طفل يموت بحكم قضائي.. سحبوا عنه أجهزة التنفس رغم معارضة أمه نقابة الصحفيين اليمنيين: نواجه حربًا واستهدافًا ممنهجًا من أطراف الصراع محمد بن سلمان يلغي رحلته إلى قمة العشرين.. ومصدر لبلومبرغ يكشف السبب وفاة 10 أشخاص وإصابة 4 في حادث مروري مروع بمحافظة ذمار رونالدو يكشف موعد اعتزاله كرة القدم.. هل سيكون مدربًا بعد تعليق حذائه؟ الداخلية السعودية : القبض على يمني قـ.ـتل آخر حرقاً بالأسيد وطعنه بسكين صدمة في اليمن بعد قيام الحوثيين بالإفراج عن أخطر إرهابي يقف خلف مجزرة ميدان السبعين الدامية عام 2012 نيابة الأموال العامة في الضالع تنفذ حملة لإغلاق محلات الصرافة المخالفة في قعطبة تم تعذيبه حتى الموت ..وفاة شيخ مسن ٌمختطف في سجون الحوثيين بمحافظة البيضاء واتس آب تكشف عن ميزات جديدة لمكالمات الفيديو .. تعرف عليها
القضية الآن في مصر ليست محمد مرسي ومصير جماعة الإخوان؛ القضية الآن في مصر هي مصير الديمقراطية الوليدة، وحق الإنسان في الحياة، والتعبير والتظاهر السلمي والاحتجاج المدني.
العنوان المطروح على الطاولة والبارز على الشاشة هو مصير الحقوق والحريات والقيم العصرية الحديثة والوسائل السياسية المدنية وحكم القانون والقضاء المنوط به فض المنازعات استناداً لحكم القانون ومعايير العدالة؛ لا أن يتحوّل إلى أداة في يد السلطة البوليسية للتنكيل بالخصوم.
الإخوان الآن يُقتلون لأنهم يتمسّكون بالديمقراطية والحقوق والحريات والوسائل المدنية السلمية للنشاط السياسي والتعبير عن الرأي والقيم الحديثة التي توافقت عليها كل الأمم والديانات؛ وليس لأنهم مصرّون على تطبيق «الشريعة» وفق منظورهم.
يُقتلون لأنهم مدنيون وأحرار، وليس لأنهم متعصبون أيديولوجيون يسعون إلى السيطرة على الحكم بسم الدين وفرض رؤيتهم وتفسيرهم وفقههم على الدولة والمجتمع.
المتعصّبون العميان الآن في مصر هم النُخب الحديثة وأدعياء الانتماء إلى قيم العصر ومفرداته المدنية والحقوقية التي أنجزها البشر وراكمتها الحضارات من أجل صون حق الحياة والكرامة والحرية للمخلوق الفريد؛ الإنسان؛ وبالطبع ليس من أجل إذلاله وتبرير سلبه حق الحياة وحق التعبير وحق الاحتجاج والتظاهر السلمي، وحريته في التعبير عن آرائه وتوجُّهاته ونشاطه السياسي.
الإخوان ومرسي ليسوا قضيتنا، وصفحتهم مليانة لمن أراد الاختلاف معهم ونقدهم والتمايز عن منهجهم؛ غير أنهم الآن على حق وأكثر اقتراباً من القيم التي يزعق بها محترفو الثقافة والحداثة والمدنية.
هؤلاء الزاعقون الآن يهدرون حق الإنسان في الحياة وحريته وكرامته وحقوقه على مذبح الوهم القديم الجديد، وهم التحالف مع السلطة البوليسية المستبدة بمبرّر ساذج وقميء يتدثّر بفرض علمنة المجتمع وتحديثه بالعسف والقوة الباطشة.
يتدثّر بذلك الهدف ليخفي الحقيقة التي مفادها اشتغال النُخب في بلاط الاستبداد والسلطة البوليسية لضمان جلوسها في الهامش القصي للمصالح المافيوية الضخمة التي تتنامى بفعل التسلط الذي يفرض قانونه على كل فضاءات المجتمع، ويفرز نخبته الاحتكارية على شكل أجهزة أمنية وطبقة طفيلية في مجالات النشاط التجاري، محتكرين كل الفرص والتجارة والمواقع الوظيفية العليا، طبقة فوق العلالي، وشعب كامل في الحضيض، وبينهما نقطة باهتة صفراء وبالية تُدعى «النُخبة العصرية الحديثة».
المثير للشفقة هو أن الواهمين يقارنون السيسي رهينة المال الخليجي وبيدق رجال الأعمال الطفيليين الجديد ومضاد الديمقراطية وعدو الحقوق والحريات، يقارنونه بالزعيم جمال عبدالناصر الذي انتمى إلى الشعب وأنجز مجانية التعليم واتخذ القرار الأهم في تاريخ مصر خلال ألف عام بتوصيف مالك بن نبي، قرار تحويل الفلاحين إلى ملاك بين عشية وضحاها «خمسة فدادين لكل فلاح».
التواطؤ في مصر الآن أشد من القتل، التبرير الذي تقوم به النُخب التي ترفع عناوين الليبرالية والعلمانية والحداثة أكثر قبحاً من القتل المباشر وانتهاك حق الحياة وحق التعبير والإرهاب السلطوي البوليسي بكافة أنواعه الذي يُمارس على طرف لايزال حتى الآن متمسكاً بالعمل السلمي ووسائل العصر الحديث والقيم الحضارية.
أمس فوّض مجلس الوزراء المصري وزير الداخلية باتخاذ كل الإجراءات ضد «العنف» يقصد طبعاً مهاجمة المعتصمين في رابعة العدوية والنهضة ومنعهم بالقوة، أما العنف فلا يحتاج تفويضاً؛ في مشاهد قتل المتظاهرين كان البلطجية ذوو الأقنعة السوداء يطلقون النار ثم يهربون للاحتماء بجنود الشرطة!!. بينما الآلة الإعلامية تسمّي الضحايا «إرهابيين».
السلطة البوليسية تتبدّى في طورها الجديد عارية ولا لبس فيها، انقلاب عسكري أعاد كل مفردات السلطة البوليسية إلى الواجهة وبقسوة أصلف من نظام مبارك المترهّل والشائخ، المحتجّون السلميون يُقتلون بدم بارد، التنكيل بالخصوم بكل الطرق وباستخدام كل الأدوات، من الأجهزة الأمنية والبلطجة مروراً بأداة القضاء الطيّعة؛ ووصولاً إلى الإرهاب الإعلامي الشامل.
خمسون عاماً من المد والجزر والانقلابات والادعاءات والصراعات توّجت بعد تعب جميع الأطراف وإنهاك الجميع وما لحق بالأوطان من دمار وحروب، توّجت بتيار برز بداية التسعينيات مع نهاية الحرب الباردة بالتقاء التيارات والأحزاب على محاولة التأسيس لقواعد حضارية تحكم الحياة السياسية ويحترمها الجميع، هذه القيم الجديدة تشمل الحقوق والحريات بما فيها حق الحياة والتظاهر السلمي والتعبير عن الرأي وحكم القانون واستقلال القضاء والتداول السلمي للسلطة وكل ما يتعلّق بالديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان.
الآن بهذا التواطؤ الأيديولوجي المتعصّب والأعمى ضد تيار الإسلام السياسي نعود إلى نقطة الصفر؛ إلى فجيعة الوطن الغابة: «من قوي صميله عاش... أو من قوي صميله غَلَبْ»!!.