الحكومة تؤسس لجنة مستقلة لمكافحة الفساد( والمفسدون بداخلها)
نشر منذ: 18 سنة و شهرين و 25 يوماً
السبت 31 ديسمبر-كانون الأول 2005 09:12 م

* عبد الباسط القاعدي

"ما أسهل الحرب على المتفرجين" ربما ينطبق هذا المثل على حكومتنا الرشيدة التي أصبح شغلها الشاغل محاربة الفساد والمفسدين، ومؤخرا تتحدث وسائل الإعلام الرسمية للسلطة عن الفساد متوافقة في ذلك مع المعارضة ويبدو أنها تريد أن تسحب البساط من تحت الأخيرة لتتركها في النهاية بدون قضية على اعتبار أن القضية الأساسية التي تتحرك في إطارها المعارضة هي الحديث عن الفساد.ويتزامن الحديث عن الفساد مع تضاعف معدلاته بدليل التقارير الدولية، فضلا عن تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.إضافة إلى الممارسة اليومية التي تمس حياة الناس مباشرة على كل الأصعدة وفي جميع أجهزة ومرافق الدولة.ولإن العالم أصبح قرية واحدة فلا تستطيع اليمن العيش بمفردها إذ أعلنت ألمانيا في وقت سابق أن العام الجاري 2005عام اختبار اليمن في محاربة الفساد واختبار مدى جدية اليمنيين وصدقهم لتمثيل مضمون شعار محاربة الفساد، مشيرة إلى أن الفساد إخطبوط التنمية القاتل وعدوٌ ليس له ملامح، كما وصفته بأنه متلون في أشكاله وأوكاره، عالمي الهوية وليس له وطن.يأتي ذلك فيما وصفت تقارير دولية عديدة الفساد في اليمن بالمستشري في مفاصل الدولة المختلفة، كما كشفت تحقيقات صحفية رسمية ومعارضة أرقاماً مذهلة لبعض أنواع الفساد الموجود في البلاد.ومع أنه باستثناء عام 98م فترة تولي فرج بن غانم رئاسة الوزراء احتلت مؤشرات الحكم الجيد في اليمن أدنى المراتب مقارنة بغيرها من دول العالم والتي تقاس بمؤشرات تتلخص في سيادة القانون وفعالية الحكومة إضافة إلى صوت الشعب والمساءلة وأيضاً السيطرة على الفساد وكذلك مستوى التشريع والاستقرار السياسي. وضمن 195 دولة قيمت وفقاً للمؤشرات السابقة فقد جاءت اليمن بالنسبة لمستوى السيطرة على الفساد في المرتبة (133) من بين (195) دولة والمرتبة (15) من بين (19) دولة عربية لنفس المؤشر.وقد شكل الفساد عائق أمام تأهل اليمن لنيل مساعدات صندوق الألفية، كما أن بيت الحرية أكدت أن تقييد حق المواطنين في تغيير حكومتهم وارد لتمركز السلطة السياسية في أيدي الرئيس ومجلس الوزراء المعين من قبله واصفة البرلمان بالضعيف ولم يتمكن من ممارسة حقه الدستوري. وأخيرا قرر البنك الدولي خفض مساعداته لليمن بنسبة 34% نظرا لعد توظيفها في الأماكن المحددة لها وسيطرة الفساد على جزء كبير منها، إلى ذلك يرى متخصصون أن عدم تأهل اليمن للحصول على مساعدات صندوق الألفية رغم حصولها على مساعدات خاصة بهذا الجانب سينكس سلبياً على مستوى التحسن في أدائها. وفيما ينتقد اقتصاديون عشوائية الحكومة في التخطيط الذي يسرب جزء كبير من المال العام لجيوب الفاسدين فإن ذلك يفرز اقتصاداً فاشلاً ويعرض الشعب لمعدلات مرتفعة من البطالة وسيتجه الغاضبون عن حلول للعمل خارج القانون وتكون المحصلة النهائية ازدهار التطرف والعنف.وكما أن الديمقراطية والحكم الرشيد لا يتحققان بين يوم وليلة بل هما ممارسة مستمرة كما أنهما لا يمكن استيرادهما بل يعتمدان على تاريخ البلد والظروف المحيطة بهما نستطيع الحديث عن مكافحة الفساد بنفس الطريقة.وهنا يبز سؤال مهم.. ما هو الفساد الذي يعيق تقدمنا كأفراد ومؤسسات؟هل يتمركز في أساليب الحكم؟ أم أنه النهب المنظم للمال العام ؟ أم تجريد مجلس النواب والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة من صلاحيتهما؟ أم مصادرة الحقوق والحريات؟ أم أنه جزء من تركيبة الفرد اليمني؟ونستطيع القول أن جميع تلك القضايا شكل من أشكال الفساد الذي أصبح متسيد في اليمن حسب قول أحد السياسيين. وعندما يصل الشخص إلى منصب بذاته يبحث عن الثراء اللامشروع كونه أسهل الفرص التي تعرض عليه ويساعده في ذلك الكثير من الزبانية الذين يعيشون في أوحال الفساد كونه يوفر لهم أجواء العيش وبدونه سيموتون؟.وليس بعيدا عن ذلك الحديث عن تأسيس لجان مكافحة الفساد سواء كانت بمبادرات حكومية أو خاصة وأخيرا أكد علي الآنسي مدير مكتب رئاسة الجمهورية -نائب رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد- أن مكافحة الفساد أصبح ضرورة وطنية تحتاج إلى تجنيد كل الطاقات والقدرات لتعزيزها بما يمكنها من الوصول إلى أهدافها ،مشددا على ضرورة الربط بين مكافحة الفساد وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين. موضحا أن الموظف الذي لا يخضع لأي إغراء يكون أكثر قدرة على الأداء وبعيدا عن الفساد.أشار إلى جدية التوجهات الحكومية لاجتثاث مشكلة الفساد .. مشيرا إلى ان اليمن من الدول الرائدة في المصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي تم المصادقة عليها ما بين التاسع إلى الثاني عشر من ديسمبر في العام 2003م بالمكسيك .. منوها إلى أهمية التعاطي مع ظاهرة الفساد كقضية مجتمعية بعيداعن المزايدة أو التكريس الخاطئ .وفي هذا الإطار تحدث عن إنشاء الهيئة العامة المستقلة لمكافحة الفساد حيث تم وضع مشروع القانون الخاص بمكافحة الفساد الى جانب إدارة متخصصة ضمن جهاز الأمن القومي ولوائحه الخاصة.ونظرا لغياب جدية الحكومة في مكافحة الفساد من ذي قبل فإن الآنسي يشدد على أن الأحكام الصادرة بحق الفاسدين ستطال اى مسئول فاسد مهما كبر أو صغر مشيرا إلى ضرورة التشهير بالاشخاص التي تناولتهم هذه الأحكام كونه ردع عام ويعطي القناعة بالجدية الكاملة لمكافحته.والملفت للنظر أن الحكومة تعلن جميع قراراتها بنفس الطريقة السابقة إلا أن ما يتم على أرض الواقع العكس تماما، بل جرى الحديث مؤخرا عن تسليم أحدهم إدارة منشأة حكومية بحيث يتم تسيلم موازنة منشأته كاملة بشرط أن لا ينجز شيئ من برنامجها، ومع ذلك يبقى لدينا بصيص من أمل أن الحكومة عازمة وبجدية على مكافحة الفساد خاصة بعد زيارة الرئيس الأخيرة والتي لمس فيها اهتمام المجتمع الدولي بانتشال اليمن من وضعها الذي تعيشه.وفي حين يجري الحديث عن استخدام تقارير الجهاز المركزي كوسائل ابتزاز أكد الآنسي على تداول تلك التقارير بشكل مشوش كما يتم استغلالها حسب الاتجاهات المعروفة سواء من بعض الأحزاب أو الصحف.ويقف رجل الشارع العادي محتارا في ظل دعوات اجتثاث الفساد من قبل الحكومة والمعارضة ومادام الجميع يتفق على وجود الفساد فالخطوة التالية تقتضي تصحيح فعلي من خلال إجراءات حقيقية وقوية كما أن لجان مكافحة الفساد الرسمية التي يطلق عليها مستقلة يجب أن تشكل من خلال قانون يعرض على البرلمان ويقر أفرادها بعيدا عن مشاركة الحكومة التي هي مكمن الخلل، وفي حالة سيطرة الحكومة على هذه اللجنة فلن تكون ذات جدوى.وعلى البرلمان أن يقر تغيير مجلس إدارة اللجنة كل فترة كون السيطرة عليهم من قبل لوبي الفساد ممكنه وسهلة في حالة استمروا فيها لأكثر من سنتين.كما يجب أن تمنح صلاحيات دستورية تمكنها من محاسبة الفاسدين وتقديمهم للمحاكمة وما دون ذلك فلن يكون سوى ضحك على الدقون.وأخيرا يبرز سؤال مهم.. هل الحل يكمن في لجان مكافحة الفساد؟ وهل ينقص بعثرة الموازنة تشكيل مثل هذه اللجان التي تعد جزء من الفساد إذا ما شكلت هيئة رئاستها من الحكومة؟. الحل ببساطة يتركز في توفر إرادة سياسية فاعلة تنتشل الوضع وتصلح الفساد الذي عشعش في حياتنا وحوله إلى أوكار مظلمة يشعر معها الفرد برغبة جامحة في الموت الذي تفرزه مظاهر البذخ اللامشروع.

* الناس برس

منطق عصابات تكساس و منع الاختطافات في شبوة ومأرب!
مأرب برس من المحلية إلى العالمية
اختطاف السلطه...واختطاف القبيله
الشراكة مع «هنت » على الطريقة اليمنية!!
ناشطة أميركية تروي تجربتها: 300 ألف دولار تكفي لبداية حل مشاكل اليمن
مشاهدة المزيد