سوريات يتعرضن للعنف في بلادهن
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 14 سنة و شهر و 13 يوماً
السبت 25 سبتمبر-أيلول 2010 05:47 م


اظهرت دراسة حول "العنف الأسري ضد المرأة في سوريا" اعدتها الهيئة العامة لشؤون الأسرة في سوريا وصندوق الأمم المتحدة للسكان ان امرأة من كل ثلاث نساء تتعرض لعنف جسدي في سوريا في محيطها الاسري.

وركزت الدراسة على العنف القائم على أساس الجنس داخل محيط الأسرة وشملت خمسة آلاف امرأة تمثل المجتمع السوري.

وتطرقت إلى مختلف أشكال العنف الجسدي واللفظي والمعنوي والرمزي معتبرة ان هذا الأخير هو الأكثر خطورة لأنه "يمارس تحت أطر مقبولة اجتماعيا إلى حد يعتبرها المعنف نفسه شرعية".

وكانت دراسة سابقة أعدها الاتحاد النسائي في سوريا عام 2006 أكدت أن واحدة من بين كل أربع نساء متزوجات تتعرض للضرب من قبل أحد أفراد الأسرة.

ويرى مراقبون أن المقارنة بين الدراستين تكشف نتائج خطيرة تتمثل في ازدياد العنف ضد المرأة، مشيرين إلى أن جميع الجهود التي تقوم بها بعض المنظمات الأهلية لم تأت أكلها حتى الآن.

وخلصت الدراسة الجديدة إلى أن أشكال العنف السائدة هي بالترتيب الصفع والضرب واللكم يليها العض وشد الشعر والأذن ثم الضرب بالحزام والعصا. واعتبرت أن واحدة من كل ثلاث نساء يمارس عليها هذا الشكل من العنف.

أما المسبب بالعنف فهو أولا الأب ثم الأخ يليه الزوج. وغالبا ما يؤدي العنف إلى أذى على المستوى الجسدي من كسور في الأطراف أو الأضلاع، ورضوض وتورم وكدمات وجروح ونزيف خارجي.

وقالت الدراسة إن المرأة في المدينة أقل تعرضا للعنف منها في الريف، وكذلك ترتفع نسبة العنف في البيئة الأقل تعلما.

وتؤكد سعاد بكور رئيسة الاتحاد النسائي في سوريا في لقاء سابق أن القانون يسجن الرجل إذا اشتكت عليه المرأة، ولكنها تشير في الوقت نفسه إلى أنه من النادر أن يشتكي أفراد الأسرة على بعضهم للشرطة، كما أنه من المعيب ان تشتكي المرأة على زوجها في المجتمع السوري.

وتضيف بكور"المجتمع له صبغة ذكورية، نريد برامج توعية وتثقيف مثل التعاون مع الإعلام لإخراج مسلسلات قصيرة والتعاون مع كل الهيئات الدينية المسلمة والمسيحية لكي يثقفوا الناس على الحقوق الإنسانية للمرأة".

وتطرقت الدراسة إلى العنف النفسي وأشكاله من الصراخ والتوبيخ إلى السخرية والتجريح والشتم والوصف بقلة العقل والمقارنة السلبية مع الإخوة الذكور.

وأشارت إلى أن الأم تدخل في عداد ممارسي العنف النفسي بحجة حماية المرأة والحفاظ عليها.

وعددت الدراسة أشكال العنف الجنسي السائدة بدءا من النظر والملاحقة والتلطيش ثم الملامسة والتحرش عبر الهاتف ومحاولة نزع الثياب ومحاولة التحرش الجنسي والتحرش الجنسي.

وقالت الدراسة إنه قياسا بالذكور لا يتم إشراك المرأة بمناقشة قضايا الأسرة المتعلقة بها كمتابعة التعليم والعمل خارج المنزل.

وأشارت إلى ثقافة المجتمع التي تؤثر في قناعات المرأة كإقرارها بزواج الرجل من امرأة ثانية أو ضرورة تكرار الإنجاب للحصول على طفل ذكر.

وخلصت الدراسة إلى أن المرأة المعنفة عموما "تعيد إنتاج أفراد لديهم الاستعداد في ممارسة العنف حين تعمد إلى إعلاء شأن الذكر وتشرع العنف ضد المرأة بحيث يصبح معيارا اجتماعيا".

وحققت سوريا تقدما كبيرا في مجال حقوق المرأة، حيث تشغل النساء 12 بالمئة من مقاعد البرلمان السوري وهو أعلى معدل -مع تونس- في العالم العربي، كما عينت قبل سنوات الدكتورة نجاح العطار نائبة للرئيس السوري وهو ثاني أعلى منصب في سوريا.

وتقول تمارا صائب المتحدثة باسم اليونيسيف في دمشق في لقاء سابق "سوريا حققت إنجازات كبيرة (....) الفرق بين الذكور والإناث بالنسبة للتعليم ضاق كثيرا لدرجة أن عدد النساء اللواتي يذهبن إلى الجامعة يوازي عدد الرجال".

 

غير بعض الخبراء يقدرون عدد الجرائم التي ترتكب سنويا ضد النساء في سوريا ما بين 200 و300 جريمة، يقع معظمها في المجتمعات الريفية أو البدوية بحجة "الشرف"، ويعني هذا أن نصف جرائم القتل التي ترتكب في سوريا سنويا هي ضد نساء وباسم الشرف.

واللافت أن القانون في سوريا ينص على أحكام مخففة للرجال الذين يقتلون نساء من أقاربهم بسبب جرائم "الشرف" التي تذهب المرأة ضحيتها لمجرد الشبهة.

وكان موقع "نساء سوريا" نظم قبل سنوات حملة لوقف العنف ضد المرأة وإعادة النظر في بعض القوانين التي تتعلق بجرائم الشرف شاركت فيها أكثر من 20 وسيلة إعلامية سورية.

وأعد الموقع وثيقة شارك فيها حوالي 10 آلاف مثقف وناشط في مجال حقوق الإنسان في سوريا تدعو لإلغاء المواد 548 -239 -240 -241 -242 من قانون العقوبات السوري، وتنص المواد السابقة على تخفيف الجرم على مرتكب جرائم الشرف في حال اشتبه بارتكاب أحد أقاربه من النساء لفعل فاحش.

ويقول الباحث بسام القاضي في افتتاحية سابقة لموقع "نساء سوريا": "من الصحيح أن سوريا كانت سباقة في تسهيل الطريق أمام المرأة السورية، سواء عبر الدستور أو عبر قوانين العمل والتأمينات، أو عبر اندماج المرأة في العمل وفي بعض مواقع صنع القرار. لكن تلك سوريا مختلفة. أو بالأصح: الحكومة السورية تريد لها أن تكون مختلفة. فما تخطط له هو الانقضاض على تلك الخطوات التي كانت متقدمة ذات يوم، للقضاء عليها وإعادة زمن 'باب الحارة' الوهمي الأسود إلى سورية".

ويشير إلى أن الحكومة السورية رفضت الترخيص لعشرات الجمعيات التي حاولت أن تعمل من أجل مناهضة هذه العنف وحاولت "إعاقة عمل ما هو موجود منها وكذلك التضييق على الإعلام السوري في الخطاب المناهض لهذا العنف، وتمييع مواضيعه ودفعها باتجاهات أخرى وأيضا والأهم رفض العمل على قانون أسرة عصري يقوم على أساس المواطنة، وبذل كل الجهود من أجل مشروع قانون يكرس العنف ضد النساء، ويعيدهن إلى عصور الجاهلية".