قدرها مليار دولار..مصادر إعلامية مُطلّعة تتحدث عن منحة سعودية لليمن سيعلن عنها خلال أيام الجيش الأميركي يكشف عن طراز المقاتلات التي شاركت في الضربات الأخيرة على مواقع الحوثيين يد البطش الحوثية تطال ملاك الكسارات الحجرية في هذه المحافظة افتتاح كلية التدريب التابعة لأكاديمية الشرطة في مأرب اول دولة توقف استيراد النفط الخام من إيران تقرير حقوقي يوثق تفجير مليشيا الحوثي لِ 884 منزلا لمدنيين في اليمن. منفذ الوديعة يعود لظاهرة التكدس .. وهيئة شؤون النقل البري تلزم شركات النقل الدولية بوقف رحلاتها إلى السعودية المبعوث الأممي يناقش في الرياض مع مسئولين سعوديين معالجة الأزمة الاقتصادية في اليمن وقضايا السلام أسباب وخفايا الصراع بين فرعي العائلة الملكية في قطر وقصة الجوهرة الماسية التي فجرت الخلافات توجه لإلغاء تقنية الفار من مباريات كرة القدم واستبدالها بـ(FVS).. ماهي؟
أولا لا بد من الإشارة إلى أن استخدام المصطلح "الحرب على الإرهاب" في اليمن هو استخدام غير دقيق إذ إنه لا يمكننا القول أن اليمن تشهد حربا على الإرهاب بأي شكل من الأشكال، . . . نعم في اليمن إرهاب، ونعم أيضا في اليمن حرب بل وحروب، لكن الإرهاب في اليمن يسير في وادي والحروب في وادي آخر، بل أن الحروب في اليمن غالبا ما تكون جزءا من الإرهاب ويكون الإرهاب جزءا من الحرب، وأحيانا تندمج الحرب في الإرهاب والإرهاب في الحرب ليكمل كل منهما الآخر.
ليس هذا تلغيزا أو مسابقة ذهنية لاختبار الذكاء فكل من يعرف تفاصيل اللعبة السياسية في اليمن يدرك أن الحرب في اليمن ومنذ أكثر من ثلث قرن هي استثمار يدر على أصحابه المليارات وأحيانا مئات المليارات، سواء من خلال ازدهار سوق الأسلحة أو تنامي تهريب ما في مستودعات ومخازن المعسكرات في مواسم الحروب، أو من خلال نهب الموازنات المخصصة للحروب والتي تصل في كثير من السنوات إلى ما يفوق كل المخصصات للمشاريع الاستثمارية في نفس السنة، ومن هنا فإن بعض القيادات اليمنية إذ اكتشفت هذا المشروع الاستثماري المربح لم تدخر جهدا في سبيل تنمية الحروب والنزاعات الداخلية، من حروب القبائل والعشائر وتنميتها إلى افتعال حروب بين السلطة وأي طرف من الأطراف حتى يبقى الشعب منشغلا بهم الحرب وينصرف عن الاشتغال على المطالب السياسية والحقوقية إذ تغدو الحرب سببا كافيا لتعطيل كل مشروع تنموي أو إصلاح سياسي، أو تحسين مستوى المعيشة، فحجة "الوطن في خطر" تكفي للجم كل فم ينفتح مطالبا بأي حق من الحقوق السياسية والمعيشية والخدمية، حتى لو كان هذا الخطر هو من صنع السلطة نفسها.
يعرف كل أعضاء مجلس النواب اليمني بأن ميزانية الدفاع والأمن والتي تصل إلى ما يقارب ربع الموازنة العامة للدولة، وموازنة رئاسة الجمهورية هي أرقام مغلقة غير قابلة للنقاش وهي تبلغ مئات المليارات، وتسخر معظمها لشراء الأسلحة التي لم تستخدم قط في أي حرب دفاعا عن الأرض والوطن، ويعلم هؤلاء الأعضاء ومعهم كل الشعب اليمني أن الحروب المختلفة في الجنوب وفي صعدة ناهيك عن الحروب غير المعلنة، على الحراك السلمي في الجنوب التي شهدها العقدان الأخيران قد خصص لها مئات المليارات، لكن تلك المخصصات لم تكن لتذهب للجنود المقاتلين، حتى وإن كانت الحروب التي يخوضونها عبثية، بل كان ينهبها القادة والمتنفذون ويتقاسمونها كما يتقاسمون الغنائم والمنهوبات، وهو ما يجعل الحروب مشروعا مربحا لأمثال هؤلاء، وهم يطربون كلما قيل لهم أن حملة عسكرية ستجرد على المنطقة الفلانية أو حربا ستشن على الجبهة الفلانية.
الإرهاب هو الآخر مشروع استثماري مربح عند المتنفذين في السلطات اليمنية مثله مثل الحروب، ومنذ أن بدأ ما سمي بـ"الحرب على الإرهاب" تسلم المسئولون اليمنيون ما يزيد على مليار دولار من الولايات المتحدة وحدها ناهيك عن المخصصات الحكومية من الموازنة العامة المرصودة لهذه الحرب التي لم تقم قط، لكن ما هو قائم على الأرض ليس حربا على الإرهاب، بل حربا من أجل تنمية الإرهاب، فالإرهاب في اليمن بمفهومه الأمريكي لم يظهر ولم يزدهر إلا بعد أن اكتشف المسئولون اليمنيون أنه يحقق لهم عوائد مجزية، منذ مطلع العام 2001م بعد الحادي عشر من سبتمبر، وإن كانت المنظمات الجهادية قد بدأت نشاطها في اليمن منذ وقت مبكر (أواخر الثمانينات وبداية التسعينات) وبرعاية حكومية رسمية معلنة أحيانا وخفية في معظم الأحيان.
بعد حرب 1994م أنشأ المنتصرون في الحرب مجموعة من المعسكرات في بعض المحافظات لتأوي المطلوبين أمنيا من العناصر التي يقولون أنها إرهابية، والطريف أن الحكومة التي تلاحقهم كانت توفر لهم الرعاية والتموين والتسليح والتدريب، ولا بأس أن تشن عليهم بعض الهجمات الاستعراضية التي لا تصيب أحد، لكن بعد الحادي عشر من سبتمبر توافد إلى اليمن العشرات من أنصار تنظيم القاعدة والتقى بعضهم بمسئولين حكوميين كبار، وجرى تهريب 23 من معتقلي القاعدة من داخل سجن الأمن السياسي ليختفوا في غمضة عين من نظر الجهاز الذي يرصد حركة المعارضين المدنيين ويعرف كل شيء عن تفاصيل حياتهم من لقاءاتهم بأزواجهم إلى أماكن تناولهم القات ومن مضامين مكالماتهم الهاتفية إلى أدق تفاصيل حياتهم اليومية.
لم تكن سيطرة جماعة أنصار الشريعة على محافظة أبين أقل سريالية من كل تلك المشاهد فحين كانت قوات الأمن تقتل العشرات وتعتقل الآلاف من نشطاء الحراك السلمي الجنوبي، وتطارد فعالياته، وتقتل المعتصمين في ساحات الحرية وميادين التغيير وتحتجز كل من يرفع يافطة أو يحمل علما مناديا بحقه الشرعي، كانت السلطات الأمنية بأجهزتها المتعددة تسلم عاصمة محافظة أبين دون أن تطلق رصاصة واحدة ولو دفاعا عن القادة الهاربين وتأمينا لهروبهم الآمن، . . . .لقد تمكن الإرهاب من إقامة عدد من الإمارات الإسلامية في بلد تنفق سنويا مئات الملايين من الدولارات على ما تسميه محاربة الإرهاب.
إذا لا يمكن الحديث عن علاقة عكسية بين الحرب والإرهاب بل إذا كانت هناك علاقة فهي علاقة طردية تتمثل في أنه كلما ازدهرت الحروب كلما اتسع الإرهاب، وازداد نفوذه وانتشاره، وهل هناك إرهاب أكثر من الحروب ونتائجها المدمرة، وبمعنى آخر فإن الإرهاب والحروب ظلا متكاملين طوال العقود الثلاثة الماضية وخصوصا العقدين الأخيرين منذ 1994م، وهو ما يجعل هذه الإشكالية معقدة ومضاعفة المقدمات والنتائج.
إن المخرج الممكن لليمنيين اليوم هو الاتجاه نحو بناء الدولة الجديدة، دولة المواطنة، وهذا يستدعي بالضرورة إعادة صياغة المؤسسة العسكرية على النحو الذي يحولها من مؤسسة يستثمرها المتنفذون في الثراء غير المشروع من خلال إشعال الحروب والاتجار بعتاد وأصول هذه المؤسسة، وإبعادها عن السياسة وقبل هذا وبعده إعفاء جميع الذين تورطوا في الحروب الداخلية المختلفة، والانتقال إلى بناء جيش الوطن، وأمن الوطن بدلا من جيش العائلة وأمن العائلة.
أما التعامل مع الإرهاب فهو يستدعي أولا المعالجة الاجتماعية والاقتصادية والفكرية قبل المعالجة الأمنية والعسكرية، وهذا ما يستدعي خلق البيئة الاستثمارية التي تمتص البطالة وتقضي على أحد الروافد الرئيسية للإرهاب وهو البطالة، ومواجهة الأفكار المتطرفة بأفكار قائمة على الانفتاح والتسامح والقبول بالآخر وتنمية ثقافة الحوار والتسامح والاعتذار عند الخطأ، وجعل المعالجة الأمنية والعسكرية هي آخر العلاج.
وخلاصة القول إنه لا يمكن إحداث انتقال حقيقي للسلطة باتجاه الدولة المدنية في ظل استمرار ثقافة تمجيد الحروب والتفاخر بالقتل واعتباره من الخصال الحميدة واستمرار ثقافة الغنيمة والنهب، كما لا يمكن الانتقال السلمي في ظل تنمية الإرهاب واستثماره وتحويله إلى واحدة ممن أدوات العلبة السياسية ووسيلة لابتزاز الخصوم السياسيين واستنزاف الموارد العامة للدولة والإبقاء على حالة الانفلات والاضطرابات الأمنية التي تستهلك كل موارد البلد وتقضي على كل إمكانية للتنمية الاقتصادية المستدامة أو حتى المؤقتة.
برقيات:
*مثل مهرجان الحراك السلمي الجنوبي الذي شهدته مدينة المنصور بعدن بمناسبة الذكرى 45 للاستقلال الوطني في الثلاثين من نوفمبر، مثل رسالة عميقة الدلالة إلى كل الذين ما يزالون يصرون على التعامي عن مطالب أبناء الجنوب باستعادة حقوقهم المنهوبة وثرواتهم المسلوبة ودولتهم المدمرة، وسيكون من الغباء الاعتقاد بأن إلصاق تهمة التبعية لإيران ستوقف حركة الشارع الجنوبي عن مطالبه بل إن هذه الفزاعة تعمل دعاية مجانية لإيران وتقدمها على إنها النصير الأوحد للمظلومين.
* الحملة الإعلامية المسعورة الموجهة ضد الحزب الاشتراكي اليمني لا تستهدف أخطاء بعض قيادات الحزب، الذين أعلن بعضهم براءتهم منه، بل إنها موجهة ضد الحزب الذي يصر على إقامة مشروع تحديثي جديد في اليمن يحمي البلد من التمزق ويقيم الدولة المدنية التي تكفل المواطنة المتساوية بين كل أفراد المجتمع، وهو ما لا يرغب به هؤلاء، لأن مصالحهم تتصادم مع هذا المشروع التحديثي الكبير.
*حصل طالب الدكتوراه أوسان نعمان على دراجة الدكتوراه في طب أمراض القلب والأوعية الدموية، من جامعة دندي في سكتلندا بالمملكة المتحدة، أوسان هو ابن د. يس سعيد نعمان الشخصية السياسة اليمنية المعروفة أمين عام الحزب الاشتراكي اليمن، ورئيس أول برلمان موحد في تاريخ اليمن، ألف مبروك لأوسان وأسرته جميعا، وعقبى للنجاحات العملية القادمة.
*قال الشاعر العربي فاروق جويدة:
مثــل النـوارس
أجمل اللــحظـات عنـدي
أن أنـام عـلي عيون الفـجر
أن ألـهو مع الأطـفـال في أيام عيـد
مثــل النـوارس ، لا أري شيـئـا أمامي
غـير هذا الأفـق، لا أدري مداه ولا أريد
مثــل النـوارس
لا أحب زوابع الشطـآن،
لا أرضي سجون القـهر، لا أرتاح في خـبز العبيد
مثــل النـوارس
لا أحب العيش في سفح الجبال
ولا أحب العشق في صدر الظـلام
ولا أحب الموت في صمت الجليد.