في حين أن الأطراف السياسية تتوجه إلى عدن مؤيدةً لشرعية الرئيس هادي ومعتبرةً الحوار والتوافق هو الحل الأمثل لهذه المرحلة العصيبة التي عصفت في البلاد ، فإن جماعة الحوثي تتربع في العاصمة صنعاء وتستولي على المعسكرات وأسلحة الدولة الثقيلة من دبابات وراجمات صواريخ وأحدث الأسلحة على الاطلاق الموجودة في اليمن وكان اخرها السيطرة على معسكر الصباحة الذي احكمت جماعة الحوثي السيطرة عليه بعد تبادلٍ لا طلاق النار بين افراد من وحدات حماية المعسكر المناوبة وبين مليشيات الحوثي سقط بعد هذه الاشتباكات معسكر الصباحة بأيدي المليشيات المتمردة ، وفي نفس الوقت أصدرت ما يسمى باللجنة الثورية قراراً يصف هادي بالرئيس المستقيل ويقضي بمحاكمته هو ووزراء حكومته ، وهنا لا بد لنا من أن نتساءل بأي صفة يتم اصدار مثل هكذا قراراتٍ من قبل جماعة متمردة وفي حق رئيس شرعي منتخب من قبل ملايين الناخبين من أبناء اليمن ، واي شرعية يستندون إليها باتخاذ هذه القرارات الهمجية التي لا تسيء فقط إلى شخص الرئيس عبد ربه منصور هادي فحسب بل تسيء لكل من انتخب هادي واختاره رئيساً لليمن ، هل يستندون في اتخاذهم لهذه القرارات إلى القوة التي يمتلكونها اليوم والتي لا يمكن على الاطلاق أن تكون هي الحل كما يتصورون هم ويمنون انفسهم بذلك ، فهم يعتقدون أن سيطرتهم على المعسكرات والأسلحة سيمكنهم من الإمساك بزمام أمور البلاد والسيطرة على مقدراتها والتمكن من حكم الشعب غير أن الواقع الشعبي اليوم غير قابلٍ بأي قوة مهيمنة عليه لأنه اصبح يدرك معنى الحرية ومعنى المدنية ولا يؤمن بمنطق القوة والتسلط .
وبما أن الأطراف السياسية اليوم مجمعة على أن الرئيس هادي هو الرئيس الشرعي لليمن ومن خلفها يأتي التأييد الشعبي والإقليمي والدولي الذي يعترف صراحةً بشرعية هادي ويعتبره الرئيس الشرعي المخول بكل شؤون البلاد الداخلية والخارجية ، إذاً فلماذا لا تتراجع جماعة الحوثي عن غيها وتعود إلى جادة الصواب وتنضر بعين الاعتبار إلى التأييد الشعبي اولاً قبل كل شيء والذي يعلن رفضه المطلق للانقلاب عن الشرعية والتمرد عن الرئيس الشرعي المنتخب ، على عبد الملك الحوثي أن يحسب حساب الشعب الذي هو مصدر الشرعية والذي لا يمكن لأي قوة مهما كانت أن تجبره على أن يخضع لها وتملي عليه قرارات ليس من المنطق القبول بها ولا التسليم بمضامينها ، على سبيل المثال الإعلان الدستوري الذي أصدرته المليشيات والذي ينم عن أن هذه الجماعة لا تقبل بمنطق الحوار ولا بمبدأ الشراكة التي ينبغي عليهم التحلي بها إذا هم يريدون أن يكونوا شركاء فعلاً في بناء الوطن وليس متفردين به ، لكن ما يقولونه شيء وما هو على ارض الواقع شيء اخر يتنافى تماماً مع ما يقولونه فهم يتحدثون عن الشراكة ويسعون إلى اقصاء الاخرين ويتحدثون عن الحوار وهم من يختطفون السياسيين وقادات الأحزاب وكثيرة هي التناقضات التي تزخر بها حياتهم منذ خروجهم من كهوف مران فهم لا يجيدون الا سياسة الكهوف فقط لا غير أما أن يحكموا وطن فهذا اكثر من المستحيل وابعد من كل بعيد حتى لعامٍ واحد لن يستطيعوا فقد تعودوا على حب السيطرة والتسلط وهذا مالا يمكن القبول به من قبل الشعب اليمني الذي لا يقبل بأي قوة جديدة أن تكون مهيمنة عليه .