الحقوق السياسية المتساوية لكي تخرج المرأة من إرهاب الرجل السياسي
بقلم/ زيد بن علي الوزير
نشر منذ: 12 سنة و شهر و 12 يوماً
الثلاثاء 02 أكتوبر-تشرين الأول 2012 03:00 ص

(إنما النساء شقائق الرجال، إنما النساء شقائق الرجال)

حديث شريف

صياغة المصطلحات صناعة بالغة الدقة، يترتب عليها - إلى حد كبير - صياغة المفاهيم فتسود وفق محتوياتها ولتعمل من ثم في الاتجاه المطلوب؛ إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، وإذا كان مصطلح «مكر التاريخ» الذي نادى به الفيلسوف «هيغل» قد أثبت صحته كقوة أسرة، فإن «كيد المصطلحات» قد أثبت جدواه في إبعاد الهدف عن مرماه، والخروج به عن مقصده، إلى ضجيج هائم يصح فيه قول الحكيم الشهير «أبو العلاء المعري»: «أسمع قعقعة ولا أرى طحنًا».

من هذا الكيد الذي نجح زمنًا طويلاً: شعار «المساواة» بين الرجل والمرأة، فقد طرح في بداية القرن الماضي من أجل حقوق المرأة السياسية، ولكنه بحكم التفسيرات الملتوية أثبت أنه من النوع الذي يقال فيه: كلمة حق أريد به باطل، ذلك أن تلك التفسيرات سرعان ما أخرجته من مضمونه، المطالب بالحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وأدخلته في متاهة الموازنة الجسدية والفسيولوجية والعضوية، وما يترتب على ذاك من حالات الحمل والولادة، ومن الجلي أن جرّ الموضوع إلى خارج غرضه أبعده عن هدفه، وأظهر استحالة المساواة بين الرجل والمرأة، ما دامت تلك الفوارق ثابتة. ونجحت تلك التفسيرات - وسط صخب النقاش إلى حد كبير- في إرباكه من الوصول إلى هدفه الأساس.

 ولكيلا تتيه الأشرعة في بحار التفسيرات الغامضة والمربكة والقابلة للتأويلات مرة أخرى، فلا بدّ من طرح شعار لا يسمح بالتلاعب به، والجناية عليه؛ شعار يضبط اتجاهه، ولا يضيع هدفه، وأعتقد أن شعار «الحقوق السياسية المشتركة والمتساوية» لا يضل طريقه، ولا يغير اتجاهه، فالحقوق السياسية حق معلوم للرجل والمرأة على السواء، ولا أظن عاقلًا يمنع هذه الحقوق السياسية، فهي حق مشترك بين الناس جميعًا، خاصة في ظل نظام لم يعد مقدسًا ولا دينيًا، وإنما هو عقد اجتماعي بين الناس، كما كان عليه الحال في «الخلافة الراشدة» حيث كان للمرأة حق القيادة وحق المعارضة، وحق الاعتراض؛ لكن سطت اجتهادات فقهاء السلطة على «العقد»، فحولته إلى «قيد». ومع أن اجتهادات الفقهاء غير ملزمة إلا أنها اكتسبت - يدعمها عرف غائر - صفة التشريع.

 ولكي يتحدد الهدف من مقالي هذا بشكل لا يضيع توجهه، فلا بدّ من تحديد هذه الحقوق المطلوبة التي نطرحها هنا؟ وأهم هذه الحقوق المهضومة هي حق المرأة في العمل السياسي كمثل تولي الرئاسة الأولى، وتولي القضاء.

ولن أقف طويلًا أمام تولي القضاء لأن «المذهب الحنفي» يجيز للمرأة أن تتولى القضاء، فأخرجنا من البحث في مستنقع المذاهب، وكفانا من مؤنة الجدل العقيم في قضية حسمها الإمام الأعظم «أبو حنيفة» وهذا المذهب هو أكبر المذاهب الإسلامية وأكثرها انتشارًا.

ومن ناحية أخرى فقد كانت السيدة «عائشة» رضي الله عنها تفصل بين من يقصدها، وتصحح روايات بعض أغلاط «الصحابة» فيتلقف الناس فتاواها وأحكامها بقبول حسن، ولم يجدوا في أنفسهم غضاضة بما أفتت وحكمت. وقد قال «النبي» صلى الله عليه وآله، عنها: خذوا دينكم عن هذه «الحميراء»، أو كما قال، وسيجد الذين يعتقدون أن النظام السياسي في الإسلام نظام ديني حرجًا في موقفهم عندما يسلمون بأن ثلثي النظام السياسي قد أخذوه عن هذه السيدة المبجلة. وإذن، فزوج «النبي» صلى الله عليه وآله، كانت تفتي الناس فيما هم فيه يختلفون.

 إذا تركنا هذه النقطة الأسهل لندخل في الموضوع الأشق على معظم المذاهب الإسلامية، والأكثر جدلًا وحنقًا، فإن حق المرأة في الرئاسة الأولى سيلاقي عنتًا ورفضًا من قبلهم، مع العلم أن الإسلام أباح لها ذلك، وليس لدى المانعين من آية قرآنية صريحة، ولا حديث صريح يحرمها عليها، وكل ما لديهم من حجة يجادلون بها هي ما رووه من أن «الرسول» صلى الله عليه، عندما سمع أن «فارس» ولّت عليها امرأة، فقال - برواية عن «أبي بكر» رضي الله عنه - (لن يفلح قوم ولوا عليهم امرأة) والحديث رواه البخاري (4425)، والنسائي في «السنن» (8/227) وبوب عليه النسائي بقوله: «النهي عن استعمال النساء في الحكم» لكن منطوق النص - إن صح «الحديث» وقد يكون صحيحًا – لا يعني النهي، وإنما الإخبار بأن «فارس» لن تفلح بتوليتها هذه المرأة، كما هو الحال حديث الأئمة من قريش الذي هو إخبار بما سيكون لا بما يجب عليه أن يكون - كما حقق ذلك عالمان مجتهدان اجتهادًا مطلقًا هما الإمام «الجلال» والإمام «المقبلي» رضي الله عنهما. وقد صدقت نبوءَة «الرسول» فلم تفلح «فارس» بولاية هذه الملكة.

على أن الذين يعتمدون على فهمهم لهذا «الحديث» إنما يسيئون إلى «الحديث» نفسه؛ لأننا إذا وسعنا دائرة المنع وعممناه على كل الحالات فسنجده يتصادم مع حالات كثيرة أفلحن فيها نساء عظيمات. وإذن فيجب أن نفهم أن هذا الحديث كان ضد حالة واحدة، لا كل الحالات، وأنه مجرد إخبار بما سيكون لا بما يجب أن يكون.

 لو عدنا إلى {القرآن الكريم} نستلهمه فصل الخطاب لوجدناه يوجه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - وهما أهم قاعدتين سياسيتين - إلى عموم الناس من ذكر وأنثى، ولم يوجهها إلى الرجال دون النساء، والناس تعني الأمة المكونة من الذكر والأنثى، فالمسؤولية إذن مشتركة، وما دام وهم جميعًا مسؤولون عن الغرم، فما المانع أن تشارك المرأة في الغنم، فتتولى المرأة الرئاسة الأولى كما يتولاها الرجل إذا تحصلت على نفس الشروط التي يحصل عليها الرجل، فالتكليف بتحملها المسؤولية كما رأينا هي نفس تكاليف الرجل. وعدل الله يقضي بالمساواة في الغرو والغنم.

لقد وضع فقهاء السلطة والعرف سلسلة من الموانع تحول دون تولي المرأة الحكم بعد أن أعطوا الإمام حقوقًا دينية تمنع المرأة من تولي المسئولية الأولى بحكم الحالات الجسدية والفسيولوجية والعضوية، وما يترتب على ذاك من حالات الحمل والولادة، إلخ، وهي حيل ما أنزل الله بها من سلطان.

ليس من شك في أن النظام التدييني الذي قام عقب سقوط الخلافة الراشدة قد رسخ هذه المفاهيم، وعُمل بها طيلة قرون إلا من اختراقات قليلة، لكنا الآن في ظل نظام جمهوري لا يشترط إلا الكفاءة، وفي ظله وصلت النساء المسلمات إلى سدة الحكم، وما دمنا ارتضينا النظام الجمهوري الذي يرتكز على انتخاب رئيس النظام من قبل الأمة فقد سقط ما اختلف عليه الفقهاء حول تديين الحكم، ولم يعد ثمة مبرر لمنعها من هذا الحق بعد أن سقط ذلك التديين المفروض.

 إن الرئاسة الأولى هي عملية سياسية تمامًا، وليست عملية دينية حتى يكون للتحليل والتحريم مجال، ألا ترى أن الفقهاء الذين ديّنوا الخلافة وجعلها في «قريش» وجدوا أنفسهم في مأزق عندما تولى السلطة غير قرشي، فداروا وداكوا، ولم يجدوا لأنفسهم مخرجًا، إلا بتحطيم ما دانوا به وفرضوه، فأجازوا الحكم لغير القرشي، وفرضوا على أنفسهم طاعته، مكتفيين فقط بتبديل الاسم من خليفة إلى سلطان، ثم في النهاية أجازوا للخليفة العثماني إمارة المؤمنين، وما حرموه دينًا بدءوا يحلونه دينًا مستخدمين أقنية تبريرية، أهمها «مسايرة الظروف» و«سياسة الأمر الواقع». ولو تدبرنا هذا الحالات المتناقضة لكانت حجة لنا عليهم، فما دام وقد أحلوا المحرم، ليسايروا الظروف المستجدة، وما دام أجازوا للخليفة العثماني نقض «القرشية» فلماذا لا ينقضون شرط «الرجولة» خاصة في هذا الوقت الذي يفترض فيه أن الحكم سيقوم على قوانين لا تحتاج إلا إلى كفاءة تسيرها من رجل أو أنثى، وتحافظ على تسييرها في الاتجاه الصحيح. أما نحن فلا نقول بتديين الخلافة وإنما هي عقد اجتماعي بين الناس ليس فيها حرام إلا الظلم واسترقاق الناس.

 خلف هذه الصور الفقهية المتحجرة نجد أن المرأة كانت السباقة إلى العمل السياسي قبل أي رجل كان، كانت «خديجة» الكبرى رضي الله عنها، أول من دخل في الإسلام، وأول من جاهد بفكرها ومالها مع رسول الله، وشاركه في كل أعماله، فدور المرأة في التأسيس دور واضح لا جدال فيه، وعندما توفت رحمها الله سمّى الرسول هذا العام عام الحزن لشعوره بعميق حزنه لفقد شريكته في الجهاد ونصرة الإسلام، وكانت النساء جنبًا إلى جنب يبايعن رسول الله لا فرق في لفظ البيعة بينهن وبين الرجال إلا ما تقضي به التعاليم الخاصة، وكذلك كانت النساء يبايعن الخلفاء الراشدين، أي يسهمن في اختيار الخلفاء كحق من حقوقهن، وإذا جاز لهن حق الانتخاب، فلِمَ يمنع عنهن حق الترشيح؟ هل كتب عليهن أن يكن مطايا للرجل للوصول إلى الحكم فقط؟ أليس هذا مناقضًا للآية الكريمة التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله} (1) لم تفرق الآية في تحمل المسؤولية بين أوليائه من ذكر وأنثى، ليس فقط في الأمر بالمعروف، بل وفي شعائر العبادات، وقد خرجت «عائشة» على أمير المؤمنين علي عليه السلام، وقادت حملة عسكرية دامية ضده، أي أنها كانت فيها رئيسة المعارضة بمن فيهم بعض «الصحابة» الذين لم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد؟.

لم ينقد المسلمون «عائشة» قيادتها للخارجين على «علي»، وإنما نقدوا خروجها على أنه إمام حق، وقد نقدها البعض أنها لم تخرج على «معاوية» يوم قتل صبرا الصحابي الجليل «حجر بن عدي» مكتفية بإرسال كتاب احتجاج، ولعل السبب في إحجامها عن الخروج على «معاوية» - حيث كان يجب أن تخرج – هو ما أحسته من أليم الندم على خروجها على الإمام الشرعي إلى درجة أنها قررت أن تلزم بيتها مهما كانت الأسباب. فأخطأت رضي الله عنها في الأمرين. إن مطالبة بقية الصحابة بخروجها على «معاوية» تأكيد على التسليم بأحقية المرأة في قيادة الأمة بنفس الحق الذي للرجل. أليس كذلك؟. وعليه يتبين أن الحق السياسي للمرأة كان مشروعًا بدليل الآية الكريمة، وبدليل مطالبة «عائشة» بالخروج على «معاوية».

في الحكم الأموي بدأ هذا الحق يغيب ومنذ أن تغلب «معاوية» على الحكم بالقوة، ولم يعد الخليفة بحاجة إلى الاختيار، فقد حل محله «ولاية العهد» في الرجال، وجاء المتوكل «العباسي» فمنع النساء من الصلاة في الجامع. والمؤسف أن المرأة استسلمت بخنوع للسطو السياسي، ولا أحد منهن استخدمت هذا الحق مما جعل حقها يتغيب، وما دام هذا الحق لم يمارس، فقد أصيب - بطبيعة الحال - بالشلل السياسي، ولو مورس لعاش ولم يوأد.

*

ونجد اليمنيين يعبرون بين الحين والآخر عن قابليتهم لرئاسة المرأة، والالتفاف حولها من قبل الإسلام، حيث كانت الملكة - التي منحها اليمنيون اسم «بلقيس» - تجسد تلك «القابلية»، وقد أثنى عليها القرآن الكريم وعلى حكمها القائم على الشورى، كما أثبتت الآثار المكتشفة وجود أكثر من ملكة حكمت «اليمن». وفي تاريخ الإسلام كانت الملكة اليمنية «أروى» (ت 533ه) عنوانًا جهيرًا على هذه «القابلية»، وفي «الزيدية» بل في «صعدة» بالذات حكمت المرأة تلك المنطقة، في ظلال سيدة الجليلة «فاطمة بنت محمد» وقد حكمت باسم أخيها الإمام الجليل المهدي «علي بن محمد» (ت783ه) فأحسنت الإدارة، وأشاد بها أحد كبار علماء الزيدية «الهادي بن إبراهيم الوزير» في كتابه «ثبت بني الوزير»، وقال فيها الشاعر:

أمير المؤمنين أخوك فينا وأنتِ أميرة للمؤمنينا (2)

ثم حكمت الملكة «فاطمة بنت الحسن» في القرن التاسع الهجري حكمًا مباشرًا (ولما توفى زوجها ملكت ممالك أخالها من المداين والحصون من «صعدة» و«صنعاء» و«ذمار» وحصون تلك المداين وما بينها، وكان لها همة قوية وشدة بأس، ثم تقاصرت عليها البلاد حتى استقرت بـ «صعدة» مدة طويلة فوق ثلاثين سنة... وتولت لها كتابة الإنشاء في ولايتها السيدة البليغة المنشئة الشاعرة المجيدة عين زمانها «فاطمة بنت عبد الله بن الهادي ين يحيى بن حمزة») (3) وقد ظلت الملكة «فاطمة» في ملكها حتى تغلب عليها «الناصر بن محمد بن الناصر» عام857ه/ (4) وأسرها ونقلها إلى «صنعاء» وعندما توفيت رثاها الشاعر بقصيدة حزينة، أشاد بخصالها، وحسن حكمها، ورجاحة عقلها:

بلقيس هذا العصر، يا من علت قدرًا على بلقيس في عصرها

ومتعن في ملكها مدة في نعيها الماضي وفي أمرها

وعن خصالها الرفيعة قال:

تهابها الآساد قي غابها وهي كما العذراء في خدرها

معروفها المعروف عم الورى فكلهم يطنب في شكرها

وكل داع نال من جودها وكل قاص نال من برها

وختم قصيدته بقوله:

يا ناعي الصفوة قم فانعها واحك الذي قد كان من أمرها

ولست بالمعرب عن وصفها لو كنت كالخنساء في شعرها (5) 

ولا يحتج هنا بالقلة الحاكمة من النساء، فالقلة، لا تلغي الأصل، بل يحتج بواقع القابلية، والقابلية أثبتت وجودها، واستقبلت حكم المرأة برضى عندما يبرزن كحاكمات قادرات.

*

بعد توضيح العوائق التي كانت تشكل الحاجز فتحول دون تولى المرأة الحكم، يبقى الأمر معلقًا على إرادة المرأة نفسها، خاصة بعد أن بدأ دورها القيادي واعدًا منذ فترة، يتلمس طريقه وسط الزحام.

لقد حققت المرأة في هذا العصر خطوات واعدة، فأصبحت مدرسة، وأسست مدارس مستقلة، وكانت سفيرة، فوزيرة، ولكن باستثناء تأسيسها للمدارس فإنها قد وصلت إلى هذه المناصب لا بقناعة من الحكم بكفاءتها – وهي كفؤة - ولا بجهدها – وهي مجتهدة - ولا عبر آلة أوصلتها إلى الحكم وفرضتها فرضًا، وإنما لأن الحكم أراد أن يُزين بها واجهته، ويظهر تقدميته، والدليل على ذلك أنه متى شاء رفعها، ومتى شاء خلعها، أي أن حالها لم يبعد كثيرًا عن استخدامها «زينة» في الحكم المغلول، كما كانت زينة في البيت المقفول؛ إذا نظرنا إليها من ناحية أنها لا تملك قوة ذاتية تثبت مواقعها، وإنما هو استغلال لتقبين مواقع السلطة لكن التغيير الحقيقي جاء مع «ثورة الشباب» فاندفعت بقوتها هي إلى الواجهة. فظهرت مدافعة عن الثورة، داعية لها، قائدة لمظاهراتها، سجينة من أجلها، فخطت خطوات مهمة للغاية، يستدعي التحصين والوقاية، لأنها بكل هذا الجهد الذي بذل ما تزال كما يبدو عمليًا واقفة خلف حجاب الأحزاب، أو بالتعاون معها، فلم تتبوأ واحدة منهن قيادة حزبها، أو تؤسس حزبًا، اكتفت بأن تنظم إلى حزب جاهز، أو تقف خلفه داعمة له، وهذا الوضع لن يوصلها إلى حق الرئاسة الأولى؛ لأنه يبقيها تحت الحماية كقاصر لم يبلغ رشده، مع أنها عمليًا قد تجاوزت كفاءات الرجال، وتألقت أسماء لامعة كثيرة كان لها حضور بارز في النضال والحوار، تفوقت فيه على الرجال، وإذا ما استمرت قانعة بهذا الدور مزهوة به، راضية ببلوغه، فإنها ستظل ظاهرة صوتية.

باختصار أعتقد أن الطريق الأسلم للوصول إلى حقها المشروع في الرئاسة الأولى هو أن تؤسس أو تشارك في تأسيس حزب ليدفع بها الانتخاب – فيما لو فازت بالأكثرية - إلى الحكم. إنها في هذه الحالة ستكون قد خرجت من دور الوصاية تمامًا، سوف تتقدم الصفوف بجهدها هي ومن معها، ولها في سيدات «باكستان» و«بنغالدش» و«اندونيسيا» و«تركيا» مثلًا واضحًا حيث أنهين عمليًا تشريعات «فقهاء السلطة وفقهاء العرف» بكل جرأة، واسترجعن حقوقهن السليبة منذ أن سطا الرجل – في ظل سطوة تضليلية - على حقوقهن السياسية التي منحها لهن الإسلام.

وإذاً؛ فعلى حرائر النساء اليمنيات من أجل عملية استرداد الحق المضاع وإنصاف المستضعفات أن يؤسسن حزبًا مختلطًا يكن فيه مسؤولات على قدم المساواة، لا مجرد أعضاء فيه؛ فيخرجن بذاك من ظل الرجل إلى المقدمة، ومن خلف الحزب إلى الصدارة.

 لقد آن الأوان أن تخرج المرأة من وراء الحجاب السياسي.

_______

1 سورة التوبة آية 9.

2 أبو الرجال، مطلع البدور، ج 4، ص 15، زبارة، خلاصة المتون، ج 3 ص.

3 أبو الرجال، مطلع البدور، ج 4, ص ص 20-21.

4 زبارة، خلاصة المتوت، ح 3 ص.

5 أبو الرجال, مطلع البدور, ج 4, ص ص19-23.

مشاهدة المزيد