استكمالاً لما ذكرناه فى الجزء الأول والثاني ، فقد تم توضيح أهداف المشروع الفارسي الرومي على اليمن ودول الخليج ، وهنا نؤكد أن السعودية ومن معها من دول الخليج لن تقبل بالحل السياسي الذي لن يضمن إنهاء خطر المشروع الفارسي الرومي عليها ، وقد تأكدت من أبعاده وخطورته عليها ، ولذلك فهي ستحرص على أن لا تقوم لإيران قائمة فى اليمن لأن أتباعها سيكونون خطرًا عليها إن عاجلاً أم آجلاً ، وبالتالي فمعركتها الآن معركة مصيرية ( نكون أو لا نكون ) ، والطرف الآخر المعارض وأعني هنا ( إيران وأمريكا ) الواقفتين كشوكة في حلقوم دول الخليج يحرصون كل الحرص على إطالة أمد المعركة بكل الوسائل لمنع التقدم فى الجانب العسكري على حساب الحل السياسي ، ويبذلون كل الجهود للإلتفاف على العاصفة بحلول سلمية مقيتة تضمن لحلفائهم الحوافيش من إعادة انتاج أنفسهم من جديد ..
نتساءل وما زالت صنعاء ومأرب والجوف وتعز وبعض المناطق تراوح مكانها لم تحقّق نصرها الكامل ، ما هي مآلات النصر المفترض تحقيقها من قبل دول الخليج لتثبيت نصرها على الأرض ، وعوائقها ، وهل ستكون بعد العاصفة عواصف أخرى ؟ وهل الطرف المنكسر وأقصد إيران ستقبل هذه النتائج ، أم أن لديها اوراقًا أخرى في جعبتها تستخدمها الآن أو ستستخدمها مستقبلاً ؟ وكيف ستكون طبيعة العلاقة بين السعودية وحلفائها الخليجيين بعد النصر الكامل أو النصر المنتقص؟ كل ذلك نحاول نستجليه باختصار ونقول :
في حالة انتصار عاصفة الحزم وتحقيق أهدافها العسكرية بالإطاحة بالمتمردين الحوثيين والعفاشيين ، نتوقع أن تقوم السعودية والإمارات وبقية دول الخليج بترتيب أوراقها فى اليمن من جديد وبصورة أكثر وضوحًا وعناية ، وإعادة الإعتبار للمكانة الإستراتيجية لليمن في الجزيرة العربية والخليج ، بما يضمن ضمها في أسرع وقت ممكن الى مجلس التعاون الخليجي ، ولن يكون ذلك إلّا بعد إجراء الترتيبات اللازمة على الأرض سياسيًا واقتصاديًا وشعبيًا ، وانتشال البلاد من الوضع الإقتصادي المزري الذي وصلت اليه بفعل التناحرات السياسية والفساد الإقتصادي والمالي المستشري في عرض البلاد وطولها ، ومعالجة الأمور المختلة في كل مناحي الحياة ، بما يهيئ البلاد للإرتقاء لتكون أهلاً لتصبح ضمن مجلس التعاون الخليجي ، وهذا بالتالي يهدف الى منع التدخلات الخارجية التخريبية المعادية .
وفيما يخص العلاقة البينية لدول الخليج والجزيرة فأظنها بعد النصر ستتوطّد أكثر من ذي قبل ، وهذا سيعجّل - كما يبدو - بمشروع ( الإتحاد الخليجي ) ، وقد تُسْتثنى منه عُمان نظرًا لرفضها هذا المشروع سابقًا ، بالإضافة الى مواقفها المتخاذلة مما يحصل من مؤامرات على دول الخليج ، وتعاطفها ودعمها الواضح للحوثيين كنتيجة طبيعية لعلاقتها الممتازة الوطيدة مع إيران ، وأعتقد أن الدول الخليجية ستسعى بكل جهد لتقوية شوكتها فى المنطقة ، ولن تسمح بأي تحركات مناوئة لها وسيكونون لها بالمرصاد ، ما يعني أن السعودية قد تلجأ الى إيجاد عواصف أخرى حازمة وحاسمة وباطشة ، وقد كانت تجربتها فى اليمن لها بالغ الأثر في تقوية شوكتها ، وكسرت حاجز الخوف من وهم إسمه ( إيران ) ، ولذلك فهي لن تتوانى في أي لحظة ما لاتخاذ مواقف أكثر جرأة مع إيران وحلفائها فى المنطقة ، فيما إذا فكرت إيران أو غيرها العبث بالأمن الخليجي.
وفى الجزء الرابع من المقال نستكمل مآلات الصراع وردود أفعال الطرف الإيراني والطرف الامريكي ، وكذلك التوقعات الممكن حدوثها في حالة عدم تحقيق عاصفة الحزم لأهدافها كاملة .