عطسة العطاس وياسين على ياسين
بقلم/ عبدالقوي الشامي
نشر منذ: 12 سنة و شهر و 25 يوماً
الثلاثاء 11 سبتمبر-أيلول 2012 12:58 م

في خلفية الجهود المبذولة بحثاً عن حلول لأزمات اليمن المتفاعلة, هناك محاولات مستميتة للفصل بين الوحدة وبين القضية الجنوبية, هروباً من حقيقة كون الثانية نتيجة للأولى, ومن خضم المسعى يلمس المرء تعاطفاً رسمياً مع واقع الحال الجنوبي "جبرا لضررٍ", سرعان ما يتحول إلى رعد وبرق يمطر قذائف وهندسة فراغية, ان تجرأ الجنوبي وطالب بفك الرابط الذي حول حياته الى جحيم, إذ يريدوه قضاءاً وقدراً لا نملك معه إلاّ التسليم.

غضب يستدعي الخطوط الحمر والسقوف الواطية, بهدف التغطية على جدران الوحدة المائلة, فـفك الإرتباط يعني الانفصال الذي يستحضرهم الجريمة, فيسقط الحق الجنوبي, بل ويتحول إلى باطل, فالوحدة مقدسة, فيما الحق الجنوبي إذا تحرك خارج المَيلان لجدران الوحدة فهو مُجرَّم, وأما الحراك تحت سقفها ففلكلور ديمقراطي يستدعي الإذن (الصنجأ) كما أبدع الوحيد الرشيد "هارون", محاججة كسيحة مُترهِّلة إصلاحية صالحية قائمة على قاعدة تابع ومتبوع, فيه يَحضِر المتبوع على التابع, فك تبعيته!

ثمة جنوبيون ضمنت هذه التركيبة الـ(شّولى) بصوره او بأخرى, ضَمنت لهم موقعاً بروتكوليآ دافئآ, أو إقتصاديآ متوسط ألدسم, فتمآهوا مع كذبة: إن الرابط وحدة, متكئين على حسن النية, وعلى ما احتسبوه تراكم لنضالات الحركة الوطنية, رغم إدراكهم إن النية أصبحت مبيته والتراكم غدا ركامآ, وأن الوحدة مسرحية, دور الجنوبي فيها إما منهوب أومقتول .. ولأنه بتركيبته الثقافية والأخلاقية: نقي النية صافي السريرة, تجده في المعركة يتقدم الصفوف, وفي لحظة فقدان الأمل, ان سَلِمَ من (النقائل) التي تحدث عنها الرئيس العطاس مؤخرآ تجده, ينسحب من المشهد بهدوء ليُعيد قراءة درس الوحدة من سطره الأول, مرةٍ إثر أخرى "حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ".. وياسين على ياسين من النقيلة (الخَجّفأ) التي طالت حياة اللوائين قطن وبارشيد.

الآن وبعد استيعاب الدرس في خضم الشتات الجنوبي الداخلي والخارجي, يبدو في الأفق متغير حقيقي, يفرض مفاعيله على جميع الأطراف في جنوب الجزيرة العربية, متغيراً يستند إلى قوة الدفع الذاتي والنوازع الشعبية الخالصة والى القناعات الاجتماعية المحلية, الخارجة من رحم الفشل: سمها ما شئت جهوية, شطرية او حتى مناطقية, فتجربة عقدين من تخلف تربيطات الـ(وحدة), علمتنا بتواصلها إن الأسوأ هو القائم, وان الأهم من الإسم هو المولود, إن كان سيخلصنا من هذا المسخ المعوّق بالشلل الرباعي (عسكري, قبلي, شطري ومذهبي).

وأما المربعات الأمنية والهندسة الفراغية العسكرية التي يمارسوها في الوطن, والتي أرادوها إرهابا وتدميرا للهوية الجنوبية, فإنها تتحول اليوم بثبات إلى آلية شعبية تمكننا من إعادة الاعتبار لذواتنا قبل أي شيء آخر, فالقناعة في الخروج من دائرة الفشل ومن موقع الضحية تتجذر, والزمن تجاوز الوحدة بما يقارب العقدين, والجغرافيا تتبرأ منها بمساحة تتجاوز الـ 333 الف كلم مربع, كل ذلك وغيره يحيل الجدل من ان نكون او لا نكون! إلى كيف نكون بعد هذا الدرك الأسفل من العبث؟ 

وإن كان الحراك بتشعيباتهم وتصنيفاتهم, عبارة عن مؤامرة على الوحدة, مؤامرة البيض على الحُمر, فلا فرق بين نقائل عطسة العطَّاس وقوله: ياسِّين لياسين ان عطس, فالدنيا برد ويستاهل البرد من ضيّع دفاه! لا فرق عندنا بين ناصر ومنصور فـ الحُسْنى في الخواتيم, كما لا فرق في رأيهم في وحدة الجمع السالم, ووحدة جمع التكسير, وان ارتكزت على قرن ثور, او جثمت على ضرّع بقرة .. فإعرابها شمالاً مبني على المجهول والفاعل ضمير مستتر جوازا وتقديره (على) ابو سبعة وسبعين, أما الجنوب فمفعول به مجرور بتهمة الردة, في محل رفع ضَرر وهو مُضاف, وشعب الجنوب مجرد حرف مُنادى بالسكون, في وحدة الجنّ فيها أحرارا والبشر مصفدين!!