|
التيار الإسلامي في اليمن ومنذ نشأته في أربعينات القرن الماضي كان دائماً معايش الأحداث السياسية التي مرت بها اليمن ومطلع على كل جوانبها بل وصانع للأحداث فيها.
فقد كانت له اليد الطولا في التخطيط والترتيب والتنفيذ لثورة 48 الدستورية وبعد فشل الثورة ظل يناضل حتى قيام ثورة ال26 من سبتمبر الخالدة والتي كان له دور كبير في التحضير لها و وإذكاء جذوتها والمشاركة الفاعلة في قيامها على يد الكثير من أبناء التيار الإسلامي أمثال الزبيري الذي كان الملهم الأكبر والمنظر الأوحد لمبادئ وأهداف وغايات الثورة اليمنية وغيره من أبناء التيار الإسلامي .
وبعد قيام الثورة انصرف أبناء الحركة الإسلامية إلى الدعوة ونشر الفكر الإسلامي لتأسيس المجتمع المسلم وإحياء الثقافة الإسلامية وابتعدوا في تلك الفترة عن مغريات السلطة والاهتمام بالعمل الدعوي أكثر من الاهتمام بالسلطة لغاية محسوبة وهدف محدد وهو بناء قاعدة جماهيرية صلبة ومتينة تؤمن بالفكر الإسلامي المعتدل والشامل لكل جوانب الحياة لترسيخ مكانتها وتثبيت جذورها وقد انتهجوا في ذلك طرق عدة سواءً عن طريق العمل الدعوي الفردي أو عن طريق تصويب وإصلاح الجانب التربوي المؤسسي والمتمثل في المناهج التعليمية الخاضعة لوزارة التربية والتعليم والابتعاد عن صراعات السلطة لما لها من آثار سلبية في تلك المرحلة بحكم إنها في بداياتها الأولى ومن الأفضل أن لا يكون لها أعداء في تلك المرحلة قد يمثلوا حجر عثرة أمام نشاطها وكوابح قد تحد من انتشارها لأن عودها لم يشتد بعد وما زال غضاً طرياً في تلك المرحلة.
واستمرت على هذا النهج طوال كل المراحل التاريخية ومع كل الرؤساء ابتداءً بالرئيس السلال وانتهاءً بالرئيس على عبد الله صالح وكانت المصالح المترتبة على هذا النهج أكثر من المفاسد في تلك الفترة.
استفاد منها كثير من الرؤساء لتحقيق أهدافهم ولكن الرئيس صالح كان الأكثر استفادة منذ بداية تربعه على السلطة نهاية السبعينات وبداية الثمانينيات فكانوا الذراع الأيمن ورأس الحربة في صراع المناطق الوسطى ضد المد الشيوعي آن ذاك ثم كانوا الدرع الواقي والكرت الرابح في حرب 94 ، ثم كانوا القاعدة الجماهيرية التي ثبتت حكمه في أول انتخابات رئاسية فكان مرشحهم الأوحد وتم إعلان ترشيحهم له قبل حزبه حزب المؤتمر الشعبي العام .
مرت اليمن بالكثير من المشاكل والتذمر من الأوضاع السيئة التي يعانيها المواطنين وخرجت المظاهرات ورفعت الأصوات تطالب بحقوق مشروعة من ظلم وغلاء معيشة وجرعات مهلكة وفساد وكثير من المطالب التي كانت في تلك الفترة مطالب حقيقية وفي إطار القانون والدستور وكانت الأنظار تتجه صوب الحركة الإسلامية ممثلة في التجمع اليمني للإصلاح لقيادة الشارع لتحقيق المصلحة العامة وإجبار الحكومة لإصلاح ما أفسدته بحكم أن الإصلاح في تلك المرحلة هو القوة الوحيدة في الشارع بعد انتهاء كل القوى الفاعلة في تلك الفترة لكنه أبى إلا أن يخذل الشارع ويلعب دوره المفضل (((المستحسن سابقاً لوضوح المصلحة والمرفوض حاضراً لغياب المصلحة وظهور المفسدة))) ككرت بيد السلطة لترويض الشارع فإذا به يدين ما أسماه بأعمال الشغب وقت ذاك ووقف جنباً إلى جنب مع الحكومة ضد هذا الشعب بحجة الغوغائية والتخريب وآلا على نفسه إلا أن يكون مرة أخرى ورقة بيد السلطة وسوط على ظهر هذا الشعب.
وأصبح هذا الموقف والدور عرفاًً وطريقة ومبدأ وسنه يجيد لعبه ولا يستطيع أن يلعب غيرة .
ولكن وبعد الخلاف مع النظام وتصريحه المدوي بأنهم لم يكونوا إلا ورقة استخدمت وانتهت صلاحيتها وهو محق في ذلك .
توقع الكثيرون من الإصلاح أن يكفر عما ارتكبه من أخطاء ويقود الشارع تحت رأي ومطلب وطني واحد وان يتبنى هموم المواطنين وينتقل إلى مرحلة طرح مشروعه الخاص به ويحشد الشعب حوله و يكون نداً قوياً قادراً و مستعداً للتضحية في سبيله لكنه فشل مرة أخرى وأضاع فرصة ترميم ما تم إفساده مرة ثانية .
و إذا بالحزب الاشتراكي وهو الخبير في حبهم وإتقانهم لعب دور الكروت بيد الآخرين إذا به يلتقط هذه الفرصة ويسند لهم دورهم المفضل ككرت يديره بدهاء فإذا بهم يمارسون هذا الدور وبطريقة اقل ما يمكن وصفها بالمفجعة والمبكية.
فبعد أن كانت المظاهرات ضد الظلم غوغاء والخروج إلى الشارع من اجل لقمة العيش تخريب نفجع اليوم بالسكوت عن أعمال التخريب الحقيقية وقتل الناس بالهوية والدعوة إلى الانفصال وإعلان التمرد التي كانوا يرونها سابقاً أعمال تخريبية بل وصل بهم الأمر في كثير من الأحيان إلى الدعم والمساندة لهذه الفئات وإدانة أي تحرك من قبل السلطة سواءً لقمع التمرد الحوثي أو لمحاسبة كل من يدعو للانفصال ورفع الإعلام التشطيرية أو ملاحقة كل من يقوم بأعمال إرهابية بل وصل الأمر أخيرا إلى رفض لجنة العلماء التي شكلها الرئيس برئاسة الزنداني عضو الهيئة العلياء للإصلاح لتكون مرجعية للحوار الوطني لمجرد أن تشكيلها كان من قبل النظام وإلا فما الضير في ذلك أن يكون هناك مرجعية دينية لتصويب أي خلاف بما لايتناقض وديننا الإسلامي الحنيف كالدعوة لشق الصف وغيرة من الدعوات التي يحرمها ديننا الإسلامي أوليس هذا هو الشعار العام للحركة أن العلماء هم ورثة الأنبياء وان الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد للتشريع ولا احتكام إلا للشريعة الإسلامية والتي بالطبع يمثلها العلماء كونهم الأعلم بإحكام ومقاصد الشرع أم أن ذلك الشعار وبحكم وضرورة فقه الواقع وبتناقضه مع أهداف ومصالح ومطالب شركاء اليوم لاضير من التنازل عنه لمصلحة يعلمها أولي الألباب الذي أصبحنا لانعلم من هم أهم علماء الشريعة المرفوضين حالياً أم حكماء السياسة؟؟؟؟ وما كان خط احمر سابقاً لابأس به ألآن بحكم ضرورة الدور المناط ،،،، أيعقل هذا ... اوليس ذلك دليل على أن الدور يتطلب ذلك.
أما إذا كان السبب في رفض هذه المرجعية غير ذلك فليوضحوا السبب والمضار من تشكيل هذه المرجعية بشكل دقيق وواضح أما القول بأنه عمل انفرادي فما الضير في ذلك إن كان فيه مصلحة دينية ووطنية مرسلة وواضحة وهو تأطير الحور تحت المرجعية الدينية ،أو ليس الحكمة ضالة المؤمن أنا وجدها فهو أحق بها، أم أنهم أضاعوا البوصلة والهدف الأسمى وأصبحوا دعاة سلطة لادعاة فكر ودين ومشروع حضاري .
نعلم إن هذه المواقف ما هي إلا نكاية أو ردة فعل تحكمها العاطفة وحب الانتقام أكثر منها قرارات إستراتيجية مبنية على المصلحة العامة والحرص على الوطن ووحدته واستقراره فأي منطق هذا وأي استخفاف بالناس يصل إليه الإصلاح .
والإصلاح في هذا الدور ماهو إلا كرت بيد الحزب الاشتراكي الذي استطاع أن يجعله كمنبر وراعي لأهدافه الخفية واستطاع أن يجره إلى مربع التنازلات عن كثير من عناوينه وثوابته الدينية والوطنية لتحقيق مآربه وإحراقه في الشارع وانتقاماً لموقفه إبان حرب 94 وها هو في طريقة للاستغناء عن خدماته و إنهاء هذا الدور الذي أصبح في المراحل الأخيرة من عمرة ما يلبث الاشتراكيون أن ينهوا مهمته بعد أن تحقق لهم مايريدون وما تصريح ياسين سعيد نعمان الأمين العام للحزب الاشتراكي من أن الوحدة الاندماجية فشلت إلا مؤشراً على بداية النهاية لذلك الدور الغير موفق .
فيا ترى إذا ما أصبح الإصلاح كرت محروق وانفض تكتل اللقاء المشترك أي دور سيلعبه غداً وبيد من ؟ ا بيد السلطة من جديد ؟ أم ستظهر قوة أخرى وتسند له هذا الدور الذي أصبح الإصلاح مغرماً به إلى حد الثمالة؟ في الأخير اعرف بأن الكثير سيرمونني بكل نقيصة ويكيلون لي كل التهم كردة فعل عاطفية ولكنها الحقيقة المرة التي يجب على كل قواعد وأفراد ومحبي هذا التيار كمنهج وطريقة لا كأشخاص أن يسمعوها ليراجعوا تجربة الإصلاح ويقوموا بجرد ما حققه خلال هذه الفترة ومقارنة ذلك بما حققه شريكه في تكتل اللقاء المشترك الحزب الاشتراكي الذي استعاد مكانته وجمهوره ومناطق نفوذه السابقة وكل ذلك على حساب الإصلاح لان المفترض به أن يكون الوريث الشرعي لكل أحزاب المعارضة وقد وصل فعلاً إلى تلك المكانة لكنه لم يستطع المحافظة عليها لذلك لابد من إعادة تقييم مسيرة الإصلاح و تحديد مكامن الخلل ومحاسبة كل من كان سبب في ذلك ونزع صفة القداسة التي يتدثر بها كثير من مسؤليه ويرون أنفسهم أنهم اكبر من إن ينتقدوا أو يحاسبوا وإعادتهم إلى رشدهم بعد أن حادوا عن الطريق السوي في تعاملهم مع كل الأحداث الأخيرة وجعلوا الإصلاح يتخبط ويتناقض في سياساته ويدفع ثمن أخطاء غيره وأصبح كحصان طروادة ومطية للآخرين في تحقيق أهدافهم بينما هو يخسر يومياً في الشارع بل في صفوفه الداخلية فهل من مجيب لتصويب وتوجيه وإصلاح مافسد وإعادة الإصلاح إلى مبادئ وأفكار الصحوة الإسلامية والفكر الإسلامي الوسطي الذي عهدناه من قبل ، الذي يتخذ العمل السياسي كوسيلة لا كغاية والسلطة كأداة لا كهدف تحترق في دروب الوصول والسير إليه كثير من المبادئ والثوابت .
نأمل ذلك.
في الأحد 03 أكتوبر-تشرين الأول 2010 06:31:12 م