مبادرة الخضر الحسني ...الشجاعة والحكمة وفي التوقيت والحاجة
كاتب/مهدي الهجر
كاتب/مهدي الهجر

مأرب برس – خاص

الخضر الحسني عميد متقاعد وكاتب متميز ، لم يسبق لي شرف أن التقيته شخصيا ، لكني اقرأه باستمرار من خلال كتاباته التي تعكس شخصيته ومخبوءه 0

عميد عسكري ليس متقاعدا بل ربما أقعدوه ، فغشيه من الظلم والحرمان ما غشي غيره ، وأحس بالظلم والإهمال فلم يستكن بل تحرك وحرك من حوله ، وامتشق قلما جرده في مسيرة نضالية ذات نكهة مختلفة كنت أغايره بشأنها لكني في قراري وفي الوقت ذاته أحترمه لأمور عدة منها :

* انه مظلوم ، وكل خطأ يأتي من مظلوم في حالة اندفاعه ورد يجب أن يحمل على سبعين عذر لصاحبه ، والله سبحانه وتعالى قد أعطى للمظلوم ميزة لم تعط لغيره ( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ) وهذا شأني مع كل رموز التيار الجنوبي ، رغم اختلافي الكبير مع المشروع الذي يحمله البعض منهم 0

* أن الخضر الحسني كان يتسم في اغلب كتاباته بعدم المفاصلة والمباعدة تجاه القضية الوطنية واليمن إجمالا ، وبشيء من الحميمية والحنين للوحدة والوطن مخبأ بين السطور تكشفه نبرة العتاب الذي تظهر ، وعندما كنت أراه يذيل بياناته أو أدبياته المختلفة بشان تيار المستقلين - الذي يرأسه ويحركه - بعبارة (في صنعاء وبتاريخه ،) أي أن إقامته في صنعاء ، أحس بنفسي تهدأ وأقول لا ضير ما دام في صنعاء ، فان ماء صنعاء وهواءها وعبقها والوطن الذي يكتظ بداخلها سيصهر الحسني شاء أم أبى ، وسيأتي الله به إلى الصف العام للحراك السلمي الوطني المسئول في يوم ما 0

الحسني الفرد ، أو هذا التيار بمفردة ، أو كتيبة النضال المتقدمة ، أو هذا الحس الوطني الدفين والعميق والمستمر ، إنما هو في النهاية عينة عشوائية للنموذج العام فيما يسمى اليوم بالحراك الجنوبي 0

كم قلت في أكثر من تناوله أو نقاش ، إن كان هناك ثمة فضل في تحقيق الوحدة بعد الله سبحانه وتعالى فإنه للمناضل والمثقف والسياسي والناشط ابن الجنوب ، وللحزب الاشتراكي ، و نحن إنما كنا لهم تبع ، فقد سكنهم الحلم الوحدوي وهبوا له قبلنا شعرا وأدبا وصيحة وحراكا ، وإن دندن شاعرنا ، وغرد شادينا بعد أو أثناء ذلك ، فإنما هو أثر تماسه مع أخيه في عدن جاء به إلينا اكتسابا ، ولعدن الحاضنة والحراك الفضل ، هذه حقيقة لن يساوم احد التاريخ بشأنها 0

وتجد اليوم الناشط والمثقف والحركي الذي يتقد نضالا سلميا في هذه المحافظات والذي يغايرنا تماما في مشروعه ، في حالة اختلاف داخلي مع نفسه ، فهو من جهة قد عبأ نفسه لمشروع الانفصال بأي وسيلة وثمن ، وهو من جهة أخرى يسحبه الحنين لأمه اليمن وحلم حياته – الوحدة-والذي أمضاه عمرا ومسيرة نضال ، لا يستطيع أن ينزعه من داخله إلا بنزع روحه 0

حتى الأستاذ البيض الذي يتناوله الجميع اليوم بالإساءة واللوم لم يستطع هو الآخر رغم ما به أن يقلع من أعماقه مكون صنعاء وعدن ، يظهر ذلك من بعض تصريحاته أو مواقفه الصامتة ، وكذلك الرئيس علي ناصر والعطاس وآخرون 000 لا اعتقد أن أحدا منهم قد أبغض الوحدة لذاتها أو يفكر اليوم قاطعا باجتثاثها إن استطاع ، أو واتته الفرصة 00

إنما هي الصدمة تجاه المشروع التنموي الحضاري الذي حسبه الجميع سينهض قلاعا مؤسسية تنموية فجاء جرذانا وقوارض 0

إن الفساد الإداري بمجمله ، هو غريمنا الأول ، وقد أوشك أن يقضي تماما على الإرادة الصلبة لمسيرة النضال المختلفة ، ويشوه كل تلك المعاني الجميلة التي حملتها أجيال فكرة ومعاناة واتقاد وحلم مصيري0

كنت أفكر منذ فترة أن اكتب عتابا بحوار مع الأخوين الخضر وتوأمه الدكتور فاروق حمزة ، ولكن الظروف لم تسمح ، وقد أجبرني الأخ الخضر بمبادرته الأخيرة ( تحت سقف الوحدة نتحرك ) فوجدتني وقد امتلأت ثقة وفرحة أسير في الكتابة رغم عني دون أن اختار ، وقبل الاسترسال مع هذه المبادرة الطيبة لابد من التوقف عند الدكتور فاروق ، هذا الذي لا يجهله أحد اليوم ، رغم كثير الخلاف معه في صوته ومشروعه ، إلا أن المرء يجد نفسه مجبرا على احترامه وتقديره ، وكم كنت أتألم عندما اسمع بمضايقاته ، وقد عشت ألما في وجداني مع خبر مرض زوجته التي أسعفها للخارج وهو الذي تعوزه الإمكانات ، وكم كان جميلا لو تكفلت الجهات الرسمية يومها بتلك النفقات لا من باب تسكينه وكسبه ، وإنما كحق له ولأمثاله على هذا البلد ، هذا إن كانت ثمة معايير موضوعية 0

هذا الرجل به من الطاقة والحيوية فوق التصور والحدود لدرجة انه مع صاحبه قد جعلا لتيارهم صوتا وحضورا وجلبة ، ولا أظنهما إلا هما 0

فما من كاتب أو صحفي أو ناشط أو مثقف ، أو مؤسسة ، أو حزب ، وسر 000الخ إلا وقد وصلته بيانات هذا التيار ورسائل الدكتور فاروق الذي أصبح صديقا للجميع ، كأنما هما مؤسسة إعلامية كبيرة ، وكيان سياسي واسع ، وليس ثم إلا هما 0

هذه الطاقة الفاعلة والروح المثابرة ، لو وجد من يستوعبها ويوظفها وينميها في السياق التنموي الفاعل في إطار القبليات الأخرى المتاحة في هذا المورد البشري لصنعنا من هذا البلد أعجوبة وفقنا به من يسمى النمور0

وكم كنت أتمنى أن لا تبدد هذه الطاقات في غير رسالة إيجابية نهضوية ، وأن توجه في المسار الصحيح ، حتى لا نكون كمن يحرث في البحر ، وتكون النتيجة ( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ) 0

أتمنى على الدكتور فاروق والأخوة رموز المشروع الانفصالي ، أن يتعاطو جميعا ونحن معهم مع المبادرة الحكيمة للأستاذ الخضر الحسني ، ولعلها جاءت من حكيم وفي الوقت المناسب 0

نعم الوحدة اليمنية شيء ، والممارسات السيئة شيء آخر ،واليمن مركبتنا جميعا ، وأن تحميل الوحدة تبعة ما يجري عجز وهروب وظلم بين ، كمن سمعناه يولول على حال العرب والمسلمين ويقول إن سبب التخلف والركود هو الإسلام ، وليس عقوق وعجز أبنائه وضعفهم النفسي 0

ومع افتراض نجاح مشروع الشيطان – جدلا - الذي تقوده رايس في المنطقة ، فإننا سنظل من فتنة إلى قاصمة أخرى وهكذا دواليك ، إذ أن هذا المنفصل على سبيل المثال سيتسيد عليه الفساد من جديد بحكم البيئة وطبيعة الناس وبصورة أشد وأقبح ، وستظهر دعوات الراكدين والعجز من جديد فتلك طبيعتهم ، إلى أن ينفصل كل مكون أو مكونات أخرى بداخل هذا المزقة ، وهكذا دواليك ، حتى نتربع في النهاية على أكشاك بذاتها كا البحرين أو قطر 00

وتبقى التحية الألف للخضر الحسني على شجاعته في هذه الخطوة التي ستقلب عليه الكثيرين في ثورة مضادة 

لكن هل ستجد هذه المبادرة من يتلقفها ، من الأحزاب والسلطة والمكونات الاخرى00

 


في الخميس 14 أغسطس-آب 2008 08:28:12 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=4052