إذا غضب الله على قوم .. سلبهم عقولهم
بقلم/ محمد راوح الشيباني
نشر منذ: 13 سنة و 11 شهراً و 19 يوماً
الجمعة 07 يناير-كانون الثاني 2011 07:24 م

في مقيل احد الأصدقاء كان أحدنا منهمكا في قراءة صحيفة محلية فسأله احد الحضور بخبث: إيش تقرأ يا حبوب سمّعـنا معك على الأقل إذا في شيء مهم..اعتذر الرجل بأدب عن القراءة بين المخزنين ثم وضع الصحيفة جانبا واتجه إلينا بسؤال فقع به مرارة الحاضرين قائلا:كنت أقرا خبرا مهما جدا قالوا إنهم استقدموا خبراء سيغيرون (وجه اليمن) فـمن منكم يستطع أن يعرف إيش من خبراء هؤلاء ؟؟ فقال احد الموجودين:أكيد خبراء من (اليابان) لإقامة مصانع تجميع سيارات(تويوتا) من اجل أن نقوم بتجميعها هنا في اليمن بالمواصفات الأساسية غير المعقدة بدلا من استيرادها جاهزة خصوصا ذات الدفع الرباعي (الطقم) المناسبة للجيش والأمن والمواطنين في الأرياف وكافة المرافق الحكومية الدائمة الإهلاك وأيضا النوع الآخر المسمى ( هاي لوكس) وسنكون أدخلنا تكنولوجيا ووفرنا فرص عمل وعلمنا شبابنا كيفية تجميع السيارات كبروفة أولى لإنتاج السيارة الوطنية مستقبلا وهذا سيغير وجه اليمن بالتأكيد..لكن شخص آخر قال:اعتقد أن الحكومة استقدمت خبراء لتدشين مشروع استراتيجي ضخم يتمثل في زراعة غابات كثيرة من أشجار زيت النخيل في المناطق الحارة لأن هناك عجز في الإنتاج العالمي مع تنامي الطلب ولدينا أراضي شاسعة تمتد من (حرض) إلى (المهرة) مقاربة للمناخ الاستوائي المناسب لزراعة أشجار زيت النخيل وهذا سيوفر فرص عمل هائلة للعمالة اليمنية وسيدر علينا مليارات الدولارات مما يؤدي إلى تغـيير وجه الوطن بكل تأكيد..

لكن مخـّزن آخر من طرف الديوان قال:لا هذا ولا ذاك أنا اعتقد أن الحكومة استقدمت خبراء لإقامة مصانع عملاقة للغزل والنسيج وصناعة الملابس الجاهزة في الحديدة وأبين لأن بلادنا قادرة على زراعة القطن في هذه المناطق بكميات صناعية ونحتاج فقط لإنشاء الحواجز المائية وقنوات الري التحويلية لأودية مثل (رماع وسهام وسردود وزبيد ومور وضمين ورسيان وغيرها) في تهامة وتوسيع زراعة القطن طويل التيلة في (أبين) خصوصا مع التوجيهات الأخيرة بإنشاء سد ضخم لحجز مياه وادي (حسان) وهذا سيخلق فرص عمل لمئات الآلاف من المواطنين وكذلك الاستفادة من زيت بذرة القطن المستخلصة من عملية الحلج للقطن ولدينا مصنع جاهز أنشأه الصينيون في منتصف السبعينات في الكيلو 18على طريق الحديدة صنعاء..لكن شخص في صدر المجلس قال:أنا اعتقد أنهم خبراء لإقامة ورش بناء السفن في اليمن لصالح كوريا الجنوبية، التي تعاني تهديدات يومية بحرب كبيرة من شقيقتها الشمالية خصوصا وأن بناء السفن لا يحتاج إلى عمالة ماهرة جدا وهذا مناسب لعمالة اليمن وأيضا للكوريين لأن العامل اليمني أجره زهيد بالمقارنة مع العامل الكوري الجنوبي وهذا سيوفر فرص عمل كبيرة لعمالنا وتعلم مهارات جديدة والتعامل مع تكنولوجيا حديثة في اللحام وبناء السفن الكبيرة وبقية خدماتها..شخص بدين القامة في الزاوية قال: أنا اعتقد أن هؤلاء خبراء في زراعة القمح لتأمين الأمن الغذائي للوطن..نظرا لارتفاع أسعار القمح عالميا باستمرار وهذا سيجعل اليمن احد المصدرين الرئيسين للقمح كما فعلت (سورية) وسيفتح فرص عمل بالآلاف أمام العمالة وبالتأكيد سيغير وجه اليمن..أحد الشبان قال : أكيد خبراء لإقامة مدارس خاصة بالمخترعين في المدن الرئيسية بميزانيات مفتوحة وتنفيذ التجارب الأولية لها وتصنيع مبتكراتهم بشكل تجاري وإخراجها إلى الواقع العملي خصوصا بعد نجاح المعرض الأول للمخترعين اليمنيين في عدن..أما الأستاذ عبدالله وكان آخر المتحدثين فقد توقع أن الخبراء لإقامة مراكز تدريب عالية التجهيزات والكفاءة لتعليم شبابنا تصنيع الآلات الصناعية والزراعية والبحرية والكهربائيات والالكترونيات والسيارات والأسلحة والذخائر والهندسة المعمارية والمدنية والإنشاءات وتخطيط المدن والطرقات وكافة أوجه ومتطلبات الحياة العصرية بحيث تعطي نهضة تنموية شاملة أساسها الإنسان المؤهل، وكذلك تصدير عمالة مؤهلة إلى السوق الخليجية التي تريد استبدال العمالة الأجنبية بعمالة عربية بعد أن استشعرت مؤخرا خطر العمالة الأجنبية على الهوية العربية للخليج.. لكن أخينا (الخبيث) بسؤاله بعد أن رأى الجميع يغردون في أحلام وأمنيات فوق مستوى تفكير (القواعد من الرجال) في الحكومة إلا ما رحم ربي انفجر ضاحكا وقال: الخبراء الذين جاؤا يقودهم (سعدان) الجزائري لتدريب منتخب اليمن كيف يزبطوا( الطبة) .

ولا ندري لماذا لا نستفيد من المدربين الوطنيين وهي في الأخير مجرد كوره ولهو لا تبني وطن ولا ترفع علم، حيث ولدينا مئات المدربين الوطنين وبكفاءات رائعة ولعل (النعاش والسنيني وجمال حمد ي وشرف محفوظ وابوبكر الماس ومجذر وعبد الله عتيق والقادري والمجيدي والعمقي والخوربي ونبيل مكرم وعزيز الكميم وعبد الرحمن سعيد وفيصل اسعد وعمر البارك وأبو علي غالب وعبد الواحد عتيق وعزام خليفة والناظري وأمثالهم) قادرون على العطاء والتفوق بأكثر من الأجنبي إذا وجدوا ربع الامتيازات التي يحظى به المدرب الأجنبي لكن يبدو أن (تيس) القرية لا يصلح للتلقيح ولا بد من (تيس) غريب.. ولو كانوا جاؤا لنا بخبراء وفنيين لمعهد (هواري بومدين) الذي يحتضر اليوم في منطقة (صبر) محافظة لحج لكان اشرف وأكرم لهذا الحكومة غير المسئولة ولوزارة الشباب البعيدة عن اهتمام الشباب وحاجاتهم الحقيقية حيث وهذا المعهد تخرج منه ألاف المهندسين والفنيين الذين أفادوا وطنهم بما تعلموه فيه وليس بما زبطوه من كوره لكن الحكومة تريد تغيير وجه اليمن وتجعله اسودا مظلما بـ(الطبة) والرقص والغناء بعد أن سحبت الجواز(الدبلوماسي) من شخصية سياسية مخضرمة وقنصل سابق بحجم وقامة وفكر الأستاذ/ عبد الله سلام الحكيمي.. لتعطيه لمجرد مغـنية(أروى) في القاهرة (ترفع) به جسم اليمن عاليا فوق الأكتاف في السهرات الخاصة وكباريهات شارع الهرم ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.

آخر السطور :

إلى ابني (نجم الخليج) في الغناء أنت بعمر ابني (إبراهيم) 28 سنة الذي يحضر الماجستير بالصين في الكهرباء الالكترونية والتحكم الآلي.. وقد قرأت لك مقابلة في صحيفة محلية قلت انك ستتابع دراسة الموسيقى في الخارج لترفع اسم اليمن عاليا والحقيقة يا ابني نحيي فيك أولا هذا الشعور الوطني من حيث المبدأ لكن يا ابني وحبيبي، الغناء والطرب مجرد مرحلة عمرية عابرة وليست غاية مصير في الحياة حتى تـفرغ حياتك لها فأنت صاحب صوت جميل الآن لكنه غير مضمون لأنه مرهون بمرحلة عمرية معينة فقط لذلك أنصحك بإخلاص وغيرة على شبابك وحسك الوطني الرائع أن اسم اليمن يرتفع عاليا بالبناء وليس بالغناء وبالمخترعين وليس المبترعين والاستفادة من تجارب الآخرين ونقلها وليس بالرياضة والكوره وزبطها،إن المستفيد الوحيد من هذه المسابقات غير المفيدة هم أصحاب شركات الاتصالات المحمولة الذين ربح كل واحد منهم في المتوسط أكثر من مليون دولار في هذه اللعبة غير الوطنية التي استغلوا فيها العواطف الجياشة للمواطنين وحاجتهم للفرح ولو بالغناء وليس الاختراع والعلوم والابتكار..

اسم اليمن يرتفع عاليا بمثل المخترع (خالد نشوان) والبروفيسور مصطفى العبسي في أمريكا وقائد البحوث العلمية في الهندسة التطبيقية البروفيسور (حبيب سروري) في جامعة روان في فرنسا والدكتور احمد الصياد في منظمة (اليونسكو) وجراح القلب الشهير البروفيسور على الربوعي في ألمانيا وجراح العمود الفقري الشهير/ خليل الزريقي في القاهرة وصنعاء وأمثالهم كثر في بقية المجالات العلمية والمهنية ولو كان الغناء يفيد صاحبه لكان أفاد الفنان الكبير/ أيوب طارش عبسي وأمثاله الكبار في عطائهم وحبهم لوطنهم..أتمنى أن تستغل ما حصلت عليه من مبالغ مالية في تأهيل نفسك علميا وعمليا في أي جامعة متخصصة وبذلك فقط سترفع اسم اليمن عاليا وسنرفعك نحن على رؤوسنا . ولك كل الحب والتوفيق والنجاح يا ابني.. ولحكومة الفضائح والنكبات نقول لهم مبروك (فعلتكم) الجديدة فاليوم (سعدان) وغدا (فيفي عبده) وما ذلك منكم بغريب.