اليدومي ومستقبل الاصلاح
بقلم/ كاتب/رداد السلامي
نشر منذ: 16 سنة و 9 أشهر و 28 يوماً
الجمعة 11 يناير-كانون الثاني 2008 07:57 ص

مارب برس - خاص

بعد رحيل الشيخ الأحمر ينتظر حزب الاصلاح الإسلامي مستقبل غامض لم تتضح بعد ملامحه فالرجل مثَل توازناً هاما في الحياة السياسية اليمنية ودرعا واقيا له من ضربات صالح الذي يرى في الاصلاح ورموزه خطرا يهدد وجوده.

غير أن الاصلاح ما زال يحتفظ بقيادات قوية ممن يطلق عليهم بالحرس القديم ويعتبر محمد اليدومي الظابط الأمني الذي شغر منصبا قياديا في جهاز الامن السياسي إبان الثمانينيات وعمل من مكمن وجوده على أستبعاد الناصريين والبعثيين بدوافع أيدلوجية بحتة كان ينتمي إلى حركة الأخوان المسلمين استطاع أت يععتلي منصبا قياديا في جهاز حساس بفضل لوبي إخواني اتسم بالقدرة على التخفي والإندساس في أجهزة سلطة صالح.. يتربع منصبا رفيعا في حزب الإصلاح المعارض الأقوى وقد تم تعيينه خلفا للشيخ الأحمر لرئاسة الهيئة العليا للحزب حتى موعد انعقاد مؤتمره العادي المقبل .

يتسم محمد اليدومي بالهدوء والحذر والبعد عن الأضواء كما يمتلك قدرة جيدة على إبداء المرونة وتركانطباع يساري ليبرالي في كل من يقابله إلا أنه في الجانب الآخر محافظ وصارم في اتخاذ القرارات

التنظيمية زتنفيذ برامج حزبه كما استطاع بفضل خبرة قيادية اكتسبها من تجربته كرجل أمني وسياسي أن يجنب حزبه الكثير من المشاكل والإنشقاقات إبان شراكته حزبه مع الحزب الحاكم في الحكومة الإئتلافية عقب حرب صيف 1994م التي كان شريكا سياسيا فيها مع صالح، استطاع اليدومي أن يعيد الحيوية التنظيمية والحركية إلى حزبه الذي تعرض لمحاولة شق واستقطاب لكوادره وأعضائه حيث اتخذ قرارا تنظيميا عام 1997 بعد الخروج من تلك الشراكة بالتمدد الأفقي مجنبا الإصلاح سعي صالح لمحاولة شقه وعوض بذلك القرار التمددي ما استقطب من كوادره واعضائه .

يستمد اليدومي قوته الشخصية والقيادية من قوة حزبه كتنظيم متماسك تربى أعضاءه على الولاء المطلقوالإستعداد للتضحية بأرواحهم، في الإنتخابات النيابية علم 97م حين فاز مرشح الإصلاح في دائرة الرئيس صالح الانتخابية على أحد قادة الأمن المقرين منه غضب صالح واتصل باليدومي مستنكرا سماحه لمرشح حزبه الفوز في دائرته ليرد عليه اليدومي بإغلاق الهاتف دون مبالاة

ويصنف سياسيون ومقثقفون يمنيون اليدومي ضمن الجناح الليرالي المعتدل في حزب الاصلاح والرجل القوي الذي استطاع قيادة حزبه في أحلك الأزمات وكذلك تخفيف حدة خطاب الجناح الديني المتشدد فيه إلا أن إقالتة رئيس تحرير صحيفة الصحوة التابعة لحزبه بسبب إفساحه مساحة لكتاب يساريين كما كان يتردد في الاوساط الصحفية اليمنية جعل البعض يشكك في إعتداله. 

بعيدا عن الأضواء في المنطقة المعتمة من الأحداث كان يدير اليدومي حزبه من وراء الكواليس ويهندس أغلب سياساته كما استطاع بانفتاحية غير معهودة من قبل قيادة حزبه بإتجاه تأسيس اللقاء المشترك للمعارضة اليمنية المكون من خمسة أحزاب سياسية أبرزها الإشتراكي والناصري وهو ما عده سياسيون ومراقبون مكسبا سياسيا ساهم الاصلاح من خلاله في تقوية المعارضة وتخصيب الحياة السياسية اليمنية التي كانت أصيبت بالركود قاطعا بذلك التحالف الطريق أمام صالح الذي عرف عنه استغلال التناقضات الاجتماعية اليمنية والصراعات السياسية في إدارة البلاد وهو ما أفصح عنه صالح ذاته في حوار أجره معه قناة الجزيرة إبان الانتخابات الرئاسية عام 2006م حين قال أنه إستخدم الاخوان المسلمين كروت سياسية في مختلف مراحل الصراع السياسي اليمني منذ أواخر السبعينيات حتى عام 1997م .

حاول حاول صالح شق اللقاء المشترك مستخدما ماضي الصراع السياسي بين الإشتراكي والإصلاح الذي خاض معه حرب 1994م ضد الإشتراكي إلا أنه فشل .

التوازن السياسي الذي خلفه رحيل الشيخ الاحمر هي أبرز مشكلة يواجهها الاصلاح وكذلك اتهام بعض قياداته بالسعي إلى تغيير التركيبة السكانية في جنوب اليمن من خلال تبني فكرة توطين ما يقارب مليون شمالي هناك بهدف تشكيل توازن لتلافي أي استفتاء حول الوحدة مستقبلا خصوصا مع بزوغ الحركة الاحتجاجية في الجنوب وهو ما يعتبره الجنوبيون إحتلالا لأراضيهم وتحويلهم إلى اقلية مستضعفة، إلا أن خطر ما يبناه يكمن في إيجاد انقسام في صفوفه على أساس مناطقي شمالي وجنوبي كما سيؤدي بحسب البعض تنفيذ هذه الخطة إلى مواجهات مسلحة بين شمال اليمن وجنوبه .

مع اشتداد الحراك المدني في الجنوب ضد استبعاد 60 ألف ضابط وجندي جنوبي من القوات المسلحة والأمن وكذلك ضد نهب أراضي المواطنين الجنوبيين كان هدد اليدومي ما أسماه الأصوات النشاز المنادية بالإنفصال بأن حزبه سيواجه أي محاولة للانفصال قائلا "نجوع مع الوحدة" وهو ما أدى إلى إستغراب أحد أعضاء مجلس النواب الجنوبيون الذي قال في حوار أجرته إحدى الصحف اليمنية المستقلة أنه"لا ينبغي أن يصدر هذا الخطاب من قائد حزب من المؤكد أن 99.99% من قواعده يرفضون وحدة في ظل الجوع والفقر والمعاناة بينما يستأثر قلة من المتنفذين بثروات البلاد ويعبثون بمقدراتها " لكن يبقى السؤال هل يستطيع الاصلاح أن يرسم له خارطة طريق واضحة تجنبه مخاطر المرحلة القادمة ؟أم أنه سينشغل عن مطالب الناس بالبحث عن توازنات جديدة تظمن له البقاء وأذ لم يستمد الاصلاح كحزب سياسي قوته من عمق الجماهير فهل ستمنحه الشخصيات القبلية النافذة فيه وجودا قويا هذا ما سيحدده المستقبل وتجيب عليه الايام .

 

عبد الرحمن الحرازيالتوريث ليس ضد الوطن
عبد الرحمن الحرازي
مشاهدة المزيد