إنفصال الجنوب اليمني من منظور خليجي وعربي
بقلم/ د. عبد الله أبو الغيث
نشر منذ: 11 سنة و 11 شهراً و يوم واحد
الجمعة 07 ديسمبر-كانون الأول 2012 01:48 م
احتفل الشعب اليمني خلال الأسبوع المنصرم بذكرى جلاء الاستعمار البريطاني عن جنوب الوطن في 30 نوفمبر 1967م بتجمعين شعبيين حاشدين شهدتهما مدينة عدن؛ أحدهما لأنصار الوحدة، والآخر لدعاة الانفصال. وذلك يفند دعاوى هذا الطرف أو ذاك بأن كل أبناء الجنوب يقفون في صفه ويؤيدن خياره من دون غيره من الخيارات الأخرى. لذلك فإن حل القضية الجنوبية لن يتم إلا بالطريقة التي يتوافق عليها عامة أبناء الجنوب بكل أطيافهم.

ونحن عندما نتحدث عن أبناء الجنوب إنما نقصد كل من كان يعيش على أرض الجنوب أو يمتلك الهوية الوطنية لجمهورية اليمن الديمقراطية قبل إعلان الوحدة اليمنية عام 90م، بغض النظر عن الجهات والمناطق اليمنية التي أتوا منها جنوباً أو شمالاً، أو الدول الأخرى التي تعود أصولهم إليها، أو الانتماءات السياسية التي ينضوون في إطارها، وذلك هو التفسير الذي سيعتمد دولياً في حال استفتاء أبناء الجنوب عن الخيارات التي يحبذونها سواءً تمثلت بالوحدة أو الانفصال.

أما تنقيب البعض في جينات الأجداد وهو يحدد هوية الجنوبي، وقولهم بأن الجنوبي هو من يستطيع أن يثبت بأن عشرة من أجداده وأكثر قد عاشوا على أرض الجنوب فهو مجرد حديث عاطفي يعرف أصحابه قبل غيرهم بأنه لا موقع له من الإعراب. وقد تابعنا قبل أسبوعين القوميين الكتالونيين المطالبين بانفصال إقليمهم عن إسبانيا وهم يخطبون ود الجالية المغربية في إقليمهم لإقناعها بالتصويت لخيار الانفصال، ورأينا كذلك - ولأكثر من مرة - كيف أفشل المهاجرون في إقليم كويبك الكندي مشاريع التصويت المتكررة لانفصال الإقليم عن كندا رغم تصويت معظم سكان الإقليم له.

هل بالإمكان تقرير مصير الجنوب؟

ودعونا قبل الحديث عن الانفصال وحق تقرير المصير نرى هل بالإمكان حدوث ذلك؟ وعلينا هنا أن ننحي العاطفة جانباً ونتعامل مع حقائق الواقع بصورة عقلانية، ونربط بين الأوضاع المحلية والإقليمية والدولية التي ستتكامل فيما بينها للسماح بذلك من عدمه.

ولعل أولى الحقائق التي لا مجال لإنكارها أن قرارات مجلس الأمن الأخيرة بخصوص اليمن (2014 ، 2051) قد نصت صراحة على احترام وحدة اليمن واستقراره، وذلك ما جعل سفراء الدول الراعية للمبادرة يصرّحون باستمرار أن حل القضية الجنوبية يجب أن يتم في إطار الدولة اليمنية الموحدة، وكانت التصريحات الصادمة لدعاة فك الارتباط متمثلة على وجه الخصوص بتصريحات السفيرين البريطاني والروسي اللذين أعلنا تأييد بلديهما للوحدة اليمنية، والصدمة هنا كانت بسبب اعتقاد دعاة الانفصال بأن الدولتين ستؤيدان مشروعهم بسبب ارتباطها التاريخي بالجنوب قبل الاستقلال وبعده.

وإذا أضفنا إلى ذلك التصريح الأخير الذي أدلى به وزير الدولة البريطاني، أليستر بيرت، لدى لقائه في صنعاء بالرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي قبل مغادرته اليمن مساء أمس، الذي ذكر فيه بأنه تم نقل \"رسالة قوية\" من المجتمع الدولي، خصوصا من رعاة المبادرة الخليجية، إلى فصائل الحراك الجنوبي بضرورة \"معالجة الأزمة اليمنية بصورة تضمن الحقوق العامة والخاصة وبما يؤمن استقرار وأمن ووحدة اليمن\" يتأكد لنا إصرار المجتمع الإقليمي والدولي على حل القضية الجنوبية في إطار دولة يمنية موحدة، وهو ما قد يفسر لنا تجاهل وسائل الإعلام العربية والعالمية لأنشطة الحراك الانفصالي في الجنوب حسب شكواه المتكررة.

وصار من قبيل المسلمات – شئنا أم أبينا – أن حل القضية اليمنية بما فيها القضية الجنوبية لم يعد بيد اليمنيين وحدهم جنوبيين كانوا أم شماليين، حيث صارت دول الخليج والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن لاعبين رئيسيين في الشأن اليمني بموجب المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن السالفة الذكر. وهذه الدول تتعامل مع الوحدة اليمنية وانفصال الجنوب من منطلق مصالحها قبل مصالح هذا الطرف اليمني أو ذاك، حيث أن ما يهمها هو الحفاظ على أمن اليمن واستقراره لكونه يقبع جغرافياً إلى الجنوب من دول الخليج النفطية، ويتحكم بمضيق باب المندب الذي تمر عبره أغلب الصادرات النفطية وغيرها من البضائع العالمية، إلى جانب مقابلة اليمن لمنطقة القرن الأفريقي التي تعاني من الاضطرابات المستمرة وعدم الاستقرار.

كل ذلك من الطبيعي أن يثير القلق لدى تلك الدول من أن يفضي انفصال الجنوب اليمني إلى الفوضى في جنوب الجزيرة العربية والبحار المقابلة لها، وذلك يجعلهم يفضلون حل القضية الجنوبية في إطار دولة الوحدة، خصوصاً أن القضية الجنوبية ليست المشكلة الوحيدة التي تعاني منها الدولة اليمنية؛ وإن كانت تشكل أهم تلك المشاكل حسب تصريح بن عمر؛ وهو ما يتوافق مع قراءة الواقع الملموس أيضاً.

الجانب الآخر الذي سيحدد مواقف الإقليم والعالم من الموافقة على انفصال جنوب اليمن أو رفضه يتمثل بالتداعيات السلبية التي يمكن أن تتأثر بها الدول العربية الأخرى - وفي مقدمتها دول الجوار - من جراء الدعوات التي ستنشأ في بعض أقاليمها للمطالبة بحق تقرير المصير أسوة بانفصال جنوب اليمن. ولا يتبادر إلى أذهاننا عملية انفصال جنوب السودان للمقارنة هنا، لأن ذلك خضع لظروف خاصة ارتبطت بالتناقضات الكبيرة اللغوية والدينية والعرقية بين شمال السودان بسكانه العرب ولغتهم العربية وديانتهم الإسلامية، وبين جنوبه بسكانه الأفارقة ولغتهم الإنجليزية وديانتهم المسيحية.

وهي الحقائق التي لفت انتباهنا إليها نائب السفير الألماني في اليمن وهو يعارض عملية إسقاط ما حدث في جنوب السودان على جنوب اليمن في مقال شهير له نشرته وسائل الإعلام؛ مفنداً حديث البعض عن هوية مغايرة لجنوب اليمن عن شماله، عندما ذكّرهم بأن سكان محافظة تعز الشمالية مثلاً يعتبرون أكثر قرباً لأبناء محافظة عدن الجنوبية من ناحية اللهجة والعادات الاجتماعية أكثر من قربهم لمحافظة صنعاء وغيرها من المحافظات الشمالية، وهو ما ينطبق أيضاً على عدن وقربها لتعز أكثر من قربها للعديد من المحافظات الجنوبية. وذلك مجرد مثال نعرف أنه يمكننا إسقاطه على كثير من المحافظات الجنوبية والشمالية.

تجدر الإشارة أن كل تلك التباينات بين شمال السودان وجنوبه لم تدفع أبناء جنوب السودان لإنكار هويتهم التاريخية والبحث عن تسمية أخرى لدولتهم الجديدة، وقرروا الاحتفاظ بتسمية جنوب السودان من غير أن يثير لديهم ذلك أي تحسس، وهو ما يشكل عظة وعبرة يمكن لأبناء الجنوب اليمني الاستفادة منها بغض النظر عن المآل الذي ستؤول إليه عملية حل القضية الجنوبية.

وكان من غير المفهوم أن يرد بعض دعاة الانفصال على نائب السفير الألماني بقولهم أن الوحدة اللغوية والدينية ليست مبرراً لبقاء الوحدة اليمنية لأنها تربط بين مختلف الدول العربية، وبالتالي علينا أن نفرض مثلاً بموجب ذلك المنطق على قطر الاتحاد مع السعودية، وأن تتحد الكويت مع العراق... وهكذا، وهذا الاحتجاج كان يمكن طرحة عند توقيع اتفاقية الوحدة، لكون الاستدلال به ينفع في حالة رفض الدخول إلى الوحدة، لكنه عديم الفائدة للاستدلال به على حق الانفصال، لأن مثل هذا الطرح - إن سلمنا به - يمكن أن يصبح أداة لتفكيك جميع الدول العربية إلى دول متعددة.

انفصال الجنوب وتداعياته العربية

يطرح الحراك الجنوبي المنادي بالانفصال بأن جمهورية اليمن الديمقراطية في الجنوب كانت تمثل دولة معترف بها عربياً وعالمياً قبل اتحادها مع دولة الجمهورية العربية اليمنية القائمة في الشمال، وذلك يمنحهم حسب طرحهم الحق الكامل في استعادة دولتهم، لأن الوحدة اليمنية قد فشلت من وجهة نظرهم بعد هيمنة الشمال على مقدرات دولة الوحدة منذ حرب صيف 94م. وذلك الكلام لا يمكن تسويقه في المحيط العربي بهذه البساطة، لأننا نعرف بأن استعادة الدولة الجنوبية على أساسه - حتى وإن تم بناء على حق تقرير المصير – سيفتح الباب على مصراعيه أمام ظهور دعوات مماثلة في أكثر من قطر عربي.

وستكون المملكة العربية السعودية في مقدمة الأقطار التي ستنشأ فيها مثل تلك الدعوات، لأنها تكونت من خلال دمج العديد من الدول التي كانت تمتلك الاستقلال الكامل وتحظى باعتراف دولي، حيث سيطالب أبناء تلك الدول بحق تقرير المصير لتحقيق الاستقلال من (الاحتلال السعودي النجدي) مثلما يتحدث بعض أبناء الجنوب اليمني عن استقلال بلادهم عن (الاحتلال اليمني). والفرق فقط بين الدول التي تكونت منها السعودية وبين دولة جنوب اليمن أن الأخيرة دخلت الوحدة برغبتها الكاملة، بينما تلك الدول دخلت الوحدة بحد السيف، وهو ما يرجح حقها بالمطالبة بتقرير المصير أكثر من الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن.

وتتمثل الدول السعودية التي سيصبح من حقها المطالبة بالانفصال أسوة بجنوب اليمن بدولة الحجاز في غرب السعودية التي كانت دولة قائمة بحد ذاتها بزعامة الشريف حسين قبل أن يضمها الملك عبدالعزيز آل سعود إلى مملكته. ومثلها دولة شمر التي كانت قائمة في شمال السعودية - وعاصمتها حائل – بزعامة آل الرشيد. وأيضاً دولة الأدارسة في جيزان وعسير، وعاصمتها مدينة صبيا في منطقة جيزان الحالية.

ولن يقتصر الأمر على السعودية لكنه سيمتد إلى دول عربية أخرى مثل سوريا التي كانت في الفترة الممتدة منذ عام 1921 إلى عام 1936م مقسمة إلى أربع دول، لكل منها سلطاتها وعلمها الخاص، وذلك قبل أن تتحد في دولة سورية واحده، وهذه الدول هي: دولة دمشق، ودولة حلب، ودولة جبل العلويين، ودولة جبل الدروز، حيث ستعتبر الدول الثلاث الأخيرة بأن سوريا إنما تشمل ما كانت تُعرف بدولة دمشق، أما هي فمن حقها أن تستعيد كياناتها المستقلة عنها، خصوصاً أن بعضها تمتلك حججاً أكثر قوة من الحجج التي يطرحها المطالبون باستعادة دولة جنوب اليمن، ويتمثل ذلك بالاختلاف المذهبي بالنسبة للعلويين والدروز، والاختلاف العرقي لدولة حلب التي كانت مناطق أكراد سوريا من ضمن أراضيها.

وستمتد تلك المطالبات إلى ليبيا التي شكلت بعد الحرب العالمية الثانية ثلاث مستعمرات مستقلة تقاسمتها الدول الأوربية، هي: طرابلس في الغرب، وبرقة في الشرق، وفزان في الجنوب، وكان ذلك قبل أن يتم توحيدها في المملكة الليبية في أقاليم فدرالية ثلاثة، قبل أن يتم تغييرها إلى وحدة اندماجية بعد القضاء على الحكم الملكي وقيام الحكم الجمهوري في عام 1969م. وقد بدأت تلك الدعوات بالظهور بالفعل في إقليم برقة الذي يستحوذ على معظم الثروة البترولية في ليبيا.

وستزحف تلك المطالبات بحق تقرير المصير غرباً لتشمل المطالبة باستعادة جمهورية الريف التي أُعلنت بزعامة المجاهد الكبير محمد عبد الكريم الخطابي في شمال المغرب عام 1921م بعد كفاح مرير ضد الاستعمار الإسباني الذي كانت تخضع له، بينما بقية أراضي المغرب كانت تخضع للاستعمار الفرنسي، وقد استمرت جمهورية الريف قائمة حتى تكالبت عليها قوى الاستعمار الإسباني والفرنسي؛ ومن ثم إعلان ضمها إلى المملكة المغربية بعد استقلالها عام 1956م. علماً بأن معظم سكان إقليم الريف المغربي ينتمون إلى قبائل الأمازيغ (البربر) بعكس بقية مناطق المغرب التي يغلب عليها العنصر العربي.

ولماذا نذهب بعيداً فالسلطنات والإمارات التي كان يتكون منها الجنوب اليمني قبل الاستقلال كانت تعتبر نفسها دول مستقلة عن بعضها؛ لكل منها حاكمها وعلمها، فهل سيقبل الحراك الانفصالي بأن تطالب هذه السلطنات باستعادة كياناتها بناءً على استفتاءات شعبية تقرر فيها مصائرها بصورة مستقلة عن الدولة الجنوبية التي ينادي باستعادتها. وفي حال ما إذا تمت الموافقة على تقرير مصير الجنوب بناء على القوانين الدولية التي تجيز ذلك لأي مجموعة من البشر يعيشون على أرض محددة كما ورد في رسالة نائب الرئيس اليمني السابق علي سالم البيض الأخيرة للأمين العام للأمم المتحدة، فهل سيقبلون أن يتم الاستفتاء على مستوى المحافظات؟ بحيث تُحترم رغبة أبناء كل محافظة؛ ويصبح من حقهم الاختيار بين البقاء في الدولة اليمنية، أو الانفصال ضمن الدولة الجنوبية، أو حتى استقلال المحافظة كدولة مستقلة بحد ذاتها بعيداً عن الدولتين اليمنية والجنوبية؟.

أما حديث بعض دعاة الانفصال عن امتلاك الجنوب لمعظم ثروات اليمن مقابل قلة سكانه، وتقديمهم ذلك سبباً للمطالبة بالانفصال عن الدولة اليمنية، فإن ذلك سيثير الرعب في كل المنطقة العربية، لأنه سيعطي مبرراً لكل الأقاليم الغنية بالثروات للمطالبة باستقلالها عن الدول التي تقع فيها، لتتمكن من الاستئثار بثرواتها بعيداً عن غالبية السكان في بقية مناطق تلك الدول.

وعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن أن نضرب أمثلة بإقليم الأحساء شرق السعودية الذي يستأثر بمخزون الثروة البترولية للملكة، وينتمي معظم سكانه للمذهب الشيعي. وأيضاً شبه جزيرة سيناء، التي تقع في قارة آسيا ولا تنتمي إلى أفريقيا مثل بقية أراضي الدولة المصرية، ويفصلها برزخ السويس عن بقية محافظات مصر، وتقع فيها حقول النفط والغاز التي تمتلكها مصر.

ولن يكون آخر الأقاليم المطالبة بالانفصال بحجة ثرواتها الكبيرة مقابل قلة سكانها متمثلاً بجنوب الجزائر ذات المساحة الصحراوية الواسعة، التي تنتشر فيها جميع حقول النفط والغاز الجزائرية، مقابل قلة من السكان تنتمي إلى قبائل الطوارق، وترى أنها لا تنتمي إلى الجزائر، وتطلق على أراضيها تسمية شمال أزواد، وتقابلها جنوب أزواد الواقعة في شمال دولة مالي.

تصحيح مسار الوحدة بديلاً للانفصال

أعرف أن ما ذكرته أعلاه لن يرضي الحراك الانفصالي المطالب باستعادة الدولة الجنوبية في اليمن، لكنني أردت من خلال هذا الموضوع وضع الجميع في الصورة الحقيقية التي ستنظر من خلالها القوى الإقليمية والدولية لعملية حق تقرير المصير، وذلك يجعلنا نقول إن تلك القوى ستفضل السير بالقضية الجنوبية في اتجاه عملية إصلاح مسار الوحدة اليمنية وليس استعادة الدولة الجنوبية، خصوصاً أن القضية الجنوبية لم تنشأ في بداية أمرها من منطلق الاعتراض على الوحدة، لكنها انطلقت من باب رفض الفساد والاستبداد والنهب والمصادرة التي مارستها سلطات دولة الوحدة بعد حرب 94م، وهي الأمور التي يمكن معالجتها من خلال مؤتمر الحوار الوطني والدستور اليمني الجديد الذي سينبثق عنه، وقبل ذلك ومعه باتخاذ قرارات سياسية وإجراءات عملية تعترف بالظلم الذي طال أبناء الجنوب، وتقدم الحلول العادلة لمعالجة الحقوق والمطالب التي تولدت عنه.

ولعله من المناسب أن نستشهد هنا بعبارات حكيمة وردت في افتتاحية صحيفة الخليج الإماراتية بتاريخ 11/11/ 2012م جاء فيها \"إن الوحدة اليمنية مساراً ومصيراً، وليست منكراً ولا مزاجاً يتقلب وفق الأهواء والرغبات\". وبالنظر إلى أن دعاة الانفصال يتحدثون أن الدولة الجنوبية التي يطالبون باستعادتها ستخضع لحكم اتحادي يتكون من إقليمين أو ثلاثة، والسؤال المطروح: ما المانع أن تكون تلك الأقاليم في إطار الدولة اليمنية الواحدة، إلى جانب أقاليم مماثلة في الشمال، بحيث نبني دولة يمنية اتحادية، تقوم على أساس المواطنة المتساوية والتوزيع العادل للسلطة والثروة، خصوصاً وقد صار بمقدورنا أن نضمن ذلك من خلال حوار وطني سيجري تحت إشراف إقليمي ودولي.

أخيراً: لقد اقتصرنا بالحديث هنا على مناقشة الانفصال وحق تقرير المصير، وعن مدى إمكانية تحقيقه في الإطار العربي الذي يعاني من أوضاع مشابهة. أما القضية الجنوبية والمظالم التي انتجتها والحلول المناسبة لها فقد تناولناها في أكثر من دراسة ومقال، وهي منشورة في أعداد سابقة من أسبوعية اليقين، إلى جانب العديد من مواقع الصحافة الإلكترونية، أبرزها دراسة بعنوان (مسارات القضية الجنوبية والخيارات المتاحة لحلها)، ومقال (الوحدة جنوبية والانفصال شمالي)، وكذلك مقال (الحراك الجنوبي وثورة اليمن الشعبية).. ونسأل من الله أن يوفقنا جميعاً ويهدينا سبل الخير والأخوة والمحبة والوئام.