الذكاء الاصطناعي يورط عملاق التكنولوجيا «تسلا» ويقودها للمحاكمة عبر القضاء كلاب آلية تنظف أحد الجبال المصنفة ضمن قوائم التراث العالمي رابطة اللاعبين المحترفين تكشف عن المرشحين لجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي لشهر أكتوبر دولة خليجية تبدأ بسحب الجنسية من المئات من مطلقات مواطنيها الإنذار المبكر ينشر توقعات الطقس خلال الساعات الـ24 القادمة في 11 محافظة يمنية قراءة تركية: من سيحسم المعركة الانتخابية في أمريكا ويفوز بكرسي الرئاسة؟ أول تعليق من أردوغان على تعيين نعيم قاسم خلفاً لـ نصر الله تحذير خطير في أحدث تقرير للبنك الدولي عن الوضع الاقتصادي والإنساني في اليمن اجتماع طارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين تترأسه اليمن مسلحون حوثيون وزنبيات مدججات بالأسلحة نفذوا مهمة إختطاف موظف يمني في السفارة الأمريكية بصنعاء
الرئيس علي ناصر محمد صاحب تجربة ثمينة, ينبغي أن يدرسها الزعماء العرب بجدية, وأن يستفيدوا من ثمارها.
ولم يكن لدى الرجل ما يمنعه من إعطاء درس مجاني للرئيس علي عبدالله صالح, وهو يشجعه على مغادرة كرسي السلطة بهدوء, واضعا أمامه خلاصة تجربة هي من أعمق تجارب الحياة, عندما خاطبه من خلال مقابلة صحفية في الآونة الأخيرة أكد له فيها أن "الخروج من السلطة ليس نهاية العالم".
هذه الحكمة تجد تأكيدا حيالها في النموذج الذي قدمه الرئيس علي ناصر محمد نفسه, إذ أنه نجح في تقبل وضعه في مرحلة ما بعد السلطة, واستطاع أن يكيف حياته خارجها بصورة كبيرة, محتفظا لنفسه بمكانة محترمة, وأدوار تحظى بالاهتمام والتقدير. واذا ما أمعن المرء النظر في نموذج الرئيس علي ناصر محمد سيجد أن مرحلة ما بعد السلطة منحته الفرصة لتصفية العداوات التي لم يكن بحاجة إليها, وهو الآن يتمتع بعلاقات واسعة وصداقات أكثر حميمية, خالية من النفاق والتزلف, ولا شك أنه يستمتع الآن بحياة سعيدة, متحررة من قيود البروتوكول, ومكائد السياسة, وخداع المنتفعين, ولم تنقص مكانته في نظر النخب, بل ولا حتى عامة الناس, لا يزال يُسمع بإهتمام, ويُنظر إلى أقواله كصوت للحكمة وليس كصدى لهالة السلطة.
وتبدو هذه الحكمة, حاجة ملحة للرئيس علي عبدالله صالح الذي يواجه خلال شهر سبتمبر القادم, استحقاقا انتخابيا كبيرا, هو الأول من نوعه, منذ جلس على كرسي الحكم قبل ثمان وعشرين سنة. لأول مرة في تاريخه السياسي يدخل الرئيس اليمني حلبة التنافس الجدي على كرسي السلطة, وليس بمقدوره أن ينظر إلى ما ينتظره في هذه الانتخابات على أنه نزهة قصيرة يستطيع جني فوائدها على نحو مضمون, كما أنه لا يمكنه التعامل معها كتمثيلية مسلية كما كان الحال في الانتخابات الرئاسية عام 99م, التي مُنعت فيها المعارضة من تقديم مرشحها لمنافسته, ومن باب التسلية أختير أحد أعضاء حزبه للعب دور المنافس..
كانت تلك الانتخابات موضع سخرية وتندر الجميع داخل اليمن وخارجها, ووصفت بأنها تنافس بين الحصان وذيله..
الانتخابات الرئاسية القادمة يواجه فيها الرئيس صالح منافسا حقيقيا, ولديه مؤهلات حاسمة: النزاهة, والكفاءة السيد فيصل بن شملان مرشح اللقاء المشترك (التكتل السياسي الأبرز في اليمن الذي يضم خمسة من أحزاب المعارضة: الاشتراكي, الإصلاح, الناصري, اتحاد القوى الشعبية, والحق).
وبمقابل مرشح نزيه وكفء, ومدعوم من اتحاد نموذجي لقوى المعارضة, فإن الرئيس صالح يواجه تنافسا استثنائيا قادرا على انتزاع كرسي الرئاسة منه, خاصة أن صالح مثقل بإخفاقات ثمانية وعشرين عاما, فشلت فيها اليمن في إقامة دولة مؤسسات حديثة, وتعثرت خطاها في معالجة مشاكل التعليم والصحة والفقر والبطالة, ووصل بها الحال لأن تكون من أكثر دول العالم تخلفا, وأكثرها إنعماسا في الفساد..
الرئيس صالح يواجه هذا الاستحقاق بعد أن دمر وخسر كل تحالفاته السياسية والاجتماعية, وبعد أن فشلت كل محاولاته لتفكيك تحالف المعارضة في اللقاء المشترك, الذي يضم التيارات الرئيسية في البلد من إسلاميين ويساريين وقوميين وليبراليين, ومن حولها تلتف مختلف الأوساط السياسية والاجتماعية التي انتعشت آمالها بالتغيير عندما رأت قوى المعارضة الرئيسية تشكل اتحادها الفريد من نوعه, في المنطقة العربية, وربما في العالم.
أما التحالف الذي يقف إلى جوار الرئيس صالح فإنه يضم مجموعة من الأحزاب الشكلية التي صنعتها الأجهزة الأمنية كجزء من الديكور السياسي, وهي في ميزان القوى الفعلي لا تمثل شيئا ذا قيمة, علاوة على أن التكتيكات الخاطئة للرئيس صالح قد دفعت نحو أن يكون لهذه الأحزاب مرشحها للانتخابات, بالإضافة إلى مرشح مستقل تم اختياره من الموالين للسلطة داخل الحزب الاشتراكي. وإذا ما قدر لهذين المرشحين أن يحصلا على أية نسبة من الأصوات, فستكون أصواتاً مخصومة من حصة الرئيس صالح, وليس أحد غيره.
لكن الواضح الآن أن الحملة الانتخابية للرئيس صالح لا تراهن على الفوز من خلال الحصول على أصوات حقيقية تؤمن له البقاء على كرسي السلطة, وتتكشف كل يوم الخيوط التي ينسجها النظام الأمني المتحكم بمقدرات البلد بهدف السيطرة على العملية الانتخابية وعلى نتائجها.
وبهذا الصدد يكون من اليسير فهم الأسباب التي من أجلها يحرص نظام الرئيس صالح على فرض سجل انتخابي يتضمن مئات الآلاف من أسماء الموتى والأطفال والأسماء الوهمية ويرفض تنقية السجل الانتخابي منها. وتتضح أيضا الأسباب التي من أجلها نزل جهاز الدولة من رئيس الوزراء إلى الموظفين الصغار للترويج للرئيس صالح, مع أن القانون اليمني يمنع ويجرم استخدام الموظفين وإمكانيات الدولة في الحملات الانتخابية لصالح أي حزب. كما أنه مفهوم دوافع تكريس وسائل الإعلام الرسمية لتلميع الرئيس صالح هذه الأيام خلافا للقانون ولاتفاق المبادئ الذي وقعه الحزب الحاكم مع اللقاء المشترك من أجل انتخابات حرة ونزيهة, ويحرمان استخدام وسائل الإعلام الرسمية لصالح مرشح بعينه والتشهير بالآخرين.
وهنا أيضا يغدو مفهوما لماذا رصد الحزب الحاكم مئات المليارات من الريالات من الأموال العامة لصالح الحملة الانتخابية للرئيس صالح, الأمر الذي يمثل جريمة انتخابية خطيرة.
وبكلمة مختصرة, تمثل هذه المخالفات تزويرا فاضحا للانتخابات, واذا كان الرئيس صالح لا يستطيع الفوز بأصوات حقيقية يمنحها له غالبية الناخبين طواعية وبصورة حرة, فإنه لا يستطيع أن يفوز في هذه الانتخابات ويستمر جالسا على كرسي السلطة.. بمعنى آخر: هذه المخالفات تمثل إعلانا مبكرا عن فشله في الانتخابات, والنتيجة التي سيعلنها غير شرعية في جميع الأحوال, وهكذا سيجري النظر إليها داخل اليمن وخارجه.
والحال أن الرئيس صالح يحتاج إلى أن يمعن النظر في النصيحة الحكيمة التي وجهها إليه الرئيس علي ناصر محمد "الخروج من السلطة ليس نهاية العالم".
غير أن الإصرار على البقاء في السلطة بصورة غير مشروعة سيجعل منها نهاية مأساوية بطبيعة الحال.