الشيعة في اليمن: العامل ألإمامي الجديد
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 17 سنة و 7 أشهر و 5 أيام
الأربعاء 04 إبريل-نيسان 2007 07:49 ص

مأرب برس – CNN  

 يعيش الزيدية في انسجام مع المجتمع اليمني، المعروف بتسامحه الديني والفكري.

إلا أن السنوات الأخيرة شهدت انتشار الأفكار الإمامية (الجعفرية) في المجتمع الزيدي، وعرف معتنقوها بـ"الشباب المؤمن" (أو الحوثيين)، الذين دخلوا في مواجهات مسلحة مع الحكومة.

تمهيد

يغلب على شيعة اليمن المذهب الزيدي، نسبة إلى الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، لا المذهب الإمامي (الإثنى عشري)، الذي يتبع له معظم شيعة العالم، ومنهم شيعة منطقة الخليج.

وقد دخلت الزيدية إلى اليمن في أواخر القرن الثالث الهجري، وحكم الأئمة الزيديون البلاد نحو 11 قرناً، حتى قيام الثورة اليمنية عام 1962.

وتعد الزيدية أقرب فرق الشيعة إلى السنة؛ إذ إنهم يخالفون الشيعة الإمامية في بعض عقائدهم، فهم يقرون خلافة أبي بكر وعمر بن الخطاب، ولا يطعنون فيهما، ويجيزون أن يكون الإمام في كل أولاد فاطمة، سواء كانوا من نسل الحسن أو الحسين، والإمامة لديهم ليست بالنص ولا وراثية، بل تقوم بالبيعة، وغيرها.

الوضع الديمغرافي/ الديني

يمثل الشيعة أقلية في اليمن، ويغلب عليهم المذهب الزيدي، وبحسب تقرير "الحرية الدينية في العالم" لعام 2006، الذي تصدره وزارة الخارجية الأمريكية، لا تزيد نسبتهم عن 30 في المائة من إجمالي سكان اليمن، الذي يبلغ 20 مليون تقريباً.

كما يوجد في اليمن شيعة إسماعيلية، يبلغ عددهم نحو بضعة آلاف، وفقاً للتقرير نفسه، وتقدر مصادر أخرى نسبتهم بنحو 2 في المائة من إجمالي السكان.

وبحسب "الموسوعة البريطانية لعام 2004" يتركز الزيود أو الزيديون في مناطق شمال البلاد، مثل صنعاء وصعدة وحجّة وذمار.

أما الإسماعليون، والذين يعرفون بـ "المكارمة"، فيسكنون مناطق في شمال اليمن مثل حراز، وفي غرب صنعاء مثل مناخة.

وللزيدية مساجدهم ومراكزهم العلمية في العاصمة صنعاء، وفي محافظة صعدة (شمال غربي البلاد).

ويغلب على المجتمع اليمني التسامح الديني والمذهبي، حيث لم تمارس الدولة اليمنية، منذ إطاحة دولة الأئمة، أي تمييز ضد الشيعة الزيديين. إلا أن تقرير الخارجية الأمريكية يذكر أن السلطات اليمنية أخذت تفرض قيوداً على ممارسة بعض الشعار الدينية الشيعية، في سبيل الحد من تمدد "الحركة الحوثية".

فقد حظرت، وللسنة الثانية، في يناير/ كانون الثاني 2006 الاحتفال بيوم الغدير للشيعة، كما أغلقت مكتبات ومحلات تسجيلات للحوثيين في محافظة صعدة.

ورغم أن الزيدية هي مذهب الأقلية في اليمن، إلا أن بعض أتباعها تولوا حقائب وزارية، مثل أحمد محمد الشامي، الذي تولى منصب وزير الأوقاف، وإسماعيل أحمد الوزير الذي عين وزيراً للعدل أكثر من مرة، والقاضي أحمد عقبات الذي تولى منصب وزير العدل.

ولعلماء الزيدية، بشكل عام، حضور واسع في مؤسسات القضاء ودار الإفتاء؛ فمفتي الجمهورية الحالي هو أحد علماء الزيدية الكبار، وهو القاضي العلامة محمد بن أحمد الجرافي، ومفتي الجمهورية اليمنية السابق، ولعشرات السنين هو العلامة أحمد بن محمد زبارة.

الواقع السياسي/ الاجتماعي

شهدت التسعينيات انتشاراً لأفكار المذهب الإمامي (الجعفري) بين زيدية صعدة، حيث كان على رأس هؤلاء حسين بدر الدين الحوثي، الذي أسس تنظيم "الشباب المؤمن" عام 1996، عقب انشقاقه عن حزب الحق، الذي تأسس بعد وحدة شطري اليمن عام 1990، والذي يرأسه أحمد محمد الشامي.

وقد تلقى الحوثي دعماً من الحزب الحاكم (المؤتمر الشعبي العام) بهدف محاصرة النفوذ الديني والسياسي لحزب التجمع اليمني للإصلاح (الإسلامي المعارض) في محافظة صعدة. وأنشأ الحوثي معاهد خاصة لتدريس منهجه، بدعم من الحكومة وتحت رعايتها.

وتبنى حسين الحوثي آراء اعتبرت خروجاً عن الفكر الزيدي، والتي اقترب فيها إلى الفكر الإمامي. إلا أن حركته لم تخرج عن نطاق الدعوة الدينية والنشر الثقافي والفكري. وفي عام 2002 بدأ يتخذ منحى جديداً، فأخذ يتحدث عن المسؤولية الدينية، وعن الخطر الأمريكي، وعن ضرورة العمل من أجل الإسلام، والتحصن من خطر أمريكا وإسرائيل. وأخذ أتباعه يرددون شعار "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل" في عدد من مساجد صنعاء وصعدة.

وحين بدأت الحرب على العراق عام 2003 نظم "الشباب المؤمن" مظاهرة أمام السفارة الأمريكية، رفعوا فيها شعارهم المناهض لأمريكا وإسرائيل، وسقط قتلى في الاشتباك مع الشرطة وقوى الأمن.

وقتها تبين للنظام الحاكم أن الشعار يخفي نيات خطيرة، ويهيئ التمرد على استقرار الدولة وسيادة القانون، بحسب ما يراه بعض المراقبين.

ويدعي "الحوثيون" أن السلطات في محافظة صعدة هي التي بدأت باستهدافهم وشن حملة اعتقالات ضدهم، وقادت الأوضاع المتأزمة والمناوشات المتناثرة إلى وقوع مواجهات مسلحة شاملة بين القوات الحكومية وأتباع حسين الحوثي في صيف 2004، والتي أسفرت عن مقتل حسين الحوثي نفسه في سبتمبر/ أيلول من العام ذاته في جبال مروان بصعدة.

وفي فبراير/ شباط 2005 تكررت المواجهات بين القوات الحكومية و"الحوثيين" بزعامة الأب بدر الدين الحوثي، الذي لا يعرف مصيره حتى الآن.

واعتقدت الحكومة أنها قضت على "التمرد الحوثي"، إلا أن المواجهات اندلعت مرة ثالثة (بقيادة عبدالملك الحوثي، شقيق حسين الحوثي) في أواخر العام 2005، وتوقفت بعد إبرام اتفاق بين الطرفين في فبراير/ شباط 2006. وتجددت المواجهات مرة رابعة منذ يناير/ كانون الثاني2007، على خلفية اتهام الحكومة اليمنية للحوثيين بالعمل على طرد اليهود من محافظة صعدة.

واتهمت الحكومة اليمنية حسين الحوثي بأنه أراد إشعال "فتنة مذهبية وطائفية" في البلاد، وأنه ادعى الإمامة والمهدية، إذ تصف الحوثيين بـ "أصحاب الأفكار الضالة والهدامة"، وتتهمهم بالخروج عن الثوابت الدينية والوطنية.

وفي العام 2004 دانت جمعية علماء اليمن تمرد الحوثيين، واعتبرته "فتنة"، ووصفت المتمردين بـ "المارقين".

إلا أن محللين يمنيين يشيرون إلى أن موقف الحكومة العدائي من الحوثيين ينطلق من خشيتها أن تواجه نشوء حركة متطرفة دينياً، وهي لمّا تتخلص بعد من تطرف تنظيم القاعدة، وامتداداته في الساحة اليمنية.

بينما يشير محللون آخرون إلى أن استهداف الحكومة لهم يتأتى من مواقفهم السياسية؛ فهم أولاً لا يعترفون بشرعية النظام الجمهوري القائم في اليمن، على اعتبار أنه أطاح الحكم الإمامي الزيدي. كما يتهمون النظام اليمني بأنه موال للولايات المتحدة، وقد هددوا مراراً بضرب المصالح الأمريكية في اليمن، فضلاً عن مهاجمتهم ليهود صعدة.

ويتهم مسؤولون في الحكومة اليمنية إيران بتوفير الدعم المادي للحركة الحوثية في سبيل إثارة فتنة مذهبية في البلاد تحقق أهدافها وطموحاتها في المنطقة. كما يشيرون بأصابع الاتهام أيضاً إلى ليبيا والمرجعيات الشيعة في النجف، وبعض شيعة دول الخليج، الذين - حسب زعم إعلام الحزب الحاكم - يمولون الحركة الحوثية عبر الابن الثالث لبدر الدين الحوثي، يحيى الحوثي، النائب في البرلمان اليمني، والمقيم في ألمانيا.

الحال الاقتصادي

لا يوجد وضع اقتصادي خاص للزيدية في اليمن، فالاعتبارات المناطقية والقبلية هي المؤثرة في الوضع الاقتصادي، أكثر من الاعتبارات الدينية أو المذهبية أو الإثنية.

أبرز الشخصيات الشيعية العامة

يعد بدر الدين الحوثي من كبار علماء الزيدية في اليمن، ويُعرف عنه مخالفته لكثير من مراجع الزيدية في اليمن بالنسبة للموقف من الإمامية، وهو يعتقد بالتقارب بين الزيدية والإمامية الجعفرية، ويتفق معها في عقائدها، مثل إنكار إمامة أبي بكر وعمر، والقول بإمامة علي والحسن والحسين بالنص.