آخر الاخبار

قوات الجيش الوطني تفتك بالمليشيات الحوثية جنوب مأرب.. حصيلة الخسائر عاجل.. رئيس حزب الإصلاح يلتقي قائد قوات التحالف العربي .. تفاصيل الاجتماع منظمة دولية تتهم إسرائيل بممارسة جرائم حرب في اليمن وتوجه دعوة للمجتمع الدولي جامعة العلوم والتكنولوجيا بمأرب تقيم اليوم العلمي الأول لطب الأسنان بمأرب باحثة إسرائيلية متخصصة بالشأن اليمني تقول أن الحوثيين قد يُشعلون حربًا جديدة وتكشف عن صعوبة تواجه اسرائيل في اليمن الأمم المتحدة تطلق خطة استجابة لجمع 2.47 مليار دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية في اليمن حرصًا منها على مبدأ الشفافية.. وزارة الأوقاف اليمنية تعلن استرداد 15 مليون ريال سعودي تمهيداً لإعادتها إلى الحجاج السعودية تدخل عالم التصنيع المطور وتوقع اتفاقية تاريخية مع الصين نتنياهو يراوغ بشأن اتفاق وقف الحرب في غزة ويكذب على حماس.. ماذا قال؟ المبعوث الأممي يبيع الوهم ويتحدث حول إمكانية توحيد البنك المركزي في اليمن وصرف الرواتب واستئناف تصدير النفط

البقاءُ على قَيدِ الفرحِ
بقلم/ مجدي محروس
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و 7 أيام
الأربعاء 08 فبراير-شباط 2012 05:34 م

أن يُقررَ الشعبُ أن يبتهجَ ، وأن يُحددَ موعداً للفرحِ ، وأن يُجاهرَ بابتسامتهِ ، أن يُعلنَ حِرصهُ على الحياةِ ، أن يَأبى الموتَ المفروضُ عليه قسراً ؛ تلك هي أكبرُ معارضةٍ لأي دكتاتورٍ في العالمِ .

فالطغاة الذين ابتكروا فنوناً لإشقاء شعوبهم يَعِزُ عليهم أن يروا الشعبَ في سعادةٍ وفرحٍ كما لو أن الشعب يزاول نشاطاً محظوراً ما لم يكن ذلك الفرح مرتبطٌ بعيد ميلادهم أو ذكرى وصولهم إلى الحكم ؛ ذلك أنهم لربما يجدون في أمر كهذا خرقاً لقوانين القهر وتعدياً على مؤسسةِ المزاج الفرعوني. 

وبحسبِ النظريةِ المستغانميةِ فان الفرحَ في بُلداننا العربيةِ يُعد فعلُ مقاومةٍ ، فلكي تستدعي لحظةَ فرحٍ في حياتكَ مجبرٌ أنت بأخذِ قسطٍ من النسيان ، ملزمٌ على مغادرة آلامك ، ومفارقة مآسيك ، أحزانك ، مصائبك.

نشاط كهذا يتطلب منك التخلي والتخلص من كل ذكرى مؤلمةٍ عالقةً في ذهنك ، من كل حدثٍ موجعٍ في حياتك ، من كل ما من شأنه تعكير صفوك حينئذ.

لكن كيف إذا كان المحتاج لهكذا فرح هو بلدٌ يقال له اليمن السعيد !! ولا سعيد فيه.

 كم يحتاج أن ينسى ؟؟ كم مرةً يلزمه مفارقة آلامه ومآسيه وأحزانه كي يبتسم ، كي يفرح ، كي يبتهج !! كم يحتاج ليتخلص من ماضٍ موجعٍ أليمٍ؟؟ كي يكون اليمن السعيد !! أم أن قدره ألا يكون كذلك !!

عقودٌ من الزمن عاشها اليمن محروما حتى من البسمة فكان الحزن الذي جمعنا به - أي باليمن – خلال تلك الفترة المأساوية يجعلنا نتجه أحيانا كثيرة نحو الأحزان بقصد وبدون قصد حتى أننا ولفرط تعاطينا الحزن صرنا مسكونين بأوجاعنا ، بآلامنا ، بمآسينا.

في لحظات غروره وغرغرته المودعةُ حاول صالح أن يمزقَ البيت الثوري، السعيد برحيله ، المتماسك بمؤامراته ، القوي بضعفه ،و أن يهدم المعبد على العُبَاد وغيرهم،أن يُشعل الحرب الأهلية هنا وهناك، أن يُسقط آخر أوراق شجرته الزقومية في خريفه القاسي ، أن يسرق كعادته البسمة من شفاهنا، كم راهن كثيرا على أمور لا تنطلي على أبنا اليمن الأحرار . لكنه وجِدَ مرغماً على إعلان عجزه والاعترافُ بضعفه أمام الصمود الأسطوري للثوار ، فلم يكن أمامه إلا الكف عن العبث بمستقبلنا ومغادرة ذكرتنا نحو غابة النسيان للأبد بصحبة حقده وشره . فقد كان في حياتنا حزنٌ زائلٌ ونحن بدونه سنظل فيها فرحٌ دائمٌ ، كان لوطننا حرمانٌ سخي في حين أننا كنا له عطاءٌ غيرَ مجذوذٍ ، مَثّل لتأريخنا ماضٍ موجعٍ مخيفٍ ،ونحن أصبحنا له اليوم غدٌ مشرقٌ ومستقبلٌ واعدٌ ، كان هو الحرب ونحن السلم ، الكره ونحن الحب ، الوهم ونحن الحقيقة ، كان القاعدة ، الإرهاب ، الفوضى ، التخريب ،الانفصال، الفقر ، البطالة ،كان الموت وكنا الحياة.

أن تتخلص اليمن من كابوسٍ جثم على حياتها عقوداً من الزمن بأقل تكلفه مقارنةً بدمويته في الأمر معجزةٌ خارقةٌ للعادة مقرونةٌ بالتحدي ، ناتجةٌ عن صبر ثورة وحكمة سياسة.

لكن ثمة تحديات تحولُ دون البقاءُ على قيدِ الفرح لعل أهمها إعاقةُ إنجاحِ أولَ أهدافِ الثورةِ الشبابيةِ الشعبيةِ المتمثل في الانتخابات الرئاسية المزعم عقدها في الحادي والعشرين من فبراير و التي من خلالها سنتمكن من شطب اسم صالح من حياتنا السياسية ومحو قصاصته من سجلات تاريخنا الأبيض والقضاء على قمامة صوره المزعجة والمشوهة لشوارعنا وحيطاننا ومؤسساتنا الحكومية منها والأهلية ، سنزيح ونزيل عن أعيننا غباره المتعالي ونوقف أنهاره الدموية الجارفة ونطفئ نيرانه المشتعلة حقدا وحنقا على وطن رفضه ولفضه إلى حيث النسيان.

إن الانتخابات الرئاسية ليست عمليةً تنافسيةً بقدر ماهي إجراءٌ ثوري وفترة نقاهةٍ ، ومع هذا فإنها مرحلة تحدٍ كبيرة لن يخرج منها أحدا سالماً إن أسأنا إدارتها وعليه يجب الحذر من السقوط في فخاخ الأفكار العدائية والخطط الانتقامية لنبقى على قيد الفرح فالمرحلة لا تحتمل مواجهة أكثر من خصم ولا تحتاج إلى صناعة أعداء بقدر حاجتها إلى تضافر الجهود وتوحيد الصفوف من أجل تحقيق حلم ظل يراودنا طويلا وهو أن نرى اليمن بدون صالح الاستبداد، صالح الظلم والطغيان ، صالح الفرد والمنظومة الفاسدة أما مرحلة ما بعد الانتخاب فمحتاجة للقاء مشترك لا يستثني أحدا وحوار وطني يلملم بقايا وطن تبعثر وتعثر كثيراً.