لا تزال اليد الحوثية تجري كطوفان وتعصف بمؤسسات الدولة اليمنية وتنهك بنيتها وتفكك نسيجها وتطيفها حيناً وتملشنها حيناً آخر، وتحت ذريعة "مقاومة العدوان" قتلت خيرة رجال الأمن ونهبت خزينة الدولة، وحولت عددا كبيرا من مؤسسات الدولة وفي مقدمتها الجامعات والملاعب إلى سجون، وأشهرت كل سلاح في وجه خصومها الفعليين، والمفترضين أيضاً.
ووصلت بهم الوقاحة –الاثنين الماضي- إلى الاعتداء على حرمة ومكانة حجة الإسلام فضيلة الإمام العلامة محمد بن إسماعيل العمراني مفتي الديار اليمنية، لم يحترموا مقامه وعلمه وعمره الذي قارب المئة عام، واستبدلوه به شخصية يمنية هزيلة، ليته كان من علماء الزيدية، بل هو شاب ربيب المخابرات الإيرانية منذ سنوات!
العلامة المزعوم شمس الدين محمد شرف الدين الذي نصبه الحوثيون مفتياً للديار اليمنية شاب تخرج على يد ملالي إيران ومخبريها في مدينة قم، وبهذا سيكون لدينا النسخة اليمنية من سيستاني العراق، وزعيم الفتوى الدينية وفق المذهب الجعفري الذي ما عرفه بيت واحد في كل اليمن.
ثم تأتي بعده قائمة الخمسة الأعضاء في هيئة الإفتاء الطائفية الجديدة، ولا بد من التعريف بهم وبخلفيتهم. فالأول سهل إبراهيم عقيل؛ العجوز الذي كان يخطب الجمعة في خط مطار صنعاء أثناء التحضير للانقلاب، ضابط ماركسي قديم تخرج من الكلية الحربية في بغداد سنة 1968 قبل أن يحترف "الفتوى" وهو نجل إبراهيم بن عقيل العلامة الحضرمي الذي استقدمه الإمام يحيى في ثلاثينيات القرن الماضي للإفتاء بجواز قتل شوافع تهامة ونهب أملاكهم، ثم استقر به المقام في تعز!.
بعده الشاب الصوفي الحضرمي سقاف الكاف هاشمي من حضرموت دائم الحضور في قناة المسيرة الحوثية، وهو أحد مريدي الداعية الصوفي الحبيب بن علي الجفري!.
يليه رجل مجهول المكانة اسمه محمد عبدالله عوض المؤيدي، كان تلميذاً باراً في حضرة بدر الدين بن أمير الدين الحوثي والد زعيم الحركة الحوثية عبدالملك الحوثي، وهو صاحب مقولة أن "لا مكانة للقرآن ما لم يكن مقروناً بحب آل البيت".
أما عضو هيئة الإفتاء الرابع فهو يونس ابن العلامة الزيدي الراحل محمد بن محمد المنصور أحد المجبرين على الاعتراف بنظرية الاصطفاء الإلهي للحوثي، رغم أن مكانة والده تفوق الحوثي نسباً وعلماً!
ثم محمد علي مرعي من أبناء تهامة وأحد أنصار الرئيس المخلوع وهو القبلي الوحيد بين خمسة هاشميين تم تعيينهم قيادة جديدة لهيئة الإفتاء اليمنية!.
القاسم المشترك بين أعضاء هيئة الإفتاء الستة الذين عينهم الحوثي أنهم من حواريه المؤمنين بنظرية الاصطفاء الإلهي لشاب لا يفقه في الدين والدنيا شيء..
وهي أخطر فكرة مرت بتاريخ اليمن، وأكثر ما يكون خطرها على الزيدية والأسرة الهاشمية نفسها، إذ أصبحت شخصية عبدالملك الحوثي ذات قداسة إلهية لا يكتمل إيمان الفرد إلا بتقديسها، والتسليم لمرادها، بمعنى أنها تجاوزت فكرة البطنين عند الزيدية إلى الاصطفاء الإلهي لشخص بعينه، كما ورد في وثيقتهم الفكرية التي وقع عليها أغلب علماء الزيدية مكرهين.
ووجود خمسة من أصل ستة أشخاص على رأس هيئة الإفتاء جميعهم من الأسرة الهاشمية المؤمنة بفكرة الاصطفاء الإلهي هو مؤشر على نية مبيتة في تجيير الفتوى الدينية وإشهارها كآخر أسلحة الحوثي في الفتك بخصومه..
ولن نذهب بعيدا في الاستدلال فقد سبق لمحمد المطاع وهو أحد علماء الأسرة الهاشمية المتعصبة أن أفتى قبل سنة من الآن بوجوب الذهاب لقتال أبناء تعز الشوافع، وهذا تقسيم مذهبي هو غاية إيران في اليمن.