رئيس الحكومة يعلن من عدن اطلاق عملية اصلاح شاملة تتضمن 5 محاور.. تفاصيل الكشف عن كهوف سرية للحوثيين طالها قصف الطيران الأميركي في محافظة عمران انفجاران بالقرب من سفن تجارية قبالة سواحل اليمن محكمة في عدن تستدعي وزير موالي للإنتقالي استخدم نفوذه ومنصبه في ظلم مواطن العليمي يضع الإمارات أمام ما تعانيه اليمن من أزمة اقتصادية موجة برد قاسية متوقع أن تستمر في 8 محافظات البحرية البريطانية: تلقينا تقريرا عن حادث بحري على بعد 25 ميلا غرب المخا حكم قضائي يعمّق الخلاف بين الرئاسي والنواب شرطة تعز تعتقل قاتل أربعة من أفراد أسرته في صنعاء اشتعال حرب التكنولوجيا ..الصين تسبق الولايات المتحدة في التاكسي الطائر ذاتي القيادة
لا أكون مبالغة إن قلت بأن المشهد اليمني يمضي نحو مزيد من التأزمات والتعقيدات التي من شأنها أن تلقي بظلالها السوداء على مستقبل اليمن في ظل استمرار هيمنة جماعة الحوثي على مؤسسات الدولة و"الانقلاب" على العملية السياسية برمتها الذي لم يكن وليد اللحظة الراهنة وإنما جاء استكمالا لفصول تلك المسرحية التي بدأت باقتحام الحوثي لمحافظة عمران ثم إسقاطه للعاصمة صنعاء في 21سبتمبر واليوم تُتوج الجماعة انقلابها بالسيطرة على دار الرئاسة, ودخول البلد في فراغ سياسي ودستوري مع تقديم الرئيس هادي والحكومة استقالتهما وهذا سيدفع بالجماعات المسلحة المتطرفة إلى ملء مثل هذا الفراغ وسيجعل أطرافا داخلية وخارجية كثيرة تبادر إلى استغلاله في تمرير مخططاتها "العبثية" وإطلاق دعوات من شأنها أن تُعرض الوحدة اليمنية إلى مخاطر التمزق والتشطير, وفي حال استمر الحوثيون بإتباع سياسية فرض الأمر الواقع بقوة السلاح فإن ذلك سيؤدي إلى مزيد من المواجهات المبنية على أسس طائفة أو منطقية أو قبلية وسيجعل من اليمن بؤرة للصراع تتجاذب فيها الأطراف المختلفة أدوار القوة والغلبة وهذا ما يقوله الواقع والأحداث الدراماتيكية المخيفة والمتسارعة على الساحة اليمنية.
وإن كان الرئيس هادي باستقالته المتأخرة قد أزال الغطاء الشرعي الذي كان يعطيه لجماعة الحوثي لممارسة أعمالها الفوضوية اللامقبولة خلال الفترة الماضية إلا أنه من مكّن تلك الجماعة من الوصول إلى دار الرئاسة حين ارتضى لنفسه أن يكون مجرد دمية بيدها تحركها من تحت الطاولة متى أرادت, وأثبت أنه لم يكن تلك الشخصية القوية القادرة على إدارة المرحلة الانتقالية والتي كان يعول عليها الجميع وإلا لما كان موضوعا الآن تحت الإقامة الجبرية التي فرضها عليه الحوثي , كما أن الأحزاب السياسية تشاطره جزءا كبيرا من ذلك الضعف والتخاذل في التعامل مع التوسع المسلح للحوثيين و قد أثبتت تلك الأحزاب فشلا ذريعا في احتواء الأزمة وإيقاف حالة التدهور السياسي الحاصل فالوضع القائم حاليا هو محصلة لسياسات عرجاء وعقليات شائخة ظلت تدير البلد حتى أوصلته إلى مرحلة أصبح يجهل مصيره فيها.
في المقابل نجد أن الحركة الحوثية التي تتحكم اليوم في مفاصل القرار لا يمكن لها الاستمرار في ابتلاع الدولة والصمود طويلا في تحمل مسئولياتها أمام العالم مع تصاعد الرافض الشعبي لوجودها لأنها اعتادت على أن تدير الأمور من خلف الستار قبل أن تصبح اليوم في الواجهة ,علاوة على أنها لا تملك رؤية سياسية حقيقية لإدارة المرحلة فهي لا تجيد لغة السياسية بقدر ما تجيد لغة السلاح والتباهي بالقوة ولا ننكر بأنها برعت باللعب بورقة المراوغة والخداع والتمثيل على الداخل والخارج حتى استطاعت إحكام سيطرتها على السلطة,وإن كانت قد ربحت الجولة الأولى من المعركة فهذا لا يعني أن المعركة قد انتهت.
وبالنظر إلى الأحداث الأخيرة تولدت قناعة لدى الكثيرين بأنه ما كان لجماعة الحوثي أن تصل إلى القصر الرئاسي لو لم يكن هناك رضا ومباركة دولية وإقليمية تجاه ما أقدمت عليه, لذلك نجد أن مواقف الدول الإقليمية وتحديدا دول الخليج العربي تجاه ما يجري في اليمن كانت عبارة عن مواقف مترددة وعبارات تُقال على استحياء وتحركات لا تصل إلى مستوى الخطر المحدق ليس باليمن فقط وإنما بدول الجوار أيضا , ومثلها مواقف المجتمع الدولي ممثلا بمجلس الأمن الذي لم يقدم لليمن سوى الخذلان واكتفى فقط ببيانات الشجب والإدانة التي لا تقدم شيئا ولا تؤخر وهذا ما شجع الحوثي في مواصلة تقدمه المسلح حين لم يجد الرادع الحقيقي الذي يوقفه عن غيّه وغروره.
وفي المقابل أخطأ اليمنيون حين اختزلوا "الحل" بيد المبعوث الاممي جمال بن عمر وكأنه يملك العصا السحرية لحل مشكلات اليمن كلها, هذا إن لم يكن له يد فيما جرى ويجري خصوصا بعد الاتهامات التي وجهت له مؤخرا بالتواطؤ مع الحوثيين وتمكينهم من دخول العاصمة.
والحديث الآن عن اتفاقات مع جماعة الحوثي يجب أن لا تبنى على مجرد افتراضات وبنود لا تترجم فعليا على أرض الواقع إن لم يكن هناك إلزام واضح وجاد للحركة الحوثية بالتخلي عن سلاحها واستعادة الدولة ومؤسساتها المختطَفة من قبلها وعودة المسار السياسي إلى طبيعته وبدون ذلك فإن الحديث عن أي اتفاق لن يكون سوى مجرد حبر على ورق كسابقه من الاتفاقات التي لم تجد طريقها للتنفيذ بعدما اتضح جليا مدى احترافية جماعة الحوثي في المناورة ونقض اتفاقاتها وتعهداتها السابقة والتنكر لها ثم اتهام الأطراف الأخرى بالعرقلة وهدفها من كل ذلك الإطاحة بمشروع الدولة الاتحادية في اليمن.
باختصار لابد أن يعي الجميع بما فيهم المجتمع الإقليمي والدولي ومن يسمون أنفسهم ب"أنصار الله" بأنه في حال تفجرت الأوضاع في اليمن واشتعلت النيران فيها ـ لا سمح الله ـ فلن يكون أحد بمنأىً عنها, ومن هذا المنطلق يجب أن تكون تحركاتهم, ويبقى والتعويل الوحيد اليوم هو على الشارع اليمني فهو وحده من يملك القرار في تقرير مصير ومستقبل وطن خانه الجميع.