" حتى لا تتكرر أحداث مآرب
بقلم/ كاتب/رداد السلامي
نشر منذ: 17 سنة و شهرين و 20 يوماً
السبت 11 أغسطس-آب 2007 10:28 ص


مارب برس ـ خاص

ورقة قدمت في ندوة نظمها ملتقى الشباب للتنمية المجتمعية تحت عنوان " حتى لا تتكرر أحداث مآرب. الإرهاب في اليمن .. المشكلة والحل " بفندق صنعاء الدولي الخميس الماضي 9/8/2007م برعاية منظمة صحفيات بلا قيود عنوان الرورقة:

دور الشباب في مكافحة الإرهاب

ما حدث في مأرب رقصة دم أخرى.. على مسرح جديد.. القتلة مجهولين حتى اللحظة .. المخرج ذو الباع الطويل هو سيد إرهاب.. الضحايا منتقون بعناية فائقة، جلهم أبرياء..عرض مأساوي بامتياز.. نجح في تحويل فرحة سياحية إلى بركة من الدماء ومزق من الأشلاء ..الفاعين يقال انهم ضحايا" قاعدة" أدمنت ممارسة القتل والرقص على أشلاء الضحايا تحت مظلة الدين وهو منها براء ..

لكن لماذا الحديث عن الشباب بالذات فيما يخص ظاهرة الارهاب ..؟ لأن الشباب هم الشريحة الاكثر استه دافا من قبل الجماعات والتنظيمات الإرهابية والأكثر إهمالا من قبل الحكومة والمجتمع ..

ولأنهم عدة الوطن وذخر الأمة وأساس البناء والشموخ والإرادة وذاكرة التاريخ الحضاري لكل امة متقدمة وهم عصب المجتمع الحيوي وقلبه النابض وطاقته القادرة على توجيه الحدث نحو مسارات التقدم والنهوض والتنمية إذا ما تنكبوا قيم التخلف والتطرف والجمود .. وكرسوا حياتهم لخدمة قضايا الوطن عبر آليات سلمية واعية تمدد مساحة الخير وتحجم مساحة الشر والكراهية والاستبداد ..كما أن الاهتمام بهم من قبل الدولة والمجتمع وعدم تجاهلهم هو إحدى الوسائل الهامة في عزلهم عن كل ما يؤدي بهم الى الانزلاق في وحل التطرف والانجرار وراء أفكار الموت والدمار تحت شعارات لا تمت إلى الله بصله ولا إلى دينه في معنى وسأورد بعجالة سريعة في هذه كإضافة بسيطة إلى ما قدمه الأساتذة بعض أسباب التطرف لدى الشباب ودور الشباب في مكافحته

أولا : أساب التطرف ..

التطرف ليس حالة عارضة أو طارئة ولكنه نتيجة منطقية لمقدمات وحيثيات أوجدته وجعلته وجودا أساسيا في تكوين المجتمع وتشكيلاته

التفكك الأسرى:

الشاب الذي نشأ طفلا في أسرة غير مترابطة بسبب الطلاق أو الانفصال أو تعدد الزوجات أو الإهمال لا يجد من يشبع له حاجاته المادية من غذاء وكساء ولا من يلبي متطلباته العاطفية من حب واحترام وتقدير. وعندما تكون قنوات الاتصال مفقودة بين أفراد الأسرة الواحدة يشعر الشاب بالغربة في بيته ولا يجد من يسمعه ولا يجد من يحدثه. في مثل هذه الأجواء لا يعرف أفراد الأسرة بعضهم بعضًا لذلك يبحث الأفراد عن ملاذ خارج البيت، الأم مع صديقاتها والأب في عمله والأبناء يبحثون عن أي جماعة تحضنهم فقد يكون ناديًا رياضيًا وقد يكون تنظيمًا إرهابيًا، ويكون الانتماء إلى أي تنظيم أفضل من الشعور بالغربة داخل البيت.

وتؤدي طريقة تربية الأبناء دورًا كبيرًا في شخصية الأبناء. فالأسرة التي لا تعرف الحوار ويكون الاتصال بين الوالدين والأبناء هو إعطاء الأوامر والتعليمات والنصائح والإرشادات من الوالدين وينحصر دور الأبناء في التنفيذ بلا حوار أو نقاش أو سؤال. مثل هذا المنهج في التربية يولد الفرد الإمعة الذي لا يعرف متى يقول نعم ومتى يقول لا. فالبيت أحاله إلى أشبه  بجندي في معسكر وعليه تنفيذ  التعليمات بلا تفكير أو تعليل.

كما أن القسوة في التعامل مع الأطفال واستخدام العقاب البدني والإهمال يؤديان إلى تبني فكرة العنف منهجًا لحل المشكلات وتحقيق الرغبات والتغلب على الصعاب. لأن من يُربى على الضرب والعنف يصبح عنيفًا في تعامله مع الآخرين لأن العنف يولد العنف والإرهاب.

غياب الحوار:

عندما يغيب الحوار داخل الأسرة ولا يسمح به في المدرسة ويمنع في وسائل الإعلام يكون البديل هو سيطرة الرأي الواحد وهيمنة الفكر الذي يملك العضلات لا الفكر الذي يملك الحجة، وفي مثل هذه الأجواء تنشأ الأفكار المنحرفة بعيدًا عن الأضواء وتولد المبادئ الضالة تحت الأرض. والرأي الآخر في عالمنا العربي مغيب لا يفسح له المجال ليعبر عن نفسه وكل وسائل الاتصال مغلقة أمامه، لذلك يلجأ إلى الوسائل غير المشروعة وينتقل بين الأفراد في الخفاء وينمو في الظلام، ويتجاهله الذين في مواقع السلطة متوهمين أن الإهمال سوف يقضي عليه والحوار معه سوف يمنحه فرصة الانتشار. ولكن الفكر الذي لا يُناقش ولا يقبل الحوار تنمو في داخله نبتة التطرف وتخرج من أحشائه جحافل الإرهاب. وما يحدث في المجتمع هو نتيجة أيضًا لغياب الحوار في البيت فالأبناء رأيهم لا يسمع وعليهم الطاعة دون حوار ودون نقاش، ويعد الحوار والنقاش سوء أدب وتدنيًا في مستوى الأخلاق، ومن يحاور لن يسلم من العقوبة المعنوية والمادية أو بهما معًا. لذلك ينشأ الشباب مؤهلاً لقبول أي فكر وتبني أي مذهب.

البطالة والفساد والوضع الاقتصادي السيئ:

لا شك أن البطالة ظاهرة موجودة في أغلب المجتمعات الإنسانية قديماً وحديثاً، ولا يكاد مجتمع من المجتمعات الإنسانية على مر العصور يخلو من هذه الظاهرة، ولكن قد يختلف حجمها ونسبتها وطبيعتها من مجتمع لآخر، حيث توجد علاقة بين حالة البطالة ومستويات التأهيل العلمي للقوى العاملة والعاطلين عن العمل، وعلاقة أيضاً بين حالة البطالة وحدوث الجريمة في المجتمع، كما أن هناك علاقة طردية بين ارتفاع نسبة البطالة والجريمة وقضايا الإرهاب، وتتبلور هذه العلاقة من خلال الحالة التعليمية للشباب العاطلين عن العمل، أي كلما انخفض المستوى التعليمي للعاطلين عن العمل ارتفع عدد قضايا الإرهاب والمخدرات والإجرام في المجتمع، وتظهر هذه البطالة جلياً وتزداد نسبها في حال الركود الاقتصادي العام لأي دولة، وذلك عند حدوث أزمات اقتصادية (مؤقتة) ناتجة إما بسبب عوامل داخلية تتعلق بإجراءات العمل والتوظيف أو سوء توافق بين مخرجات التعليم وسوق العمل، أو نتيجة لعوامل وضغوط خارجية تتعلق بمنظومة الاقتصاد الدولي

وضالة التنظيمات الإرهابية تكمن في جيوش الشباب العاطلين عن العمل ، وكذا الجريمة المنظمة ... بلدنا يعج بآلاف الشباب العاطل ويتحول بفعل وجود البطالة والفساد المتفشي إلى خنجر وقنبلة لتأتي فتاوي التكفير والإحباط الصادرة عن ذوات يائسة وأفهام مغلوطة للدين لتجد لاحتقانات الواقع الشبابي منفذا يتنفس من خلاله الموت زفيرا يحصد الأبرياء بسم الله والله منه بريء ... ذلك لايحدث إلا بسبب المال ... القاتل المأجور يقبض المال ... الإرهابي يقبض المال... الكثير من الشباب العاطل عن العمل والذين هم في مستوى متدن جدا من الوعي والتعليم ينخرط الكثير منهم في هذه التنظيمات ليتحول إلى آلة للقتل وأداة للجريمة ... المجتمعات التي تعاني من البطالة والفقر تعاني من الارهاب والجريمة المنظمة وهذه بديهية لاتحتاج الى الكثير من التأمل.

في بلادنا .. هناك عشرات الآلاف من العاطلين عن العمل وهم في حالة من الضياع يرثى لها وهم مادة خام للاستغلال من قبل التنظيمات الإرهابية وشبكات الجريمة المنظمة ... العوز المادي والفقر المدقع والحاجة الماسة والحرمان من الكثير من الأشياء يدفع بالشباب الى التورط ، ونحن خلال هذا الطرح لانبرر الإرهاب ولا الجريمة المنظمة بقدر ما نشرح الأسباب ونضعها امام اعين ذوي الشأن والمسؤلون في الحكومة وكذا امام منظمات المجتمع المدني وحتى المجتمع الدولي الذي يفترض به ان يهب لمساعدتنا في توفير فرص العمل لهؤلاء الشباب . لقد حان الوقت وخصوصا بعد الاحداث الاخيرة التي حدثت في مارب وما يدور في جنوب الوطن العمل ، وليس التنظير، من اجل القيام بحملة واسعة النطاق للقضاء على البطالة في البلاد ابتداء من القضاء على الفساد ومكوناته وشل فيروساته وإصلاح أوضاع البلاد وكذلك  من خلال احياء المشاريع الصناعية كما أن هناك الاف الفرص للشروع في تأسيس المشاريع الصغيرة لتحقق هدفين احدهما احتضان الشباب وتوفير مصدر مالي محترم لهم وانقاذهم مما هم فيه ، وكذلك لتكون هذه المشاريع بمثابة العمود الفقري لإقتصاد البلد اذ ان هذه المشاريع هي التي تضمن اقتصاد البلدان على المدى البعيد اكثر من النفط الذي تبشرنا حكومتنا باقتراب نضوبه ..

شباب يصدر للموت :

شباب يمنيون في عمر الزهور يصدرون كانتحاريين إلى خارج البلاد ومقاتلين مع جماعات أصولية خارجة عن القانون .

كما سمعنا من قبل ان المقاتلين اليمنيين في صفوف تنظيم " فتح الإسلام " الأصولي يحتلون المرتبة الثانية بعد السعوديين وهم كذلك يحتلون أيضا في معتقل جوانتانامو الاميركي في كوبا وربما أيضا في العراق ..

هناك بلا شك شبكات منظمة ولديها الإمكانيات وتنتشر في طول وعرض البلاد لاستقطاب شبابنا من الجامعات والمدارس لتحويلهم إلى انتحاريين بعد أن يعدونهم بـ " الشهادة" التي أخطأوا السبيل لنيلها ، ما أسلفناه قبل من تراكمات وأسباب بعضها أنتجته السياسات المختلة للسلطة فهو رسمي" خالص " والبعض نتاج ثقافة تدميرية تحاول نسب ذاتها الى مفاهيم الاسلام و الاسلام منها بريء .

وفوق أن البلاد تخسر هؤلاء الشباب المغرر بهم فان ما يقومون به اليوم يعود بنتائج سلبية على اليمن ويشوه سمعته ويقدمه وكأنه " مفرخة " للإرهاب والإرهابيين ويرسخ في أذهان الآخرين أن هذا البلد خطر للغاية ..

وباعتقادي أن المعالجات الحكومية لظاهرة التطرف غير مجدية حتى الآن , فلا الحوار أتى بنتائج ناجحة بدليل عودة العمليات الإرهابية إلى اليمن , ولا سياسة الاحتواء يبدو أنها ستوقف زحف التطرف على شبابنا , أما القبضة الأمنية فيبدو أنها متراخية وبحاجة إلى " شدشده " فسرعان ما يفلت منها الارهابيون ولا أسوء من حالة فرار ويلاحظ انها لا تجيد الا الشد على الصحفيين ومنظمات المجتمع المدني والفعاليات السلمية ..

*فهم خاطيء للاسلام

كما يرى البعض أن التفجيرات الأخيرة التي حدثت ثمرة طبيعية لتراكم مجموعة من الأسباب المعقدة والمترابطة، كانت في البداية انحرافا فكريا تمثل في تأويل النصوص الشرعية تأويلا خاطئا

وعجزا عن "التوفيق بين النص الشرعي والواقع السياسي والاجتماعي والثقافي فكانت المحصلة أن الشباب بدأ يعيش حالة من القلق النفسي والتأزم الفكري بسبب بعد الواقع وإفرازاته عن النص الشرعي ومقتضياته، وكان من تجليات ذلك تكفير الأنظمة الحاكمة ، ثم أفراد المجتمع بما في ذلك العلماء – كما هو منهج جماعة الهجرة والتكفير في مصر - وسرعان ما تحول الانحراف الفكري إلى حركة عنيفة لن تكون "التفجيرات الانتحارية" التي حدثت في مارب آخرها.

إن هؤلاء الشباب الذين يتبنون " إيديولوجيا التكفير والعنف " هم ضحية لفهم خاطئ للإسلام، وتفسير شاذ للنصوص الشرعية، وأزمة ثقة بينهم وبين النظام السياسي و"فقهاء الشريعة"؛ فهولا ينطلقون في تبنيهم " لإيديولوجيا التكفير والعنف " من فراغ بل يستندون إلى نصوص شرعية فهمومها حسب ما تستلزمه "الإيديولوجية" التي يؤمنون بها، ثم بدؤوا يمارسون العنف في حدود " النطق": " تكفير المخالف" ، ولم تهتم الأنظمة السياسية في البلاد العربية بهذا الانحراف الفكري الخطير، وظنت أنها قد تستفيد منه، في تمزيق صفوف أتباع التيارات الإسلامي المعتدلة واستخدامهم كروت احراق كما صرح أحد رموز البلاد السياسيين في حوار له على قناة الجزيرة ، وشغل أتباعهم بصراع فكري يلهيهم عن المعارضة السياسية، قبل أن يصل ذلك الانحراف الفكري إلى ما نراه من حركة "تفجير وتدمير" لا تبقي ولا تذر.

لقد كانت بذرة هذا الفكر كامنة في التراث الإسلامي– كمذهب الخوارج- ثم جاء مفكرين معاصرين فيما بعد وصاغوا للعنف منهجا من واقع العذاب الذي عاشوه في سراديب الأنظمة السياسية القمعية  فصارت هذا الكتب السند الفكري والعلمي "لإيديولوجيا التكفير والعنف"، وتلقفها الشباب بشغف، وصار " التكفير" سلاحا يستخدمونه ضد الأنظمة في حربهم معها، مقابل سلاح " السجن والمحاكمات" الذي تحتكره الأنظمة،ثم تطور سلاح " التكفير" لدى هؤلاء الشباب إلى سلاح " التفجير والتدمير" ثم إلى " تفجير الذات" لتدمير الآخر.

وقد وجدت هذه الإيديولوجية تربة صالحة لها في بلادنا  إذا مهد لهم النظام بوعي وبدون وعي الطريق مستخد ما اياهم كما اسلفنا كروت إحراق ضد قوى سياسية منافسة له ومعارضة رغم اعتدالها.. فانتشر فكر التكفير منذ سنوات.. وها هو ينتج – اليوم - ثمرته الطبيعية القتل والدمار كان آخرها استهداف سياح أبرياء في مأرب وغدا ربما مكان آخر ولن يترك هؤلاء الشباب " إيديولوجيا التكفير والعنف " ما لم يقتنعوا بعدم مشروعيتها دينيا " لأنهم يمارسون العنف – عن قناعة شرعية - ولن يتركوا قناعتهم إلا إذا تغيرت تلك القناعة إلى نقيضها.  

*عجز عربي

معروف الدول العربية تحتل مواقع عالمية متأخرة في مجال التنمية الاقتصادية والبشرية وفي مجال الحريات والديمقراطية ومكافحة الفساد. ولا شك في ان هذه السياسات المستدامة تؤدي إلى انفصال السلطات العربية عن المجتمعات، وتفرز بدائل أهمها الاصولية، وتساهم في إيجاد تقاطع بين الفئات المسحوقة والظاهرة الإرهابية. وبهذا المعنى فان العديد من الدول العربية تبدو عاجزة عن مكافحة الإرهاب بل أنها تساهم في صناعة الظاهرة من حيث لا تدري وبشكل مستقل عن مصالحها ورغباتها.

اما النخب الإسلامية والمدارس السلفية والأصولية ذات الطابع الجماهيري والمؤسسي فإنها ترفض الإرهاب وتدين العمليات الإجرامية وهذا شيء جيد ومهم. لكن بعض المدارس السلفية المتشددة المنتشرة في المجتمع والمسيطرة بعض المؤسسات الدينية، تساهم في بناء ثقافة وبيئة مواتية لنمو الظاهرة الإرهابية. إن رفض التعددية السياسية.. وتكفير المذاهب الإسلامية الأخرى بما في ذلك الاتجاهات الاسلامية المتنورة.. وفرض تفسير واحد واجتهاد واحد للشريعة، وتقييد الحريات كفرض مالم يفرضه الدين والخلط بين الثابت والمتغير والواجب والمستحب ومنع الفنون والموسيقى والرسم والتصوير، وحظر الانفتاح على الثقافات والإبداعات الإنسانية، والتضييق على حرية المرأة ورفض مساواتها بالرجل، ورفض المواثيق الدولية كالميثاق العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية عدم التمييز ضد المرأة بحجة تناقضها مع الشريعة الإسلامية. أن هذه المنظومة من المفاهيم والممنوعات تتقاطع في جوانب منها مع إيديولوجيا بعض التنظيمات الإرهابية ، وتساهم بشكل أو بآخر في إيجاد البيئة المواتية لنمو الظاهرة الإرهابية على عكس ما يرغب هؤلاء.

إن مواجهة الظاهرة الإرهابية وتفكيك تماسكها بدءا بفك التقاطع مع المزاج الشعبي، لا ينجح من خلال إجراءات الأمن وحدها، بل يتطلب عملا في أكثر من جبهة ومجال. يتطلب قبل كل شيء تبني ثقافة حياة وحرية، ثقافة رفض والهيمنة والتبعية والاستبداد ، ثقافة تسامح ومعرفة ومشاركة وانفتاح واعتدال وديمقراطية.وتنمية حقيقية بعيدا عن الشعارات الجوفاء

 ثانيا : دور الحكومة في إنقاذ الشباب من أفكار التطرف

المعالجات الحكومة لظاهرة التطرف غير مجدية حتى الأن ولغة الحوار المعروف مسبقا لديها لم يعد ينفع

فالمعالجات الحكومية في رأي كثير من المراقبين ومتتبعي الشأن اليمني يجب أن تكون أشمل وأوسع من مجرد الحوار أو الاحتواء أو القبضة الأمنية ..

إننا في اليمن بحاجة إلى إستراتيجية شاملة لا تقل أهمية عن "خطة الانتشار الأمني" التي تابعنا تنفيذها خلال الفترة الماضية يجب أن تبتعد الحكومة ذاتها عن إنتاج وتفريخ التطرف وتنمية البيئات المناسبة لنموه وترعرعه يجب أن تنظف مؤسساتها من لوبي الفساد و والاستبداد وأن تبتعد عن استخدام الورقة الدينية والمذهبية في إشعال الحرائق وإحراقها متى شاءت فقد أثبتت الأيام أن الدولة ذاتها من يجني في الأخير نتائج هذه الحرائق وأنها هي أول من تحترق به داخليا بترهل أمنها واقتصا البلد وخارجيا بتشوه سمعتها وسمعة الوطن برمته يجب أن تبتعد السلطة عن إدارة البلاد بعقلية" البدوي" وبندقية" القبيلي" وان لا تصنع الأزمات والاحتقانات حقنة قاتلة في أوردة الوطن

نحتاج في اليمن إلى سلطة جديدة و ثقافة جديدة نستأصل من خلالها جذور التعصب أو التطرف أو الانجرار خلف أفكار وأوهام لا علاقة لها بمطالبة تغيير النظام الذي بشرنا مسؤلوه في الانتخابات المنصرمة أنه إذا تغير ستحل الكوارث والفتن مع انه منبع الكوارث ومصدر الفتن

وحينئذ فقط يمكن لأخبار شباب اليمن المبدعين الذين انتشروا في أنحاء المعمورة أن تتغلب على أخبار هؤلاء المغرر بهم ، ضحايا حالة الضياع التي يعيشها الكثير من شبابنا وقد ضاقت بهم السبل وهم يبحثون عن من يرعاهم ويحل مشاكلهم

ولكن قبل أن اسرد دور الشباب في مكافحة الإرهاب دعوني أتساءل ما الذي يدعو الشباب إلى أن يصبحوا إرهابيين وما الذي يدعو شبابا ما يزال في متقبل العمر إلى أن يخسر حياته لأجل فكرة قد يثبت خطاءها في يوم ما .

وبافتراض صحة الفكرة التي يخدمها هذا الشاب وهذا احتمال ضعيف في أغلب الحركات الإرهابية المعاصرة فهل العنف هو الوسيلة والوسيلة الوحيدة لترويج هذه الفكرة ومحاولة فرضها .

إن الفكرة سواء كانت خاطئة أو صحيحة أو حتى مختلطة ما بين الصحة من جوانب والخطاء من جوانب لا يجب أن تستدعى العنف لترويجها ومحاولة فرضها على الإطلاق .

فقيم الحوار يجب أن ترتفع فوق أي خلاف واللجؤ إلى الشارع واستخدام أدوات العمل السلمي لتحديد من هو الأصح في الأفكار والرؤى والمنطلقات وهذا هو الحل الأمثل .

وإن استخدام الشباب في الكثير من الحوادث الإرهابية سواء كانت القضية صحيحة أو خاطئة هو في الأساس فكرة خاطئة ولا يجب تنفيذها بأي حال من الأحوال .

إن دور الشباب هنا هو أن يكونوا أكثر قدرة على فهم أن العنف في النهاية لا يعتبر طريقا لحل وأن الحوار والحور فقط هو السبيل الأكثر فعالية للحلول التي تجنب البشر ويلات الموت تحت أنقاض عمارة منهارة .

ودور الشباب هنا هو أن يحاول أن يفهم التنظيمات والحركات بشكل اكثر صحة وأن لا ينساق إلى أي تنظيم أو حركة حتى وإن كانت تدغدغ هذه الحركات مشاعره المتفجرة بكلماتها وعبارتها المتفجرة وأن يبتعد عن كل ذلك وأن يجعل من الموضوعية والشفافية هما الأساس لفهم اى فكرة تدور في الشارع أن لا يجعل العنف هو أول الحلول ولا حتى أخرها ولكن الحوار هو أول الحلول وأخرها والسؤال الموجة للشباب اليمني  أليس العيش لخدمة قضية عبر المطالبة بها والضغط السلمي لتنفيذها افظل بكثير من الموت بداخل سيارة مفخخة تجعل من الأخر وهو هنا الحكومة بمعنى أدق اكثر تصلبا في تلبية طلب هذه الجماعة التي ينتمي إليها الشاب وأكثر محاربة لها .

إن إيمان الشباب ونقصد هنا الشباب المنتمين لتنظيمات وحركات عنفية أن ينزعوا إلى السلم ففي السلام توجد مكاسب أكثر من الحرب والدمار وهذا هو دور الشباب من وجهه نظري في المستقبل

*كاتب وصحفي يمني -ومؤسس ملتقى الشباب للتنمية المجتمعية