|
الوطن ملك للجميع، ويتسع للجميع، وعلى كل شخص واجبات يجب أن يؤديها، وله حقوق يجب أن يأخذها، ولا يجوز أن يكون هناك عبيد وأسياد، فذاك عصرا قد مضى وانتهى، ونحن اليوم في وطن الحرية والديمقراطية والحياة الكريمة لكل مواطن، هذا ما يجيب أن يفهمه الجميع، ويعيشه الجميع، فمن اجل ذلك ثار الثوار واستشهد الأحرار وناضل الأبطال، لا شك أن جميعنا متفقون على ذلك، وما أريد أن أصل إليه هو الواقع الذي نعيشه في ظل حكومة تجيد ترديد الشعارات والكلام المعسول وتنكرت لدماء الشهداء من خلال ما يقوم به معظم المسؤولين الذين تجاوزوا أهداف الثورة والدستور والقانون.
حكومة يتربع على عرشها أشخاص سئمهم الشعب وملهم ، أصبحوا عديمي الفائدة أعطوا كل ما لديهم ، وهم اليوم غير قادرين على العطاء، وضررهم أكثر من نفعهم، بسبب عقولهم التي أصبحت فارغة تماما وغير قادرة على التفكير فيما ينفع الناس، خرجوا عن الدستور والقانون في كل، خلقوا قوانين ومعايير حسب المزاج والهوى، لهم معايير خاصة في تحديد الولاء الوطني ومنح الوظيفة العامة وإعطاء الحقوق.
فهؤلاء المسؤولين أولي الوجوه المألوفة المعروفة يريدون أن يظلوا هم الحكام لبلادنا حتى بعد مماتهم وذلك من خلال توريث الوظيفة أو المنصب لأبنائهم من بعدهم، فالوزير ورث الوزارة لولده والمحافظ كذلك، والمدير العام سبحانه الله خلف ولدا مثله مدير عام، والقائد العسكري بقدرة قادر أنجب قائدا عسكريا جاهزا، الرئيس من العيب أن يكون أبنائه ليسوا برؤساء من بعده وهكذا، حتى أصبح أبناء هؤلاء نسخة من أبائهم ويشبهونهم في كل شئ إذا ما أكثر ...... في بلادنا ولله الحمد على ذلك.
ففيما يخص الوظيفة العامة تم وضع معايير خاصة بها حلت محل القانون والدستور، حيث وضع رؤساء المؤسسات الحكومية لوائح وقانون خاص بهم في التوظيف والشروط التي يجب توافرها في من يتقدم للوظيفة لديهم وكذلك في الترقية ، وهو قانون آل \"البيت\" أي بشرط أن تكون من البيت الفلاني ومن الأسرة الفلانية، كما يتوقف قبول الموظف كذلك ومن ثم ترقيته على حسب القرابة التي تربطه برئيس هذه المؤسسة أو تلك، هذا هو الأساس في التوظيف أو الترقية لمن يوظفونه دون اعتبار لكفاءة أو خبرة أو مؤهل، كما أصبح أبناء الشهداء والمناضلين من الفئات الأقل شانا ومن الطبقات المسحوقة ومن المهمشين، ولا حق لهم في قاموس قانون آل \"البيت\" .
كما وضع هؤلاء المسؤولين اللامسؤولين أصلا قانونا جديدا ومعيارا خاصا بهم تقاس به الوطنية والولاء للوطن وهو أن تكون شخصا فاسدا وكلما كنت ذو حجم كبير في الفساد وذو \"هبرات\" ضخمة أصبحت شخصية مرموقة ومعروفة وموثوقة لدى حكومتنا المبجلة، وبقدر ما تسطو عليه من المال العام يقاس ولاءك الوطني.
ومن جهة أخرى أصبحت الحقوق التي لا توهب أو تعطى بل تنتزع انتزاعا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تعطى هذه الحقوق لأي مواطن يحترم نفسه ويحافظ على النظام والقانون، ولا يمكن أن يحصل من يطالب بحقوقه بالطرق الشرعية والقانونية على أدنى الحقوق مطلقا، وهنا سنت الحكومة اليمنية قانونا جديدا تمنح من خلاله الحقوق وهو قانون القوة والبلطجة وقانون خالف تعرف، وقانون \"الصميل\" .
وفي عرف دولتنا وقانون حكومتنا أصبح المخلصون المحبون لليمن والذين يخدمون بلادهم بضمير وولاء صادق لا قيمة لهم ولا اعتبار، كلما كنت مخلصا ومحبا لليمن كلما كنت مهمشا ومبعدا ، وفي المقابل كن مشاغبا وبلطجيا وعميلا ومخربا تحظى بالرعاية والاهتمام ، كن جنديا مخلصا وموظفا محترما تحب وطنك تجد المعاناة والشقاء والبؤس ولا قيمة لك لأنك شخص لا يعرفك احد، نعم هكذا أصبح حال الجندي والموظف والصحفي المخلص الذي لا يبيع وطنه ولا يفرط في ثوابته الوطنية ليس له من حقوق ولا رعاية، ولكن لو انه فرط في الوطن وأصبح مأجورا ويثير القلاقل والمشاكل حسب ما يراد منه فانه في هذه الحالة سيصبح مرموقا ومحترما لدى حكومة بلادنا التي تجر الناس إلى العصيان والخراب جرا، بل أنها بهذه الطريقة تغري ضعاف النفوس إغراءا، فغاية كل مأجور أن يحصل على الرعاية والاهتمام، كل ذلك سيكون متوفرا له لدى مسؤولي الحكومة اليمنية التي لا تحترم إلا من كان وراءه قبيلة طويلة عريضة مشاكسة، أو شخص مأجور ترى أن وراءه ظهرا يحميه سواء من الداخل أو الخارج، أما أن تكون وطنيا فلس حق ولا تعطى حتى الحقوق الدنيا، وفي هذه الحالة على كل مواطن يمني أو موظف سواء جندي أو مدني أو صحفي أو سياسي محب لوطنه ومخلص لبلاده عليه أن يحافظ على كرامته التي هي من كرامة الوطن من خلال الصبر والحب الصادق والولاء لوطنه دون أن ينتظر أجرا من احد وعليه أن لا يرهن ولاءه وإخلاص لامته ووطنه بسياسة الحكومة وتعاملها مع مواطنيها التي لا تعطي الحقوق والرعاية إلا لمن أشهر في وجهها السلاح واستخدم لغة التهديد والوعيد إن هي لم تستجب له.
ولتعلم الحكومة اليمنية أن غالبية اليمنيين الشرفاء المخلصين لا ينظرون إلى الوطن انه مجرد ثروة نفطية أو مناجم ذهب أو مجرد ضرائب وجيايات تجمع ثم توزع وكأنها تدير شركة خاصة لمجموعة كم المستثمرين، وعليها كذلك أن تعلم أن حب الوطن من الإيمان وانه فطرة ما يزال الكثيرون يحافظون عليها ولكنهم من عامة الناس، في حين فرط في هذا الولاء وتنكر لهذه الفطرة الكثيرون ممن يرون في أنفسهم أنهم أصحاب قرار وممن هم متواجدون في سدة الحكم، وهؤلاء لا يعرفون ولاء وليس لهم مبدأ وطني ولا حزبي حتى، وإنما هم مجتمعون فقط ومتفقون على السلطة والحكم يحيون ويموتون عليه وليذهب الوطن والمواطن إلى الجحيم .
كما علي فخامة رئيس الجمهورية الذي نبرأه من كثير من الممارسات التي يقوم بها ممن هم حوله ويحيطون به من أولئك الذين منحهم الثقة والصلاحيات الكاملة أنهم استخدموا هذه الثقة والصلاحيات في غير مكانها، بل سخروها ليعيثوا في الأرض فسادا، من خلال عبثهم بالوظيفة العامة والحقوق والحريات، واستبدلوا القوانين التي تكفل الحقوق للمواطنين سواء في حق التوظيف والرعاية والخدمات، استبدلوها بقوانين خاصة بهم تتمثل في الوساطة والقرابة الاجتماعية، والمصالح الشخصية، وهو قانون \"انفعي أنفعك\" و\"شيلني أشيلك\" حتى أقصي الكثيرون، وهمش الغالبية العظمى من أبناء الوطن ، وحرم أصحاب الكفاءات والخبرات، ذنبهم أنهم لا تربطهم قرابة بالوزير \"زعطان\" ولا بالمدير \"فلتان\" ولا من قبل الشيخ \"علان\"، هذا وما خفي كان أعظم، إذا لا غرابة أن تكون النتائج لهذه السياسات الخاطئة غير ما نعيشه اليوم من أزمات اقتصادية وسياسية وأمنية شمالا وجنوبا، وبكل أسف وضع اليمن الحبيب لا يسر عدو لا صديق، ويأتي هذه كله في الوقت الذي وما يزال هؤلاء المتنفذين يمارسون الكذب والتضليل لدى فخامة رئيس الجمهورية عندما يصورون له أن الأوضاع تحت السيطرة \"وان كل شي تمام يا فندم\" .
*رئيس تحرير "سبأبرس"
في الأربعاء 06 أكتوبر-تشرين الأول 2010 07:47:16 م