|
في ظلِ ما يعانيه وطنُنا من تفلتٍ أمني وتهتكٍ عسكري، وتدنٍ خدمي وشظفِ عيشٍ وقهرٍ إنساني.. توقفت مع حادثتين صنعتا هيبةَ دولةٍ واستقرارَ أمنٍ. الأولى في عهدِ العاهل السعودي الملكِ خالد (رحمه اللهُ). جريمةٌ بشعةٌ لعائلةٍ خرجت للتنزه في البرية، فتقدمَ نحوهم ضابطان يستقلان سيارةً أمنيةً، طلبوا هويةَ الأبِ، وبحركةٍ غادرةٍ قاما بتربيطِ الأبِ، وأمام ناظريه اغتصبا ابنتيه. ليعيشَ الأبُ بعدها في قهرٍ وحسرةٍ، فأخذَ يطرقُ بابَ الملكِ، وبعد محاولاتٍ عدةٍ دخلَ عليه، وقَصَّ عليه القصصَ المؤلمَ. غضبَ الملكُ، وزادَ من غضبِه أنَّهم من جهازٍ مهمتُهُ حمايةُ الناسِ، وليس قهرَهم وترويعَهم.
يقولُ الدكتورُ محمد عبده يماني(رحمه اللهُ): " اتصل الملكُ بالأميرِ سلمانَ لمتابعةِ القضيةِ شخصيا، واستُنفِرَت كافةُ القوات بحثا وتحريا حتى تحققَ القبضُ عليهما، فأخبرَ الأميرُ الملكَ بذلك، وأنَّهم سَيُحَالون إلى الشرع. قال: بل نفذوا القِصَاصَ فيهم حالا. وأمامَ إصرار الملكِ أُتِيَ بمجموعة من العلماء، بغيةَ إقناعِه بمحاكمتهم، بحجة أنَّهم عُزابٌ. فقال: أنا أقولُ هؤلاء يُذبَحُوا، اللي يُحال للشرعِ الزنا والزاني، هذا ما هو زنا، هذا اعتداءٌ على أسرةٍ بسيارة الدولةِ وسلاحِها، هذا فسادٌ في الأرض.. أنا أعلمُ منكم بشرعِ اللهِ، لا أصلي الظهرَ إلا وقد نُفِذَ فيهما القصاصُ. تقهويتوا يا مشايخ؟ مع السلامةِ". وتم القصاصُ العادل.
اليوم في بلدي كم مِنْ فاسدٍ ومجرمٍ يسرحُ ويمرحُ، تحت مسمى قواتٍ تعددت مسمياتُها، مرتكبا ما يحلو له من الآفاتِ. ثم يأوي أمنا منتشيا، يحتسي أرقى شرابٍ، في ديوانِ قائدٍ أمني، أو مسؤولٍ حكومي، يباركون جُرمَه المشينَ. والثانية عن حنكةِ أردوغان السياسيةِ، وتَمَنُعِ تركيا عن ضمِ السويد للناتو، مما جعلَ أمريكا والاتحادَ الأوربي ترضخُ لطلباته سياسيا وعسكريا واقتصاديا. فحققَ السلطانُ لشعبِه ووطنِه سيادةً وقوةً، تمت الموافقةُ على وجودِ تركيا في الاتحادِ الأوربي، وإدراجُ الجماعات المقاتلةِ لها في قائمةِ الإرهابِ، ونالت صفقةَ(F16)، وغيرها من المكاسب.
وَهُنا يتجلى الفرقُ شاسعا بينه وبين قياداتٍ هزيلةٍ في وطنِنا. قياداتٌ تجيدُ سياسيا فنونَ تسويقِ الدجلِ والوهم، وتبرعُ وطنيا في تبعيةٍ مُطْلَقةٍ للخارج، والتنازلِ له عن الأرضِ والجُزُرِ والمنافذِ والثروة، وتتقنُ التفريطَ في السيادةِ، وقهرَ الشعبِ، وإذلالَ الوطنِ، وإهانةَ التاريخِ. الملكُ والسلطانُ كانا قادةَ دولةٍ حقا، هيبةً وإخلاصا، وقادتُنا مازالوا -سياسيا ووطنيا- رجالَ هيلاهوب وشخبط شخابيط.. وعظيمُ النارِ مِن مستصغرِ الشررِ.
في السبت 29 يوليو-تموز 2023 11:11:26 م