إفراج الحوثيين عن موظفة أممية بعد خمسة أشهر من الاحتجاز أغنياء استفادوا من فوز ترامب بالرئاسة مصدر مقيم في واشنطن : وزارة الدفاع الأمريكية أكملت استعداداتها لشن ضربة عسكرية واسعة تستهدف المليشيات في 4 محافظات هل يقلب ترامب الموازين على صقور تل أبيب .. نتنياهو بين الخوف من ترامب والاستبشار بقدومه تطورات مزعجة للحوثيين.. ماذا حدث في معسكراتهم بـ صنعاء ؟ دولة عربية تفرض الحجاب على جميع النساء اعتباراً من الأسبوع المقبل السعودية تعتزم إطلاق مشروع للذكاء الاصطناعي بدعم يصل إلى 100 مليار دولار سعيا لمنافسة دولة خليجية الفائزون في الدوري السعودي ضمن الجولة العاشرة من الدوري السعودي للمحترفين المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر يكشف عن توقعات الأمطار والأجواء الباردة في اليمن مظاهرات في مارب وتعز تندد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي وتدعو الضمير العالمي إلى وقفة شجاعة مع غزة
ليس غريبا ولا مستغربا أن تثير مقابلة الشيخ حميد الأحمر مع قناة "الجزيرة" الأسبوع الماضي الكثير من ردود الفعل من كافة المربعات والجهات وفي الداخل والخارج. فبالإضافة الى المكانة السياسية والاجتماعية والتجارية والانتماء الأسري والقبلي للشيخ حميد، فإن القضايا التي تطرق لها في حواره مع "الجزيرة" تمثل جوهر الأزمة اليمنية. كما أن الآراء التي عبر عنها قد وضعت النقاط على الحروف في الكثير من القضايا، بصراحة لا تنقصها الشجاعة وشفافية لا ينقصها الوضوح. والأهم من كل ذلك هو الرسائل الضمنية التي حملتها المقابلة. ويتم التركيز هنا على خمس نقاط هامة أكد عليها الشيخ حميد في الحوار بشكل واضح. ويحاول الكاتب بعد ذلك وبإيجاز استشفاف الرسائل الضمنية الواردة في الحوار.
التغيير كبديل للتشطير
رفض الشيخ حميد الأحمر اتهام المذيعة له بأنه يسعى الى الانقلاب على نظام الحكم القائم في الجمهورية اليمنية. وقال إنه وغيره من اليمنيين المنضوين في المعارضة، ومن ضمنهم الرئيس علي ناصر محمد، الذي أطلق شعار "التغيير لتفادي التشطير" لا يسعون الى قلب النظام، وإنما يسعون الى "تثبيت نظام حكم عادل يقوم على خدمة اليمن وخدمة استقرارها وخدمة أمنها وأمن مواطنيها وإخراجهم من دوامة الأزمات التي ظلت تحوم عليهم في السنوات الأخيرة". مضيفا أنه إذا تطلب الأمر لتحقيق مثل ذلك الهدف تغيير النظام القائم، فإن ذلك لا يعد انقلاباً، مؤكداً على أن اليمن "بلد أسس على الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة كما تنص عليه اتفاقيات وحدة 1990 السلمية التي صودرت وصودرت الدولة اليمنية ]معها[ " وانه إذا كان لابد من التغيير للمحافظة على اليمن من خطر التشطير، فإن ذلك التغيير لا يمكن أن يكون انقلاباً.
الوحدة صنعها الشعب
أبدى الشيخ حميد امتعاضه من تجيير حدث كبير مثل الوحدة اليمنية لشخص، وقال "الوحدة لم تكن جوهرة ضائعة غاص الأخ الرئيس الى أعماق المحيط ليجدها ويأتي بها..الوحدة أتت بناء على نضال أبناء اليمن في جميع مناطقه لسنوات طويلة وتحققت من شريكي وحدة... والأخ الرئيس شُرف بان وقع على اتفاقية الوحدة، واليوم عليه أن يثبت هذا الشرف بتثبيته لنظام الوحدة وبقائها باحترام أسس قيام دولة الوحدة وليس بالانقضاض عليها وعلى الشراكة الوطنية". وعندما طلبت منه المذيعة أن يعطيها مثالا على الانقضاض على الوحدة والشراكة الوطنية، رد الشيخ بأن لجنة الحوار الوطني توصلت خلال عام من الحوارات الى أن جذر الأزمة اليمنية متمثل "في شخصنة الدولة وتركيز كل الصلاحيات في يد الأخ الرئيس وتحويل مؤسسات الدولة الى مؤسسات شكلية، والقفز على الدستور والقانون برغبات الحاكم، وبالتالي لم يعد يشعر أبناء اليمن في كل المناطق بمعنى الثورة..بمعنى الجمهورية.. والوحدة.. لم يعد يشعر إخواننا في المناطق الجنوبية بان الوحدة أتتهم بما كانوا ينتظرونه منها من خير واستقرار وأمان.. ومستقبل واعد.. بل أنها أتت لهم بنظام ما كان يسمى بالجمهورية العربية اليمنية ليحكم كل اليمن بطريقة تسلطية منفردة.. أسوأ مما كان حاصلاً في الجمهورية العربية اليمنية."
ضد الحكم لا ضد الشخص
أكد الشيخ حميد خلال المقابلة مراراً وتكراراً على أن المعارضة والسعي للتغيير ليست مسالة شخصية، ولا تستهدف الشخص ولكنها تستهدف الطريقة التي تحكم بها البلاد قائلا "نحن لسنا ضد الرئيس شخصياً.. نحن ضد أسلوب حكم البلد.. هذا الأسلوب في الحقيقة أوصل البلد الى ما وصلت إليه.. هذا الأسلوب أضاع على اليمنيين معنى الوحدة"، محملا السلطة القائمة مسئولية ضياع محافظة صعدة التي خرجت عن سيطرة الدولة ومسئولية المناوشات التي تقوم بين الأطراف اليمنية على حدود الدول المجاورة. مضيفا أن السلطة القائمة "انقلبت على ثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر وانقلبت على وحدة 1990 السلمية" وحولت الحلفاء الذين قاتلوا ضد الانفصال في عام 1994 الى أعداء وتحول وحدويو الأمس الى انفصاليي اليوم.
مع الوحدة وضد الظلم
أكد الشيخ حميد بقوة بأنه ضد الانفصال، وبأنه على استعداد للتواصل مع أي كان بما في ذلك الأستاذ علي سالم البيض، إذا كان من شأن ذلك أن يساهم في الحفاظ على الوحدة اليمنية. وقال إن الدعوة للانفصال تصب في خدمة الظلم القائم، وأن على الجميع الالتحاق بركب أبناء اليمن للتحرر من الظلم وإعادة معنى الجمهورية اليمنية.. "ليس صحيحاً أن ندعو إلى انفصال اليوم.. الصحيح أن نحافظ على الوحدة بمقاومة الظلم.. السلطة اليوم تقول للناس من كان وحدوياً عليه أن يصبر على ظلمي..نحن نقول لها لا.. نحن وحديون وسنقف أمام ظلمك للحفاظ على الوحدة." وعند سؤاله عما إذا كانت قبيلة حاشد موافقة على ما يقول أجاب الشيخ حميد بقوله "قبيلة حاشد قامت ضد الظلم من أيام الأئمة... وقادها الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر رحمة الله عليه لمساندة مبادئ العدل والحرية" وقال بأن حاشد ستكون مع الحق أينما كان.
مركزية الدستور والقانون
أكد الشيخ حميد الأحمر بأنه على استعداد للمثول أمام أي لجنة محاسبة، مضيفاً أنه يحتفظ بسجلات محاسبية دقيقة تبين مصادر ثروته. واتهم السلطة بممارسة الانفصال عن طريق القفز على الدستور والقانون وقتل أبناء اليمن الذين يطالبون بحقوقهم، ومصادرة حقوق الناس بانتخابات حرة، وإلغاء الهامش الديمقراطي الذي ارتبط بقيام الوحدة وتحويل اليمن الى ملك خاص للرئيس وأبنائه. وأضاف أن الفساد مستشرٍ في كل مؤسسات الدولة، بما في ذلك مجلس النواب، داعياً الجميع الى الاطلاع على تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وهو مؤسسة رسمية.
الرسائل الضمنية
لم يكن حوار الشيخ حميد مع "الجزيرة" مجرد حوار كغيره من الحوارات. ويبدو ذلك واضحا من خلال التهيئة الإعلامية للحوار، ومن خلال التوقيت الذي تم اختياره، وكذلك من خلال البرنامج أو القناة التي تم اختيارها كوسيط للرسالة الإعلامية. وهناك دلائل كثيرة على أن الشيخ حميد ومن خلال الحوار لم يعبر عن رأيه الشخصي فقط، ولا عن رأي اللقاء المشترك فقط، ولا عن قبيلة حاشد فقط. وهناك دلائل قوية على أن حديث الشيخ حميد قد يعكس قلقا كبيرا داخل قبيلة حاشد التي ينتمي إليها الرئيس من أن الطريقة التي ستتطور بها الأحداث خلال الأيام والشهور القادمة قد تحول أبناء القبيلة -المتهمة بممارسة الحكم شاؤوا أم أبوا- إلى وقود للحروب القادمة، وخصوصاً إذا واصل الحوثي توسعه، وقرر اجتياح مدينة صنعاء مرورا بحاشد التي تشكل الخط الدفاعي الأول عن النظام، والتي قد تجد نفسها مرغمة على قتال الحوثيين، إن لم يكن حبا في الرئيس فخوفاً من الحوثيين ومن عودة الإمامة الى السلطة. هناك أيضا قلق من أن يتحول الحراك السلمي في الجنوب الى مقاومة مسلحة، أو تستغل عناصر الحراك اندلاع حرب في الشمال فتعلن الانفصال وتعيد ركز البراميل.
ويلاحظ المتابع للمشهد السياسي أن الآراء التي عبر عنها الشيخ حميد في المقابلة، وخصوصا تلك المتصلة بالتمرد الحوثي والمخاوف الإقليمية، تتوافق مع تصريحات أخرى عبر عنها رموز النظام أيضا خلال الأسابيع والأيام الماضية. ولعل تلويح الشيخ حميد بتوظيف ورقة تهمة خيانة الدستور يمثل رسالة قوية من قبيلة الرئيس الى السلطة بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي حتى تشتعل البلاد بالحرائق، وأنها قد تعمل بقاعدة "بيدي لا بيد غيري."
وتؤكد الطريقة المضطربة التي رد بها النظام والحوثيون على الشيخ حميد ما يذهب إليه هذا التحليل، من أن المقابلة قد عملت على توصيل رسائل الى جميع الأطراف، وخصوصا الى الرئيس وإخوانه وأبناء سنحان.