الوضع اليمني الفريد
بقلم/ مريم عبدالله الغرباني
نشر منذ: 11 سنة و 8 أشهر و 12 يوماً
الإثنين 04 مارس - آذار 2013 05:26 م

يمتاز الوضع اليمني بفرادته الناجمة عن فرادة الشخصية اليمنية إجمالاً، ويؤدي ذلك حتماً إلى فرادة الحلول التي يختلقها اليمني لتجاوز المصاعب والأزمات، هذا ما جعل أحد الأطباء المجريين في زيارة عمل في اليمن يقول بأن: "الله ترك العالم كله وجاء إلى اليمن يعتني بها.. أو بترجمة الكلمة الحرفية لينتبه عليها"..
 فلقد هـَالهُ حركة المرور وعدم وجود إشارات مرورية وعدم الالتزام بقواعد المرور وكون القيادة في العاصمة صنعاء تعتبر مغامرة بحد ذاتها، هذا كله قبل الثورة طبعاً، فلو زار اليمن اليوم ليجد أن: أوضاع اليمن في تدهور مستمر.. معدلات التنمية في هبوط مستمر.. الانفلات الأمني في انتشار مستمر.. تشكّل الجماعات المسلحة بأسماء وصور متعددة ومرجعيات مختلفة باطراد مستمر.. وتدمير الوطن وتمزيقه بيد أبنائه مازال مستمرا.. والخوف والرعب والفقر والمرض والجهل مستمر؛ بسبب سياساتنا وطريقتنا بتمييع الأمور بالمسكنات الموضعية لتستمر العشوائية والغوغائية دونما إيجاد إي حلول جذرية لها..
ففي اليمن ولفرادتها فقط:
ـ يعيش المواطن المسكين بدخل أقل من دولارين يومياً، وعندما يُسأل كيف تدبر حالك يقول: "خليها على الله"
ـ رغم أن اليمن الدولة الأكثر اكتنازا للسلاح وعلى مستوى المواطن البسيط ورغم كل التوقعات بنشوب حروب أهلية وتهديدات صالح لها بالصوملة إلا أن خيار الحرب المطروح بقوة أكثر شيئاً تتجنبه القوى السياسية.. طبعاً لأن الحكمة ماركة يمنية مسجلة وبشهادة رسول السلام..
ـ رغم كل مواردها وخيراتها التي تمتلكها لكنها تنتظر المعونات من الخارج وتتسول بمشاكلها من العالم من حولها...
ـ غرابة وفرادة الحلم اليمني الذي يجعل جُل ومبلغ أحلام بعض، بل أغلبية، أبنائه القُرب من مشائخ حاشد أو بكيل أو أي مسؤول، ولو حتى بصفة مرافق لينتفخ ريشه ويمشي بين أخوته مختالاً فرحاً بجريمته في حق المدنية ودولة العدالة التي ننشد.
ـ اليمن فقط هي التي تلفظ أبر أبنائها خارجاً وتستقبل بصدر رحب الأجانب وتسلمهم مقاليد أمرها، وأكبر دليل تعاملنا مع بن عمر كأنه خلفنا ونسي.
ـ فيها تقوم تحضيرية الحوار الوطني بالإعداد للحوار الذي يُعول عليه إخراج اليمن من أزمتها في زمن يزيد عن العام ونيف، ولكي ينعقد ويُحدد له موعد للانطلاق يجب أن تُلوح العصا الأممية في وجوههم ليجتمعوا تحت سقف هذا الحوار الذي ما زلنا ننتظر انعقاده على أساس المحاصصة كما هي العادة في اليمن..
الكثير من المتناقضات والمشاكل التي مبتدؤها نحن وخبرها، وحلها يكمن فينا نحن ولكنا دائما نبحث عن الحلول في المكان الخطأ لتتحول اليمن مع الزمن إلى وطن غير صالح للعيش فيه ويوحد أحلام البسطاء في الهروب منه لينعموا بالسلام والهدوء الذي يتمناه أي إنسان في أي وطن، وهذا حق لا ينكره أحد.
في الـ 18 من مارس نحن على موعد مع حقيقة هذا الحوار الذي طالما ترقّبناه، وطالما شغل حيزا من صفحات الأخبار وعناوين النشرات الإخبارية، وعلى القائمين عليه أن يضعوا في الاعتبار بأنهم موجودون في ذلك المكان ليُراعوا مصلحة الوطن والمواطن الذي أرهقته صراعاتهم وتناحرهم المحموم من أجل تلك الكراسي فيه..
ويبقى أن أقول بأن من فرادة الإنسان اليمني أنه، ورغم فقره، يستطيع أن يتقاسم كل ما يملك مع أخيه الإنسان، وهذا ما أدهش الطبيب المجرّي عندما قدّم له صاحب التاكسي موزاً للترحيب فيه في بلد اختزل الطيبة في ابتسامة وكرم أبنائه.. وهذا ما يجعله فريداً في صبره وتحمّله وقدرته على البقاء مرفوع الرأس مبتسمًا، رغم كل الهموم التي يحملها في قلبه!!