وزارة الأوقاف تبدأ عملية المسح الميداني لشركات النقل لضمان جودة خدمات النقل الأمن وراحة الحجاج مقتل عبد الملك الحوثي كيف سيؤثر على الحوثيين وإيران؟ .. تقرير أمريكي يناقش التداعيات ويكشف عن الخليفه المحتمل منظمات حقوقية تطالب بالإفراج عن الصحفي المياحي من سجون مليشيا الحوثي ثلاث كاميرات سرية في واتساب.. تنقل عنك كل التفاصيل.. تعرّف عليها اسعار صرف الدولار والسعودي في اليمن مساء اليوم الغذاء والدواء تحذّر من شرب حليب الإبل الخام غير مبستر 3 محاولات حوثية لطباعة عملة ورقية.. تقرير الخبراء يكشف تفاصيل جديدة ولماذا لجأ الحوثيون لسك عملة معدنية؟ عدن.. توجيهات للرقابة والمحاسبة بمراجعة أعمال الأمانة العامة لمجلس الوزراء ورفع النتائج بصورة عاجلة واشنطن تكشف تكلفة الذخائر المستخدمة ضد الحوثيين وقصة سلاح امريكي مفقود ساعدت ايران الحوثيين في تحويره للدفاع عن اسرائيل.. امريكا ترسل مدمرات وقاذفات وطائرات جديدة الى الشرق الأوسط
(الحلقة الأولى)
أخذت ظاهرة الحوثية حيّزاً هائلاً من الاهتمام الإعلامي، ومساحة واسعة من الجدل الثقافي والفكري على الصعيدين الداخلي والخارجي. وظهرت كتابات متباينة الوجهة، تأييداً ومعارضة، بدوافع مختلفة. وإن الباحث الحرّ ليقف محتاراً حين يبحث عن كتاب أو دراسة علمية تتحلّى بقدر معقول من الموضوعية، فلا يجد إلا القراءة ذات اللون الواحد، وبالعين الواحدة، هي عين المحبّ الغالي، أو المبغض الشاني، فتدور كلّها- بحسب اطّلاع الباحث الحالي- بين ثنائية التقديس والتبخيس، أو الرفض المطلق، والقبول الكامل، وتلك آفة من يكتب في الفِرق والجماعات، في القديم والحديث- إلا من رحم ربك- ، كما أن ذلك يمثِّل التحدّي الأكبر أمام الباحث الحرّ النزيه، الذي يقوده البحث، لا أنه يقود البحث. والمفارقة أننا جميعاً نزعم استنادنا في أحكامنا إلى القرآن الكريم، على حين نجد أن منهج القرآن يربّي أتباعه الجادّين على التحلّي بالموضوعية في أسمى معانيها، حتى مع غير أبناء ديننا، وذوي الاختلاف الكلّي معنا، من أبناء الديانات أو الحضارات الأخرى كما في هاتين الآيتين –على سبيل المثال- { ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائماً }( آل عمران: 75)
{ ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون... }. (آل عمران : 113-115-)
مراحل التنظيم وتطوّراته:
يتضح من خلال التتبع لمسار الاتجاه الحوثي، أو ماعُرِف بتنظيم الشباب المؤمن أنه مرّ بمرحلتين مفصليتين في مسيرته، وذلك على النحو التالي:
المرحلة الأولى:مرحلة التأسيس والتكوين : وتبدأ منذ إعلانه عن نفسه عام 1990م، في بعض مناطق محافظة صعدة ( تبعد عن صنعاء 240كم شمالاً)، أي بعيد إعلان الوحدة اليمنية والسماح الدستوري للتعدّدية السياسية إطاراً ثقافياً وسياسياً – بطبيعة المنهج الذي تم تقريره على الطلبة في الفترة الصيفية، وكذا المحاضرات التوعوية وجملة الأنشطة الفكرية والسياسية المصاحبة، والمقدَّمة لمنتسبي هذا التنظيم، أو المنتدى، أو الجماعة، و كانت تتضمن دروساً دينية، كالفقه، والحديث، والتفسير، والعقائد، إضافة إلى أنشطة مختلفة كالرياضة، وتعليم الخطابة، والأناشيد، والمسرحيات، واللقاءات، والحوارات وغيرها، كل ذلك في إطار برنامج يومي مكون من ثلاث فترات: فترة صباحية، وفترة الظهيرة، وفترة المساء (راجع حوار صحيفة 26 سبتمبر مع محمد يحي سالم عزان في 15مارس - آذار 2007 ). وغدت هذه المراكز قبلة لكثير من الطلاب القادمين إليها من مختلف المحافظات المعروفة تاريخياً بانتمائها إلى المذهب الزيدي الهادوي، ثم تجاوز الأمر محافظة صعدة إلى العديد من المحافظات والمدن، ذات الطابع الشيعي الزيدي الهادوي، التي فتحت مراكز خاصة بها، وفق المنهج القائم في صعدة. وبلغ – حسب مصدر في صعدة يزعم اطلاعه – عدد الطلاب في تلك المراكز نحو 15,000 طالب في صعدة( راجع تقريراً عن النزاع في محافظة صعدة : الخلفية والتطور على موقع (إيرين نيوز)مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية صنعاء في 27/7/2008)، و18000 طالب بحسب بيان صادر باسم الإثني عشريين اليمنيين(راجع نص البيان في: صحيفة الناس العدد(231)21\12\1425هـ-31\1\2005م)(نقلاً عن موقع إيلاف). وتفيد بعض المصادر الصحفية أنه "خلال سنوات قليلة صار للمنتدى أكثر من 67 حلقة تدريس، ومدرسة، تجاوزت صعدة الى قرابة 9 محافظات يمنية، بل وصلت الى دول خليجية منها قطر. وللمرة الأولى نجح فريق من شباب المنتدى المتحمسين في إعداد «منهج دراسي» وطباعته، كان الشرارة التي أشعلت الخلاف، بعد أن كان متوارياً بسبب تداخلات النفوذ الاجتماعي والديني . " (نبيل الصوفي،تفاصيل الثورة الحوثية الشيعية الزيدية مع الحكومة اليمنية ، صحيفة الحياة(3/6/2007م).
و تفصّل مصادر صحفية أخرى ذلك على النحو التالي: صعدة 24 مركزاً، عمران 6 مراكز، حجة 12 مركزاً،أمانة العاصمة والمحويت وذمار 5مراكز في كل واحدة منها، إب وتعز مركز في كل واحدة منهما(أحمد عايض،الحوثيون والحوزات العلمية ونشر المذهب،موقع أسرار بريس).
ويبدو للباحث أن أحد العوامل الأساسية لقيام تلك المراكز هو الردّ العملي على التحدّي الذي شكّله قيام مركز (دماج) السلفي التقليدي في مديرية وادعة القريبة من مدينة صعدة، بإدارة الشيخ الراحل مقبل بن هادي الوادعي (ت:1422هـ-2002م): رأس الدعوة السلفية في اليمن، مع ما يُعلم تاريخياً من كون منطقة صعدة تمثّل كرسي الزيدية الهادوية في اليمن. وقد عُرف عن الشيخ الوادعي اتسام شخصيته بثقافة سلفية تقليدية هجومية حادّة، ومناظرات تمثلت في جملة إصدارات مطبوعة ككتبه الثلاثة (رياض الجنّة في الردّ على أعداء السنة) و( الطليعة في الرد على غلاة الشيعة)و( حكم القبة المبنية على قبر الرسول –صلى الله عليه وآله وسلّم-)( جمعت كلّها في مجلّد واحد، 1415هـ، الطبعة الأولى، د.ت، د.م:د.ن)، وسيل من الأشرطة المركّزة –بوجه خاص- على خصومه الشيعة ولا سيما في محافظة صعدة. وهو ما قاد الطرف الحوثي إلى ردود فعل، بعضها مطبوع ومن أشهرها كتاب (تحرير الأفكار) للمرجع الزيدي الهادوي بدر الدين الحوثي أبي حسين الحوثي، الذي خصّصه للرد على بعض كتب الوادعي ( تحرير الأفكار، 1415هـ- 1995م ، صنعاء: مؤسسة أهل البيت للرعاية الاجتماعية)، ولا سيما الكتابان المشار إليهما آنفاً. وقد أفصح عن ذلك في حوار صحفي حين سئل": السلفيون الآن يزداد تواجدهم وكان مركزهم في صعدة ...كيف تنظر إليهم؟ فقال:" لقد رديت [ هكذا والصواب رددت] عليهم، وألّفت ضدّهم كتباً..."(حوار صحيفة الوسط مع بدر الدين الحوثي ، أجرى الحوار جمال عامر، 9 مارس 2005م). ويبدو أن للفكر التربوي الذي تمكنّت وزارة التربية والتعليم بمناهجها الدينية التوفيقية المعتدلة، وكذا مناهج المعاهد العلمية وأنشطتها البعيدة عن إثارة الروح المذهبية من زراعته في نفوس الناشئة، أثراً إيجابياً في تحقيق ذلك التصالح والتسامح، إلى أن جاءت استثارة النزعة المذهبية من قبل الدعوة (الوادعية)، إلى جانب إحساس عميق كامن تارة وصريح تارة أخرى في نفوس بعض أبناء المذهب الزيدي هنالك بالقضاء على مذهبهم وضياع تراثهم، واستهدافهم من قبل(الوهابية) القادمة بقوّة من وراء الحدود. وزاد من حدّة الأزمة – كما سيرد لاحقاً- تزامن ذلك مع الإعلان عن انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979م، وما أعلنته من سعي حثيث لتصدير الثورة، فقاد مجمل ما سبق إلى إعادة الصراع جَذِعاً، وجرّ- من ثمّ- إلى مناصبة كثير من المتمذهبة الزيدية في محافظة صعدة بوجه خاص العداء للفكر السنّي بعامة، بل لقد حدث تراجع محدود لعدد من أبناء الشريحة (الهاشمية)- بوجه خاص- بمن فيهم بعض المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين-،عن المنهج السنّي، لصالح المذهب الهادوي أو (الجارودي) الذي يمثّل الوجه الآخر لبعض متمذهبة الزيدية المعاصرين.
المرحلة الثانية: مرحلة المواجهة المسلّحة:
ثم تأتي المرحلة الثانية،وهي مرحلة التنظيم المسلّح العلني للشباب المؤمن، أو ما بات يُعرف بجماعة الحوثي، و تبدأ منذ الشهر السادس من عام 2004م، حيث تحوّل التنظيم – أو قسم منه- إلى تلك الميلشيات العسكرية ذات البُعد الأيديولوجي. وقد خاض خمسة حروب مع الجيش اليمني، على مدى يزيد قليلاً عن أربعة أعوام، بدءاً من 18\6\2004م وحتى 17\7\2008م، وإن تخللت كل حرب وأختها استراحة محارب، رغم الإعلان الرسمي من الجانبين الالتزام بإيقاف الحرب، مع ملاحظة أن المبادرة عادة ما تبدأ من قيادة الجيش اليمني، حيناً، أو من الرئيس اليمني شخصياً حيناً آخر. ويلفت النظر أن الحرب الخامسة قد توسّع نطاق عملياتها، حيث لم تنحصر على مناطق صعدة، كما حدث في الحروب الأربعة السابقة، بل تفجّرت في بعض المناطق ذات الولاء التقليدي للزيدية الهادوية ( الجارودية)، ومن عُمق تلك المراكز (العلمية) التي أنشئت في سنوات سابقة، في إطار نشاط جماعة الشباب المؤمن، ومنها مديرية بني حشيش إحدى أقرب مديريات محافظة صنعاء، حيث قامت بعض عناصر الحوثي بفتح جبهة جديدة هنالك، استنزفت الجيش اليمني كثيراً. ومع ما أعلنه الجيش لاحقاً من القضاء التام عليها إلا أن من العسير الجزم بعدم تجدّد ذلك مستقبلاً، بالنظر إلى إعلانات مماثلة سابقة، في محافظة صعدة، ما تلبث أن ترد مفاجآت تالية تكشف خلافها، ولعل مردّ ذلك إلى التجذّر الأيديولوجي للجماعة، وتداخل الأيديولوجي المذهبي بالسياسي، والاجتماعي بالاقتصادي والتنموي، ثم ما يتردّد عن اختراقات أمنية تحقّقها العناصر الحوثية عبر بعض الشخصيات النافذة في الجيش اليمني، وبعض أجهزة الدولة ومفاصلها. وقد أفصح بدر الدين الحوثي عن قدر من ذلك في رسالة منسوبة إليه بهذا الشأن ) راجع الوثيقة المنسوبة إلى بدر الدين الحوثي المرسلة إلى السيّد جواد الشهرستاني، بتاريخ 1ربيع أول 1425هـ في (ملاحق) كتاب : عادل الأحمدي، الزهر والحجر، ص 353-355، الطبعة الثانية، 2006م،صنعاء: مركز نشوان الحميري للدراسات والنشر). ولا شك أن للأهداف الانتهازية والمادية الرخيصة أثرها في ذلك، تلك التي لا تجد لها مُناخاً أفضل من مُناخ الأزمات وصناعة الفتن، حيث يثرى فيها تجّار الحروب، وتعلو أسهم ذوي المزايدات.
*أستاذ أصول التربية وفلسفتها المشارك – كلية التربية – جامعة صنعاء addaghashi@yemen.net.ye