مفاهيم أخر رقصة على رؤوس الثعابين
بقلم/ أحمد عايض
نشر منذ: 13 سنة و 9 أشهر و 25 يوماً
الخميس 03 مارس - آذار 2011 01:04 م

عجلة التغيير تحركت في اليمن ولن يستطع أحد أن يوقف سيرها, أو يقف أمامها لأنها طوفان جارف يدمر كل التحصينات التي صنعها زعماء الشرق الأوسط طيلة خريفهم العربي طوال ثلاثين عاما الماضية .

عجلة التغيير جاءت بفكر جديد وتطلعات طموحة تناسب مع العصر الذي يعيشه شباب التغيير , مصحوبا بتحدي سافر وواثق في ذات الوقت فلا قوة الجيش ترهبه ولا وعنفوان أجهزة الأمن تصد من تحركه , ولا خزائن البنوك تشتت شمله .

اليمن المحطة الرابعة التي تتجه إليها أنظار العالم خاصة بعد الإطاحة بثلاثة أباطرة من النوع الثقيل " قوة ومالا ودعما خارجي " , ومع كل ذلك فإن ثورة التغيير مرت بكل هدوء وثقة لتحط رحالها في اليمن عبر ساحات التغيير والتحرير وأرخت بسدول ليلاها في ساحات الحرية كما تطلق عليها المعارضة في معظم محافظات الجمهورية .

الرئيس صالح في وضع حرج وإن خرج علينا في كامل شيكاته وأناقته المعهودة لكن همومه ومخاوفه المختبئة خلف ضلوعه تفضحها عباراته وكلاماته القادمة من أعماق ذاته المنذهلة بما يجري وما سيجري , حتى حركاته أصبحت أكثر حدة من ذي قبل بل يمكننا القول أن صالح فقد توازنه السياسي وحنكته الدبلوماسية ليتحول إلى متحدث عامي يوزع اتهاماته حسب درجة انفعاله النفسي حتى لم يسلم منها خصوم دربة من المشترك ولا حلفاء مسيرته في البيت الأبيض .

الرئيس كما أسلفت يوم أمس في حديثي عن " الرئيس يعلن فك الارتباط " مطالب بالإصغاء لثلاث خطابات أخيرة ألقاها كل من " بن علي ومبارك والقذافي " ليرى في نتائجها وتداعياتها خارطة الطريق الخاصة به .

الرئيس أمام خيارين تاريخيين إما التوافق مع المعارضة والخروج برؤية عاجلة لتفادى الأزمة التي أظن أن فتيلها قد بدا في الاتقاد ولا يفصل انفجارها سوى الزمن الفاصل بين الفتيل واللغم , أو السير في خطا من قد سبقوه وباعتقاد أن الأجندة المحاطة بكرسي الحكم ( جيش – أجهزة أمن – مال – بلاطجة أو أتباع ) كفيلة في صد مطالب بعض المغرضين للرئيس كما يظن والمدفوعين من أمريكا أو تل أبيب أو ممن لا يؤمنون بصناديق الاقتراع أولا يروون الراقصين والهاتفين بحياة الزعيم أو ممن لا يتابعون الفضائية اليمنية ليتأكدوا بأم أعينهم أن الشعب مازال يحب الرئيس وانه مستعد للموت من أجله وتطبيقا للهتاف الذي يسمعه فخامته منذ سنوات طوال وفي كل مكان " بالدم بالروح نفديك يا علي " .

ثلاث تجارب رئاسية وفي زمن قياسي أثبتت أن الرؤساء العرب وعائلاتهم هم أكبر من يقدم الخسارة وهم أول المنهارين أمام نتائج تلك الثورات .

 تجارب ثلاث اباطره احتكموا للمال والجيش والبلاطجة فكانت نهاياتهم تذكرنا بقصص ألف ليلة وليلة لغرابتها وطرافتها ومأساويتها في ذات الوقت .

على حكيم اليمن كما يطلق علية أحيانا بعض " المخلصين له " أن يتعظ من بطولات القذافي واستهتار مبارك وسخافات بن علي , فالحر تكفيه الإشارة كما تقول العرب .

صالح يعلم أن هناك خصوم سياسيون يطمعون في إسقاطه اليوم قبل الغد , وحلفاء درب لا يمانعون من طعنة من الخلف .

قانون السياسة على مدار التاريخ يؤكد أنه لا توجد هناك عداوة دائمة ولا صداقة دائمة وإنما توجد مصلحة دائمة , ومن هنا فعلى فخامة الرئيس أن يتقن رقصته الأخيرة على رؤوس الثعابين , كما وصفهم يوما لأن أي خطأ مع تلك الأفاعي ربما تكون أدني لدغة منها هي القاضية .

وعلية أن يتذكر أن خصومه جموعهم كثر وحماستهم هادرة وفي وصفه لهم يوما بالتتار قد يكون اليوم علية هو طالع شئوم .

على الرئيس أن يصغي جيدا لنفسه وليبتعد عن تفكيره القديم مسافة 33 عاما ليؤسس لنفسه منجزا في أخر توقيت وعلية أن يسارع بدل المناورة لأن الوقت لا ينتظره .

نجاح الرئيس في هذا التوقيت والتسليم بنتائج ما سيتم الاتفاق علية عبر وساطة العلماء أو غيرها التي سيكون في مقدمتها التنحي عن السلطة أو تسليمها هو خطوة تاريخية للمحافظة على منجزات الرئيس إذا أراد أن تكون هناك منجزات ما لم فإن التاريخ لن يرحم وبدلا من الخروج إلى سفوح المجد , ستذرف دموع على مئآقى الخاسرين ومن كل أبناء الوطن ..

على الرئيس أن يبتعد عن المخلصين له كما يظن لأن المخلصين هم أول من أشعلوا فتيل الشارع وأججوا مشاعر الناس ضده تحت مسميات العداد وتصفيره , فعنتريات البركاني , وفهلوة الراعي سخافات في قاموس السياسة وقلة ذوق في ميزان الأدب , وقلة أصل في قاموس القبيلة .

فخامة الرئيس أؤكد لك أنه عندما ترتقي بشموخك ويكون قلبك لكل أبناء شعبك , فكما أحببت من هتفوا ببقائك أحترم أيضا من طالب برحيلك لأنك علمتنا أننا نعيش زمن الديمقراطية والحرية .