رؤُية النُخب اليمنية لمعوقات الحوار الوطني
بقلم/ عبدالوهاب العمراني
نشر منذ: 11 سنة و 5 أشهر و 3 أيام
الخميس 13 يونيو-حزيران 2013 04:54 م

الراصد للتطورات السياسية في اغلب المنطقة العربية بل وحتى بعض دول الجوار العربي ولاسيما بعد ان هبت رياح الربيع العربي منطلقين من قضايا وأولويات متباينة ولكن في المجمل الهم واحد كل ذلك يشير بأن المنطقة تدخل فصلا جديدا من متطلبات الإصلاح الجوهرية وفي تطبيقات النظام الديمقراطي مع تصاعد الاحتجاجات ضد آلياته لأنها قد تكون كفيلة بتضرر النظام او انهياره في المستقبل القريب.

وفي هذا السياق يرصد المحلل والمراقب تبايناً شاسعا في نبض الشارع فالهموم نسبية واليمن لها خصوصية جلية في ظروفها الذاتية والموضوعية ونظرة الخارج لها إقليميا ودوليا

فمنذ بداية الحوار الوطني والشعب وترمومتر الحس الوطني للشارع يتراوح بين اليأس والرجاء ويده على قلبه لما يدور في الحوار بفضل نقل ما يدور إعلاميا فتارة يدغدغ الأمل عواطفه وحيناً يصاب باليأس والقنوط فيبدو بأن الغالبية ‘المؤثرة’ تريد أن تتملص من مخرجاته الملزمة ذلك ان مخرجات الحوار حتما ستفرز معطيات جديدة قد لا يرضى عنها تلك القوى المؤثرة والفارق موضوعيا يختلف كلياً عن الأجواء السياسية في التسعينيات التي أفرزت الاتفاقية المشهورة والتي عرفت بالعهد والاتفاق وواقع الحال لاعهد ولا اتفاق بل حرب طاحنة أفرزت معطيات جديدة لازال الشعب اليمني يلملم جراحة ولم يستفيد من قام بها من نتائجها بل بداء فصل من الانفراد بالسلطة والتسلط على اليمن كله وليس الجنوب ونهب الأراضي في كل اليمن ،

وقدر لليمن بسبب استحالة انتصار الربيع اليمني وقوة الآلة العسكرية ونيتها في البطش كما جراء فيما عرف بجمعة الكرامة وعلى خلفية الشُح الاقتصادي وإفلاس الخزينة تقريبا وغدت المعارك في بين النظام وبعض أركانه السابقين في قلب العاصمة بحيث أصبحت ساحة معارك حقيقة ومجتمع يئن من العوز والتخلف والجهل وكل تبعات حكم عبث بمقدرات اليمن لثلث قرن كل ذلك قبلت النخب اليمنية السياسية والتي يمثلها المشترك بالمبادرة

ومن هنا فبداهة من يعرقل سير الحياة الطبيعة والحوار والعملية السياسية لاشك يشعر بتبعات الاستحداثات والتشريعات المتوقعة في مخرجات الحوار هذا في حال افترضنا نجاحه وهى الاتجاه نحو اللامركزية والتي لم تتحدد أو تتبلور ملامحها حتى الآن ولكنها قد تخرج بصيغة توافقية، والأهم صياغة الدستور وعقد اجتماعي جديد يرسم معالم المرحلة القادمة رغم أن دساتير اليمن وغير اليمن تتناول حقائق وبديهيات الا أنها لا تلقى ترجمة لأرض الواقع كالفصل بين السلطات ودور المؤسسة العسكرية ونحو ذلك

منذ أن خف وهج الثورة وبداء تطبيق المبادرة الخليجية وحتى اليوم مضى وقتا طويلا خلالها تمترس خلالها اللاعبون سواء في القضية الجنوبية وماعرف بالحوثيين ، وكذا الإطراف الرئيسيين في حكومة الوفاق المؤتمر والمشترك وبرغم ان كل هذه الأطراف أساسية الحوار إلا أن أفعالهم تناقض أهدافه ، فإذا كان المؤتمر يهدد بسحب ممثليه من العملية السياسية برمتها واقصد هنا وزرائه فأن ذلك لا يعني شيئا على ارض الواقع لان العملية برمتها غدت تحت المجهر وصارت في منتصف الطريق بل يفترض ان تكون في فصولها الأخيرة ، فبداهة فأن المبادرة هي بإرادة إقليمية ورعاية دولية وتوافق داخلي خارجية وعليه فلن يسمحوا بإجهاضها ليس حبا باليمن ولكن لاعتبارات إستراتيجية وأمنية تهم المنطقة لا مجال هنا لسرد تفاصيلها

وصحيح بأن المؤتمر ورئيسه غدا عبء على مصير العملية السياسية برمتها وكأن الأهم هو الحزبية والمؤتمر وليس مصير بلد يحتضر ، من جهة ثانية فأن كلا طرفي الحكم الحالي المشترك والمؤتمر هما من أجهض وهج الثورة بعد تداعيات جمعة الكرامة فلولاهم لكان لها مألات أخرى بغض النظر عما سوف تكون ، وفي المقابل فأن رئيس الجمهورية يهدد بحل البرلمان وهذا لن يتم افتراضا وواقعا للاعتبارات السابقة وحتى لو حصل فإن البرلمان غدا مجرد شكلا بلا مضمون والحياة الديمقراطية ما هى إلا وهم وضحك وعلى الذقون منذ بداية الوحدة ، فرب ديكتاتور أفضل من غوغاء الفوضى والهرج والمرج لان اليمن وكثير من بلدان العالم الثالث ليست مهيأة على النحو الذي تقبل الديمقراطية سوى الحاكم او المحكوم وفي هذا ليست دعوة لعودة الديكتاتورية او حل الأحزاب بالعكس بل ان المراد هنا بداهة هو وضع ضوابط لهذه الديمقراطية وإرساء الدولة المدنية بمؤسساتها القوية .

في تاريخ اليمن السياسي خلال نحو مئة عام مضت عرف اليمنيون اربع ثورات في 1917 ضد الأتراك وثورة 1962 وثورة 1963

وأخيرا ثورة الربيع العربي 2011وفي حال افتراض حسن النوايا الداخلية والخارجية فيجمع كثير من المراقبين والمحللين بأن مخاض الثورة اليمنية ومألات الحوار سيفضي لا محالة لحكمة يمنية قد تذهل اليمنيين أنفسهم!