ماء الوجه العربي!
بقلم/ معاذ الخميسي
نشر منذ: 14 سنة و 4 أشهر و 28 يوماً
الخميس 10 يونيو-حزيران 2010 09:48 م

* كالعادة.. أيام فقط وهدأت ثورة الغضب العربي.. وذابت المواقف بعد أن أدت دورها الدائم بديلاً عن قرص الاسبرين.. وأغلق الملف الإسرائيلي الوحشي بعد أن تم تقييد الجريمة البشعة على أسطول الحرية ضد- المجهول الصهيوني- ووضعها في سلة مهملات مجلس الأمن والبيت الأبيض ومكتب السيد أوباما..

* ولا أعتبر نفسي متفائلاً حتى أظل منتظراً لهزة عربية أرضية وجوية تنسينا ما تعودنا عليه من شجب واستنكار وتنديد ومناشدة ومطالبة.. وغير ذلك من المواقف التي أصبحت جاهزة في بعض سطور توزع لوسائل الإعلام ولا تكلفهم سوى النسخ.. ومن ثم اللصق.. وبانتظار كارثة جديدة أو محرقة أو مجزرة صهيونية قادمة!

* ودعوني أقولها بصراحة.. حتى الغضب والاستهجان الشعبي العربي سرعان أيضاً ما تلاشى.. وكيف لا.. وغالبية من العرب قد أثبتوا أنهم أكثر تأثراً بمسلسلات الحب والعشق والغرام التي تدار بمخططات صهيونية وتبث لإشغال أمتنا وشبابنا وشاباتنا بالأمور الصغيرة- التافهة- وتدفعهم للتسابق من أجل الفوز باسم البطل أو البطلة لتسمية أول مولود أو مولودة به.. وتصل أحياناً أن تطلب الزوجة الطلاق من زوجها لأنه لا يمتلك اسماً مثل اسم البطل.. ولا عيوناً عسلية مثل عيونه!!

* وفي اتجاه آخر.. ظل التفاعل محصوراً بفئة قليلة من العرب مع مسلسل تركي يفضح إسرائيل ويكشف مخططاتها وأساليبها.. مع أن الكيان الصهيوني ثار وغضب وقام ولم يقعد واستدعى السفير التركي بسبب هذا المسلسل الذي يعرض بقناة أبوظبي والقناة التركية وطالب بإيقافه.. فرفض أردوغان وهدد باتخاذ الإجراءات الحازمة إذا لم تعتذر إسرائيل خلال ساعات.. فاعتذرت ورأسها في الأرض بين الأقدام!

* رغم ذلك.. لم نجد من العرب تفاعلاً كبيراً ولم نسمع أن أباً أو أماً حرصت على أن تسمي ابنها (مراد)!!

* ووحده.. رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا يقلق الصهاينة ويذيقهم المرّ.. وحين يجبرهم قبل أشهر على الاعتذار فإنه يضع لعجرفتهم حداً.. وعندما يدعم الأسطول البحري (مرمر التركية) لكسر حصار غزة بعد أن عجزنا عن كسر حصار الإغلاق في معبر رفح فإنه يحقق ما لم يفكر فيه الأقربون..

* وليس ذلك فقط.. يكفينا فخراً به أنه وجه رسالة قوية بقوله.. بعد هذا يجب أن يعرف كل من يتغاضى عن هجمات إسرائيل الدامية أو يتعامى عنها أنه شريك في الجريمة!

* وما أقوى كلماته وأعمق دلالاتها وهو يتحدث.. مرة أخرى أقول لو سكت الكل وأغمض عينيه وأدار ظهره فإننا في تركيا لن ندير ظهورنا للشعب الفلسطيني ولغزة.. ولن نترك إسرائيل تدمر أرضية السلام بأفعالها ونقول لها افعلي ما تشائين.. إن لكل شيء ثمن!

* ولست بحاجة إلى أن أتذكر عدد المآسي.. وهول المجازر التي حدثت في فلسطين.. وما حدث من تصفية دموية بشعة في الغارة الإسرائيلية على غزة.. ومشهد الدمار تغرق شوارع الصامدة غزة.. وأشلاء الشهداء كباراً وصغاراً تتوزع بكثافة في الساحات والأحياء والمدارس.. وكنت أظن حينذاك أن العالم أجمع سيقف ضد الصهاينة.. وأن ما أقدموا عليه سيمثل آخر مسمار في نعشهم.. وإذا بالأمر يتحول إلى (صورة) في ألبوم (صور) الذكريات التي لا تهز شعرة في رأس أصحاب الغطرسة الدولية!

* أما نحن العرب.. فحالنا يدعو للأسى.. قبل أن نستجمع الألم لما يحدث.. فكيف نمتلك (المعبر) إلى غزة وهي محاصرة منذ أربع سنوات.. ومع ذلك نندد ونستنكر.. ولا نقوى حتى أن نسأل لماذا لم يفتح معبر رفح.. لا أن نقول افتحوه!

* هذه المرة.. وبعد أن تلاشى الغضب واختفت المواقف الساخنة سريعاً واختتمت القمم العاجلة يكفي أن نستعيد شريط أردوغان.. ونفكر معه.. لا مع المتخاذلين!

* وإذا ما كان الهلع والخوف قد أصاب ما يصل إلى 1200 جندي صهيوني عند مهاجمة أسطول الحرية بإنزال مظلي وبفرق الكوماندوز والضفادع البحرية.. بمجرد أن شاهدوا السلاح الأبيض والهراوات.. فكيف سيكون الحال لو هبت الأمة على صيحة رجل واحد!!

* الآن يسيطر عليَّ شعور يرفض أن يرحل.. وهو يؤكد أن منسوب الكرامة العربية ينخفض إلى أدنى المستويات.. ولم نسمع من يدعو لعقد قمة طارئة للبحث في انخفاض المنسوب ونضوب ماء الوجه العربي.. لكِ الله يا غزة!

  moath1000@yahoo.com