مسيرة الحياة والهزال الاخلاقي
بقلم/ احمد صالح الفقيه
نشر منذ: 13 سنة و يوم واحد
الإثنين 26 ديسمبر-كانون الأول 2011 08:47 م

قتلى وجرحى مسيرة الحياة كشفوا مبكرا الهزال الاخلاقي لمستوزري بان كيمون في حكومة الوفاق، واظهروهم على حقيقتهم ككائنات مريضة تلهث وراء المناصب، وعاجزة كليا عن اتخاذ الموقف الاخلاقي المقبول، اما بمحاكمة القتلة واعدامهم، او الانسحاب من الحكومة.

أدى الاحساس المتأصل بعدم الأمان والافتقار الى ما يوفر الحياة الكريمة بكرامة، لدى العاملين في وسائل الاعلام الحكومية، وتلك التابعة للحزب الحاكم، الى هزال عام لدى الكثيرين منهم، في كياناتهم العقلية والأخلاقية، فتهاونوا في تناول المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لبلادهم، وتحولوا الى جوقة أبواق تتلو ما يملى عليها. فانصار علي صالح واسرته في فنوات اليمن وعدن وسبأ كانوا ملكيين اكثر من الملك ولعلهم تطلعوا الى مكاسب التزلم كتلك التي تحققت للشميري عقب حرب 1994.

وبالمقابل شنت صحف حزب الاصلاح حملة شيطنة جوبلزية على الحوثيين ولاتزال، ولم يكن ذلك توجعا على سلفيي دماج، وانما لان الحوثيين يقضمون مناظق انتخابية مهمة للاصلاحيين واخرى مؤتمرية يريد الاصلاح السيطرة عليها.

صحف حزب الاصلاح ومواقعه كانت في منتهى البشاعة طوال هذا العام من حيث ادمان الكذب وتشويه الاخبار ولي عنقها وابتسارها الخ.. فاظهرت ان الاصلاح بحق هو الوجه الاكثر بشاعة للنظام، وتلك نتيجة تشكر عليها.

حينما يتهاوى التفكير المستقل، سواء بسبب الافتقار الى النزاهة والشجاعة، أو انعدام النظام، تنمو تلك النباتات الشيطانية، نباتات الدعاية والسلطوية، دون أن يقف في وجهها شيء كما قال رسل. وهكذا فإن قمع الفكر النقدي أخطر مما يتصور معظم الناس بكثير. فبدلاً من أن يخلق وحدة هدف حية في المجتمع، نراه يفرض نوعاً من التجانس الراكد القبيح، وهذا أمر لاتدركه الأقلية التي تتربع على كراسي السلطة والمسؤولية. ولاشك انهم يصيبون مرؤوسيهم بالعدوى، ذلك ان الصفة الاخلاقية لكل منهم يكون لها تأثير واضح جداً على كل شخص آخر يعمل معهم.

أقل ما ينتظره الانسان من اشخاص يدعون شيئاً من العلم والثقافة، هو أن يقوموا بسعي متجرد الى الفهم، يجعلهم يصلون الى اليقظة المنزهة عن الهوس. فالاضطهاد هو دائماً علامة على ضعف من يمارسه، والمجتمع الواثق من نفسه، المستقر بثبات لايحتاج الى اضطهاد وقتل وشيطنة من يختلفون معه. وهذه الاصوات العالية ، واصدار الاحكام الوحشية على الآخر المختلف، هي ذاتها تكشف مدى ضعف الموقف الذي يفترض انها تدعمه.

 

إن هذه البلاد تعاني من مشاكل لاتعد ولاتحصى وليست بحاجة الى حكومة من المرتزقة اللاهثين وراء الكراسي باي ثمن. البلاد بحاجة الى حكومة ثورية تقتلع الطغيان والفساد من جذوره.

ومن المؤسف ان يكون تذوق طعم السلطة مثيراً للشهوات والاطماع الى هذا الحد، في غياب تقاليد اخلاقية قوية وفعالة، الى درجة توجه هؤلاء الى الانتفاع من مواقعهم ومراكزهم الى اقصى حد، ولو على حساب حياة وكرامة مواطنيهم، ومستقبل بلادهم.

اقول للجميع وزراء ونواباً وأعضاء مجالس، واعلاميين ان من الممكن دائماً تعويض بعض ما يضيع من الممتلكات المادية، أما إذا فقد المرء احترامه لنفسه فإنه ينحط الى مادون مستوى البشر.