الحِراك الجنوبي يحتضر
بقلم/ وليد البكس
نشر منذ: 12 سنة و 10 أشهر و يوم واحد
الجمعة 24 فبراير-شباط 2012 09:52 م

alboox@gmail.com

شطط فصيل الحراك العنيف،لا يمكنه ان يحقق أي تقدم في القضية الجنوبية المطلبية،كما و لا يمكن له ان يصب في اتجاه الحراك السلمي،او ينال علامات ونتائج إيجابية أمام خط ظاهرة (الإرهاب والترهيب المتنامي هناك)،لا على المستوى المحلي،و لا المحيط الإقليمي والدولي.

لا يبدوا الآن سوى إشارات تشويش عائمة في سماء القضية الجنوبية،بات مصدرها مكشوف،ومحدد داخل الحراك غير السلمي،وعبر جناح يدعي "تحرير الجنوب،او تخليص شعب الجنوب من سلطة الشمال"وغيرها من التوصيفات الخرقاء.كل ذلك تبعثه وتجاهر به مجموعة من الرعاع يتغلغلون في صفوف الحراك السلمي.ويباشرون إصابة القضية الجنوبية في مقتل.

إن صح التعبير ان نطلق عليها بعملية حرف مسار جوهر القضية.لن نكون مخطئين في ذلك؛لان مثل هذه الممارسات،التي تحيق بعدن والجنوب بشكل عام،و غدت الشغل الشاغل لتجار الحروب،كما نرقبها بخوف وحذر بالغ الوجع،لا يمكن لها ان تكون ابعد من مؤامرة على سلمية الجنوب؛من يراد له ان يخوض مواجهات بالإنابة.ولصالح من لا يعجبهم تجاوز البلاد مخاوفه بطرق حضارية للغاية.و سلمية.

إننا نخشى من تفاقم آثار هذا النزق النازف على جزء عزيز من الوطن.و تقلقنا تداعياته،في لحظة يمرّ فيه الوطن بمفترق طريق،ملغم بمثل هذه الانفعالات الزائدة عن اللحظة،و بما لا نتمناه مع ما بلغه من غموض من زبائن الشيطان في الداخل والخارج،ونزواته.و في ظل إشباع محافظ المال القذر،التي يجري من خلالها إتراف مسعروا مواقد الشقاق والتفرقة.من لا يرحموننا،ولا يريدون ان يرحموا أنفسهم من غيبيات الطيش ودعوات العمل المسلح في الجنوب.او حتى في الشمال.

كأنهم لا يشعرون بأن متعتهم لا تتحقق إلا على أشلاء الضحايا و من خلال أنهار من الدماء،وتكثيف الصورة السلبية التي يراد لها ان تملئ أفق الوطن.في لحظات يصنع الشعب تأريخه المميز،يسوؤهم مثل هذا الفعل المجيد.إنهم غير قادرين على استحضار الحكمة والقدرة في التعامل مع الواقع بعيدا عن النزوات المؤلمة التي تنوء بها كل الفئات في مختلف المحافظات الجنوبية.

كنا نعتقد بأن من يحاولون استدرار وصف(الحراك العنيف)واستجلابه إلي مناطق الجنوب؛سيكونون اعقل من أي وقت مضى،و أنهم لن يعاودوا إلي استخدام العنف،او يتبنوه نهجا لمعالجة قضيتهم.خاصة و ان الجنوب بأبنائه المقهورين،جربوا العنف بمختلف أشكاله،ذاقوا أقسى الويلات،ولحق بهم ما لحق من القتولات والشتات.

الجنوب تأريخه حافل بالصدامات،صبغته التجربة بلون الدم والبارود،وغذته العدائية المفرطة بين الأخوة في يافع او الضالع و أبين وعدن.ويكفيه ما خالطه من عذابات وتصدعات مميتة.اليوم يحاول هؤلاء (الأغبياء) من لا يمثلون الجنوب ولا قضيته الجوهرية،استدعاء الماضي بكامل سوداويته، كأنهم لم يخبروا مأساة لغة السلاح و القتل ولم يشبعوا من مسلسلات الجنائز.

إنهم مجموعة من المراهقين،وقطعان ضالة يعملون وفق التشنجات اللحظية، ليس إلإ،لا إسعاف القضية إلي حيث التطبيب.وتأهيلها إلي ان تتعافى وتشتد.

ولأنهم لا يؤمنون بالقضية الحقيقية للجنوب،نلاحظ تصابيهم في أكثر من صورة وشكل،مرة ينشئون ساحة ومنصة(للتصالح والتسامح)وما يلبثوا ان يفضوها بالخلافات والمواجهات بين طرفين احدهم مثلا يؤيد تزعم قيادات عفا عليها الزمن للقضية،والأخر يرفض.ليستبدل التصالح بتعميق الخلاف والتسامح إلي ضغينة،و مرة أخرى يتحدثون عن السلمية ويهتفون بها؛لتحولوا إلي مليشيات مسلحة تهيم في بعض الأزقة متمنطقين البنادق.يمارسون الطيش ضد الاشئ

الواضح أنهم مدفوعين يريدون القضاء على الحامل السياسي الذي تشكل منذ العام 2007 وفي إطار العمل السلمي،أم الآن على ما يبدوا لا يوجد مؤيدين للقضية من الداخل،و لا مؤمنين بها.لا شئ سوى إعلاء الشهية الإجرامية باسم القضية و الجنوب وبمبررات الانتصار لها،و ذلك لا يخدمها ألبته،أنه هدم لما أسست عليه السلمية،وخلق حالة فوضى؛ تجابه بما يقابلها من عنف وقمع،و ببساطة مفادها بأن الترهيب يولد الإرهاب.

يا أخوة كل ذلك لا يمنح الجنوب ولا المناديين بمعالجة قضيته أكثر من التشرذم والتعقيد،إن سار أصحاب منطق العنتريات والقوة في هكذا طريق.وذلك من وجهة نظر كثيرين من المراقبون؛الذي يحول مطالب القضية الجنوبية إلي مخططات لثراء البعض باسمها والمتاجرة بأمن وسلامة عدن والجنوب بشكل عام،فيما يظل هؤلاء المتآمرون الأوغاد يحاولون انتزاع قلب القضية النابض من جسدها الحي ويجعل من مؤيديها ينفضون من حولها ويتبدلون عن مواقفهم المعروفة بمساندة أبناء الجنوب.حيث تلحق بهم الآن إساءات ومحاولة الزج بهم في أتون موجة عنف وصدامات لا تعنيهم. 

 ظللنا مجموعة من الصحافيين والنخب الشمالية والجنوبية نعمل على حدا سوى و- طيلة سنين – في إنصاف مشروعية القضية وأحقيتها،و دون ان نهادن في أي مطلب يصرخ به الشباب ومن قبلهم المبعدون من الجيش،الذي يبلغ قوامهم(40 ألف) أقصتهم أيدي النظام الخبيثة عن مواقعهم العسكرية،لتزج بهم في أتون دعوات مناطقية عبثية،و ينظم إليهم العشرات من العاطلين عن العمل.

وعلى مدى خمس سنوات ويزيد ونحن نناضل إلي جوار هؤلاء المجاميع،نسند مطالبهم ليس في حق العودة إلي وظائفهم في الجيش او منح من يعانون من البطالة وظائف تسد حاجتهم.ولكن كنا نبحث في تفاصيل المظالم التي تلحق بهم جراء العمل الممنهج؛الذي انتهجته عقلية اقصائيه خائبة،وعلى كل المستويات(نهب أراضي،إقصاء ضباط وقادة من صفوف الجيش،و تكريس لغة الأجهزة الأمنية القميئة للتفرقة بين المواطن اليمني على اساس شمالي،جنوبي).

كنا ندرك مثل ذلك،ومن المستفيد منه،ومع هذا استمرينا نبذل قصار جهدنا للقيام بما يمكن تقديمه للوقوف معهم في الضفة الأخرى من الوطن.وما نزال مع سلميتهم،غير أننا الآن بدأنا ندرك بأن هناك من يحاول الانحدار بالجنوب و القضية عن مسارها الواضح،وهو مالم يروق لنا ولن نستمر في تبني وجهة نظر الحراك كقضية حقيقية سلمية،أقولها سلمية.

آمل الا تقف مشاعر البعض الصبيانية في واجهت واجبات الغالبية الجنوبية الضرورية تجاه الجنوب واليمن كله.

إن تحديد هوية الحراك السلمي الحقيقي هو المطلوب في ظل التخبط الكبير.واقتراف التصرفات الحمقاء.لأننا نلمس الآن من كل هذه الدعوات وتنفذ الجماعات المسلحة الطارئة على القضية و الجنوب، يجري وفق شغل مكثف في خانة نظام المخابرات داخل وخارج الوطن؛و يراد له التماثل مع نزعات البعض.وهو الشيء المرفوض.