماع لقادته في الرياض. ماذا قدم هذا الإجتماع من جديد؟

كان الملفت للنظر أن المجلس قد مر على القضايا المشتعلة من حوله والحساسة بالنسبة له مرور الكرام لم يتلبث كثيراً أو كما ينبغي عند الملف الإيراني أو السوري أو العراقي أو أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية أو الملف اليمني ناهيك أنه لم يذكر من قريب أو من بعيد مشاكل جيرانه في القرن الأفريقي ولا المشكلة المركزية للعرب وهي فلسطين، بينما توقف مالياً عند دعوته لدولتين عربيتين إلى الإنضمام إلى المجلس.

ما الذي غير معايير الرفض و القبول؟ ما الذي دفعهم إلى وضع زيت في أقفال الباب حتى يسهل فتحه للأردن والمغرب القصي بينما ظل الباب بمزلاجه صدئاً استعصى على الفتح أمام طرقات اليمن وأحقية العراق. وإذا كان المعيار المأخوذ به هو الخليج أي أن الدول المشاطئة للخليج هي التي تُقدم في العضوية فإن العراق وإيران يقدمان على غيرهما، وإذا كان المعيار غير ذلك فإن اليمن أقرب من المغرب. غير أن المتأمل للعوامل التي جعلت الأردن والمغرب أقرب إلى دول الخليج من العراق وإيران واليمن يستطيع أن يلملم للمجلس أعذاراً وليست مبررات.

فهذه الثورات العربية بدأت من مغرب الوطن العربي في تونس وهي تدق أسوار مجلس التعاون في اليمن وتهزه في سوريا ويسمع الخليجيون أصداء ذلك في العراق، فهل السعي إلى ضم المملكتين العربيتين إلى المجلس هو بحث عن تقوية المناعة الداخلية خوفاً من سريان عدوى الثورة، وهل تقديم الخليج مبادرة مناصِرة للرئيس اليمني وليس الشعب اليمني يصب في باب الخوف من إنتصار الثورة عند الجار اليمني ؟

لعل هذا الفهم يتعزز بفكرة ربما راودت الخليجيين وهو الإسراع بعمل إتحاد أو تجمع لما تبقى من الأنظمة الملكية في الوطن العربي. رغم أن الجمهوريات العربية هي ملكية أكثر من الملكيات بإستثناء تونس ومصر .

ربما ظن الخليجيون أن الغرب قد يتخلى عنهم حين يرى أن أمامه خيار صعب إما الوقوف إلى جوار شعوبهم التي قد تثور بحثاُ عن كرامة الفرد وحقوق الإنسان والديمقراطية، وإما الوقوف مع حكم الفرد الذي لم يُؤمّن لمواطنيه حتى الحد الأدنى من أسباب العيش.

ربما تعامى الخليجيون عن الثورة أو أغمضوا أعينهم حتى لا يروها يحاولون أن يقنعوا أنفسهم أن هذه الثورات لا تقصدهم هم وإنما هي موجهة ضد غيرهم، وقد قامت في بلدان تسمى جمهورية، لذلك حسبوا أنه سيكون شئ من التحصين لملكيتهم أن يتسع ناديهم لما تبقى من الملكيات في الوطن العربي ومع أن ألفاظ ملكية، جمهورية، رئيس، ملك، قد توحدت بفضل إبداع الحاكم العربي المستبد فلم يعد هناك فرق مطلقاً بين هذه الألفاظ إلا الفرق اللفظي ولكن هذه الحقيقة الجلية عندنا إما أنها خفيت أم هناك من يحاول عدم التوقف عندها.

وإلا فإن الناظر يجد أن الدول الست المكونة للمجلس التعاون الخليجي بتركيبته الحالية متجانسة إلى حد كبير، لكن الفوارق جلية بين دول مجلس التعاون الست من جهة وبين المملكتين العربيتين المشرقية ( الأردن) والمغربية ( المغرب)، فعلى سبيل المثال لا الحصر المجتمع الخليجي لم يعطي للمرأة أي دور يمكن أن يذكر، فبينما هي في السعودية تمنع بإسم الدين من قيادة السيارة فما بالك بالمشاركة في العمل العام والسياسي والإنتخابات، هي في المملكتين العربيتين الأخريين الأردن والمغرب واليمن والعراق وسوريا وإيران تقود الوزارة وإشتركت مع أخيها الرجل في الشأن العام وفي التعليم وفي الإنفتاح الإجتماعي الهائل.

وفي مملكتي الأردن والمغرب أحزاب سياسية متعددة لها نشاط وحضور في البرلمان وتشارك في تشكيل الحكومات وأحياناً ( كما في المغرب) يكون رئيس الوزراء ليس قريباً من القصر. أما منظمات المجتمع المدني فإنها أولاً موجودة في الأردن والمغرب ولا وجود لها على الإطلاق في دول الخليج. وفي الأردن والمغرب دستور يتفرع عنه قوانين وتقوم على أساسه برلمانات وإنتخابات حرة، أما دول الخليج وبالذات السعودية فلا دستور ولا إنتخابات ولا برلمان وبالتالي ولا عمل سياسي، وفي الأردن والمغرب أيضاً تعليم متنوع منفتح على المدارس المختلفة في العالم، وفي الأردن والمغرب حركة إسلامية نشطة جداً لها حضور في البرلمان وتشارك أحياناً في الحكومات بينما يعتبر حزب الإخوان المسلمين مثلاً في دول الخليج مما يتنزهون عن ذكره ولا يسمحون بوجوده.

فإذا تجاوزنا كل ذلك إلى الإقتصاد فإننا نجد إن الدول الست في الجانب الإقتصادي ذات سوية متقاربة رغم التفاوت، بينما الأردن لن تستفيد منهم إلا نفطاً منخفض الثمن أو فتح الباب للعمالة بدون تأشيرة وكفيل وهو نفس الحال بالنسبة للمغرب، بينما يمكن أن توكل دول الخليج للأردن المهمات ذات الطابع الأمني التي لا تباشرها بنفسها . أما المملكة المغربية فإنها اقتصادياً وبشكل أساسي تعتمد على السياحة كمورد رئيسي الأمر الذي لا يوجد له شبيه في دول الخليج إلا إذا وجهت دول الخليج مواطنيها – وهذا أمر مستبعد – بالإمتناع عن الذهاب للسياحة في دول أخرى والتركيز على السياحة في المغرب، وربما يكون المكسب الرئيسي للمغرب هو فتح الباب أمام الإستثمار الخليجي عنده وهذا قد كان أمراً متاحاً من قبل العضوية وسيبقى من بعدها.

ومهما ربح الأردن والمغرب من هذه العضوية المقترحة عليهما فهناك خسارة مؤكدة لابد أن تحصل لهما وهو جزء من الثمن الذي عليهما أن يدفعاه المتمثل في رأينا في التراجع عن الإصلاحات السياسية التي كانت قد بدأت في الأردن والمغرب، فإن دول الخليج لا ترغب في تلك الإصلاحات أو هي ترغب في تخفيف سرعتها.

ويبقا السؤال مفتوحاً: ألم يكن الأولى بدول الخليج أن تبحث عن علاج للنار المشتعلة في سوريا واليمن والعراق علاوةً على ليبيا ثم أخيراً لماذا لا تنفتح على إيران الجار المسلم وبدلاً من ترك إيران تحت ضغط العُزلة تتحول إلى خطر نووي يمكن لدول الخليج أن تحولها بعضويتها في هذا التجمع إلى قوة تنفع المنطقة والعالم، وسترضي دول الخليج بهذا مشاعر أغلبية سكانها من الشيعة كما هو الحال في المملكة العربية السعودية إذ أكثر من نصف السكان شيعة، كما هو الحال أيضاً في دول الخليج .

 

chairman@mansourdialogue.org