اليمن بين فتك السلطة وعجز المعارضة
بقلم/ احمد الحمزي
نشر منذ: 14 سنة و 10 أشهر و 6 أيام
الثلاثاء 29 ديسمبر-كانون الأول 2009 04:34 م

اليمن السعيد أصبح منطقة ساخنة يتصدر عناوين الأخبار الرئيسية في الفضائيات الإخبارية والصحف والمواقع الالكترونية العربية والعالمية بمانشتات عريضة- قتل وأصيب ونزح شمال اليمن- , في حين- قتل وأصيب واُعتقل جنوب اليمن- , نعم هكذا يرد ذكر اليمن السعيد.

اليمن اليوم يتصدر قائمة الدول التي تعيش حاله من العنف والحروب وعدم الاستقرار, ويتصدر قائمة الدول الفاشلة والحكومات الفاسدة.

وإذا ما أتينا على ذكر الفقر والبطالة في تقارير المنظمات الدولية والعالمية فنجد اليمن اليوم في مقدمة الدول التي تتسع فيها رقعة البطالة ونسبة الفقر.

ممارسات خاطئة وأعمال مخالفة ومارقة تسببت في جعل اليمن يتصدر هذه القوائم المشؤمه, والتي يؤسفنا أنها لم تجانب الصواب في معظم ما أوردته عن الوضع المؤلم في بلادنا والذي تسبب فيه تجار الحروب والفاسدين والنافذين الذين يعتبرون اليمن مجرد بئر نفط ومنجم ذهب وجبايات ليس إلا.

نعم الفساد والذي أصبح ثقافة عامة, وسلوك ملازم لكل ذي منصب في الدولة إلا من رحم الله, ما أكثر ما قيل ويقال عنه و لربما مل الناس الحديث في هذا الجانب, لكن الفاسدين هم الذين افرغوا خزائن الدولة واستحلوها وعبثوا بها حتى أصبحت الحكومة غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها إزاء مواطنيها.

كما أن الحكم الفردي واحتكار السلطة والفساد المالي والإداري, وغياب دولة المؤسسات وعدم العمل بالدستور والقانون, والذي حل محله العرف القبلي والمشيخة والتي حولت البلاد إلى إقطاعيات ومشيخات كل شيخ مخول في منطقته ليفعل ما يشاء المهم أن تأتي صناديق مناطقهم مغلقه لصالح الحزب الحاكم وهذا هو الأهم, مع العلم أن تلك الأغلبية لم تأتي بصوت المواطن, وإنما بفضل تلك البطائق الانتخابية المزورة التي بحوزة كل شيخ قبيلة, والتي تجعل الشيخ قادر على أن يفي بالتزامه, حتى يظل نصيبه من خزينة الدولة (الكعكة) مستمرا, في حين يصبح أهالي تلك المنطقة لا قيمة لهم ما دام وهناك من سيقوم بالواجب, حتى أصبح الشيخ أهم من منطقته ومواطني تلك المديرية أو العزلة.

ونتيجة لذلك وبالإضافة إلى أن مديريات وعزل ومناطق بأكملها ما زلات خارج تغطية حكومتنا الرشيدة, أصبح المواطن فيها صيدا سهلا للعصابات والحركات التي تريد بالبلاد شرا, حيث صنعت هذه الحركات التخريبية والتنظيمات الإرهابية بمالها الحرام والمشبوه من مواطني تلك المناطق قنابل وألغام تستهدف امن البلاد, وصنعت منهم جنود مستميتين ومؤمنين بما تمليه عليهم تلك المنظمات دون تردد بعد أن كرست فيهم معتقدات وأفكار متطرفة نتيجة لغياب الدولة وإهمالها, وما الحرب التي تدور رحاها شمال البلاد بين الجيش والمتمردين الحوثيين, والمواجهات بين قوات الأمن والجيش من جهة والمتظاهرين الذين يقودهم ما يسمى بالحراك جنوبا من جهة, وانتشار معسكرات لتنظيم القاعدة شمالا وجنوبا وشرقا وغربا, وعمليات الاختطاف للأجانب, إلا نتاج لذلك الغياب والتمادي في سياسة التهميش والإقصاء, واللامبالاة التي يمعن فيها الحزب الحاكم.

كل ذلك يجري في ظل غياب دور المعارضة التي تنضوي تحت لواء اللقاء المشترك إزاء ما يجري في البلاد خاصة الحرب التي تدور شمال اليمن وما يجري في المحافظات الجنوبية من أعمال تمس سيادة اليمن وأمنه واستقراره ووحدته, ورغم خطورة الوضع, وتغير الظروف والأحداث تجاه الاسوء ما يزال اللقاء المشترك على مواقفه الضعيفة التي عودنا عليها والتي لم تتجاوز حد الشجب والاستنكار عبر بيانات رنانة, وكأنهم في كوكب آخر, أو دولة صديقة, في حين تدخلت دولا فيما يجري في اليمن وأصبحت لها مواقف عملية, وهذا ما يجعلنا نتساءل ما الذين ينتظره تجمع اللقاء المشترك أكثر مما هو حاصل اليوم حتى يستنهضهم ويخرجهم من دائرة الشجب والتنديد والاستنكار عبر بيانات يجيدون صياغتها, ونرى منهم موقفا صريحا وشجاعا لصالح البلاد وضد من يعبثون بأمن اليمن واستقراره.

وإذا ما ظل اللقاء المشترك جامدا ولم يحرك ساكنا في هذه الظروف الصعبة والحرجة, فهو بذلك يجرنا إلى القول وبكل أسف انه مجرد تكتل ولفيف من أحزاب صنعها النظام الحاكم ليستفيد منها لدى دول العالم ومؤسساته الديمقراطية لإقناعها بأنه نظام ديمقراطي ويؤمن بالتعددية السياسية.

وهنا يجدر بنا القول أن اللقاء المشترك بصمته وعجزه وجموده هذا يعتبر شريكا في كل ما يجري في البلاد, كما أن فاسدي ونافذي الحزب الحاكم بفسادهم وسوء استخدامهم لمناصبهم لا يقلون خطرا عن أولئك الذين باعوا دينهم وقيمهم وأصبحوا أداة ويد غدر وخيانة لمن يريدون لليمن الدمار من بعض الأنظمة التي لديها أهداف وإطماع توسعيه, وكذلك الأنظمة التي لا يروق لها أن ترى في الجزيرة العربية نظام جمهوري ناجح قائم على الحرية والعدالة والديمقراطية.