إسرائيل تكشف عن 13 قياديا حوثيا وتنشر صورهم ضمن بنك أهدافها.. والمختبئون في الجبال من مقربي عبدالملك الحوثي تحت المراقبة دبلوماسية أمريكية تتحدث عن عملية اغتيالات لقيادات جماعة الحوثي وتكشف عن نقطة ضعف إسرائيل تجاه حوثة اليمن رئيس الأركان يدشن المرحلة النهائية من اختبارات القبول للدفعة 35 بكلية الطيران والدفاع الجوي هكذا تم إحياء الذكرى السنوية ال 17 لرحيل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر بالعاصمة صنعاء مسيرات الجيش تفتك بقوات الدعم السريع والجيش السوداني يحقق تقدما في أم درمان محمد صلاح في طليعتها.. صفقات مجانية تلوح في أفق الميركاتو الشتوي حلف قبائل حضرموت يتحدى وزارة الدفاع والسلطة المحلية ويقر التجنيد لمليشيا حضرمية خارج سلطة الدولة مصابيح خلف القضبان.... تقرير حقوقي يوثق استهداف الأكاديميين والمعلمين في اليمن الإمارات تعلن تحطم طائرة قرب سواحل رأس الخيمة ومصرع قائدها ومرافقه بينهم صحفي.. أسماء 11 يمنيًا أعلن تنظيم القاعدة الإرهـ.ابي إعدامهم
يبدأ اليوم الدراسي الجامعي في هذه الجامعة بعد أداء صلاة الفجر مباشرة، وذلك بتلاوة ودراسة القرآن الكريم ودروس السنة النبوية ويستمر ذلك حتى صلاة الظهر. وذلك على العكس تماما من الجامعات الأخرى وحتى المدارس الدينية الاخرى. ولا يمارس طلاب هذه الجامعة الأنشطة الرياضية بصورة رسمية ولا توجد للجامعة فرق رياضية تشارك في بطولات الجامعات لأي نوع من أنواع الرياضة. غير أن المسؤولين في الجامعة يقولون إن بعض الطلاب شكلوا فرقا رياضية داخلية يمارسون من خلالها بعض الهوايات الرياضية.
هذه هي بعض الخصائص الفريدة لجامعة الإيمان اليمنية الأهلية ورئيسها الشيخ عبد المجيد الزنداني، والتي تثير جدلا واسع النطاق في ظل الاتهامات الأميركية للجامعة بتعليم التطرف والتشدد من خلال مناهجها التي تدرس للطلاب الذين يفدون إليها من مناطق مختلفة من العالم. وليس من المبالغة القول ان الجامعة والزنداني باتا موضوعاً من موضوعات العلاقات الاميركية ـ اليمنية. تفرض الجامعة حصارا امام الصحافيين وعدسات الكاميرات. غير ان «الشرق الاوسط» بعد اشهر من المحاولات اخذت تصريحا من الجامعة بزيارتها والالتقاء مع بعض المسوؤلين وبعض الطلاب. تأسست جامعة الإيمان عام 1993، حيث وضع حجر الأساس لها وافتتحها الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، وكانت حينها تسمى «كلية الإيمان الجامعية»، وحصلت على ترخيص رسمي من وزارة التربية والتعليم، وهي عضو في اتحاد الجامعات العربية منذ عام 1997. تقع الجامعة في الجزء الشمالي من العاصمة اليمنية صنعاء وتحتل مساحة وقدرها (44000 ك.م). بعض تلك المساحة ما زالت غير معمورة. يدرس في الجامعة حاليا 3750 طالبا و800 طالبة وتخرج منها بضع مئات من الطلاب، يفاخر أهل الجامعة بان بعض خريجيها يدرسون اليوم في بلادهم الاصلية، بينهم من يدرس في الصومال، وأشهرهم يدعى فهمي ويقود ملايين المسلمين الاندونيسيين. وبالرغم من الشهرة التي تتمتع بها الجامعة على المستويات الاقليمية والدولية، الا ان غالبية أهالي اليمن، وخصوصا اهالي صنعاء لا يعرفونها ولا يعرفون لها ترميزا أو شعارا مثل الجامعات الأخرى، اذ ليس هناك امام الجامعة سوى يافطة كبيرة أمام إحدى بواباتها مكتوب عليها «جامعة الإيمان». ويحتاج المرء لسيارة للتنقل بين أرجائها وصالاتها خاصة إن كان غير معتاد على المشي. وقد تزامنت زيارة «الشرق الاوسط» مع انعقاد ندوة «تقوية الإيمان» التي تقيمها الجامعة للعام الثالث على التوالي بمشاركة المئات من العلماء من مختلف مناطق اليمن، ولاحظت أن لدى الجامعة من الإمكانية ما جعلها تستضيف تلك الأعداد وتقيم لهم وجبة الغداء في مطعم الجامعة الخاص بالطلاب، إضافة إلى ذلك الحشد الكبير من أقطاب التيار الإسلامي في اليمن من مؤيدي الشيخ الزنداني، الذي تتهمه واشنطن بدعم وتمويل الإرهاب وبالعلاقة مع أسامة بن لادن زعيم تنظيم «القاعدة». وقد ضم الذنداني إلى القائمة السوداء الخاصة بالارهاب في 27 فبراير (شباط) 2004، وجمدت وزارة الخزانة الاميركية أرصدته. عندما تدخل الجامعة تجد سلسلة مباني حديثة على شكل وحدات سكنية، تستخدم هذه المباني لرئاسة الجامعة والشؤون الإدارية. أما قاعات المحاضرات فهي عبارة عن «هناجر»، أي قاعات مبنية من الطوب الإسمنتي ومسقوفة بصفائح الزنك والحديد. وهي واسعة جدا ومتباعدة وجميعها تحمل أسماء إسلامية كـ «قاعة الخليفة عثمان بن عفان»، و«ذو النورين»، و«قاعة الإمام علي»، و«قاعة أبي حنيفة» وغيرهم. الجامعة أشبه بمدينة داخل مدينة صنعاء. فنظام التعليم فيها ينص على أن يسكن جميع الطلاب داخل الجامعة، غير أن الطلاب من سكان العاصمة وبالأخص الطالبات لا يسكن في الجامعة، حيث يتولى سرب من «الحافلات» الكبيرة نقلهن من بيوتهن إلى الجامعة والعكس. وتوفر الجامعة وحدات سكنية للطلاب المتزوجين مع أسرهم ووحدات سكنية أخرى للطلاب غير المتزوجين بنظام«العنابر». إضافة إلى أنها تحوي ما يشبه السوق الصغير، ومطعما، وكافتيريا، وبقالات، ومركز اتصالات ومقهى انترنت وأشياء اخرى.
يدرس حاليا في الجامعة عدد من الطلاب الأجانب (لم تستطع «الشرق الاوسط» الحصول على رقم بعددهم بالتحديد من قبل مسؤولي الجامعة بسبب تحفظ الجميع). يحمل بعضهم جنسيات: ماليزيا، واندونيسيا، وكوسوفو، وألبانيا وبعض الدول الأفريقية أبرزها الصومال. وقد رفض الكثير من الطلاب تصويرهم خشية أن يتعرضوا حسب قولهم وإدارة الجامعة لإجراءات حكومية.
وينفي المسؤولون في «جامعة الإيمان» صحة الاتهامات الأميركية، وحتى وزارة الداخلية اليمنية بان الجامعة ترعى التطرف وتعلمه في مناهجها التعليمية. ويوضح الشيخ عبد المجيد الزنداني، مؤسس ورئيس جامعة الإيمان رأيه حول الاتهامات الموجهة للجامعة موضحا لـ«الشرق الاوسط» إن التعليم الإسلامي أصبح «هدفا لهجمات من غير المسلمين وبخاصة أميركا، التي تريد من المسلمين أن يغيروا تعاليم دينهم وفقا للمقاييس التي تريدها فتتدخل في مناهج التعليم في المدارس العامة وتتدخل كذلك في الجامعات بأساليب مختلفة. ونعتبر هذا اعتداء على الأمة الإسلامية في صميم دينها في الوقت الذي يتحدثون فيه عن الحرية والرأي الآخر وحرية التعبير. لكن هذا كله يسقط عندما يأتي التعامل مع الإسلام».
ويتساءل الزنداني عن موقف «أي دولة وأي شعب يحترم نفسه عندما يقال: نريد منكم أن تأخذوا الموافقة على مناهج تعليمكم من سفارة من السفارات الأجنبية. ماذا سيكون موقف الأميركان لو اجتمعت كل دول المسلمين والتمسوا طلبا إلى الحكومة الأميركية أن تعدل سطرا واحدا في منهج من مناهجها التعليمية؟ سيعتبرون هذا تدخلا في خصوصيات الثقافة والإرادة والكرامة». لكن الدكتور حيدر احمد الصالح، نائب رئيس جامعة الإيمان يوضح لـ«الشرق الأوسط» إن جامعة الإيمان «ليست سوى هدف من الأهداف التي لا تقتصر على الجامعة فقط ولكنها حملة تستهدف جميع المدارس الدينية في العالم الإسلامي». ويضرب الدكتور الصالح مثلا بما جرى ويجري للتعليم الديني في باكستان والهند ويقول إن «كل المدارس التي تعلم الإسلام مستهدفة. وهم بالتالي يحاولون تشويه الصورة وتنفير الناس، لان هذه الجامعة والمدارس الدينية خيرية تقوم بتدريس أبناء المسلمين منذ بزوغ فجر الإسلام وحتى اليوم». ولا يلقي إسماعيل السهيلي مدير مكتب الشيخ الزنداني في حديثه لـ«الشرق الأوسط» اللوم على كل الاميركيين او عموم الشعب الاميركى، بل على ما أسماهم بـ«المتطرفين الذين يحكمون أو يسيطرون على الإدارة الأميركية. ويؤكد أن المشكلة ليست مع الشعب الأميركي» لا مشكلة للعالم الإسلامي معه، انه شعب كبقية الشعوب يعيش بالطريقة التي يريدها ويمارس حقوقه بالطريقة التي يريد ويتمتع بالحرية والحقوق التي كفلها له دستور بلاده بما في ذلك التعليم المسيحي. وهناك مجموعة من اليمينيين أو المحافظين الجدد، هؤلاء لهم أجندة أصبحت معروفة بعضها يتعلق بميول توراتية وبعضها يتعلق بمسائل اقتصادية سواء بالنفط أو بالسيطرة على منابعه في العالم الإسلامي أو المواقع الجيو ـ استراتيجية في العالم الإسلامي».
ويركز مسؤولو الادارة الاميركية انتقاداتهم على ان المناهج التي تدرسها الجامعة تروج لافكار متطرفة، من بينها التمييز بين المسلم والمسيحي، ووضع الاقليات الدينية في الدولة الاسلامية. غير ان مسؤولي الجامعة ينفون هذه الاتهامات. ويقولون عن المناهج التي تدرس أنها «مناهج معتمدة وحظيت بالقبول من الأمة الإسلامية على مر التاريخ، وأنها مناهج ليست سرية بل معروفة». ويقول الشيخ الزنداني «نحن ندرس كتبا معينة، اشترطنا لأنفسنا أن تكون هي الكتب التي تلقتها الأمة بالقبول. لم نقف عند حدود اليمن أو العرب بل قلنا امة الإسلام، وليس في هذا الجيل وليس في هذا العصر، وإنما في كل العصور التي مضت. فالأمة الإسلامية تلقت بالقبول عددا من الكتب في مناهج معينة. فمثلا امتنا الإسلامية والجامعات والمؤسسات والمشايخ وحلقات العلم تلقت بالقبول (تفسير بن كثير) و(كتاب تفسير فتح القدير) للإمام الشوكاني، هذا كتاب تفسير، وهو مرجع علمي في الغالب عند كل عالم مهتم بالتفسير في كل بلاد المسلمين. ومنشور في المكتبات ومطبوع منذ عشرات السنين قبل أن تنشأ جامعة الإيمان ومؤلف قبل قرون، قبل أن تأتي أميركا وتتحدث عن الإرهاب». ويتابع حول المناهج التي تدرس في الجامعة «في علوم القرآن.. في الحديث ندرس صحيح الإمام مسلم. الأمة الإسلامية تعرف من هو الإمام مسلم وهو الكتاب الثاني بعد البخاري وشرحه إمام مشهور من أئمة المسلمين وهو الإمام النووي. لكن ربما يصاب بالفزع بعض الجهال ويقولون الإمام النووي، يعني عندكم أسلحة نووية. وفي الأصول ندرس (روضة الناظر)، وندرس كتابا في الأصول لعالم من علماء عصرنا وهو عضو المجمع الفقهي، من فقهاء الأمة الشيخ عبد الكريم زيدان والقواعد الفقهية وهي قواعد أصلها علماء المسلمين منذ مئات السنين. وندرس في جماعة الإيمان (كتاب الإيمان) وهو كتاب مطبوع، كل من اطلع عليه من المثقفين أو الدارسين يعجب ويفرح بهذا الكتاب وهو موجود بين أيدينا مأخوذ من الكتب المعتبرة وفيه بعض الجديد وهو الذي أجازه العلم واستعرض آيات الله في الكون ومناقشة لتلك القضية التي أثيرت في الغرب بسبب ظروف الغرب وهي قضية العلاقة بين الدين والعلم. وهذه كتبنا التي ندرسها، وهي موجودة في المكتبات وأقرت كمنهج للجامعة في ندوة حضرها عدد من العلماء من اليمن ومصر، وسورية، ودول الخليج، والسودان وكانت تحت رعاية نائب رئيس الجمهورية».
لكن جامعة الإيمان لا تدرس فقط مواد دينية، ولا تعطي فقط شهادات دينية، فهي تدرس العلوم الاجتماعية بتخصصاتها المختلفة، لكن هذا بدوره لا يخلو من خصوصية، وفي هذا السياق يوضح الزنداني انه بالنسبة للمناهج الاجتماعية الحديثة «حرصنا على أن نستفيد من الكتب التي تدرس والمدرسين الذين يدرسون في جامعة صنعاء (أول واكبر جامعة حكومية). وحرصنا في السياسة مثلا أن الذي يدرس السياسة في جامعة صنعاء هو الذي يدرس السياسة في جامعة الإيمان. أما الاقتصاد فقد تعاونا مع البنوك الإسلامية ومع أساتذة الاقتصاد في عدد من الجامعات الإسلامية وطلبنا منهم أن يضعوا لنا منهجا للاقتصاد الإسلامي يلبي حاجات العصر. مناهج خاصة ،مافيش الغام. والذين يعرفون بالمعاملات المالية. ما يجوز منها وما لا يجوز وما يصح وما لا يصح، هذا هو المنهج الاقتصادي، كتب مطبوعة ومنشورة وعليها أسماء أساتذتها المتخصصين في هذا المجال». ويقول ان جامعة الإيمان حرصت على الربط بين الجوانب التطبيقية والنظرية في كل كلياتها، وعلى رأس ذلك كليات الطب والهندسة. كل ذلك يوضح ان جامعة الإيمان لا تقدم مناهج مختلفة عما يدرس في الكثير من الجامعات التي تسمى «اسلامية» بدءا من مصر الى اندونيسيا. لكن مع هذا للجامعة خصوصيات اخرى تظهر في الجوانب غير الاكاديمية. وهذا ما يوضحه الزنداني بقوله ان الجامعة تهتم بتدين وسلوك طلابها. موضحا «ديننا يأمرنا بذلك، «الذين آمنوا وعملوا الصالحات»، فنحن ندرب طلابنا على أن يعملوا بما علموا ويقوموا بالوعظ ويقومون بالتدريس، ثم جانب آخر وقد أسقطه راسمو التعليم والمناهج التعليمية وهو الاستقامة الشخصية، في بعض الكليات لا علاقة بين الطالب وبين الأستاذ إلا المعلومة، خذ هذه المعلومة وأتني بها أثناء الامتحان، يكون سلوكك غير صحيح.. كذاب، غشاش، مجرم، صالح، طالح. الله عندما بعث الرسول (عليه الصلاة والسلام) قال: «هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ظلال مبين». نحن نهتم بالتربية الإيمانية، أن يحافظ الطالب على الصلاة، نشجعه على صيام النافلة، نشجعه على الإنفاق، نشجعه على التفكر وعلى الفكر، على تلاوة كتاب الله، على التحلي بالأخلاق الفاضلة، الصدق، الأمانة، الوفاء، البعد عن الخيانة والرذيلة بكل صورها وأشكالها لأننا نريد عالما قدوة فيما يدعو إليه. هذه هي جامعة الإيمان وهذا هو منهج جامعة الإيمان الذي تثار ضده الإشكالات والتهم». ويشكو المسؤولون في جامعة الإيمان من تضييق الخناق عليهم وعلى الطلاب من قبل مصلحة الهجرة والجوازات اليمنية التي يقولون إنها دائما ما تعمد إلى منع الطلاب الأجانب الذين يدرسون في الجامعة من العودة إلى اليمن عندما يذهبون في إجازات إلى بلدانهم. وبحسب إدارة الجامعة فان هذه التصرفات تتم رغم أن جميع الطلاب الأجانب الذين يدرسون في جامعة الإيمان لا يتم قبولهم للدراسة إلا بعد إحضار الطالب رسميا منهم موافقة خطية من سفارة بلده بصنعاء وحصوله على إقامة رسمية. «الشرق الأوسط» التقت بالطالب زياد حسين (صومالي الجنسية) والذي يدرس في الجامعة منذ ثماني سنوات، ورغم انه تخرج وحصل على شهادة (المشيخة)، إلا انه رفض أن نناديه بلقب شيخ، واعتبر نفسه ما زال طالبا ويريد أن يكمل العشر السنوات. ويدرس زياد العلوم الشرعية ويقول إن هذه هي «الدروس التي يحتاج إليها المسلمون بصورة عامة وإنها الدروس التي كانت تدرس في حلقات العلم وهي الآن تدرس في جامعة الإيمان بصورة نظامية». ويقول زياد انه يريد أن يعلم أبناء بلاده ما تعلم «أريد أن أعلمهم ليرجعوا إلى الإسلام الصحيح ويتمسكون بالإسلام ويتركوا العصبية ويتعايشوا مع الناس، كما عاش الرسول (عليه الصلاة والسلام) مع سائر الناس». ويعلق زياد على الاتهامات التي توجه للجامعة برعاية التطرف والإرهاب بالقول «لو كانت القضية صحيحة لما بقينا نحن في الجامعة.. هذه اتهامات باطلة وكاذبة وظالمة وجائرة».
ومن أهم القضايا التي تطرح حول جامعة الإيمان سواء داخليا او خارجيا، مصادر تمويل الجامعة. ويرفض مسؤولو الجامعة بما فيهم الزنداني الإفصاح عن مصادر التمويل بالرغم من ان ما يصرف على التعليم وسكن الطلبة ومصاريف التشغيل وغيرها تبدو للبعض مبالغ كبيرة تثير التساؤلات فعلا.
ويؤكد مسؤولو الجامعة أن تمويلها يقوم على التبرعات من المحسنين في العالم الإسلامي وان هناك موظفين مختصين في الجامعة يقومون بإجراء اتصالات مع الشركات والتجار وأهل الخير من اجل جمع التبرعات، إضافة الى تبرعات المساجد، كما ان هناك بعض الطلاب من ميسوري الحال ممن يتبرعون للجامعة. ويقول الزنداني حول السرية على مصادر التمويل «نحن نعرف ماذا تفعل أميركا بمن يمول الجمعيات الخيرية، أدخلتهم في قائمة الإرهاب، هل تنكر ذلك؟». ويتابع «لدينا في الدين الإسلامي، أصلا أن النفقة يجوز أن تكون معلنه ويجوز أن تكون خفية والعلماء يقولون من أراد لنفسه أن يبتعد عن الرياء والسمعة فعليه أن يقدم صدقة خفية، لكن إذا أراد أن يكون قدوة لغيره ويحث غيره ويدعو إليه لا بأس أن يظهرها، ولا غرابة في ذلك في الدنيا بأكملها، لماذا فقط جامعة الإيمان؟ هناك جامعات في أوروبا وأميركا تأخذ تبرعات، جامعات أميركا تأخذ مليارات التبرعات».
وعندما سألت «الشرق الأوسط» نائب رئيس الجامعة الدكتور حيدر احمد الصالح حول التبرعات الخارجية، قال انه لا يعلم بها وان علينا سؤال رئيس الجامعة. لكن إسماعيل السهيلي، مدير مكتب الشيخ الزنداني قال لـ«الشرق الاوسط» إن من حق الناس أن يتعلموا سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين. ويقول «إن هناك العشرات إن لم نقل المئات من المؤسسات التعليمية في الولايات المتحدة تتلقى الملايين ولا أبالغ إن قلت المليارات لدعم التعليم ولم نسمع صوتا حول هذه المؤسسات: لماذا تمول؟ لماذا التعليم الإسلامي؟ نريد إجابة».
لكن ملاحظات السلطات اليمنية على جامعة الإيمان لا تنحصر فى المناهج او مصادر التمويل، فهناك مطالبات للجامعة للالتزام بنظام التعليم المعمول به في البلاد. وفي هذا السياق يقول الدكتور علي قاسم إسماعيل وكيل وزارة التعليم العالي اليمنية والأمين العام للمجلس الأعلى للجامعات اليمنية عن نقاط الخلاف مع جامعة الإيمان إن الوزارة تطالب الجامعة بالالتزام بنظام التعليم المعمول به في البلاد، مثلا أن تمنح شهادة بكالوريوس بعد الدراسة لمدة أربع سنوات، ثم الماجستير والدكتوراه، ولا تهمنا تسمية الشهادات من قبلهم فنظامهم يشبه إلى حد ما نظام جامعة الأزهر.
وأضاف لـ«الشرق الاوسط»: ليس لدينا أية معلومات حول ميزانيات الجامعات الأهلية ونفقاتها حتى الآن بما في ذلك جامعة الإيمان، لكننا نطالب الآن الجامعات الأهلية وبالأخص الخيرية ومنها جامعة الإيمان بان تخضع لنظام محاسبي وان تقدم ميزانية سنوية وحسابات ختامية سنوية. وكشوفات بأسماء الطلاب الدارسين والخريجين ونتائجهم. وقائمة بأعضاء هيئة التدريس ومؤهلاتهم وطرق انتخاب رئيس الجامعة والشروط المحددة لذلك. ايضا نريد ان نعرف كم هو رأسمال الجامعة ومصادر تمويلها ومن أين تأتي؟ والاطلاع على مناهجها؟ وهذا ضمن خطة الوزارة خلال الفترة المقبلة بالنسبة لجميع الجامعات».
ويقول الدكتور قاسم اسماعيل ان المسؤولين اليمنيين جلسوا مؤخرا مع الشيخ الزنداني برئاسة وزير التعليم العالي الدكتور صالح باصرة، وتم طرح جميع هذه الملاحظات والمطالب عليه. كما طلب منه الالتزام بالقانون والقرارات النافذة واللوائح الخاصة بنظم التعليم العالي وقد أبدى استعدادا كاملا للالتزام بذلك.
لكن الزنداني يقول لـ«الشرق الاوسط» في هذا السياق «لكل دولة أنظمة، وأنظمتنا أصلها الدستور والدستور كما هي دساتير الدنيا تشجع على أن المواطنين ينظمون أنفسهم في جمعيات علمية وفكرية ويحصلون على ذلك وفي هذا المجال إذا كان هناك من يدعي أن هناك خيانة للمال فيحق له أن يحتسب ويقدم احتسابه إذا كان هناك أناس يخونون ويصرفون المال في غير موضعه، لكن لا يوجد احد يبحث عن هذا، إن أميركا وعملاءها وأياديها يبحثون عمن يدعم المؤسسات التعليمية الإسلامية ليلبسوه ثوب الإرهاب.. أفهمت؟». وحول لقائه بوزير التعليم العالي حول مشكلة عدم اعتماد شهادات الجامعة منذ ثمانية اشهر تقريبا، ومسألة إشراف الوزارة على الجامعة وخضوعها لقانون الجامعات الأهلية، يقول الزنداني «ليس هناك قانونا اخذ حظا من النقاش والأخذ والرد مثل قانون الجامعات الأهلية لأنه عندما فصل قال كثير من الناس كأن: هذا القانون فصل لقصد معين ولكن علماء المسلمين مجموعة من ابرز علماء المسلمين نقدوا هذا القانون وبينوا بعض عيوبه ورفعوها إلى مجلس النواب واضطرت الحكومة إلى سحب مشروع القانون بعد نقد العلماء وأعيد القانون مرة ثانية وأعيد النقد من العلماء مرة ثانية وأخذ مجلس النواب في اخذ ورد في هذا القانون كما لم يخضع أي قانون آخر كمثل هذا الأخذ والرد حتى وضع في صيغة في مجملها مقبولة وتتماشى مع الدستور، لأنه كان يتصادم مع الدستور. كان قانون يصادر ما أعطاه الدستور». ويقول الصحافي اليمني المختص بالشؤون الإسلامية عبد الله الحضرمي، رئيس تحرير موقع الحزب الحاكم على الانترنت «المؤتمر نت» إن الجامعة أنشئت «لتكون ذات طابع خاص رغم أن كلياتها الأربع بأقسامها المختلفة لا تتميز بجديد عما يدرس في الكليات الشرعية والآداب في الجامعات الأخرى من قراءات وتفسير حديث وفقه ولغة عربية، حتى في الأقسام التي جعلت منها خصوصية لها (التزكية والإيمان والعلوم الكونية والإعجاز العلمي) هي أيضاً ضمن مقررات التعليم الحكومي بأسماء مختلفة، أي أن خصوصية الجامعة تأتي من خصوصية المنهج الذي تدرسه تلك الأقسام المختلفة، إلا أن الأهمية التي أولتها الجامعة لقسم التزكية وتعيين هيئة خاصة على رأسها مساعد لرئيس الجامعة هي الخصوصية الحقيقية للجامعة كمصنع لتفريخ جماعات خاصة وإعداد وتربية نوعية لا نستطيع أن نعتبر علي جار الله السعواني، وعابد عبد الرزاق هما النموذجان المعبران عن نوعية تلك التربية والإعداد لكن وجودهما ضمن مخرجات الجامعة يبعث على القلق والخوف».
ويضيف الحضرمي «وجود الشيخ عبد المجيد الزنداني على رأس الجامعة وتخصيص قسم للإعجاز العلمي ليس ضمانة كافية لأن تكون النتائج مجسدة لحسن نوايا الشيخ، وعدم توظيف تلك المخرجات من قبل المتنفذين في الجامعة لتحقيق مآرب على الساحة السياسية، وتوجيهها إلى القيام بأعمال عنف ضد الخصوم السياسيين، وإرباك العملية الديمقراطية وزعزعة الأمن والاستقرار، فحسن نوايا الشيخ الزنداني لم تستطع أن تتغلب على مستثمري الدين من الساسة الذين لاحظنا تمردهم على الشيخ نفسه وتبرمهم من مواقفه المحافظة في وجه مواقفهم السياسية لدرجة وصلت حد الإساءة لشخصيته التي طالما استثمروها في دعم وجودهم السياسي. حسن نوايا الشيخ الزنداني لم تمنع وقوع جريمتي قتل جار الله عمر والأطباء الأميركيين، ونحن نريد ألاَّ تكون حسن النوايا سبباً في جريمة قادمة».
ولا ينفي أو يؤكد مسؤولو جامعة الإيمان ان بعض الطلاب لهم ميول متطرفة، وأن كان بعض طلاب الجامعة ذهبوا إلى العراق للقتال هناك ضد قوات التحالف الأميركية خصوصا أو إلى غيرها من البلدان المشتعلة مثل أفغانستان. ويرد مدير مكتب الزنداني على سؤال «الشرق الأوسط» بهذا الخصوص بالتأكيد على أن الجامعة «مؤسسة تعليمية وينحصر نشاطها في المجال التعليمي فقط، حيث يعتمد نظام الدراسة على الحضور والغياب للطالب أثناء الفصل الدراسي». ويؤكد أن الجامعة ملتزمة بالطلاب وعنهم خلال الفصلين الدراسيين «ولا نستطيع أن نراقبهم في بيوتهم وليس من حقنا الدستوري أن نراقب الطالب في بيته وفي حياته العامة، يقتصر نشاطنا على تسيير النظام الذي نخضع بموجبه لقانون الجامعات الأهلية». كما ينفي السهيلي تهمة وجود معسكرات تدريب داخل الجامعة التي يقول إنها «لا تقع في منطقة نائية من الكرة الأرضية أو من الجمهورية اليمنية». ويعتقد أن من السخف الحديث عن وجود مليشيات مسلحة داخل الجامعة لان ذلك «يسيء لليمن كدولة وللحكومة اليمنية كحكومة مستقلة ذات سيادة».
* تعليم.. خيري > يوجد في اليمن عدد من الجامعات الدينية، غير أن أبرزها «جامعة الإيمان» التي لا توجد جامعة شبيهة لها بكل المواصفات على الإطلاق. هناك الكلية العليا للقرآن الكريم بالعاصمة صنعاء وجامعة دار العلوم الشرعية في محافظة الحديدة ( 240 كيلو مترا غرب صنعاء ـ على ساحل البحر الأحمر، إضافة إلى مدارس دينية مثل دار المصطفى في محافظة حضرموت بأقصى جنوب شرقي البلاد.
تضم جامعة الإيمان أربع كليات هي: الإيمان، الشريعة، الدعوة والإعلام وكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية. الأولى (الإيمان) تضم أربعة أقسام هي: التفسير، علوم القرآن، الحديث والإعجاز العلمي في القرآن والسنة. أما الثانية (الشريعة) فتضم ثلاثة أقسام هي: أصول الفقه، الفقه، واللغة العربية. تضم الكلية الثالثة (الدعوة والإعلام) قسمين هما الدعوة والإعلام. وتضم كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية ثلاثة أقسام هي: الاقتصاد الإسلامي، العلوم السياسية، والاقتصاد المنزلي.
مدة الدراسة الافتراضية في جامعة الإيمان عشر سنوات حيث ينال الطالب بعد الدراسة لسبع سنوات شهادة المشيخة (الماجستير) وحتى لم تمنح شهادة العالمية بكسر اللام الثانية وهي توازي شهادة الدكتوراه. وهناك سنة دراسية تخصصية بعد شهادة (المشيخة) أو الماجستير تخصص لدراسة المذاهب الخمسة: الشافعي، الحنفي، الحنبلي، المالكي والزيدي. وتصادق وزارة التعليم العالي اليمنية على جميع الشهادات الصادرة عن جامعة الإيمان. وبحسب مسؤولي الجامعة فان الوزارة وعدت بمساعدة الجامعة خلال الفترة المقبلة من خلال دعم ندواتها وفعالياتها. وجامعة الإيمان لا تتلقى دعما حكوميا رسميا. الدراسة في جامعة الإيمان مجانية لجميع الطلاب اليمنيين وغيرهم، اضافة لمجانية السكن والمأكل والمشرب.
يعيد المسؤولون في الجامعة عدم اكتمال البنية التحتية للجامعة مثل المباني والقاعات خصوصا إلى أحداث 11 سبتمبر (ايلول) التي يقولون إنها أثرت كثيرا على التبرعات التي كانت تتلقاها الجامعة، وأدت لندرة وجود طلاب عرب باستثناء الجنسية الصومالية، اذ انه بعد تلك الأحداث اشترطت الحكومة اليمنية على الطلاب العرب والأجانب عموما الحصول على موافقات مكتوبة من سفارات بلدانهم في صنعاء للدراسة في جامعة الإيمان.