من غرائب وعجائب بعض الخطباء.. خطيب في السجن يحذر من فتنة النساء
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: 3 أسابيع و 19 ساعة
الخميس 05 ديسمبر-كانون الأول 2024 08:22 م
  

في مطلع شبابي ذهبت لخطبة الجمعة في الجامع الأكبر بقريتنا، وأثناء الخطبة حز في نفسي أن أرى أحد أقاربي وبعض من في الجامع وهم يغطون في نوم عميق.!

قلت في نفسي: 

_ بدلا من تشجيعي والتفاعل معي هاهم ينامون وأنا أخطب.! 

اليوم أتذكر ما حدث ولا ألومهم فقد كنت أقرأ الخكبة من كتاب، وكانت الخطبة في وداي وقضايا ومشاكل الناس في وادي آخر.! 

 

وأتذكر أنني ذهبت لحضور الخطبة الجمعة في قرية مجاورة تلك الأيام فقرأ علينا الخطيب، وهو رجل مسن الخطبة من كتاب للعلامة محمد بن سالم البيحاني _ رحمة الله تغشاه _ وفي الخطبة تحذير من التعري في الشواطئ، وارتياد السينما والمسرح، وهي خطبة ألقاها البيحاني في عدن بالستينيات ليأتي خطيب يقرأها في الجمعة بقرية نائية كل أهلها من الفلاحين الذين تتلخص حياتهم من البيت إلى الحقل.! 

بعد الجمعة قال له البعض: 

_ هات الشواطئ والسينما والمسارح ونحن سنحذر من الفتنة؟!

على طريقة الرئيس السلال عندما زار ذمار وطالبه أهلها بإنشاء ميناء فيها فقال لهم: 

_ هاتوا البحر وعلي الميناء.! 

 

ويروي الإعلامي الشهير وصانع الوثائقيات أسعد طه في كتابه " يحكى أن: عن الذات والحرب والثورة " أنه أثناء وجوده في سجن أبو زعبل بمصر عقب مقتل السادات خاض السجناء نقاشات عديدة حول إقامة خطبة الجمعة في السجن للسجناء، وبعد الاتفاق على إقامة الخطبة ومن شاء حضرها، خطب بهم أحد الشباب من المتحمسين، وأثناء الخطبة صاح بهم: 

_ احذروا فتنة النساء.! 

فرد عليه أحدهم ساخرا: 

_ هما النساء فين ؟! احنا في السجن يا ابني.!

فلم يستطع من حضروا كتم ضحكاتهم.! 😅

 

‏وكنت قد كتبت قصة قصيرة عن هذا الأمر أعيد نشرها هنا: 

 

في قرية " أكمة العقاب " لم يكن أحد قبل عقود يجيد القراءة والكتابة سوى الحاج حسن الفقيه فهو من يكتب البصائر ويصيغ العقود ويقرأ الرسائل التي تصل من المغتربين وهو من يخطب في الناس يوم الجمعة .

إذا خرج الحاج يسارع الناس للسلام عليه وتقبيل يده ورأسه والتبرك به فهم يعتقدون أنه الولي المبارك والفقيه العلامة الذي لا يشق له غبار والذي لا تعجزه مسألة ولا يتردد عن أي فتوى .

في كل جمعة يركب الحاج حسن بغلته ويذهب إلى الجامع ، يلقي الخطبة ويصلي بالناس ويعود إلى منزله مزهوا كالطاؤوس ترافقه دعوات الناس وإجلالهم .

خطبة الجمعة التي لم يعد يتذكر متى كتبها لا تفارق لفات عمامته التي يزينها على الدوام بالمشقر الأخضر.

 في كل جمعة يقرأ الحاج على المصلين نفس الخطبة فينام أغلبهم ولا يصحون إلا مع إقامة الصلاة .!

في تلك الجمعة لم ينم أحد ، كانت جمعة استثنائية وظل الناس يتحدثون عما حدث فيها لسنوات .

 أثناء الوضوء قرب الجامع وضع الحاج حسن عمامته وفيها أوراق الخطبة فتسلل أحد الأطفال الأشقياء ونزع أوراق الخطبة ثم أختفى .

صعد الحاج المنبر فأذن المؤذن كالعادة ، وقف الحاج وحمد الله وأثنى عليه ثم مد يده إلى العمامة يبحث عن الأوراق لكنه لم يجدها ، ارتبك الحاج وتلعثم ومد يده إلى جيبه وأخرج رزمة من الأوراق وبدأ يقرأ : 

ـ حضرت لدينا الحرة آمنة بنت سعيد علي وأقرت وهي بكامل قواها العقلية بأنها قد باعت الأرض المالكة لها ...

ضج المصلون بالضحك فأدرك الحاج أن تلك الأوراق ليست أوراق الخطبة فأعادها إلى جيبه وقد أزداد عرقه وارتباكه ، مسح الحاج نظارته ثم مد يده إلى جيبه الأخر وأخرج رزمة من الأوراق وبدأ يقرأ :

ـ أقر أنا مهيوب مرشد عبده بأنني قد أخطأت بحق زوجتي صفية بنت علي عبد الكريم عبد الله حين تزوجت عليها فاتن عبد الغني علي ، لقد ورطتني نفسي الأمارة بالسوء وحبي للنساء السمان وبناء عليه فإنني أكتب لزوجتي وأم أولادي أرض شعب الماء ..

عاد المصلون للضحك فأدرك الحاج مجددا أنه قد أخطأ فأعاد الأوراق إلى جيبه وصار في حالة يرثى لها من الخجل والارتباك ، يرتعد كأنه عصفور بلله المطر وفي محاولة أخيرة منه مد يده إلى جيب آخر له ثم أخرج ورقة وبدأ يقرأ : 

ـ بسم الله الرحمن الرحيم إلى زوجتي وحبيبتي وأم أولادي فتون علي أحمد اشتقت إليك كثيرا وأتمنى أن أكون بجوارك الآن ، الغربة كربة يا حبيبتي ..

انهار المصلون من الضحك فأدرك الحاج أنه بدلا من وعظ الناس صار مثل المهرج المضحك في منبر الجمعة فأنهى الموقف : 

ـ أيها الناس الخطبة هي نفس الخطبة التي أقرأها في كل جمعة وابن الخبجي الذي سرق الورق من عمامتي والله ما راحت له وأقم الصلاة .!