ننبذ التطرف .. والعدالة عندنا معتقد
بقلم/ ياسر عبد المجيد المقطري
نشر منذ: 13 سنة و شهر و 7 أيام
الجمعة 18 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 08:53 م

بداية ثورتنا ضد علي صالح وعائلته التي اغتصبت الحكم في اليمن ليست ضد احد ولكن الحقائق لا يمكن أن يتجاهلها الناس والتاريخ فعندما انتهت الحرب العالمية الثانية عام 1945م كانت أمريكا هي الوحيدة من بين الأطراف المتحاربة بعيدة عن أرض الصراع والمعركة فلم تتأثر بشكل كبير كغيرها من الأطراف على الأقل في بنيتها التحتية ومؤسساتها وكذا مواطنيها بالرغم من مشاركتها في الحرب فخرجت كأقوى طرف مرشح للهيمنة على العالم وخلى الملعب إلا من اللاعبين الأمريكان ومن حينها بدأ التطرف يظهر كحالة عالمية وبدأت معه سياسة الهيمنة الفردية تطغى على المشهد العالمي فبدأ الأمريكان يستكملون نشر قواعدهم ويتوسعون في العالم شرقاً وغرباً ويقيمون التحالفات والتكتلات دون رقيب أو حسيب أو حتى منازع باستثناء الاتحاد السوفيتي الذي يمكن ان يكون المنازع الوحيد لها رغم تأثره المباشر بالحرب التي دارت وسرعان ما بدأت الحرب الباردة بين الطرفين لعقود انتهت بتفكيك الاتحاد السوفيتي في أغسطس 1991م.

ثم بدأت تتشكل هيئات ومنظمات عالمية يمكن ان نسميها (حكومة عالمية مصغرة )تهدف إلى تنظيم العلاقات المختلفة بين الدول وذلك منعاً لتكرار حرب عالمية ثالثة بعد هول الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية والذي شارك فيها أكثر من 100 مليون جندي فتأسست الأمم المتحدة في عام1945م والتي كانت مسماه عصبة الأمم المتحدة واقترح الرئيس الأمريكي في حينها \"فرانكلين\" تسميتها الأمم المتحدة وأنضوا تحتها في نفس العام مجلس الأمن الدولي (وزارة الدفاع ) ليدير الجانب الأمني بين الدول ثم محكمة الجنايات الدولية (وزارة العدل) كجهة ضبط قضائي عالمي وكذا البنك الدولي وصندوق النقد (وزارة المالية) ليديرا الجانب الاقتصادي -كما يذكر الدكتور حازم الببلاوي في كتابة النظام الاقتصادي الدولي المعاصر- أضف إلى ذلك منظمة التجارة العالمية التي تنظم وتقنن وتشرع قواعد التبادل التجاري بين البلدان.

هذه الحكومة المصغرة والمسماة هيئات ومنظمات كان يغلب على أهدافها وطريقة تشكيلها و أفكارها عند تأسيسها فكر الطرف الأقوى.هذه الهيمنة الأحادية أو الفرعونية المقيتة المتمثلة في (لا أوريكم إلا ما أرى ) وهي نفسها مقولة بوش الابن (من لم يكن معنا فهو ضدنا) أخلت بالتوازن العالمي فخلقت ديكتاتوريات صغيرة على مستوى الاقليم كإسرائيل او على مستوى الدول كالدول العربية وبعض الدول الأفريقية التي اغتصب الحكم فيها زعماء أقل ما يمكن وصفهم بحسب القذافي(الجرذان).ومن هذا نفهم أن الديكتاتوريات العربية الحالية وغيرها اليوم نشأة بالتزامن مع التطرف العالمي وهيمنة القطب الواحد.

فالتطرف عبر التاريخ البشري يولد الظلم والطغيان وقهر البشر ولكنه لا يدوم طويلاً والبشر أياً كانت معتقداتهم لا يخضعون لهكذا سلوك لأن الحرية فطرة بشرية غير قابل للاستلاب من أي كان وسرعان ما يواجه التطرف بأفكار مناهضة له قد تكون سلبية وقد تكون إيجابية فتطرف هتلر فكانت الحرب العالمية الثانية وتطرفت أمريكا فكانت القاعدة وتطرفت اسرائيل فكانت حماس وفتح والجهاد وغيرها من فصائل المقاومة بل جعلت الشرق الأوسط في حالة توتر ولا يزال إلى أن ينتهي هذا الصلف والتطرف الاسرائلي وتطرف العلمانيين في تركيا فكان حزب العدالة وتطرف الجرذان العرب فكان الربيع العربي.

نخلص إلى أن التطرف ليس مقرون بديانة معينة أو دولة أو جماعة أو حزب أو فئة بل هو سلوك مذموم من أي إنسان أو مكون سوي وإلا ماذا يمكن أن نسمي حضر النقاب في فرنسا وكذا في علمانية تركيا وتونس في عهد زين العابدين أليس تطرف؟ماذا يمكن أن نسمي حرق المصحف الكريم من قبل القس الأمريكي أليس تطرفاً ؟ماذا يمكن أن نسمي الاحتلال الصهيوني والحصار والتجويع للشعب الفلسطيني أليس هذا تطرفاً؟ وماذا يمكن أن نسمي حرب العراق الأولى والثانية أليس تطرفاً؟

نؤكد أننا ضد الظلم والقهر ولسنا ضد احد كما أسلفنا فإن كانت الحرية والعدالة والديمقراطية وحرية التعبير عندهم شعار أجوف يريدون من ورائه مصلحتهم فعندنا الحرية والعدالة والديمقراطية وحرية التعبير \"دين\" ومعتقد نحفظها لكل البشر أياً كان معتقداتهم ولكن وفق المصالح المشتركة والمتبادلة دون الاملاءات وفرض الهيمنة والتسلط ولنا الحق كثوّار أن نتخذ كل قراراتنا وفق مصالحنا كما يتعامل كل العالم بعيداً عن إيذاء الآخرين.